نظمت مديرية الأوقاف بالفيوم برئاسة الدكتور محمود الشيمي وكيل الوزارة احتفالا بليلة النصف من شعبان وذكرى تحويل القبلة، بمسجد ناصر الكبير بمدينة الفيوم.

  يأتي هذا في إطار الدور التثقيفي ونشر الفكر الوسطي المستنير الذي تقوم به مديرية أوقاف الفيوم ؛وضمن جهودها الدعوية خلال شهر شعبان المبارك.  

  جاء ذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وتحت إشراف الدكتور محمود الشيمي وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم، وبحضور الشيخ يحيى محمد مدير الدعوة بالمديرية، والشيخ علاء محمود مدير شئون الإدارات بأوقاف الفيوم، والشيخ عمر محمد عويس مدير إدارة أوقاف بندر أول الفيوم، والشيخ جمعة عبد الفتاح إمام مسجد ناصر الكبير بالفيوم متحدثا، والشيخ فتحي جاد الرب مسئول الإرشاد الديني بالمديرية مقدما، والشيخ محمد منجود الشرقاوي قارئا، والشيخ سيد علي حسن مبتهلا، وعدد من أئمة الأوقاف والقيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة.

 

 وخلال الاحتفال هنأ الشيخ جمعة عبد الفتاح إمام مسجد ناصر الكبير بالفيوم، الشعب المصري، والأمتين العربية والإسلامية، بليلة النصف من شعبان وذكرى تحويل القبلة، سائلاً الله (عز وجل) أن يعيد هذه الأيام المباركة على الشعب المصري كله وعلى الأمتين العربية والإسلامية وعلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وعلى البشرية جمعاء بالخير واليمن والبركات.  

كما أشار إلى أن من الأحداث المُهِمَّة التي وقعت في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وقد كانت القبلة في بداية فرض الصلاة تجاه بيت المقدس، حيث صلى نبينا (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه تجاهه نحو ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان (صلوات ربي وسلامه عليه) يدعو ويتمنى أن تكون وجهته في صلاته إلى بيت الله الحرام، فقلبه معلق بمكة‏، يمتلئ شوقا وحنينا إليها‏، إذ هي أحب البلاد إليه‏، وبعد أن استقر (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة المنورة‏، ظل متعلقا بمكة المكرمة مقلّباً وجهه فى السماء، يترقب الوحى الربانى، حتى أقرَّ الله عينه وأعطاه مُناه وحقق مطلوبه، فأرضاه الله (عز وجل) بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام‏، فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة‏، ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان، ونزل قول الله تعالى: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ"، فلم يقل الله: فلنولينك قبلةً نرضاها، وهذا بيان لمكانة النبي (صلى الله عليه وسلم) عند ربه، وهو مصداق قوله تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"، وهو (صلى الله عليه وسلم) لا يرضـى إلاّ بما يرضى به الله. 

  وأوضح إمام مسجد ناصر الكبير أن التحول الى المسجد الحرام يعود بالانسان إلى أصل القبلة، فقد قال المولى (عز وجل): "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ"، فهي دائرة بدأت بآدم مرورا بإبراهيم حتى عيسى (عليهم السلام) ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم (صلى الله عليه وسلم)، ‏ فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال‏، وقد عزز هذا الحدث الجليل تأييد الرابطة الوثيقة بين المسجدين المسجد الحرام والمسجد الأقصى‏،‏ فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قطع فيها مسافة زمانية قصر فيها الزمن أو طال‏،‏ فقد كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية‏،‏ الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات‏،‏ إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق‏، يقول سبحانه: "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ". 

  إمام مسجد ناصر بالفيوم: القبلة الحقيقية حيث نتوجه بحركاتنا وسكناتنا إلى الحق  

 وأضاف أن القبلة الحقيقية حيث نتوجه بحركاتنا وسكناتنا إلى الحق، القبلة الحقيقية حيث نحقق الاستجابة للأمر والامتثال له سبحانه متى أمرنا، وحيث أمرنا، وكيف أمرنا، وليس في ذات الشرق أو الغرب، فجميع الجهات مِلْكٌ له سبحانه، لا فضل لجهة على جهة إلا بتفضيل الله، ونحن عبيد الله، فحيث وجه سبحانه وتعالى نبيه وأصحابه إلى بيت المقدس توجهوا، وحيث وجههم إلى بيته الحرام توجهوا ، ونحن على هديهم نسير في السمع والطاعة لله (عز وجل) ، "قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"، فوراء الوجهة الحسية التي نحن مأمورون بها هناك وجهة أخرى هي الوجهة المعنوية التي تتمثل في حسن القصد وحسن التوجه إلى الله (عز وجل)، إذ الله يقول: "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ"، ذلك أن ميزان الاستقامة الحقيقي، وهو الاستشعار الحقيقي لمعنى الخشية، وهو التحقيق العملي لقوله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"، وكان من دعاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) في مفتتح صلاته: "وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ"،  سائلا الله عز وجل أن يفيض علينا واسع رحمته في هذه الأيام الطيبة المباركة ، وأن يرفع الكرب عن أشقائنا المكروبين في غزة وفلسطين ، وأن يرد إلينا أقصانا ردًا جميلاً ، وأن يحفظ مصر ورئيسها وجيشها وشرطتها وأهلها أجمعين من كل سوء ومكروه. 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أوقاف مسجد ناصر الفيوم مسجد ناصر الكبير تحويل القبلة الأوقاف بوابة الوفد جريدة الوفد صلى الله علیه وسلم المسجد الحرام تحویل القبلة عز وجل

إقرأ أيضاً:

حكم مصافحة المصلين بعد الصلاة شرعًا

الصلاة.. أثبتت النصوص مشروعية المصافحة بأصلها في الشرع الشريف، وإيقاعُها عقب الصلاة داخلٌ في عموم هذه المشروعية؛ فهي مباحة أو مندوب إليها على قول بعض العلماء، مع ملاحظة أنها ليست من تمام الصلاة، وعلى مَن قلَّد القول بالكراهة أن يُراعيَ أدب الخلاف في هذه المسألة ويتجنب إثارة الفتنة وبَثَّ الفُرقة والشحناء بين المسلمين بامتناعه مِن مصافحة مَن مَدَّ إليه يده مِن المصلين عقب الصلاة.

بيان حكم مصافحة المصلين بعد الصلاة والرد على بعض المغالطات:

ومن المقرر شرعًا أنَّ المصافحة من الأفعال المسنونة التي تُغفر بها الذنوب، وتُحَط بها الأوزار؛ فعن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا» أخرجه أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وابن ماجه في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف".

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ، تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"، وابن شاهين في "الترغيب"، والمنذري في "الترغيب والترهيب"، وقال بعده: "رواه الطبراني في الأوسط، ورواته لا أعلم فيهم مجروحًا".

مشروعية المصافحة بعد الصلاة:

ومن ذلك ما أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا، وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ».

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَسَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَتَصَافَحَا كَانَ أَحِبَّهُمَا إِلَى اللهِ تَعَالَى أَحْسَنُهُمَا بِشْرًا لِصَاحِبِهِ» أخرجه الإمام البيهقي في "شعب الإيمان".

فهذه الأدلة بمجموعها تدل على مشروعية المصافحة بعد الصلاة والحث عليها، وعلى ذلك جمهور العلماء سلفًا وخلفًا:

قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (8/ 292، ط. دار الكتب العلمية): [على جواز المصافحة جماعة العلماء من السلف والخلف، ما أعلم بينهم في ذلك خلافًا] اهـ.

وهذه الأدلة وغيرها من النصوص جاءت مطلقة، ومن المقرر في علم الأصول أنَّ الأمر المطلق يقتضي العموم البدلي في الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة، وإذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة العموم أو الإطلاق فإنه يؤخذ على عمومه وسعته، ولا يصح تخصيصه ولا تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل، وإلا كان ذلك بابًا من أبواب الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

كما أن فِعْلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أفراد العموم الشمولي أو البدلي ليس مخصصًا للعموم ولا مقيدًا للإطلاق ما دام أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يَنْهَ عما عداه، وهذا هو الذي يعبر عنه الأصوليون بقولهم: الترك ليس بحجة؛ أي أن ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمرٍ ما لا يستلزم منه عدم جواز فعله.

حكم المصافحة بين المصلين بعد الصلاة وأقوال الفقهاء في ذلك

أما عن حكمها في خصوص فعلها بعد الصلاة فإن وُرُودَ الأمر بعموم مشروعية المصافحة بين الناس عند كلِّ لقاء، دون تقييدها بوقتٍ دون وقتٍ، يقتضي كونها سُنَّةً مشروعةً بين المصلِّين عقب الصلوات الخمس وعند كلِّ صلاةٍ، وهذا ما فهمه المسلمون وجرى عليه عملهم جيلًا بعد جيل، وتتابعوا عليه في كثير من الأعصار والأمصار من غير إنكار، وتواردت على سُنِّيَّتِهِ أقوال الفقهاء من المذاهب الفقهية المتبوعة.

قال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 530، ط. دار الكتب العلمية): [وكذا تُطلب المصافحة؛ فهي سُنَّة عقب الصلاة كلها، وعند كل لُقِيٍّ] اهـ.

 

 

مقالات مشابهة

  • أدب الاختلاف
  • عبد الله السعيد وأيمن أشرف والشيخ ضمن أبرز المتواجدين في اختبارات الدفعة الـ18 في دبلومة فيفا
  • حكم مصافحة المصلين بعد الصلاة شرعًا
  • مدارس الفيوم تحتفل بافتتاح المتحف المصري الكبير
  • أوقاف الفيوم تنظّم ندوة لتوعية الأطفال بمخاطر التنمر وتعزيز الأمل
  • حكم تأخير الحج مع الاستطاعة
  • دعاء الذهاب للعمرة .. ردده بيقين يرزقك الله زيارة بيته الحرام
  • أوقاف الفيوم تنظم ندوة توعوية حول أخلاقيات التعامل اللائق مع السائح
  • أوقاف الفيوم تنظّم ندوة توعوية حول "أخلاقيات التعامل اللائق مع السائح"
  • اللقمة الحرام تمنع قبول العمل.. (فيديو)