منذ 7 أكتوبر حتى الهدنة.. ماذا حققت إسرائيل في غزة؟
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
تشكل الهدنة الإنسانية التي تدخل حيز التنفيذ في قطاع غزة، صباح الجمعة، أولى المراحل "الفاصلة" للحرب التي بدأتها إسرائيل قبل أكثر من شهر ونصف الشهر، وينظر إليها أيضا على أنها فرصة قصيرة لكي يلتقط المدنيون أنفاسهم، بعد أيام ثقيلة فرضها القصف الإسرائيلي المتواصل.
ومن شأن الهدنة الإنسانية أن تفرض واقعا جديدا، وفق خبراء تحدثوا لموقع "الحرة"، لكن لا يبدو أن تفاصيله ستتغير كثيرا بالنسبة لإسرائيل، وخاصة أن الهدفين المعلنين لها عندما بدأت الحرب لم يتحققا، إذ يتعلق الأول بـ"تفكيك حماس والقضاء عليها"، والثاني بـ"تحرير الرهائن كافة".
وكانت إسرائيل قد بدأت حربها في غزة ردا على هجوم حركة حماس المباغت في السابع من أكتوبر. وبينما اعتمدت أولا على الكثافة النارية من الجو والبحر والبر، مستهدفة معظم مناطق القطاع انتقلت قبل ثلاثة أسابيع إلى مرحلة التوغل البري على الأرض.
واستهدف التوغل مدينة غزة ومناطق شمالي القطاع، وأعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام فرض "السيطرة العملياتية" على عدة مناطق أساسية هناك، من دون أن تتوقف المواجهات مع مقاتلي حماس، والذين يواصلون استهداف العربات والدبابات بالقذائف محلية الصنع، وينشرون تسجيلات مصورة توثق ذلك.
هل حققت إسرائيل أهدافها؟وفي تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز"، الأربعاء، استعرض المسارات التي عملت عليها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال الأيام الماضية، فإن عملياتها "أثّرت على القدرة العسكرية لحماس، وقلّصت مستوى القصف بالصواريخ الذي كانت تنفذه يوميا".
الصحيفة البريطانية نقلت عن مسؤول عسكري إسرائيلي كبير قوله إن الهجوم "ألحق أضرارا بالغة بعشر من كتائب حماس البالغ عددها 24، والتي كان قوام كل منها قبل الحرب نحو ألف جندي".
وأضاف زفيكا حايموفيتش، القائد السابق في القوات الجويى الإسرائيلية: "كان مركز ثقل قدرات حماس على إطلاق الصواريخ هو منطقة مدينة غزة الكبرى.. اليوم نتحدث عن إطلاق أربعة أو خمسة صواريخ كل ثلاثة أيام، بعدما كانت الحركة تقصف في الأسبوعين الأوليين كل أربع أو خمس ساعات".
كما يقول مسؤولون سابقون لـ"فاينانشال تايمز" إن "التقدم الإسرائيلي أدى إلى توفير معلومات استخباراتية أفضل عن شبكة أنفاق حماس في غزة، ومسارات للتقدم بشكل أعمق في القطاع".
ومع ذلك، سلطت الصحيفة البريطانية الضوء على نقطة تتعلق بأهداف إسرائيل الرئيسية، وأنها لم تتحقق حتى الآن، وتحدثت نقلا عن محللين وخبراء ومن جانب عن "تحديات" ستعترضها في المرحلة القادمة، وخاصة أنها تؤكد على مواصلة الحرب.
ومع الاستعداد لبدء الهدنة نشرت الجيش الإسرائيلي تسجيلا مصورا لرئيس الأركان، هرتزل هاليفي، وقال فيه: "لن ننهي الحرب سنستمر حتى ننتصر. نمضي قدما ونستمر في مناطق حماس الأخرى ".
وقبله قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو قبل اجتماع للموافقة على الهدنة الإنسانية: "دعوني أوضح: نحن في حالة حرب – وسنواصل الحرب".
وبينما كان موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي يهدف جزئيا إلى تهدئة المتشددين الذين يعارضون بشدة أي تنازلات لحماس يؤكد أيضا أنه حتى بعد ستة أسابيع من القتال الذي احتلت فيه شمال غزة وأحدثت دمارا غير مسبوق هناك فإن إسرائيل لا تزال بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها العسكرية، وفق "فاينانشال تايمز".
ويعتقد ريتشارد ويتز، كبير المحللين العسكريين في معهد "هدسون" بواشنطن، أن "إسرائيل حققت بعض أهدافها خلال الحملة الماضية، حيث انخفض عدد الصواريخ التي يتم إطلاقها من غزة".
وعلاوة على ذلك "أنشأت القوات البرية الإسرائيلية منطقة عازلة على طول شمال غزة".
ومع ذلك يشير ويتز في حديث لموقع "الحرة" إلى أن "حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية لا يزال لديهما العديد من المقاتلين"، وفي مقابل ذلك "نرى أن الرأي العام يتحرك ضد إسرائيل، ومخاطر التصعيد من لبنان لا تزال قائمة".
و"من السابق لأوانه معرفه ما إذا كانت إسرائيل قد حققت أهدافها التكتيكية"، كما يقول الضابط الأميركي المتقاعد، دانيال ديفيس.
وفي حديث لموقع "الحرة" يوضح ديفيس أن "الجيش الإسرائيلي لم يصل حتى إلى الجزء الشمالي من غزة، والمهام الأكثر صعوبة تقع جنوب وادي غزة".
ويوجد الآن ما يقرب من مليوني شخص محشورين في تلك المساحة الصغيرة (جنوب غزة)، وسيكون من الصعب التمييز بين المدنيين ومقاتلي حماس في تلك المنطقة.
ويتابع الضابط المتقاعد أنه "ليس من الواضح أيضا ما إذا كانت إسرائيل ستكون قادرة على حشد الدعم الغربي لفترة كافية لتحقيق ذلك، ولاسيما بالنظر للعدد الكبير من المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، الذين ما زالوا يقتلون".
"لا فرصة.. الحرب قائمة"وعلى الرغم من "كل المكاسب العسكرية" التي حققتها إسرائيل في شمال غزة، يعترف المسؤولون الإسرائيليون بأنهم إذا أرادوا تحقيق هدف هزيمة حماس، فإن المرحلة التالية من القتال يجب أن تشمل التقدم إلى جنوب القطاع.
وقد بدأت القوات الإسرائيلية بالفعل في الاستعداد لمثل هذه الخطوة، وبدأ المسؤولون في تحذير سكان خان يونس للانتقال نحو ما قالوا إنها ستكون "منطقة آمنة" في المواصي الزراعية.
ورفضت جماعات الإغاثة فكرة حشر مئات الآلاف من الأشخاص، الذين نزح العديد منهم بالفعل من شمال القطاع، في مثل هذه المساحة الصغيرة باعتبارها غير قابلة للتطبيق.
لكن المسؤولين الإسرائيليين يصرون على أنه لا توجد طريقة أخرى لهزيمة حماس، حيث يُعتقد أن كبار قادتها في غزة مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف يختبئون هناك، ولأن حماس أعادت أيضا نشر العديد من المقاتلين من الشمال إلى الجنوب، كما تشير صحيفة "فاينانشال تايمز".
وقال الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، إن مهندسيه دمروا ممرات نحو 400 نفق، لكن المسؤولين يقرون بأن هذا ليس سوى تأثير محدود في النظام الذي يعتقد أن طوله يزيد عن 500 كيلومتر.
وترى الصحيفة البريطانية أنه "حتى لو نجحت إسرائيل في هذه المهام، فإن عدم وجود خطة واضحة لكيفية إدارة غزة إذا تمت الإطاحة بحماس يعني أن القوات الإسرائيلية قد ينتهي بها الأمر إلى الانتشار في القطاع بعد فترة طويلة من انتهاء القتال".
و"السؤال الأكبر هو ما إذا كان من الممكن تدمير مجموعة ظلت متجذرة بعمق في نسيج الجيب لمدة 16 عاما وتمثل أيديولوجية بقدر ما تمثل كيانا سياسيا وعسكريا"، في إشارة من محللين نقلت عنهم "فاينانشال تايمز" إلى بنية حماس.
ويشير الضابط الأميركي المتقاعد ديفيس إلى أن "قدرات حماس تضاءلت وتعرضت بنيتها التحتية لأضرار بالغة"، لكن "ما يزال لها أعدادا كبيرة من المقاتلين وألوية كاملة في جنوب وادي غزة ووصلت منذ البداية".
ومن المؤكد أن "أعداد هؤلاء المقاتلين والألوية ارتفعت الآن مع تدفق العديد من اللاجئين جنوبا من الجزء الشمالي من القطاع"، وفق ديفيس.
ومن جانب الخبير العسكري، ريتشارد ويتز "سيكون من الصعب احتلال جنوب غزة من قبل إسرائيل نظرا للكثافة السكانية العالية للمدنيين هناك".
ولا يرى ويتز في الوقت الحالي أي "فرصة لتمديد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ويقول: "الإسرائيليون يريدون إنهاء القضاء على حماس كقوة سياسية وعسكرية في غزة، في حين قالت قيادة حماس إنها تخطط لمواصلة مهاجمة إسرائيل إلى الأبد".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی فاینانشال تایمز العدید من فی غزة
إقرأ أيضاً:
تصعيد جديد في غزة… ونتنياهو يلوح بخيارات صعبة للتعامل مع حماس وسط اتهامات متبادلة بخرق الهدنة
تجدد التوتر في قطاع غزة مساء اليوم مع تسجيل تصعيد ميداني جديد، بالتزامن مع تصريحات لافتة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد فيها أن حركة حماس “لا يمكن أن تبقى في غزة”، مشيرًا إلى أن التخلص منها سيتم “إما عبر قوة دولية أو بالطريقة الصعبة”.
وأضاف أن المرحلة الثانية من خطته تهدف إلى نزع سلاح الحركة وجعل غزة خالية من السلاح، معتبراً أن مرحلة ثالثة تتمثل في “نزع التطرف عن سكان القطاع”.
وفي ظل أجواء التوتر، تبادلت حماس وإسرائيل الاتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار. إذ قالت الحركة إن قصف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس يمثل “جريمة حرب” وخرقًا واضحًا للاتفاق، مطالبةً الوسطاء بالتدخل العاجل لمنع استمرار الهجمات ضد المدنيين.
في المقابل، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه استهدف عنصرًا تابعًا لحماس بالتعاون مع جهاز الشاباك، معتبرًا العملية ردًا على ما وصفه بـ“خرق الحركة للاتفاق”، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
وأفادت القناة 12 الإسرائيلية بأن نتنياهو عقد اجتماعًا طارئًا مع قيادات الأجهزة الأمنية لبحث الرد على حادثة رفح التي أثارت موجة استياء إقليمية ودولية.
وخلال الاجتماع، شدد رئيس الأركان إيال زامير على أن “الحادثة لا يمكن التغاضي عنها”، فيما وصف مسؤول إسرائيلي الواقعة بأنها “انتهاك خطير”، مؤكداً وجود تنسيق كامل مع الإدارة الأمريكية وإبلاغها بتطورات الموقف.
وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن مسيرات إسرائيلية نفذت أربع غارات على خيام النازحين غرب خان يونس، ما يفاقم الأزمة الإنسانية في الجنوب.
وفي سياق مرتبط، أشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الجيش يوسع عملياته ضد مواقع حماس، بما يشمل مخازن الأسلحة ومراكز القيادة وورش التصنيع.
كما أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن القوات نفذت محاولة اغتيال استهدفت مسؤولا بارزا في لواء رفح التابع لحماس، دون توضيح نتائج العملية أو الكشف عن هوية المستهدف.