تقرير: مؤشرات على قلق إيران من هجمات وكلائها في المنطقة
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
قالت شبكة "سي إن إن" الإخبارية إن مسؤولين أميركيين يعتقدون أن هناك مؤشرات على أن طهران تشعر بالقلق إزاء تصرفات بعض وكلائها في العراق وسوريا واليمن، وفقا للعديد من الأشخاص المطلعين على تقارير الاستخبارات الأميركية.
وأبلغ مسؤولون أميركيون الشبكة نقلا عن معلومات استخباراتية أميركية، بأن الهجوم بطائرة مسيرة الذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أميركيين في موقع أميركي في الأردن، والذي نسبته الولايات المتحدة إلى جماعة المقاومة الإسلامية في العراق المدعومة من إيران، فاجأ طهران وأثار قلق القيادة السياسية هناك.
وشنت الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران أكثر من 160 هجوما على القوات الأميركية منذ أكتوبر، إلا أن الضربة التي نفذت في نهاية الأسبوع الماضي كانت الأولى التي تسفر عن مقتل أميركيين منذ بدء الهجمات شبه اليومية قبل أربعة أشهر.
وتبين الشبكة أن تقارير الاستخبارات الأميركية تشير أيضا إلى أن إيران تشعر بالقلق من أن الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر يمكن أن تزعزع المصالح الاقتصادية لكل من الصين والهند، الحليفين الرئيسيين لإيران.
وحذر المسؤولون من أنه ليس هناك شعور بأن قلق طهران المتزايد من هذه الهجمات يمكن أن يجعلها تغير استراتيجيتها الأوسع المتمثلة في دعم الهجمات بالوكالة على أهداف أميركية وغربية.
لكن المسؤولين يعتقدون أن إيران تتبع نهجا محسوبا في الصراع يهدف إلى تجنب إشعال حرب شاملة، وفقا للشبكة.
ورفض المسؤولون تقديم مزيد من التفاصيل حول المعلومات الاستخبارية نظرا لحساسيتها.
وتقول "سي إن إن" إن الولايات المتحدة عادة ما تكون قادرة على الحصول على معلومات استخباراتية عن إيران من خلال مجموعة متنوعة من الأساليب بما في ذلك تجنيد جواسيس أو التنصت على الاتصالات الإيرانية.
ويؤكد مسؤولون ان إدارة ارئيس الأميركي جو بايدن تدرس الخيارات المتعلقة بكيفية الرد على الهجوم الأخير في الأردن، والذي قد يشمل شن ضربات على قواعد إيرانية في المنطقة، لكن من غير المرجح أن تكون هناك ضربات داخل إيران.
وكان البيت الأبيض ذكر في وقت سابق أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب مباشرة مع إيران.
وأعلنت ميليشيا كتائب حزب الله، المتمركزة في العراق، الثلاثاء، تعليق جميع الهجمات على القوات الأميركية، في محاولة محتملة لتهدئة التصعيد.
لكن بعض المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين يشككون في أن إيران سوف تغير تكتيكاتها بشكل جوهري.
وقال مسؤول عسكري أميركي مقيم في الشرق الأوسط للشبكة إن إيران "سعيدة للغاية بالطريقة التي تسير بها الأمور".
ويوم الثلاثاء أشار مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" بيل بيرنز في مقال نشر في مجلة فورين أفيرز، إلى أن "النظام الإيراني اكتسب جرأة بسبب الأزمة في غزة ويبدو أنه مستعد للقتال حتى آخر وكيل له في المنطقة".
بدوره يقول، نورم رول، وهو محلل كبير سابق للشؤون الإيرانية لدى وكالة الاستخبارات المركزية، إن الهدف الأساسي لإيران هو "بث حالة من عدم اليقين والتردد لدى صناع القرار الأميركيين بشأن مدى القوة التي ينبغي لنا أن نضرب بها إيران".
ويضيف رول أن إيران تعلم كذلك أن هناك "أصواتا في الولايات المتحدة وأوروبا تغتنم أي فرصة للدبلوماسية، حتى لو لم يكن هناك سوى القليل من الأدلة على نجاحها". ويعتقد أنه لا يوجد أي شيء على الإطلاق "يمكن أن يجبر طهران على تغيير ما تقوم به".
ومع ذلك، يلفت مدير برنامج أمن الشرق الأوسط في مركز الأمن الأميركي الجديد جوناثان لورد إلى أن بيان ميليشيا كتائب حزب الله يعكس كيف أن مجرد توقع الرد الأميركي على الهجوم دفع طهران إلى التراجع، على الأقل للحظات".
ويشير لورد إلى أن مجرد توقع حجم قوة الرد الأميركي كان له بالفعل تأثير رادع على وكلاء إيران، دون أن تطلق الولايات المتحدة رصاصة واحدة".
ويرى أن الهجوم الذي وقع في الأردن يبدو أنه قوض نهج إيران الذي اتبعته منذ أكتوبر الماضي، والمتمثل في عدم وصول التصعيد إلى نقطة تضع الولايات المتحدة أو إسرائيل "في الزاوية" وتجبرهما على الرد بقوة.
وفي الوقت نفسه، هناك أيضا دلائل تشير إلى أن القادة الإيرانيين يشعرون بالقلق من أن الهجمات العشوائية على الشحن البحري في البحر الأحمر من قبل الحوثيين قد تؤدي إلى رد فعل سلبي على طهران.
تأثرت الهند بشكل خاص حيث هاجم الحوثيون عدة سفن إما بطواقم هندية أو متجهة نحو الهند، وردا على ذلك، نشرت الحكومة الهندية عدة سفن حربية في بحر العرب.
كما اضطرت شركتان صينيتان عملاقتان للشحن مملوكتان للدولة إلى تحويل مسار عشرات السفن من البحر الأحمر إلى طريق أطول بكثير حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، مما زاد من تكاليف الشحن.
وتنقل "سي إن إن" عن مسؤول أميركي القول إن هناك "علامات متزايدة على القلق الإيراني" ، مضيفا أن "تأثر التجارة البحرية عبر البحر الأحمر يتسبب في رد فعل سلبي محتمل على إيران من دول حليفة لطهران".
تقول "سي إن إن" إن مقتل الجنود الأميركيين الثلاثة والهجمات المستمرة على السفن، جعلت الولايات المتحدة وإيران أقرب إلى حافة الهاوية.
كذلك تشير زيادة التصعيد بين الجانبين أيضا إلى الدرجات المتفاوتة من السيطرة التي تتمتع بها إيران فعليا على وكلائهاغ في المنطقة.
يقول أحد الأشخاص المطلعين على المعلومات الاستخبارية إلى أن "جميع المؤشرات تشير إلى أن إيران ليس لديها مصلحة في الدخول في دائرة تصعيدية مع الولايات المتحدة وإسرائيل".
ويضيف الشخص أنه "بينما تدرك إيران أن دعم وكلائها في المنطقة يستحق العناء، إلا أن الوكلاء لديهم أيضا مصالحهم الضيقة الخاصة بهم وكذلك درجات متفاوتة من الولاء لإيران".
ومن بين هذه الجماعات، تتمتع إيران بأقل قدر من السيطرة العملياتية على الحوثيين في اليمن، حسبما قال العديد من المسؤولين لشبكة "سي إن إن".
ويضيف هؤلاء المسؤولين أن إيران تتمتع بنفوذ أكبر بكثير على الشبكة المتشابكة من الميليشيات الوكيلة العاملة داخل العراق وسوريا، وغالبا ما ينظر المسؤولون الاستخباراتيون والعسكريون إلى نشاط تلك الجماعات على أنه مقياس أكثر دقة للسياسة الإيرانية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة البحر الأحمر فی المنطقة أن إیران سی إن إن إلى أن
إقرأ أيضاً:
تعويضات الحرب.. إيران تخوض معركة قانونية في متاهات النظام الدولي
طهران- عقب انقشاع غبار الهجمات الأميركية والإسرائيلية على إيران، تقدم عدد من نواب البرلمان الإيراني بمشروع قانون عاجل "يلزم الحكومة بمقاضاة واشنطن وتل أبيب لطلب تعويضات عن عدوانهما العسكري على البنى التحتية النووية والعسكرية والمدنية"، في حين بدأت الخارجية تحركاتها في الأوساط الدولية.
وبينما لا تزال فرق الدفاع المدني تواصل عملياتها لإزالة الأنقاض الناجمة عن القصف على أهداف وسط العاصمة، دعت طهران رسميا المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته إزاء ما وصفته بـ"العدوان الإسرائيلي-الأميركي" ضدها، ما أثار تساؤلا عن جدوى هذه المطالب في نظام دولي تهيمن عليه واشنطن التي شاركت في قصف المنشآت النووية الإيرانية.
في غضون ذلك، سارع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى توجيه رسالتين منفصلتين إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئاسة مجلس الأمن الدولي، داعيا إلى تحميل واشنطن وتل أبيب مسؤولية المبادرة بالعمل العدواني ضد بلاده.
جوانب قانونيةواعتبر عراقجي أن الهجوم يشكل "انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة" ويستوجب تحركا دوليا عاجلا، مطالبا الأوساط الأممية بإلزام الجانبين المعتديين بتحمل كافة العواقب القانونية، بما في ذلك دفع التعويضات عن الأضرار المترتبة على عدوانهما على إيران.
ويذهب مراقبون في طهران إلى أن المساعي الحثيثة للحصول على تعويضات لا تعني رجوعا إلى النصوص القانونية فحسب، بل هي محاولة لإعادة قراءة مسؤولية لم تُنسَ في القانون الدولي وأنها لا تثقل كاهل المعتدي وحده، بل ضمير المؤسسات الدولية أيضا.
ووفقا للأوساط القانونية في إيران، فإن الهجمات العسكرية الأميركية-الإسرائيلية تنتهك بالفعل سيادة البلاد وفقا للبند 4 في المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة الذي يحظر استخدام القوة ضد سلامة أراضي الدول، ويلزم الأطراف المخالفة بدفع تعويضات في حال شن أي هجوم عسكري غير مدفوع بـ"دفاع مشروع" ولم تسبقه أي "عملية عسكرية" تبرر الضربة.
إعلانفي السياق، يقول الباحث في القانون الدولي حميد قنبري، إن ديوان التحكيم الإيراني-الأميركي ومقره في لاهاي يمثل المسار الأكثر جدوى بموجب اتفاقية الجزائر 1981، حيث التزمت الولايات المتحدة بعدم التدخل في الشؤون الإيرانية، موضحا أنه في حال أثبتت طهران أن الهجمات تمت بتدخل أميركي، يمكن للديوان -الذي سبق أن نظر في قضايا بين البلدين- أن يلزم واشنطن بدفع التعويضات.
ويرى أن إمكانية رفع دعاوى ضد واشنطن أو إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية تكاد تكون معدومة عمليا، لرفضهما الاعتراف باختصاص المحكمة في النظر بنزاعاتهما مع إيران، موضحا أن الولايات المتحدة سبق وانسحبت من "معاهدة الصداقة" مع إيران عام 2018، وذلك عقب نجاح طهران في مقاضاتها أمام المحكمة نفسها بتهمة انتهاك المعاهدة مما أفقد المحكمة أساسها القانوني للنظر في أي دعاوى لاحقة.
الخارجية الإيرانية: العدوان العسكري الوحشي للولايات المتحدة على المنشآت النووية السلمية الإيرانية انتهاك صارخ وخطير وغير مسبوق، وأمريكا ستتحمل عواقب عملها العدواني pic.twitter.com/bRnlCJuky2
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 22, 2025
غياب الآلياتولدى إشارته إلى أن إسرائيل لم تعترف أصلا بالولاية القضائية العامة للمحكمة، يجد الباحث الإيراني -في مقابلة مع صحيفة إيران الرسمية- في اللجوء إلى الآليات غير القضائية سبيلا لمتابعة طهران هذا الملف، مطالبا برفع شكاوى إلى مجلس حقوق الإنسان الأممي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة لتشكيل لجان تقصّي حقائق وتوثيق انتهاكات القانون الإنساني عبر منظمات دولية مستقلة لتأسيس سجل قانوني للمطالبات المستقبلية.
وفيما تعتبر الأوساط القانونية في إيران مطالبة بلادها بتحميل المعتدي مسؤولية المبادرة بالحرب وإلزامه بدفع تعويضات، امتدادا لمبدأ راسخ بعد الحرب العالمية الثانية، حيث دُفعت تعويضات ضخمة لضحايا العدوان، يذكّر قنبري بأن حق النقض (الفيتو) الأميركي في مجلس الأمن يمنع صدور أي قرار ملزم ضد واشنطن أو حلفائها.
من ناحيته، يسلط أستاذ القانون الدولي بجامعة طهران يوسف مولائي، الضوء على ثغرات النظام الدولي بما فيها غياب آليات التنفيذ الفعالة ضد القوى العظمى والتي تؤدي بدورها إلى إحباط مثل هذه القضايا في الأوساط القانونية الأممية، موضحا أنه في هيكل القانون الدولي الحالي، لا توجد آلية مستقلة للنظر في الدعاوى بين الدول التي لا تربطها علاقات دبلوماسية أو ليست أعضاء في هيئات تحكيم مشتركة.
وفي مقال نشره في صحيفة "آرمان ملي"، يكتب مولائي أنه في القضية الحالية، لا تمتلك إيران والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية رسمية فحسب، بل لديهما أيضا خلافات جوهرية حول قضايا أساسية، ولهذا السبب، فإن المسارات القانونية المعتادة مثل اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو التحكيم الدولي، مغلقة عمليا.
ووفقا له، فإن الولايات المتحدة لا تقبل اختصاص هذه الهيئات الأممية للنظر في الدعوى الإيرانية، وقد تمتنع عن المشاركة في الإجراءات القضائية في حال رفع الدعوى ضدها، مضيفا أنه من الناحية النظرية، يمكن لمجلس الأمن أن يلعب دور الجهة القضائية، لكن عمليا هذا الجهاز يفتقر للفعالية المطلوبة بسبب "الفيتو".
إعلان
المفاوضات النووية
ويتابع مولائي أن واشنطن ستعيق أي قرار أو إجراء ملزم ضدها من خلال استخدامها هذا الحق، مشددا على أن هيكل السلطة في مجلس الأمن يشكل عمليا عائقا أمام المتابعة القانونية والقضائية لانتهاكات القوى الكبرى.
ويخلص إلى أنه رغم أحقية إيران قانونيا في الحصول على تعويضات، فإن غياب جهة مختصة ومحايدة للنظر في الأمر يجعل هذا الحق غير قابل للتطبيق عمليا، مؤكدا أن هذه الإشكالية تمثل أحد التحديات الخطيرة في القانون الدولي المعاصر التي يجب إيجاد حل لها مستقبلا.
وفيما يبرز ملف تعويضات الحرب الإسرائيلية والأميركية على إيران كإحدى أعمق إشكاليات القانون الدولي وعجزه عن مواجهة انتهاكات الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، يعتقد مراقبون إيرانيون أن المطالبة بالتعويضات لم تكن سعيا لفواتير مالية بقدر ما هي محاولة لتحميل الأطراف المعتدية مسؤولية البدء بالاعتداء وتوثيق الانتهاكات في أروقة القانون الدولي.
وعلى وقع المساعي الرامية لتسجيل إيران انتصارا دبلوماسيا يُضعف الموقف الأخلاقي للولايات المتحدة التي "لا تكل ولا تمل" من مطالبة الجمهورية الإسلامية بالعودة إلى طاولة المفاوضات، تعمل طهران على تحويل هذه الدعوات إلى ورقة ضغط في أي مفاوضات مستقبلية.
وبينما تعرف الأوساط السياسية والقانونية في طهران أن المعركة القانونية قد تكون طويلة وفرص نجاحها قد تكون شبه معدومة، فإن ذلك لا يمنع ربط أي حوار نووي بأهداف المعركة؛ إذ كشفت وكالة أنباء مهر عن مصادر مطلعة أن إيران ترهن العودة إلى المفاوضات بـ"رفع العقوبات ودفع التعويضات وتحديد سقف لتخصيب اليورانيوم".