أخبارنا:
2025-06-18@08:55:50 GMT

ما دور جنوب إفريقيا في ملف الصحراء؟

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

ما دور جنوب إفريقيا في ملف الصحراء؟

بقلم: نزار بولحية

ما هي أكثر دولة بعد الجزائر يفرش فيها السجاد الأحمر لزعيم البوليساريو وتستقبله استقبال القادة والرؤساء؟ إنها قطعا جنوب افريقيا، التي لا تعترف فقط بالجبهة، بل تدعمها ماليا وسياسيا وربما حتى عسكريا. لكن ما الذي يجعل دولة تقع في أقصى التخوم الافريقية تصوب نظرها بعيدا جدا نحو شمال القارة السمراء، وتقدم الدعم لكيان صوري، أنشئ هناك في فترة الحرب الباردة، وبات عدد الداعمين والمؤيدين له في تراجع مستمر؟ هل يكمن السر في التزام بريتوريا الصارم بالمبادئ وتمسكها بالإرث النضالي لزعيمها التاريخي نيلسون مانديلا، بشكل يدفعها للحرص الدائم على الوقوف بقوة مع حق الشعوب في تقرير مصيرها، مثلما قد يقول البعض؟ أم أن وراء تلك الاندفاعة نحو تلك المنطقة بالذات أهدافا ومآرب أخرى؟

من الواضح أن جنوب افريقيا، وعلى عكس ما قد يتصوره البعض لا تحمل لواء الدفاع، عما تراها قضايا إنسانية عادلة من منطلق عاطفي، أو وجداني بحت، وبقطع النظر عن ارتباطاتها ومصالحها وخططها وعلاقاتها وتوجهاتها الخارجية.

فحتى إن ردد قادتها كثيرا من الشعارات الثورية والحقوقية، إلا أن ذلك لا يعني انهم مستعدون للتوغل بعيدا دون دراسة مواقفهم بحرص، والتفاعل مع الشعارات التي يطلقونها، بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ما يرسمونه ويحددونه من أهداف. لقد صفق لهم العرب طويلا، أواخر العام الماضي، ربما لأنهم قاموا وبالنيابة عنهم بما كان مفترضا بهم أن يبادروا إليه، وهو رفع قضية في محكمة العدل الدولية ضد الكيان الإسرائيلي، لارتكابه جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، لكن هل كان من الوارد أن يصفقوا لهم وبالمثل مرة أخرى، وهم يقفزون على كل موانع الجغرافيا وضوابط السياسة ويتخطونها، مقحمين أنفسهم في نزاع إقليمي مزمن لا يزال يقسم جارتين مغاربيتين، ويعيق أي جهد لاندماج وتوحيد الشمال الافريقي؟ لقد كانوا يعلمون جيدا أن فرص نجاحهم في تلك المهمة كانت محدودة جدا وضعيفة للغاية، فأطراف النزاع ليسوا متفقين على أنهم قد يمثلون الوسطاء المناسبين والمقبولين فيه، ولأجل ذلك فإن الخطوة التي أقدموا عليها من خلال دعوتهم للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالصحراء لزيارة بلدهم، للحديث حول «المقاربات الراهنة التي تتم مناقشتها حاليا»، حول مشكلة الصحراء، حسبما أكدته وزيرة خارجيتهم، كانت أشبه بالقفزة في الهواء، فهي لم تحظ لا بمباركة الأطراف ولا باجماعهم حولها، بل قوبلت برفض مطلق وصريح من جانب طرف رئيسي في النزاع هو المغرب، الذي اعتبر ـ السبت الماضي ـ وعلى لسان السفير الممثل الدائم له في الأمم المتحدة عمر هلال أنه «لن يسمح أبدا بأن يكون لجنوب افريقيا أي دور في قضية الصحراء المغربية». والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي جعل الجنوب أفارقة، يوسعون جبهة قديمة فتحوها مع المغرب، ويدخلون في صدام جديد معه، في الوقت الذي كانوا يعرفون فيه جيدا أنهم كانوا بصدد استفزازه بتحركهم؟ لعل هناك من سيلقي بالكرة في المرمى المعاكس ويقول، وما الذي جعل الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالصحراء، يرضخ بسهولة لطلبهم ويطير يوم الأربعاء الماضي، إلى بريتوريا؟ ألم يكن بمقدوره أن يعتذر عن تلبية الدعوة ويرفض تلك الزيارة التي كان من الواضح جدا أنها لم تكن طبيعية أو عادية بالمرة، خصوصا أن السلطات المغربية كانت قد عبّرت، بمجرد أن علمت ببدء الترتيب لها، كما قال عمر هلال مباشرة لديمستورا وكذلك للأمانة العامة للأمم المتحدة عن اعتراض المغرب القاطع عليها، ورفضه «أي تفاعل مع بريتوريا بشأن قضية الصحراء المغربية»؟ فهل كان هناك إذن خيط خفي ربط بين الطرفين، وجعل ديمستورا ومن ورائه المنتظم الأممي، يختار وفي هذا التوقيت بالذات جنوب افريقيا حتى يعرض عليها دورا ما، أو مهمة محددة في الخطة، أو الخطط التي قد يطرحها لاحقا لحل المشكل الصحراوي؟

على عكس كثير من الدول التي ما زالت تفضل البقاء في المنطقة الرمادية، فإن بريتوريا تقف بشكل واضح لا غبار عليه مع البوليساريو، التي أعلنت من جانب واحد ولا تعترف بها الأمم المتحدة. كما أن علاقتها الوثيقة بالجزائر باتت تنعكس باطراد على كثير من المواقف والقرارات، التي تؤكد على وجود تنسيق عال ومستمر بين الجانبين. وهذا ما يجعل من فرضية إقدام جنوب افريقيا على دعوة ديمستورا، من دون التشاور أو التخطيط المسبق مع الجزائر غير ممكنة بالمرة. لكن إن كان الجزائريون يريدون، ربما من وراء ذلك إعادة الكرة، ولو ظرفيا أو حتى شكليا إلى الملعب الافريقي، في وقت يفضل فيه المغاربة أن يتم حسم النزاع على المستوى الأممي، فإن السبب الذي قد يكون دفع الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بالملف، لأن يتصل بالمسؤولين في جنوب افريقيا ربما لا يرتبط فقط بموقفهم من ذلك النزاع، بل بالأساس بعلاقاتهم بالجزائر. وبمعنى آخر فقد يكون الغرض من تلك الزيارة هو حث الجنوب أفارقة على أن يستخدموا كل نفوذهم وعلاقاتهم من أجل دفع الجزائريين للقبول بعرض، أو مقترح ما قد تقدمه الأمم المتحدة رسميا في الفترة المقبلة لحل المشكل الصحراوي. ولعل وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب افريقيا لمحت من بعيد إلى ذلك، حين أشارت في المؤتمر الصحافي الذي أعقب لقاءها بديمستورا أن «النقاش كان مفيدا وتميز بدراسة بعض المقاربات المتعلقة بالصحراء الغربية» ثم أضافت حين ألح عليها بعض الصحافيين لتقدم لهم مزيدا من المعلومات بأن «هذه أسئلة سرية» وأنها تحتاج إلى وقت لتقديم الرد على المقترحات. لكن ألم يكن ممكنا أن يتم ذلك بشكل غير علني بدلا من إظهاره للإعلام؟ من الواضح أن الحرص على إعلان الزيارة، مع توقع رد فعل غاضب عليها من المغرب، قد يصل ربما حد المطالبة بسحب الثقة من ديمستورا والدعوة لتغييره، ربما يمثل نوعا من الرهان أو التحدي الشخصي بالنسبة للدبلوماسي السويدي المخضرم، فهل أراد النزول بثقله ووضع مستقبله المهني في الميزان، والخروج من الباب الكبير، أو من خلال ملامح مشروع لحل للمشكل المزمن، أو من الباب الصغير بتحمل مرارة الانسحاب مرة أخرى من مهمته، بعد استقالته في السابق في مهمته في سوريا؟ من المؤكد أنه قد تلقى ضوءا أخضر لا من الأمين العام للأمم المتحدة فحسب، بل ربما حتى من القوى الكبرى التي يعنيها الملف الصحراوي وترغب ـ وربما لغايات مختلفة ـ في إعطاء دور ما في هذه الفترة لجنوب افريقيا في ملف تعرف جيدا أنه قد يجعلها تحقق بعضا من طموحاتها القديمة بالزعامة الافريقية. لكن هل سيكون المرور بقوة ممكنا دون موافقة الرباط؟ وهل يقدر الجنوب افارقة على إقناع الجزائريين بحل آخر غير تقرير المصير واستقلال الصحراء؟ ربما لن يكون ذلك سهلا. لكن علينا أن ننتظر لنرى كيف سيكون ردهم على ما عرض عليهم.

كاتب وصحافي من تونس

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: العام للأمم المتحدة جنوب افریقیا

إقرأ أيضاً:

بحثوا عن الطحين فعادوا جثثا.. قصف إسرائيلي يقتل 64 فلسطينيا أمام مركز توزيع المساعدات

بين طوابير الجوعى الذين أملوا بالحصول على فتات المساعدات، سقط عشرات الفلسطينيين الثلاثاء بين قتيل وجريح في خان يونس جنوب قطاع غزة، فاختلطت دماؤهم بأكياس الطحين، وسط عجز المستشفيات عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين. اعلان

قُتل 64 فلسطينياً على الأقل وأُصيب نحو 200 آخرين، بينهم 20 في حالة حرجة، بعدما فتحت دبابات إسرائيلية النار على حشد من المدنيين كانوا بانتظار مساعدات غذائية في خان يونس جنوب قطاع غزة، بحسب ما أفادت به وزارة الصحة في غزة.

ومع وقوع "مجزرة الطحين"، كما وصفتها الطواقم الطبية، غصّ مجمّع ناصر الطبي بالمصابين، وسط نقص حاد في المعدات والأسرة. وقال مدير المجمع، الدكتور عاطف الحوت، إن الوضع الصحي حرج للغاية، فيما امتلأت العناية المركزة بحالات خطيرة تنتظر الإنعاش.

وقد انتشرت صور ومقاطع مصوّرة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت جرحى ممددين على الأرض، وسط برك من الدماء، داخل المستشفى وخارجه، في ظل عجز الطواقم الطبية عن استيعاب العدد الكبير من المصابين.

فلسطينيون يحملون أكياسًا تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية وزّعتها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة، في رفح جنوب قطاع غزة، يوم الاثنين 16 حزيران/يونيو 2025.Abdel Kareem Hana/AP

وبحسب شهود عيان، أطلقت الدبابات الإسرائيلية قذيفتين على الأقل باتجاه الحشد الذي كان ينتظر المساعدات على الطريق الشرقي الرئيسي للمدينة.

يقول الشاب علاء، أحد الناجين، لوكالة "رويترز": "جمعونا فجأة، ثم بدأت القذائف تتساقط. الناس يموتون من أجل الحصول على كيس طحين لأطفالهم".

وأضافت التقارير أن نقل المصابين تم بوسائل بدائية بينها عربات تجرها الحمير ومركبات"التوك توك"، في وقت عجزت فيه سيارات الإسعاف عن تلبية نداءات الإغاثة العاجلة.

فلسطينيون يحملون أكياسًا تحتوي على مساعدات غذائية وإنسانية وزّعتها "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة، في رفح جنوب قطاع غزة، يوم الاثنين 16 حزيران/يونيو 2025.Abdel Kareem Hana/ AP

وقد أقرّ الجيش الإسرائيلي بحدوث إطلاق نار في المنطقة، وأعلن فتح تحقيق في الواقعة، مشيرًا إلى أن الحشد تجمّع قرب شاحنة مساعدات تعطلت في المكان، وأنه "يأسف لسقوط ضحايا من غير المتورطين".

ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة من الحوادث المماثلة التي استهدفت مدنيين أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع مساعدات. ومنذ بدء تخفيف الحصار جزئيًا، نسّقت إسرائيل، بدعم أمريكي، مع ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" لتوزيع المساعدات، وهي تعمل ضمن مناطق تخضع لحمايتها العسكرية. إلا أن الأمم المتحدة وجّهت انتقادات حادة للآلية، معتبرة إياها غير آمنة وتفتقر للحياد.

نظام توزيع "قاتل"

عقب اطّلاعها على تفاصيل الاستهداف الإسرائيلي للفلسطينيين في خان يونس، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها البالغ من الانهيار المتسارع في المنظومة الصحية داخل القطاع. وقال ممثل المنظمة في الضفة الغربية وغزة، ريك بيبركورن، إن مستشفى الأمل، الواقع قرب مجمّع ناصر الطبي، لم يعد قادرًا إلا على تقديم خدمات محدودة.

وصرّح الدكتور ثانوس غارغافانيس، مسؤول الطوارئ في المنظمة، بأن كل المحاولات لتوزيع المساعدات من قبل جهات ليست تابعة للأمم المتحدة تحوّلت إلى حوادث دامية.

من جانبه، دعا مفوض وكالة "الأونروا" إلى عدم نسيان الكارثة الإنسانية المستمرة في غزة مع تحوّل الاهتمام العالمي إلى مناطق أخرى، محذراً من أن الجائعين باتوا يواجهون "نظام توزيع قاتل يهدد حياتهم".

Relatedهل تغيّر الضربة الإسرائيلية لإيران معادلة الحرب في غزة؟غزة.. مقتل 40 فلسطينيا في يوم واحد معظمهم قرب نقطة توزيع مساعدات غذائيةمشاهد طوابير الجوعى في غزة مستمرّة: مأساة إنسانية تحت الحصار والنار

من جهتها، اتهمت حركة "حماس" إسرائيل باستخدام المساعدات كسلاح مزدوج لـ"القتل والإذلال والتجويع"، معتبرة نقاط التوزيع "مصائد موت جماعي". كما دعت الأمم المتحدة إلى فرض آلية مستقلة وآمنة لتوزيع المواد الإغاثية، واعتبرت أن ما يجري امتداد لسياسة "الإبادة الجماعية" المفروضة على القطاع.

وفي أحدث الأرقام الرسمية، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد القتلى إلى 55,493، إلى جانب 129,320 مصابًا، منذ بدء الحرب الإسرائيلية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • صنداونز يهزم أولسان هيونداي ويمنح إفريقيا أول فوز في مونديال الأندية 2025
  • قطر ودول مجلس التعاون الخليجي يجددون بالأمم المتحدة دعمهم الكامل لوحدة المغرب الترابية
  • قطر تجدد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية
  • اضطراب وأسى
  • بحثوا عن الطحين فعادوا جثثا.. قصف إسرائيلي يقتل 64 فلسطينيا أمام مركز توزيع المساعدات
  • الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم
  • ربما تنتهي الحرب سريعا بصمت
  • بوريطة: ملف الصحراء يقترب من الحل النهائي و70% من الدول في الأمم المتحدة تدعم الحكم الذاتي
  • DisrupTech Ventures تدعم شركة Winich Farms النيجيرية في مجال التكنولوجيا الزراعية والمالية، في أول استثمار لها في إفريقيا جنوب الصحراء
  • ما الذي ينبغي على واشنطن فعله لنزع فتيل الحرب بين طهران وتل أبيب؟