جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-09@22:21:08 GMT

إنّها الموسيقى.. وكفى!

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT

إنّها الموسيقى.. وكفى!

 

غنيّة الحكمانية

الموسيقى فنٌ من الفنون الصّوتية المشنّفة للأسماع رقّة ورهافة وعذوبة، وهي من ضمن الفنون السّبعة الأشهر عالميا،ً ولكنّها كما قال أفلاطون: "إنّ الموسيقى أكثر اختراقا لذواتنا من الفنون الأخرى؛ لأنّ كل تلك الفنون تخاطب الظلالَ فقط، بينما تخاطب الموسيقى الجوهر".

صدق أفلاطون فالموسيقى تخاطب بهمس لحنها الأفئدة والعقول، تستنطق إحساسها وتسري بها في رحاب ملكوتها الجميل، متماهية مع الأرواح التي تنشد السّلام والحُب والوئام، وتلهم الألباب فكرًا وآفاقًا منفتحة تُجاوز به أفهام الآخرين، وتضفي على الكون حياة وعلى الحياة معنى وعلى المعنى جَمالًا.

وقد نشأت الموسيقى منذ عصور ما قبل الميلاد؛ إذ وُجِدت بعض الآثار لبعض الآلات منحوتة من الأخشاب أو من عظام الحيوانات مع ثقوب على جانبيها، وما بعد الميلاد اختلفت ثقافات الحضارات القديمة للموسيقى، فلقد أُشْركت ألحانها في الاحتفالات الدينية والطقوس التعبدية، ثم في أنماط الحياة والمناسبات الخاصة، فأصبحت للشّعوب موروثاتها الشّعبية وتقاليدها الموسيقية وأغانيها القوميّة، ونتاجات من الألحان تنفرد بها. وما تتبوّأ الموسيقى من مكانةٍ في تلك المجتمعات يعكس مدى التقدم والانفتاح والحظوة من الرّفعة والرّقي فيها، كما أكّد حكيم الهند القديم كونفوشيوس: "إذا أردت أن تتعرف في بلد ما على إرادته ومبلغ حظه من الحضارة والمدنية، فاستمع إلى موسيقاه". ويؤكد قوله ابن خلدون: "أحد مؤشرات سقوط الحضارات كان تدني الحسّ الغنائي الموسيقي في المجتمع".

وللموسيقى عظماء تكلّلت مساعيهم الموسيقية في حقبتهم نموًا وازدهارًا، وتنوعت حصيلتهم الموسيقية من حيث الأداء والمهارة والأسلوب، ومن أشهرهم الأسطورة بيتهوفن الذي رغم فقدانه السّمع أطرب السّامعين بسيمفونياته الكلاسيكية الرائعة، فكان لا زال يملك أذنا موسيقية رافقت مشوار إبداعه طوال حياته، ومن مقولاته "أنّ الموسيقى هي الوسط بين الحياتين الرّوحية والحسيّة"؛ فهي تعرج به إلى سماواتٍ رحبة يتقلّب في رغَد بحبوحتها، فتحلو حينها مناجاة الرّوح بكل صدقٍ وصفاء، فترقى بكينونة الإنسان إلى أرقى درجات السّلام والجَمال والإبداع، فما بين الرّوح والحسّ موسيقى.

والطبيعة أيضًا تعزف ولها مزاميرها البهيجة المختلفة، تبوح لحنًا شجيًّا متأنّقة بجنباتها الفاتنة، ترنيمات الطيور وحفيف الأشجار وهدير الأمواج وخرير الماء، فالطبيعة مصدر إلهام لروائع الأنغام، فالعازفون يسترقون السّمع لاختلاس أجود الأصوات، وتُدمج سيمفونية الطبيعة ومعازف الموسيقى لتشكيل أجمل موسيقى للطبيعة البشرية، وتصبح  لوحة التأمل حينها أكثر تناغمًا وانسجامًا وتوازنًا.

وتؤكد الأبحاث مدى قوة تأثير الموسيقى على الإنسان والحيوان والنّبات، فالإنسان في جميع أطواره ومراحله وتقلباته، تربتُ الموسيقى على قلبه سكينة واطمئنانا، وتحلّق به متعة وانتشاء، وتمنحه إيجابية ودافعية، وتعمل على تحسين قدراته الذهنية والبدنية وتقوية مهاراته الاتصالية والتواصلية. والحيوانات تشدو مع الموسيقى وكأن سحرَ الافتنان قد مسّها، تستمتع وتكون أكثر وداعة ورقّة، وتدندن مع معزوفات الموسيقى وتتراقص طربًا، فقد وافقت شيئا من إحساسها، تحكي لي والدتي عن ماضي زفافها على النّاقة قديمًا، بأنّ النّاقة تميل بعنقها يمنة ويسرة مبتهجة جذِلة مع النّساء، مغمورة بالسّعادة تشاركهن الفرَح والسّرور.

وللنّبات تجاوبٌ وتفاعلٌ أيضا فهو يتنعش بذبذبات وترددات الموسيقى فيقوى عوده ويتحفّز نموه ويتبّكر تزهيره ويزيد إنتاجه.

وتُستخدم الموسيقى للعلاج النّفسي والجسدي والعصبي باستخدام تقنيات عدّة تناسب وطبيعة الحالة، فكانت هناك بيمارستانات عربية منذ ألف عام ونيّف خاصة لعلاج الاضطرابات المختلفة بالموسيقى، وتم تأسيس مبادئ علمية تتعلق بالعلاج الموسيقي من قِبل العلماء والأطباء العرب العظماء كالرازي وفارابي وابن سينا؛ فإيقاعات أوتارها دواء، وموجاتها الصوتية عزاء، تعمل على إزالة عوالق الأرواح المتعبة وإزاحة الألم ورفع مستوى الأجسام المضادة في الجسم، وحين ترتيل أنغامها يستجيب المريض للعلاج بما تفرزه من هرمونات السّعادة والفرح التي تحفّز على التشافي والتعافي. ويقول العالم أبو بكر الرازي: "إنّ للموسيقى أثر سحري يقي المرضى من تأجج أزماتهم النفسية".

لذا.. فالموسيقى ليست مجرّد تجميع ألحان لتشكيل مقطوعات موسيقية، أو جوقة تتشارك أداءً أنغامًا متآلفة؛ بل هي بوح مُعبّر عن المشاعر والأحاسيس، تفصح عن خلجات النفس التي لا يمكن الحديث عنها بكلمات، ولا يفهمها إلا من لديه فيضا من المشاعر الصادقة والأحاسيس النبيلة، فهي تخترق شغاف القلوب برقّة الشعور ورهافة الذوق. نعم إنّها الموسيقى لغة الإنسانيّة والكونية، ففي نسختها هدى وسلامًا وأُلفًا، توحّد النّاس تحت دينها، فلا تنطق كفرًا ولا عنفًا ولا ويلًا ولا ثبورًا، يجتمعون النّاس تحت مظلة معازفها سواسية بشتّى الأجناس والطوائف والتوجهات، منعتقة من ملوثّات الحياة وأدرانها ومتهذّبة بفضائل الأخلاق ومكارمها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جامعة أسيوط تحصد (11) جائزة في مهرجان إبداع 13 بالمجالات الفنية والثقافية والفنية

 

 

 

 حققت جامعة أسيوط (11) جائزة متنوعة في المجالات الأدبية والعلمية والفنية، ضمن فعاليات "مهرجان إبداع 13" الذي نظمته وزارة الشباب والرياضة للعام الجامعي 2024/2025، تحت رعاية الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، بمشاركة الجامعات والمعاهد العليا والأكاديميات الحكومية والخاصة.

وجاءت مشاركة الجامعة تحت رعاية الدكتور أحمد المنشاوي، رئيس جامعة أسيوط، وبإشراف الدكتور أحمد عبد المولى، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتورة مديحة درويش، المشرف العام على الأنشطة الطلابية، والدكتور هيثم إبراهيم، مدير عام الإدارة العامة لرعاية الطلاب بالجامعة.

وأعرب الدكتور أحمد المنشاوي عن فخره واعتزازه بطلاب الجامعة المشاركين، مهنئًا إياهم على الجوائز الفردية والجماعية التي حصدتها الجامعة، وداعيًا إلى مواصلة المشاركة في الأنشطة الطلابية وتعزيز التمثيل المشرف للجامعة في المحافل المحلية والدولية.

ومن جانبه، أثنى الدكتور أحمد عبد المولى على جهود العاملين بإدارة رعاية الطلاب، الذين دعموا المشاركين حتى حققوا هذه الإنجازات، مؤكدًا حرص إدارة الجامعة على توفير كافة الإمكانيات لدعم الطلاب وصقل مواهبهم في مختلف المجالات.

وفي المجال الفني، حقق منتخب الموسيقى بالجامعة المركز الثاني (عزف جماعي غير متخصص)، وضم الفريق (17) طالبًا وطالبة من مختلف الكليات، كما حصل فريق منتخب الفنون الشعبية بالجامعة والمكوّن من (25)طالب وطالبة علي جائزة أفضل موسيقي وغناء في مجال الفنون الشعبية.

وفي الإنجازات الفردية: حصل الطالب/ ماريو وجدي كامل _كلية طب الأسنان_ على المركز الأول في العزف الفردي، و
حصلت الطالبة/ميرا رضا _ الفرقة الرابعة  _ كلية الفنون الجميلة علي المركز الثالث في مجال التصوير الملون (متخصص).

كما حصل الطالب/محمد علي  _ الفرقة الرابعة _ كلية الهندسة علي جائزة أفضل ديكور في مجال العروض المسرحية، ونال الطالب/ علي أيمن الفرقة الثانية _كلية العلوم الرياضية_جائزة لجنة التحكيم لأفضل مؤدي حركة في الفنون الشعبية.

أما في النشاط الثقافي، فقد فاز الطالب/ محمد أنور _كلية التمريض_ بالمركز الثاني في شعر العامية، وحقق الطالب/ دياب سعودي دياب _كلية الحاسبات والمعلومات_ المركز الثاني في شعر الفصحى، كما حصات الطالبة/ندا خالد _كلية الفنون الجميلة_ على المركز الثالث في مجال المراسل، وحصل الطالب/ محمود محمد _كلية الطب_ على المركز الثالث في التأليف المسرحي.

وفي النشاط العلمي، حققت الجامعة المركز الثالث في مجال الابتكارات العلمية، عبر فريق مكون من الطلاب محمد حسام محمد، عمرو نور الدين عبد اللطيف، وجورج نبيه فريد (كلية الهندسة).

أشرف على وفد النشاط الفني  محمد جمعة، مدير إدارة الفنون، وقيادة وتدريب كلًا من  حسن بداري، ورشا جلال، وشيري وجدي، وطلعت بكري، وأحمد محمود.

كما أشرف على وفد النشاط الثقافي  هاشم سيد، وعبير يسري، ومروة عبد الفتاح، وأحمد نصر، فيما قاد وفد النشاط العلمي وليد زيدان، وأحمد هاشم، ومحمود الكاشف.

وشارك في الإشراف العام على الوفد  محمد سيد، مدير وحدة العلاقات العامة والإعلام، ومحمد عبد الفتاح، مدير مكتب المدير العام للإدارة، وأشواق مختار، وغادة محمود، ومحمد أحمد عسران، ومحمد الريفي.

مقالات مشابهة

  • من الفجيرة إلى تطوان.. تعاون ثقافي يعبر المتوسط
  • الفنانة التركية أمينة صولاك: فن الإبرو يحتاج لصبر وتأنِ.. وفيه لمسات فنية رائعة
  • رئيس جامعة حلوان يناقش رسالة دكتوراه عن فلسفة العلامة التعريفية والجرافيك
  • رئيس جامعة حلوان يلتقي وزير الطيران قبل مناقشة ماجستير عن الأمن السيبراني
  • مراكز شباب أسيوط تشارك في مهرجان إبداع 5 بمجال الفنون الشعبية
  • راجح داوود: منتجو «الكيت كات» تعجبوا من الموسيقى التصويرية لهذا السبب
  • جامعة أسيوط تحصد (11) جائزة في مهرجان إبداع 13 بالمجالات الفنية والثقافية والفنية
  • ملتقى "بالِتّه".. حوارٌ من الألوان والإبداع في مدرسة عاتكة بنت زيد
  • هل دراسة الموسيقى كتخصص جامعي حرام؟.. دار الإفتاء تُجيب
  • هل الموسيقى رؤية بالقلب وسماع بالعين ؟