جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@21:34:51 GMT

معركة الحق والباطل

تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT

معركة الحق والباطل

حاتم الطائي

◄ النظرة الاستراتيجية الثاقبة لجلالة السلطان تؤكد وقوفنا الصلب مع الحق في مواجهة الباطل

◄ جيش الاحتلال يتجرع كؤوس الهزيمة ساعة تلو الأخرى

◄ النضال من أجل الحق يتجسد في أبطال المقاومة الصامدين وشعب فلسطين الأبي

نعيشُ في هذه الحياة دائمًا بين نقيضين، ثنائيتين، متضادين: الحق والباطل.. الخير والشر.

. الثواب والعقاب.. النور والظلام.. الصباح والمساء.. إلى آخر ذلك من الأوصاف التي ربما لا تنتهي، ورغم أنَّ هناك ثنائيات لا نستطيع التمييز بينها، لكن أكثر ما يجب أن نسعى للتمييز بينه، هو الحق والباطل، لأنَّ إدراك كل معنى من هاتين الكلمتين، يحمل دلالات عميقة الأثر ومعانٍ شديدة التأثير في مجريات الحياة، ومن خلالهما يستطيع المرء مِنَّا أن يُحدد وجهته؛ هل نحو الحق ومناصرته والقبض على جمراته المُلتهبة؟ أم في اتجاه الباطل واستسهال قطف ثماره الشيطانية؟!

هذه مُعضلة أخلاقية عُظمى، ربما يعود تاريخها إلى أقدم نقطة زمنية يُدركها الإنسان، وتتجدد دائما وباستمرار في كل عصر ووقت وأذان. وبينما نحن نُشاهد ما يجري حولنا من مآسٍ غير مسبوقة وجرائم إبادة جماعية شنيعة ترتكبها العصابات الصهيونية المعروفة باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي، والصمت الدولي المُخزي، والتآمر الغربي الفاضح على أهل فلسطين وقطاع غزة تحديدًا، والضعف العربي والإسلامي العام، فلا يُمكن أن نصف هذه الأحداث سوى أنها معركة الحق والباطل، الحق الفلسطيني في مُواجهة الباطل الإسرائيلي.. الحق في الأرض للشعب الفلسطيني صاحب الجذور المُمتدة في تربة هذه البقعة المباركة من أرض الله، ضد الباطل الصهيوني الذي اغتصب الأرض وانتزعها بالممارسات الإرهابية والقتل والإبادة الجماعية والتهجير القسري وهدم المنازل واستخدام الأسلحة المُحرّمة.. الحق الفلسطيني في إقامة دولة مُستقلة ذات سيادة تنعم بخيرات الأرض وتحيا في سلام، ويعيش إنسانها في اطمئنان وأمان، لا يخشى على نفسه وعائلته الموت في أي لحظة، ولا الطرد والتهجير ولا الاعتقال والأسر في غيابات سجون الاحتلال، وذلك في مُواجهة الباطل الإسرائيلي الذي يزعم كذبًا ونفاقًا وزورًا وبهتانًا أنه صاحب الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهي في الأصل ديمقراطية الدماء والإبادة، ديمقراطية الفصل العُنصري، ديمقراطية انتهاك الحُرمات والاعتداء على النساء والأطفال والعجائز.

لم يكن الحق الفلسطيني أشدَّ جلاءً ووضوحًا مثلما هو حاصل اليوم، لأنَّ الباطل الصهيوني تمادى في غيِّهِ وأمعن في مُمارسة أقسى مراحل الظلم التاريخي. حق الشعب الفلسطيني لم يعد يحتمل الجدال العقيم الذي كان يستهدف ترسيخ فكرة "التطبيع" مع العدو المحتل؛ باعتبار أن "السلام خيار استراتيجي"، لأن السلام لا يُمكن أن يكون خيارًا استراتيجيًا إلّا مع طرف آخر يؤمن به، بينما دولة الاحتلال المُجرمة لا تؤمن سوى بالإبادة، وتُعلنها على الملأ دون خشية من عقاب دولي أو حُمرة خجل من إنسانية داست عليها بأقدامها الغليظة القبيحة. دولة الاحتلال تُؤمن بأن الحل الوحيد للسلام- بالنسبة لها- يتمثل في إبادة شعب فلسطين، وطرد وتهجير الباقين قسرًا إلى أي بلد، وأن تظل مصدر تهديد لدول المنطقة، لأنها في الأساس كيان ناتج عن سفاحٍ بين مجرمي الاستعمار القديم وأباطرة المال والسلاح في الغرب، لتكون شوكة في حلوق الدول العربية، تُنغِّص عليهم معيشتهم، وتُعيق مسيرة تقدمهم أو تطورهم، وأن تظل بؤرة توتر عسكري، تشتبك هنا وهناك، تغتال هذا أو ذاك، تُفجِّر مطارًا أو مبنى سكنيًا أو معسكرًا أو حتى مفاعلًا نوويًا إذا أُتيحت لها الفرصة.

لكن في المُقابل، نرى الحق مُضيئًا بنور شمس الإيمان بالنصر المُبين، فأبطال المقاومة الصامدون وشعب فلسطين الأبي الصابر على كل جرائم الاحتلال، يضربون أروع الأمثلة في النضال لاستعادة الحق وتأكيده، يجاهدون بالنفس والمال والولد، يُؤازرون بعضهم بعضًا في وقت عزّت فيه روح المؤازرة والدعم. المقاومة نجحت في تحقيق العديد من الأهداف، وعلى رأسها زلزلة الأرض من تحت أقدام العدو؛ إذ لا تزال صواريخ المقاومة تصل إلى مدن الاحتلال وبلداته رغم الاجتياح البري الذي ينفذه جيش الاحتلال، ويوميًا نشاهد بالصوت والصورة تدمير الآليات العسكرية الإسرائيلية بكل بسالة على أيدي مقاتلي المقاومة. في حين أنَّ العدو لم يحقق أي هدف يُذكر، سوى أنه أطلق عشرات الآلاف من أطنان المتفجرات التي تسببت في الدمار الهائل بقطاع غزة، وتشريد كل سكان القطاع تقريبًا.

وبينما تتواصل معركة الحق والباطل، نجد أنَّ الكيان الصهيوني في طريقه للزوال، وحتميّة الانهيار، هذا الانهيار الذي بدأ في السابع من أكتوبر المجيد، بانكسار شوكة الجيش الذي لم يمل يومًا من تكرار أكذوبة "الجيش الذي لا يُقهر"، فتحوّل إلى الجيش المهزوم الذي يتجرع كؤوس الهزيمة ساعة تلو الأخرى. وبعد الانهيار العسكري، وقع الانهيار الاجتماعي في ظل الانقسام المجتمعي العنيف الحاصل الآن، والآن نشهد الانهيار السياسي مع تفكك حكومة الحرب بقيادة المُجرم نتنياهو.

وفي خضم معركة الحق والباطل، يجب أن نفخر ونُشيد ونُثمِّن السياسات الحكيمة لوطننا عُمان، فمنذ اليوم الأول من العدوان، وانطلاق هذه المعركة الفاصلة، أعلنت عُمان موقفها الحاسم والواضح والمُتمثل في رفضها لجرائم الاحتلال؛ بل والمطالبة بمحاكمة الاحتلال أمام العدالة الدولية، لتكون عُمان أول دولة في العالم تطالب بهذا الحق الأصيل، وتقود معركة دبلوماسية نزيهة، بأشد العبارات وأقوى التصريحات.

وهنا نُؤكد أنَّ الرؤية السديدة والحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بشأن فلسطين، نابعة من التفكير الاستراتيجي البعيد المدى لجلالته؛ إذ إنَّ جلالة السلطان وبفضل بصيرته النافذة واستشرافه للمُستقبل، تعاطى مع تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة بنظرة استراتيجية ثاقبة، أدركت منذ اللحظة الأولى أن لا خيارَ سوى الوقوفِ بجانب الحق، في معركته ضد الباطل، مصداقًا لقوله تعالى "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا". وتجلّت عبقرية دبلوماسيتنا في التزامها الشديد بالبُعد الأخلاقي والجانب الرسالي في أداء مهمتها، إيمانًا بعدالة القضية الفلسطينية، وتمسكًا بنهج الحياد الإيجابي، الذي يقف مع القضايا العادلة دومًا، دون تردد، لأنه نهج يمنحنا القدرة على رؤية ما هو أبعد من الوضع الحاصل في اللحظة الراهنة، ليصل بنا إلى استشراف مستقبل ومآلات الوضع، وهو أمر يؤكد لنا دون أدنى شك أننا نصطف مع الحق، لأنه "أحق أن يُتَّبَع".

ويبقى القول.. إنَّ معركة الحق والباطل ستظل مُستعرة إلى قيام الساعة، غير أنَّ المطلوب من كل إنسان يُؤمن بأحقية أخيه الإنسان في حياة كريمة حُرة، أن يُناصر الحق دائمًا، وأن يُدافع عن المظلوم صاحب القضية العادلة، مهما كلفه ذلك من أثمان، ربما يراها البعض كبيرة، لكنها مؤكد لا تساوي ذرة في ميزان العدالة الإلهي. ونقول لأهلنا في غزة العزة والكرامة، وشعبنا الشقيق في فلسطين المُحتلة، صبرًا يا أهل الحق؛ فالنصر قريبٌ، لا محالة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير خارجية الاحتلال يعترف: استمرار الحرب يشكل خطرا على حياة الأسرى لدى المقاومة 

#سواليف

اعترف #وزير_خارجية_الاحتلال الإسرائيلي، #جدعون_ساعر، بأن #العملية_العسكرية في قطاع #غزة، لا يمكن اعتبارها خالية من #المخاطر على #حياة_الأسرى، مؤكدا أن هذا الأمر قد تم أخذه في الاعتبار.

ورداً على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب، الذي ذكر أن عدد #الأسرى الأحياء في غزة هو 21 وليس 24 كما تعتقد حكومة الاحتلال، قال ساعر: “نعلم أن هناك فرقاً بين عدد الأسرى المؤكد أنهم على قيد الحياة والذين لا يزال مصيرهم غير محدد”.

وأضاف: “من لم يتم التأكد من وفاته، نعتبره حياً، وقد يكون هذا سبب الاختلاف في الأرقام”.

مقالات ذات صلة 12 شهيدا في سجون الاحتلال منذ مطلع العام الجاري 2025/05/08

وأكد ساعر، في مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أنه يلتقي بشكل متكرر مع عائلات الأسرى، مشيراً إلى أن “إسرائيل” تعمل على تحقيق هدفين رئيسيين وهما “نحن ملتزمون بإعادة الأسرى، وسنبذل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك”، وفق زعمه.

وعن أولويات #العملية_العسكرية في #غزة وموقع قضية الأسرى ضمنها، نفى ساعر وجود تسلسل هرمي لأهداف الحرب، قائلاً: “لم يكن هناك ترتيب أو تفضيل بين الأهداف. لن نتخلى عن أي منها – لا عن إزالة حماس، ولا عن استعادة الأسرى”.

وتابع موضحاً: “السؤال هو كيف نصل إلى اتفاق – هل بالاستعطاف أم باستخدام القوة والضغط العسكري والسياسي؟”.

وحذّر ساعر من أن قبول شروط حماس قد يعني التخلي عن الأسرى، قائلا: “قد لا نعثر على أي أسرى أحياء في النهاية”.

وتعد هذه التصريحات تطوراً لافتاً في الخطاب السياسي الإسرائيلي، إذ يُقرّ ضمنياً بأن استمرار الحرب يُعرّض حياة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية للخطر، وهو ما يعكس أمرين، تصاعد القلق الإسرائيلي الداخلي.

ومن المرجّح أن يكون هذا التصريح موجهاً أيضاً للرأي العام الدولي، ليُظهر أن تل أبيب تدرك تداعيات استمرار العدوان، وقد يكون تمهيداً لتبرير أي تسوية أو صفقة تبادل قد تُضطر الحكومة لعقدها.

وقبل أيام؛ نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، رسالة أسير إسرائيلي بعد نجاته من قصف الاحتلال الإسرائيلي، بعنوان “وأنا سأقول ما هي (الحرب النفسية) الحقيقية؟، الحرب النفسية الحقيقية التي هي بداخلي”.

وظهر أحد الأسرى الذين تم إنقاذهم بعد القصف، وهو مصاب بجراح في رأسه ويده، وقال: أنا الأسير رقم 24، تم قصفنا بعد وقف إطلاق النار، ونجونا من الموت، ومن أجل ذلك نزلنا إلى الأنفاق.

وأضاف: مرة أخرى تم قصفنا ونحن في باطن الأرض، ومرة أخرى نجوت من الموت، وهذه هي نتائج الضغط العسكري والحرب من أجل إخراج الأسرى التي يتحدث عنها نتنياهو وائتلافه الحاكم.

ويقول الأسير الإسرائيلي في رسالته: وضعي صعب جدا، لا يوجد عندي أدوية، وأن أخرج للمستشفى أمر غير وارد، وأنا لا أعلم ماذا حدث مع زميلي الأسير الذي كان معي، ولا أعلم عن وضعه شيء.

ويضيف: لو كان ابن السيد نتنياهو أو أبناء أحد وزراء الائتلاف هنا، أعدكم أن الحرب كانت ستتوقف منذ زمن والجميع كان قد عاد، ولأن الأمر ليس كذلك نحن موجودون تحت الأرض، 59 شخص هم أسرى في غزة.

وبحسب الأسير الذي بثت رسالته القسام، فإنه “الآن وبعد فترة ستحتفلون بعيد الاستقلال، قولوا لي كيف ستحتفلون، في اللحظة التي يوجد بها 59 أسيرا في غزة، كيف سترفعون العلم وكيف ستقومون بحفلات الشواء، وتفرحون”.

وطالب الإسرائيليين جميعا بالخروج إلى الشوارع الآن، من أجل الأسرى في غزة، وقال: الجميع ضدنا سواء الحكومة أو رئيس الحكومة ونحن لسنا بالحسبان، لا أحد يهتم أين نحن وماذا يحدث معنا وأنتم تشاهدون بأنفسكم.

وقال: من فضلكم لا تجلسوا في بيوتكم ولا تدعوا الحكومة تطبعكم على هذا الوضع، أنقذونا. ها هو السيد نتنياهو بالتأكيد مرة أخرى سيقول إن هذه حرب نفسية، وأنا سأقول ما هي الحرب النفسية الحقيقية، الحرب النفسية الحقيقية التي هي بداخلي، وهذا مقطع الفيديو ربما يكون الأخير الذي ستشاهده عائلتي.

ووثقت القسام، محاولاتها إنقاذ مجموعة من الأسرى الإسرائيليين بعد استهدافهم في قصف إسرائيلي، مؤخرا، حيث قام المقاومون بالحفر تحت الأرض بحثا عن الأسرى الذين تواجدوا في المكان لحظة القصف.

مقالات مشابهة

  • الدويري: المقاومة غيرت مقاربتها وزيادة الاحتلال لقواته لن يحقق أهدافه
  • خبير عسكري: تصاعد نشاط المقاومة يعكس جاهزيتها لتوسيع عمليات الاحتلال
  • فلسطين في القلب والهوية في القلم.. سيرة صلاح جرار بين المقاومة والعلم
  • في العمق
  • الدويري: أبواب الجحيم 2 معركة حقيقية تؤكد دقة كمائن المقاومة
  • الاحتلال يعترف بمقتل جنديين في اشتباكات رفح ويكشف تفاصيل
  • وزير خارجية الاحتلال يعترف: استمرار الحرب يشكل خطرا على حياة الأسرى لدى المقاومة 
  • أوقعت قتلى وجرحى .. المقاومة تستدرج قوة صهيونية بواسطة دمية تصرخ العبرية
  • أول تعليق من حماس علي اقتحام قوات الاحتلال مدارس أونروا
  • اليمن يدمِّر أسطورة الدفاعات الأمريكية والصهيونية