هل تُقدِم الولايات المتحدة بالفعل على ضرب الحوثيين عسكريا؟
تاريخ النشر: 7th, January 2024 GMT
في خضم الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة المدعومة بقوة من الولايات المتحدة الأمريكية، بات العالم ينظر بالعين المجردة إلى تورط واشنطن في الإسناد العسكري لجرائم الإبادة الجماعية ومخططات التهجير التي تستهدف الشعب الفلسطين في قطاع غزة، والتي تجاوزت كل قواعد وأخلاقيات الحروب، فيما يجري صرف الأنظار نحو التطور العسكري الملتبس في جنوب البحر الأحمر والذي تمثل واشنطن الطرف الأبرز فيه.
في الواقع لا يمكن التقليل من التطور العسكري الناشئ في جنوب البحر الأحمر، والذي جاء على ما يبدو بأولويات وأهداف مختلفة ومعاكسة كليا لأهداف مخططات الردع الأمريكية التي كانت قد بدأت بتنفيذها في السادس من آب/ أغسطس من العام الماضي في ذات المنطقة، أي قبل شهرين فقط من اندلاع معركة طوفان الأقصى.
ففي ذلك الوقت أرسلت واشنطن المدمرتين "يو أس أس باتان" و"يو أس أس كارتر هول" وعلى متنهما ثلاثة آلاف جندي أمريكي إلى منطقة عمليات القيادة المركزية الأمريكية، التي تشمل البحر الأحمر وخليج عدن وبحر عمان والخليج العربي، في ترجمة عملية لإعلان أمريكي بهذا الخصوص صدر في تموز/ يوليو، وكان قد سبقه تحرك أمريكي فعلي شمل إرسال طائرات إلى المنطقة في آذار/ مارس.
الولايات المتحدة وبدافع إيقاف نزيف السمعة الدولية التي يتعرض لها الكيان الإسرائيلي، ربما أرادت صرف أنظار العالم عن جرائم الحرب في قطاع غزة إلى بؤرة صراع لها أبعاد خطيرة على التجارة العالمية، والتي تتغذى من السلوك العسكري العشوائي لجماعة الحوثي في جنوب البحر الأحمر، والتي بدأت في اعتراض والسيطرة على السفن ونجحت بالفعل في الاستيلاء على سفينة نقل السيارات "جلاكسي ليدر"
حينها نظر المراقبون إلى التحركات الأمريكية على أنها انعكاس لحالة عدم الرضى الأمريكي على التطورات الجوهرية في علاقات حلفائها التقليديين، وفي مقدمتهم الحلفاء السعوديون، تجاه القوة العظمى الاقتصادية الصاعدة، الصين؛ التي كانت قد نجحت في إنجاز مصالحة تاريخية بين السعودية وإيران في العاشر من آذار/ مارس من العام الماضي، ما يعني أن التحرك العسكري لم يكن يتضمن أي نوايا لنشر الطمأنينة في أوساط الحلفاء الذين خذلتهم بالفعل قبل ذلك في مناسبات مهمة، بل لردعهم كذلك وإعادة ترشيد سلوكهم بما يتفق مع مؤشر المصالح الأمريكية.
اليوم ثمة من يعتقد، ومعه كل الحق، بأن الولايات المتحدة وبدافع إيقاف نزيف السمعة الدولية التي يتعرض لها الكيان الإسرائيلي، ربما أرادت صرف أنظار العالم عن جرائم الحرب في قطاع غزة إلى بؤرة صراع لها أبعاد خطيرة على التجارة العالمية، والتي تتغذى من السلوك العسكري العشوائي لجماعة الحوثي في جنوب البحر الأحمر، والتي بدأت في اعتراض والسيطرة على السفن ونجحت بالفعل في الاستيلاء على سفينة نقل السيارات "جلاكسي ليدر" المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي وجرها إلى ميناء الصليف في البحر الأحمر، وتطور النشاط العسكري للجماعة إلى محاولات رصدتها البحرية الأمريكية، لاعتراض سفن بقوارب على متنها عناصر مسلحة وأخرى مفخخة، وإطلاق صواريخ بالستية مضادة للسفن وتنفيذ هجمات بالطائرات المسيرة.
واشنطن هنا لا تتبنى النشاطات العسكرية للحوثيين بالتأكيد، ولكنها تناور لإدارة ذلك النشاط على نحو تنجح معه في صرف أذهان العالم إلى مشكلة أخرى بدلا من التركيز على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، إذ لا يبدو أن المصالح الحيوية لواشنطن تتأثر بشكل جوهري من النشاط العسكري للحوثيين، كما أن البحرية الأمريكية ومعها بقية السفن الحربية الغربية تمتلك القدرة على التعامل مع تهديدات الحوثيين بشكل كفؤ للغاية كما رأيناها خلال الفترة الماضية، على الرغم من توالي البيانات الملاحية والأخبار التي تفيد بأن عددا من الخطوط الملاحية الدولية الرئيسة بدأت بتغيير مسارها عبر رأس الرجاء الصالح لتفادي المخاطر العسكرية الناشئة في البحر الأحمر.
قبل يومين وقّع اثنا عشر بلدا من حلفاء الولايات المتحدة بينها اليابان؛ على بيان وصف بأنه الإنذار الأخير للحوثيين لتفادي إجراء عقابيٍ دولي، وربما مثّل هذا البيان تعويضا عن فشل الولايات المتحدة في تأسيس تحالف دولي لمواجهة التهديدات العسكرية في البحر الأحمر، ومع ذلك فإن التهديد بتوجيه ضربة عسكرية لجماعة ما دون دولة لن يكون له أثر حقيقي على الأرض، حتى لو تضمن ذلك ضرب بنى تحتية في الأراضي التي يتحكم بها الحوثيون في شمال اليمن.
الولايات المتحدة طالما كانت حريصة على التمكين الجيوسياسي للحوثيين في اليمن، وضغطت عبر اتفاق ستوكهولم لإبقاء سيطرتهم على الموانئ اليمنية الرئيسية في البحر الاحمر، وأجبرت السعودية على أن تعقد تفاهمات مباشرة مع الحوثيين على حساب مركزها الجيوسياسي المهم في المنطقة، لذلك سيكون من الصعب اليقين بأن واشنطن قد تُقدم على تغيير جذري في سياساتها تجاه جماعة الحوثي أو إيذائها بضربة عسكرية مميتة، وإن تحقق ذلك فستكون ضربات غير مؤثرة، وسيتحقق للحوثيين ما يريدونه إذ سيثبتون للآخرين بأنهم في حالة مواجهة حقيقية مع أمريكا.
سيكون من الصعب اليقين بأن واشنطن قد تُقدم على تغيير جذري في سياساتها تجاه جماعة الحوثي أو إيذائها بضربة عسكرية مميتة، وإن تحقق ذلك فستكون ضربات غير مؤثرة، وسيتحقق للحوثيين ما يريدونه إذ سيثبتون للآخرين بأنهم في حالة مواجهة حقيقية مع أمريكا
هناك ضغوط أمريكية على صلة بالوضع في جنوب البحر الأحمر، لإيقاف التحرك الذي بدأته السعودية وسلطنة عمان للوصول إلى اتفاق على خارطة طريق تنهي الصراع في اليمن، على الرغم من أن إدارة بايدن لطالما تباهت بأن وقف إطلاق النار والتهدئة منذ نيسان/ ابريل من عام 2022 في اليمن هما من الإنجازات الدبلوماسية المهمة للرئيس بايدن في منطقة الشرق الأوسط التي تعصف بها النزاعات.
قد تكون هذه الضغوط هي إحدى أدوات التأثير في سلوك الحوثيين، لكن ذلك لن يحد من نشاطهم بالتأكيد، لأن إيران بدأت بالفعل في استثمار النشاط العسكري للحوثيين ومناخ الارتياح الذي أثاره في العالم العربي، لإعادة تصميم مكانة أكثر رسوخا للحوثيين في اليمن والمنطقة، وتعزيز تأثيرهم في المعادلة الدولية، كما صرح بذلك زعيم حزب الله اللبناني، وقد تشجعهم على تجاوز التفاهمات التي تشرف عليها الأمم المتحدة وواشنطن وترعاها دول إقليمية من أجل تحقيق السلام في اليمن، وعلى التحلل من التزامات خارطة الطريق التي يبدو أنها تعثرت بفعل تفاعلات المعركة المصيرية في غزة وارتداداتها في المنطقة.
twitter.com/yaseentamimi68
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الحوثيين اليمن البحر الاحمر امريكا غزة اليمن الحوثيين البحر الاحمر مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی جنوب البحر الأحمر الولایات المتحدة فی قطاع غزة فی الیمن فی البحر
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يتابع جهود توفير مياه الشرب للمواطنين في البحر الأحمر
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، اجتماعًا لمتابعة جهود توفير مياه الشرب للمواطنين في عدد من مناطق محافظة البحر الأحمر، بحضور الدكتورة رانيا المشّاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، واللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، والدكتور سيد إسماعيل، نائب وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والمهندس ممدوح رسلان، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، واللواء أمين شوقي، رئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، واللواء عاصم شكر، نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وعدد من مسئولي الجهات المعنية.
واستهل رئيس الوزراء الاجتماع بالإشارة إلى أن هذا الاجتماع يستهدف وضع حل عاجل يُسهم في توفير مياه الشرب بصورة كافية للمناطق التي شهدت نقصًا في إمدادات المياه بمحافظة البحر الأحمر خلال الأيام الماضية.
ووجّه الدكتور مصطفى مدبولي بسرعة تنفيذ أي إصلاحات مطلوبة في منظومة مياه الشرب بمحافظة البحر الأحمر؛ بما يُسهم في الحد من أي أعطال في شبكات أو محطات المياه بالمحافظة.
كما وجّه رئيس الوزراء باستعادة العمل في إنشاء محطات تحلية المياه بالمحافظة بما يُساعد في إيجاد حل دائم لمشكلة المياه بها.
كما كلف بضرورة توفير مختلف المستلزمات الخاصة بمحطات مياه الشرب للحفاظ على كفاءة المحطات وكمية المياه المنتجة منها.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي ضرورة متابعة منظومة مياه الشرب في محافظة البحر الأحمر من أجل تنفيذ المشروعات المستهدفة لتوفير مياه الشرب للمواطنين.
وأشار اللواء عمرو حنفي إلى أن المحافظة تعمل بشكل مستمر على تطوير البنية التحتية لمرافق المياه على مستوى مدن المحافظة بالكامل، حيث توجد خطة كانت قد وضعتها وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية تتضمن التوسع فى محطات تحلية مياه البحر من خلال محورين أساسيين، الأول توسعة وزيادة طاقات إنتاج المياه بالمحطات القائمة حاليا، والثانى من خلال إنشاء محطات تحلية جديدة لمواكبة التوسعات العمرانية والسياحية التى تشهدها مدن المحافظة، كما أن هناك صيانات دورية لخطى مياه نقل مياه نهر النيل وهما خط مياه الكريمات ــ الغردقة وخط مياه قنا ــ سفاجا، وبالتوازي مع ذلك يتم تجديد شبكات مياه الشرب الداخلية ومد شبكات جديدة للتجمعات العمرانية التى أقيمت مؤخرا بمدينة الغردقة بوجه خاص وببقية مدن المحافظة.
واستعرض الدكتور سيد إسماعيل جهود وزارة الإسكان للتعامل مع نقص المياه في محافظة البحر الأحمر والإجراءات الجاري اتخاذها خلال الفترة المقبلة سواء من خلال إنشاء محطات تحلية المياه الجديدة أو رفع كفاءة شبكات ومحطات المياه القائمة بالمحافظة.
فيما أشار رئيس الوزراء إلى أن المشروعات والإجراءات الجاري تنفيذها ستسهم في توفير الاحتياجات العاجلة للمحافظة من المياه قبل حلول عيد الأضحى المبارك، موجهاً بضرورة الالتزام بالتوقيتات المحددة في هذا الشأن.
وقدّم اللواء عاصم شكر، نائب رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، عرضًا بشأن مصادر المياه بمحافظة البحر الأحمر، مشيرًا في هذا الصدد إلى محطة خط الكريمات-الغردقة بطاقة 75 ألف م3/يوم، وتتكون من المأخذ ومحطة تنقية المياة و 6 محطات رفع.
كما استعرض "شكر" مكونات خط مياه قنا-سفاجا بطول 250 كم ويضم محطة الإنتاج (محطة قنا) وعدد 17 محطة رفع وعدد 5 كواسر ضغط، كما أشار إلى محطة تحلية مياه البحر بالغردقة (اليسر) بطاقة 80 ألف م3/يوم، مشيرًا في هذا الصدد إلى الأعمال الجاري تنفيذها لرفع كفاءة محطة تحلية اليسر.
كما عرض عددًا من المقترحات لحل مشكلة مياه الشرب بمحافظة البحر الأحمر.
وخلال الاجتماع أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي على توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروعات محطات المياه بمحافظة البحر الأحمر بصورة فورية.
وفي ختام الاجتماع، وجّه رئيس الوزراء بالعمل على تنفيذ كافة الحلول المقترحة لحل مشكلة مياه الشرب بالمحافظة قبل حلول عيد الأضحى المبارك، مشددًا على أن تلك المقترحات تسهم في حل المشكلة بنسبة كبيرة تمهيدًا لتنفيذ مشروعات محطات المياه التي ستسهم في القضاء على تلك المشكلة بصورة نهائية.