أحد أهم المباني الأثرية في مدينة غزة، بني في عهد السلطان المملوكي الظاهر بيبرس، وتأثر أيضا بالعمارة العثمانية، وسمي بقصر الباشا وقصر "آل رضوان" حيث كان مقر حكم سلالتهم التي حكمت سنجق غزة (أحد سناجق ولاية دمشق في الدولة العثمانية) والشام. تغيرت وظيفة القصر مع بداية القرن العشرين من مركز إدارة لحكم المدينة إلى مبنى للشرطة وسجن، ثم إلى مؤسسة تعليمية.

وبعدها تحول إلى متحف عام 2010 وخضع لأعمال ترميم مهمة عام 2015 أعادته إلى حالته الأصلية، وعرضت فيه قطع أثرية من حقب تاريخية مختلفة منها اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية.

استهدفته الطائرات الإسرائيلية في ديسمبر/كانون الأول 2023 خلال عدوانها على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى جانب استهدافها عددا من المواقع التاريخية والأثرية، مما اعتبرته السلطات الفلسطينية جزءا من مخطط الاحتلال لطمس وتدمير التراث الوطني الفلسطيني.

الموقع

يقع قصر الباشا في حي الدرج بالبلدة القديمة شرقي مدينة غزة.

المساحة

شيّد القصر على مساحة تمتد لنحو 60 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع)، تقلصت مساحته إلى 600 متر مربع خلال الانتداب البريطاني بسبب أعمال هدم شملت أجزاء منه ومن حديقته الواسعة، وتقدر المساحة الإجمالية لساحات ومداخل القصر بـ6 دونمات.

يتكون القصر من مبنيين منفصلين بينهما حديقة، المبنى الأول مخصص للإدارة، والثاني عبارة عن متحف يضم مقتنيات أثرية من عصور مختلفة.

أحد التماثيل المعروضة في إحدى غرف قصر الباشا (الأناضول) التاريخ

يعود تاريخ بناء القصر إلى الفترة المملوكية، وحسب المصادر التاريخية، فقد بناه والي غزة الأمير جمال الدين آقوش الشقيقي عام 1260م بأمر من السلطان المملوكي الظاهر ركن الدين بيبرس، ويستدل الباحثون على ذلك بوجود شعاره الخاص المكون من أسدين متقابلين على مدخل القصر الرئيسي، وخلال تلك الفترة سمي بقصر النائب.

أطلق عليه خلال العهد العثماني اسم قصر "آل رضوان" نسبة إلى أسرة رضوان التي حكمت غزة ومعظم فلسطين قرنا ونصف القرن ما بين 1530 و1681.

وأقام نابليون بونابارت فيه خلال حملته على فلسطين عام 1799 ثلاث ليال للاستراحة قبل أن يكمل طريقه إلى عكا التي انهزم أمام أسوارها.

بقي القصر مقرا لولاة غزة في العصر العثماني إلى حين استيلاء البريطانيين عليها (1917-1948)، وجعلوا منه مركزا للشرطة، وحولوا غرفتين صغيرتين كانتا في قبوه إلى سجن؛ خصصوا الأولى للنساء، والأخرى للرجال.

وبعد تقسيم فلسطين، أصبح قطاع غزة خاضعا للإدارة المصرية (1948-1967)، وخلالها حوّل القصر إلى مدرسة أطلق عليها اسم "الأميرة فريال" تيمنًا باسم ابنة الملك فاروق.

وبعد ثورة 23 يوليو/تموز 1952 وخلال حكم جمال عبد الناصر، تغيّر اسم المدرسة إلى "فاطمة الزهراء" الثانوية للبنات، وبقي كذلك حتى عام 2000، حينما أدرجته السلطة الفلسطينية ضمن المباني الأثرية.

حجرة من حجرات قصر الباشا المقام عليها المعرض (الجزيرة) هندسته المعمارية

تمتزج في القصر فنون العمارة خلال العهدين المملوكي (1260م-1516م​) والعثماني (1516-1917). وتظهر البصمات المعمارية لكل عهد من خلال نوعية الحجارة المستخدمة في كل طابق، حيث اعتمد المماليك على الحجارة الرملية (الكركار) في تشييد الطابق الأرضي، في حين استخدم العثمانيون الحجارة الصخرية والجيرية في بناء الطابق الأول.

يتكوّن القصر من مبنيين، الأول كان يسمى في العهد العثماني "سلاملك" (وهو لفظ يطلق على الجزء المخصص للرجال) وهو الذي تحوّل إلى متحف، و"الحرملك" (ويطلق على الجزء المخصص للنساء) وقد أصبح مبنى للإدارة.

تتزين واجهتا المبنيين وأعتاب مداخلهما بأشكال مختلفة من الأطباق والنجميات والمقرنصات والزخارف الإسلامية النباتية من قبيل "نبتة السنبلة"، والزخارف الهندسية وأبرزها "السداسية والثمانية".

يوجد على جانبي الباب الخاص بمبنى السلاملك نقش أسدين، وهو الشعار الذي اتخذه السلطان بيبرس لدولته، ويحمل كل واحد منهما نقوشا عربية منها "لا إله إلا الله محمد رسول".

وتحتفظ الغرفة الكبيرة في الطابق الأول -وكانت مقرا للسلطان في العصر العثماني- بحجارتها الأرضية الأصلية المصنوعة من الرخام، فضلا عن احتفاظ عتبات الأبواب برخامها الطبيعي.

أما أبواب القصر، فاتخذت من الأعلى شكل القوس، وصممت أسقف الطوابق الأرضية على شكل القباب التي كانت تشتهر بها العمارة المملوكية. كما أضاف العثمانيون بصمتهم في القصر فدعموا القباب بجرار فخارية من المنتصف.

اهتم المماليك والعثمانيون بإنشاء خزائن داخل غرف القصر تشبه في تصميمها شكل الشبابيك، كانت تُخصص لتخزين الملابس أو الأغراض الأخرى.

أحد سلالم قصر الباشا المؤدي إلى حجرات الطابق الثاني (الجزيرة) الترميم

بعد اتفاق أوسلو تسلمت السلطة الفلسطينية قصر الباشا، وأدرجته وزارة السياحة والآثار ضمن المباني الأثرية، ورممته عام 2005، ثم حولته إلى متحف للآثار عام 2010.

شهد القصر أشغال ترميم أخرى مهمة ضمن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتمويل من البنك الألماني للتنمية. واستمرت عملية الترميم على مرحلتين، شملت المرحلة الأولى عام 2012 تركيب أبواب ونوافذ وبوابات جديدة، وترميم الواجهة وإجراء إصلاحات وتعديلات خفيفة على المبنى داخليا.

أما المرحلة الثانية عام 2015، فتضمنت معالجة جدران القصر الداخلية والخارجية، ومن ثم قصارتها ودهانها، بصورة تحفظ لها طابعها الأثري القديم.

وأزال العمال في هذه المرحلة طبقات سميكة من الجبس كانت تغطي الجدران الأصلية وتخفي تفاصيل معمارية بما في ذلك الكوات المقوسة والنوافذ بين الغرف، وغطى فريق العمل الأقبية المتقاطعة للقصر بمزيج خاص من الطين المسحوق والرمل والجير، وهو مصمم لسحب الرطوبة من الحجر الرملي الناعم الذي يتكون منه المبنى.

أعيدت الأرضية إلى حالتها السابقة، إذ كان المشرفون على القصر خلال فترة استخدامه مدرسة قد استبدلوا البلاط القديم للمبنى ووضعوا آخر أكثر حداثة مكانه. واستعان فريق الترميم بحرفيّ متخصص في صناعة بلاط الأرضيات الفلسطيني التقليدي.

متحف القصر

بعد أن تحوّل القصر إلى متحف عام 2010، خصصت 5 غرف لعرض المقتنيات الأثرية من عملات نقدية وأدوات فخارية وأباريق نحاسية وقطع برونزية وحديدية وغيرها.

وقسمت هذه الغرف وفق العصور، الأولى للعصر الروماني، والثانية للعصر البيزنطي، والثالثة لعرض زينة النساء خلال كل العصور، أما الرابعة فخصصت لعرض الأحجار والأعمدة والتيجان الضخمة، وأما الخامسة فتحتوي على القطع الأثرية التي تعود إلى العصر الإسلامي.

ومن القطع المهمة التي يعرضها المتحف قطعة فخارية رسم عليها طائر "البجعة" تعود للعصر "الفلستي"، ومخطوط "مزامير داود" وعمره نحو ألفي عام وكتب باللغة الأرمينية القديمة، وهو من المخطوطات الوحيدة في العالم ويضم تسابيح وتهاليل وترانيم سيدنا داود.

ويضم المتحف أيضا مخطوطا للمصحف الكريم مصنوعا من ورق البردي ويعود للفترة العثمانية.

التدمير

تعرض القصر لأضرار جراء القصف البريطاني له إبان الحرب العالمية الأولى، حيث كانت غزة ميدانا لمعركة عنيفة بين الجيشين البريطاني والعثماني عام 1917.

كما تعرض للتخريب والإهمال خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي، وفي الثمانينيات تعرض لحريق متعمد أضرمه بعض المستوطنين.

قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي القصر الأثري في ديسمبر/كانون الأول 2023 خلال عدوانه على غزة الذي بدأه في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أدى إلى هدم أجزاء كبيرة منه وتحوله إلى خراب لم يشهده مند تشييده قبل سبعة قرون.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: قصر الباشا إلى متحف الأول 2023

إقرأ أيضاً:

حاتم صلاح يروي أسباب اختياره قصر محمد علي لإقامة حفل زفافه فيه

حكى الفنان حاتم صلاح عن تفاصيل جديدة تخص يوم زفافه، كاشفًا أن كتب الكتاب والحفل أُقيموا في اليوم نفسه داخل قصر محمد علي، في أجواء جمعت بين الطابع المصري الأصيل والفخامة التاريخية.

تصريحات حاتم صلاح 

 

وقال حاتم صلاح، خلال لقاء له في برنامج "صاحبة السعادة" على قناة DMC، إن الاحتفال كان بالقرب من شجرة أثرية يزيد عمرها على 1400 عام، ومع حديقة القصر التي شكّلت خلفية مميزة للفرح.

 

وأضاف أنه كان يفكر في تأجيل الزفاف لما بعد شهر رمضان بسبب انشغالاته، لكن بعد العثور على موعد مناسب داخل القصر، قرر مع زوجته إقامة الحفل في نفس اليوم دون تردد.

 

وأشار إلى أن اختياره لقصر محمد علي جاء لرغبته في مكان يحمل الطابع المصري الأصيل، فيما قالت زوجته إنهما كانا يفاضلان بين القلعة والقصر، لكن بمجرد أن تجولا بداخله وتأملا جمالياته، اتفقا سريعًا على اختيار القصر لإقامة الحفل.

 

كما حكى حاتم صلاح موقفًا طريفًا مع صديقه الفنان مصطفى غريب، الذي صادف  عيد ميلاده يوم زفافه، وعلق ضاحكًا: "يوم فرحي كان يوم عيد ميلاده، كلّمته وقلت له على المعاد، قالي ده عيد ميلادي، قولتله لو ينفع أغير اليوم كنت غيرته".

 

وأضاف: "دخل معانا الفرح وغنى ورقص، وطلب أغنية مخصوص للرقص عليها، وقلع البدلة ورقص بشكل هيستيري"، مؤكّدًا أن حضوره أضفى أجواء مرحة ومميزة على الحفل.

مقالات مشابهة

  • أهمية الحفاظ على الآثار التي يعود بعضها إلى العصر الإسلامي
  • الوزير الأول يترأس اجتماعا للحكومة.. وهذه الملفات التي تم دراستها
  • دعوات لإضراب في متحف اللوفر احتجاجا على تدهور أوضاعه
  • مسؤول أمريكي يكشف لـCNN عدد التأشيرات التي ألغتها إدارة ترامب والأسباب
  • ما موقف ألمانيا من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة؟
  • «حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»
  • أونروا: إسرائيل طرف في اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة التي تنص على حرمة المقار الأممية
  • حاتم صلاح يروي أسباب اختياره قصر محمد علي لإقامة حفل زفافه فيه
  • قائد قوات قسد: تهديد داعش لا يزال قائماً.. و 2026 سيكون مفصلياً للشرع
  • وزير الخارجية السوري: قلقون من سياسات إسرائيل التي تتعارض مع استقرارنا