كوريا الشمالية تحذر أميركا من ارتكاب عمل أحمق
تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT
ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن كيم يو جونغ -شقيقة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون- قالت اليوم الاثنين إن على الولايات المتحدة تجنب أي "عمل أحمق" قد يعرض أمنها للخطر من خلال استفزاز بلادها.
يأتي هذا التحذير بعد إعلان الولايات المتّحدة أمس الأحد أنّها "لن تفاجأ" إذا أجرت كوريا الشمالية تجربة نووية جديدة، في تصريح يأتي بعد اختبار بيونغ يانغ هذا الأسبوع صاروخا باليستيا عابرا للقارات.
ونُقل عن كيم انتقادها خطط واشنطن المتعلقة بزيارة غواصة مزوّدة بصواريخ باليستية مسلحة نوويا إلى كوريا الجنوبية، وقالت إن مثل هذه الخطوات لن تسفر إلا عن دفع بيونغ يانغ بعيدا عن طاولة المفاوضات.
ورفضت كيم دعوات الولايات المتحدة لإجراء محادثات غير مشروطة، وقالت إن واشنطن مخطئة إذا اعتقدت أن نزع سلاح كوريا الشمالية أمر وارد.
وأضافت كيم "ستكون الولايات المتحدة واهمة إذا اعتقدت أن بإمكانها وقف تقدمنا والتوصل إلى نزع السلاح بصورة لا رجعة فيها من خلال الوقف المؤقت للتدريبات العسكرية المشتركة أو نشر المعدات الإستراتيجية أو تخفيف العقوبات".
قلق أميركيوأدلت كيم بتصريحاتها بعدما قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان إن الولايات المتحدة لا تزال قلقة من أن كوريا الشمالية ستجري تجربة أخرى على صاروخ باليستي عابر للقارات بعد أن أطلقت الأسبوع الماضي صاروخا من النوع نفسه قبالة ساحلها الشرقي.
وأضاف سوليفان لشبكة "سي بي إس" (CBS) التلفزيونية الأميركية "لا أرى أيّ مؤشرات على أنّ ذلك سيحدث في أيّ وقت قريب". وتابع "لكن لن تكون مفاجأة إذا أجرت كوريا الشمالية تجربة نووية أخرى ترتبط بقدراتها الصاروخية الباليستية العابرة للقارات".
وأشار سوليفان إلى أنّ بيونغ يانغ بدأت اختبار هذه القدرات منذ سنوات و"تواصل القيام بذلك".
وأعلنت كوريا الشمالية -الخميس الماضي- أنّها اختبرت بنجاح صاروخا باليستيا عابرا للقارات يعمل بالوقود الصلب، مشيرة إلى أنّ التجربة أشرف عليها زعيمها كيم جونغ أون.
وأكدت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية أنّ الصاروخ من طراز "هواسونغ-18″، الذي اختُبر سابقا مرة واحدة فقط في أبريل/نيسان الماضي، قطع مسافة 1001 كلم وبلغ ارتفاعه الأقصى 6648 كلم قبل أن يسقط في بحر الشرق الذي يعرف أيضا ببحر اليابان.
وقال الزعيم الكوري الشمالي العام الماضي إنّه "لا رجوع" عن الوضع النووي لبلاده، داعيا إلى تعزيز التسلح، لا سيّما بالأسلحة النووية التكتيكية.
ودانت الأمم المتحدة والولايات المتحدة وحلفاؤها، ومن بينهم فرنسا، بشدة إطلاق الصاروخ في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي.
ورغم ذلك، كرر مستشار الأمن القومي الأميركي عرض الولايات المتحدة إجراء مفاوضات مع كوريا الشمالية، مؤكدا أن واشنطن "مستعدّة للجلوس مع بيونغ يانغ ومناقشة برنامجها النووي بدون شروط مسبقة".
وقالت كوريا الشمالية قبل أيام إن طائرات تجسس أميركية حلقت فوق منطقتها الاقتصادية الخالصة، كما نددت بوصول غواصة أميركية تعمل بالطاقة النووية مزودة بصواريخ كروز إلى كوريا الجنوبية في الآونة الأخيرة، وتعهدت باتخاذ خطوات ردا على ذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة کوریا الشمالیة بیونغ یانغ
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي
تُعد نظرية المجال الحيوي (Lebensraum) من أكثر المفاهيم الجيوسياسية إثارة للجدل، لارتباطها بالممارسات التوسعية لألمانيا النازية. وتعود جذورها إلى فريدريك راتزل الذي رأى الدولة ككائن حي يحتاج لمساحة للنمو. لكن كارل إرنست هاوسهوفر حوّل هذا المفهوم الوصفي إلى أداة سياسية تبرر التوسع والهيمنة والاستحواذ على موارد الشعوب الأضعف لضمان الاكتفاء الذاتي من الموارد.
إن إعادة قراءة هذا المفهوم في سياق السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة مع طموحات إدارة دونالد ترامب، خطوة ضرورية لفهم الدوافع الجيوسياسية الخفية.
أولاً، كشفت مساعي ترامب لضم كندا وجرينلاند وبنما عن عقلية توسعية غير تقليدية. لم يكن الهدف غزواً عسكرياً، بل "شراء" أو استحواذ لتأمين الموارد الاستراتيجية (جرينلاند)، وتعزيز الأمن القومي (قناة بنما)، وتوسيع النفوذ الاقتصادي. هذه الرغبة في "تأمين" أصول جغرافية خارج الحدود التقليدية تحمل في طياتها روح التوسع لضمان المجال الحيوي.
ثانياً، تُعزز أزمة الاقتصاد الأمريكي، التي يبرزها بلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة تلامس 38 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2025. في ظل هذه الضغوط المالية وتحديات الحفاظ على الرفاهية الداخلية، تتحول النظرة للخارج كحل محتمل. هذا يتجلى في البحث عن مصادر جديدة للموارد الرخيصة، أو فتح أسواق جديدة، أو تقليل التبعية الاقتصادية لمنافسين.
وهذا يعكس حاجة ضمنية لـ"مجال حيوي اقتصادي" يضمن استمرارية الازدهار ويقلل نقاط الضعف، حتى لو تطلب نفوذاً سياسياً واقتصادياً على حساب الآخرين.
ثالثاً، تتضمن خطط أمريكا الاستراتيجية، في الدفاع والتجارة والتكنولوجيا، عنصراً قوياً للهيمنة العالمية. السيطرة على سلاسل التوريد الحيوية، تأمين مصادر الطاقة، نشر القواعد العسكرية في مناطق استراتيجية، وفرض المعايير التعريفات الجمركية، كلها أشكال معاصرة لتأمين "المجال الحيوي" الذي يتجاوز الحدود الوطنية. الحفاظ على مركزية الدولار وهيمنة الشركات التكنولوجية الأمريكية جزء من هذا "المجال الحيوي" غير الإقليمي.
رابعاً، يؤثر هذا السعي على شكل المستقبل والنظام العالمي. في عالم يتجه نحو التعددية القطبية، قد تسعى القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، لتعزيز "مجالها الحيوي" عبر كتل اقتصادية أو تحالفات عسكرية، مما يؤدي إلى تزايد التنافس الجيوسياسي وصراعات بالوكالة.
خامساً، تمثل هذه التحركات التمهيد للاستعمار الجديد. فبدلاً من الاحتلال المباشر، يتجسد في السيطرة الاقتصادية والسياسية غير المتكافئة، والتدخل في شؤون الدول السيادية عبر القوة الناعمة والخشنة. عندما تسعى دولة قوية لتأمين موارد أو ممرات استراتيجية عبر صفقات غير متكافئة، فإنها تعيد صياغة مفهوم "المجال الحيوي" في قالب معاصر يحقق أهداف الهيمنة الأساسية.
في الختام، توفر دراسة مفهوم المجال الحيوي في سياق هاوسهوفر عدسة نقدية لتحليل الدوافع التوسعية غير المباشرة. السعي الدائم لأي قوة عظمى لضمان أمنها وازدهارها عبر السيطرة على الموارد والأسواق والمناطق الاستراتيجية يعكس جوهر هذا المفهوم السياسي، حتى وإن اتخذ أشكالاً أكثر تطوراً وتخفياً في القرن الحادي والعشرين. الواجب النقدي يكمن في كشف هذه الدوافع، وفهم تأثيرها على الاستقرار العالمي ومستقبل العلاقات الدولية.