صنعاء- شهدت العاصمة اليمنية -ليلة وفجر الأحد- غارات أميركية بريطانية اهتزت لها الأحياء السكنية وأفزعت المواطنين اليمنيين، واعتبرها خبراء من أشد الغارات العنيفة منذ 12 يناير/كانون الثاني الماضي.

وطالت الغارات الجوية، التي استخدمت فيها قوة تفجيرية كبيرة، عشرات المواقع العسكرية اليمنية في أنحاء صنعاء، والتي تعرضت للقصف مرارا وتكرارا خلال السنوات الماضية، لكن اللافت هذه المرة استهداف مصنع للمبيدات الحشرية متوقف عن العمل، مما أشعل حرائق كبيرة أثارت الهلع في أوساط المواطنين بالأحياء المجاورة له، خاصة التلفزيون والنهضة والجراف.

وتناقل المواطنون صور ومقاطع فيديو الغارات التي أيقظت النائمين وأفزعت الأطفال، وتحدث آخرون عن تعرضهم لإصابات وجروح نتيجة تهشم زجاج نوافذ المنازل القريبة من المواقع المستهدفة، ولم يعلن عن سقوط ضحايا مدنيين من قبل السلطات في صنعاء.

نائب المتحدث العسكري للحوثيين: نحن لم يعد لدينا ما نخسره (الجزيرة) حفظ ماء الوجه

وفي تصريح خاص للجزيرة نت، اعتبر نائب المتحدث العسكري لقوات أنصار الله الحوثيين العميد عزيز راشد أن "الضربات الأميركية ما هي إلا رسائل أخيرة من أجل الحفاظ على ماء وجهها الذي أُهدر في البحر الأحمر وفي قطاع غزة".

ورأى أن هذه الضربات "ربما ستكون ما قبل الأخيرة، لأن الولايات المتحدة الأميركية عبرت عن عجزها الكامل في كبح جماح القوات المسلحة اليمنية".

وقال العميد إن "الكيان الصهيوني ورط أميركا في اليمن، حيث تفاجأت واشنطن بقوة عسكرية يمنية تمتلك صواريخ ذكية جوالة وسريعة تنطلق من العمق البري اليمني ومن سطح البحر، إضافة إلى الغواصات البحرية المسيرة، التي تمتلك كشفا راداريا كاملا وتتبعا بحريا وجمع معلومات عن هوية السفن المتجهة للكيان الصهيوني، بالإضافة إلى حسن إدارة غرفة التحكم والسيطرة اليمنية".

واعتبر المسؤول في جماعة الحوثي أن ذلك "شكّل عجزا أميركيا كاملا على صد هجمات القوات اليمنية، وأن هذه الإمكانيات اليمنية تعود لامتلاكها تكنولوجيا صينية معقدة".

وبشأن دور سلاح الغواصات المسيرة التي تحدث عنها زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي، قال راشد إن "لها دورا مفاجئا في مباغتة السفن والبوارج، وهو سلاح متخفٍ ويشبه الطائرات المسيرة، وهذا ما سيزعج أميركا وحلفاءها، حيث عجزوا عن التصدي للصواريخ والطائرات المسيرة فما بالك بالغواصات المسيرة".

ولفت العميد إلى أنه "كلما تواجدت سفن كثيرة في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن، كانت عرضة للاستهداف، سواء بالمسيرات والصواريخ والغواصات البحرية، وهذا لتميز القدرات اليمنية التي منعت أي سفينة من الوصول إلى ميناء أم الرشراش (إيلات) في فلسطين المحتلة".

"أعمال تكتيكية"

كما أكد أن "هناك خطورة على المدمرات والبوارج العسكرية المتواجدة في البحر الأحمر، وأيضا على سفن النفط الأميركية والبريطانية بجانب الإسرائيلية، وجميعها باتت في مرمى القوات اليمنية، وهو ما أصابهم بالذعر".

وحول ذهاب بريطانيا إلى الصين من أجل الوساطة لحمل "أنصار الله" على وقف استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أكد العميد عزيز راشد أن "عمليات أنصار الله ستتصاعد بشكل كبير وأوسع وقد تشمل القرن الأفريقي والمحيط الهندي حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما أكد قائد الجماعة عبد الملك الحوثي".

وأضاف قائلا "ما نزال حاليا في مرحلة الأعمال التكتيكية التي تستهدف القوات الأميركية والبريطانية، وهي أعمال غير مكلفة لنا، حيث بصواريخ لا تكلف 10 إلى 20 ألف دولار نضرب أهدافا تفوق قيمها 150 مليون دولار، لذلك الأميركان في ورطة كبيرة جدا، كما وصلت حالة الخسائر الصهيونية الاقتصادية إلى 20% من خلال منع السفن الإسرائيلية من المرور عبر البحر الأحمر".

ولم يستبعد العميد راشد أن تستهدف الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا منشآت مدنية في اليمن، وقال "إن هذا يعبر عن كذبهم وطبيعتهم الإجرامية، حيث سبق لهم واستهدفوا الأماكن المدنية في العراق وليبيا وأفغانستان".

وأضاف "سيكون هناك استهداف متصاعد ضد العنجهية الأميركية ونحن لم يعد لدينا ما نخسره، وقدرات القوات المسلحة اليمنية ليست في المدن، بل في أماكن مخفية ولن تستطيع أميركا الوصول إليها، ولا تمتلك أي معلومات استخباراتية تفيدها في هجماتها الجوية والصاروخية على صنعاء".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر أنصار الله

إقرأ أيضاً:

البحرية اليمنية…إنقاذٌ إنساني في قلب المعركة، ورسالة رادعة من عمق البحر

 

في مشهدٍ يُجسّد التقاء القيم الإنسانية بالصلابة العسكرية، وزّع الإعلام الحربي اليمني مشاهد مصوّرة لعملية بحث وإنقاذ نفذتها القوات البحرية اليمنية لطاقم السفينة «إترنيتي سي»، بعد أيام من استهدافها وإغراقها في التاسع من يونيو نتيجة خرقها قرار الحظر البحري المفروض على موانئ الكيان الصهيوني.

لم تكن العملية مجرّد ردع عسكري ينتهي بإغراق هدف معادٍ فحسب، بل امتدت لتُبرز جانبًا آخر من أخلاقيات المعركة اليمنية، وهو الالتزام الإنساني تجاه الأرواح، حتى وإن كانت من طاقم سفينة اخترقت الحظر وتعاونت مع عدو الأمة. وعلى مدى يومين متواصلين، خاضت فرق البحرية اليمنية عملية بحث معقدة وسط أمواج البحر المفتوح، حتى تمكنت من إنقاذ 11 فردًا من طاقم السفينة، بينهم جريحان تلقيا الرعاية الطبية اللازمة، في حين تم انتشال جثة أحد أفراد الطاقم من داخل السفينة قبل غرقها، ونُقلت إلى ثلاجة مستشفى ميداني.

إن ما كشفته المشاهد المصوّرة من لحظات الإنقاذ، يعكس بجلاء أن العمليات العسكرية اليمنية لا تنطلق من نزعة عدوانية أو عقلية انتقام، بل من رؤية منضبطة تُحكمها القيم والمبادئ، وتوازن بين مقتضيات الحرب وضرورات الإنسانية. هذه هي المدرسة التي تخرّج منها المجاهدون اليمنيون، الذين لم تمنعهم قسوة المواجهة ولا حرارة الميدان من الالتفات إلى الجريح والناجي، أياً كان انتماؤه أو موقعه.

وفي تسجيلات موثّقة، أدلى طاقم السفينة باعترافات صريحة، مؤكدين أن «إترنيتي سي» كانت متجهة إلى ميناء أم الرشراش (إيلات) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في مهمة تجارية لصالح الكيان الصهيوني، انطلاقًا من ميناء بربرة في الصومال، في حين تم إدراج ميناء جدة السعودي كوجهة ظاهرية لغرض التموين والتمويه.

لم تكتفِ هذه الاعترافات بتأكيد مشروعية العمل العسكري اليمني، بل حمَلَت معها إدانة ضمنية للكيان الإسرائيلي ولكل من يتعاون معه تجاريًا، إذ وجّه أفراد الطاقم رسائل واضحة وصريحة إلى شركات الملاحة الدولية: «توقفوا عن المتاجرة مع إسرائيل، فالبحر لم يعد آمنًا لمن يخترق قرارات الشعوب الحرة ويستخف بدماء الفلسطينيين.» كما لم يتردد أفراد الطاقم في التعبير عن اعتذارهم للشعب الفلسطيني، مؤكدين أن ما حدث لم يكن خيارًا شخصيًا لهم، بل قرارًا فُرض عليهم في إطار العمل التجاري الدولي.

إن هذا التطور النوعي، الذي يجمع بين البعد الإعلامي والعسكري والإنساني، يؤكد أن البحرية اليمنية لم تعد مجرد قوة دفاعية تحرس المياه الإقليمية، بل أصبحت قوة إقليمية فاعلة ترسم خطوطًا حمراء وتفرض معادلات جديدة في قلب البحر الأحمر وخليج عدن. فلم تكن عملية استهداف «إترنيتي سي» مجرد ضربة عسكرية فحسب، بل كانت رسالة استراتيجية مزدوجة: واحدة موجهة للعدو الصهيوني بأن الحصار لن يمرّ، والأخرى موجهة لكل من يتعامل معه بأنهم تحت طائلة الاستهداف.

لقد غيّرت هذه العملية قواعد الاشتباك، وأعادت تعريف مفهوم السيادة البحرية في زمن الصراع الشامل. فاليمن، رغم العدوان والحصار، لم يتخلّ عن مسؤوليته القومية، بل تصدّر مشهد الردع البحري دفاعًا عن فلسطين وعن كرامة الأمة، في الوقت الذي صمتت فيه أنظمة تمتلك أساطيل بحرية وجوية لكنها رهنت إرادتها للوصاية الأجنبية.

إن رسالة طاقم السفينة، التي بثّها الإعلام الحربي، لم تكن عابرة، بل تعبّر عن حجم التأثير اليمني في وعي الأعداء والمتواطئين، وتؤكد أن من يخاطر بالإبحار نحو موانئ الاحتلال، يخاطر بمصيره وسمعته وربما بحياته.

وفي المحصلة، فإن عملية «إترنيتي سي» لم تكن مجرد نجاح أمني أو عسكري، بل نموذج متكامل لعملية نوعية جمعت بين الحسم والرحمة، وبين الصرامة والإنقاذ، لترسل إلى العالم أجمع صورة ناصعة عن مقاومة تعرف متى تضرب، ومتى تُنقذ، ومتى تتحدث بلسان الأخلاق والمبادئ.

هذه هي اليمن… تصنع المعجزات في زمن الانحدار، وتُبحر بثقة من بحر العزة نحو شاطئ الحرية، حاملةً لواء القدس، وراية الأمة، وضمير الشعوب.

 

 

مقالات مشابهة

  • قيادي حوثي يهدد السعودية وأبو ظبي.. لا حصانة لمن يخدم نتنياهو
  • كامل ادريس والاعيسر ووالي البحر الأحمر يتفقدون مركز بورتسودان لغسيل الكلى
  • مركز أمريكي: العقوبات والحملة العسكرية الأمريكية يفشلان في وقف هجمات صنعاء
  • البحرية اليمنية…إنقاذٌ إنساني في قلب المعركة، ورسالة رادعة من عمق البحر
  • القوات اليمنية تنفذ 3 عمليات ضد الاحتلال بـ5 طائرات مسيرة
  • القوات المسلحة اليمنية تعلن تنفيذ ثلاث عمليات نوعية ضد أهداف إسرائيلية بطائرات مسيّرة
  • تحليل بريطاني: القدرات العسكرية اليمنية أربكت أمريكا و”إسرائيل”
  • القوات اليمنية: استهدفنا مطار “بن غوريون” بصاروخ باليستي
  • مقتل قيادي حوثي في اشتباكات مع أهالي عتمة بذمار
  • القوات اليمنية تستهدف مطار بن غوريون في يافا بصاروخ باليستي