وفاة أشهر محارب سرطان في بني سويف.. رحلة مرض استمرت 11 عاما
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
ملامح طيبة ووجه بشوش تميز بهما الشاب محمد طه أشهر محارب سرطان في بني سويف، الذي رحل عن عالمنا قبل ساعات، ليشكل خبر وفاته صدمة لمحبيه، فكان حسن الخلق طيب السيرة، لم يعهد عليه أحد إلا بشوشا راضيا، رغم إصابته بالمرض اللعين، الذي لم يمنعه عن المعافرة والمثابرة، إلا أن رحلته مع المرض قد انتهت، ليرحل تاركا ورائه إرثا كبيرا من المحبة في القلوب.
رحلة طويلة مع السرطان، خاضها الشاب محمد طه، ظل يعافر فيها حتى آخر نفس، إلا أن القدر لم يمهله مزيدا من الوقت، ليرحل ويُحزن الجميع على فراقه، إذ ودعه أحد أصدقائه، بمشاركة فيديو له وهو يؤذن بصوت عذب شجي، تخشع له القلوب حال سماعه.
محمد طه صاحب الـ25 عاما، أشهر محارب سرطان في بني سويف، كان يعمل مؤذنا في مسجد نور الاسلام، ورغم مرضه، حرص على مواصله عمله لآخر نفس، ليشاء القدر أن يصلى عليه في نفس المسجد الذي عمل به، ويشيع جنازته المئات من أهالي بني سويف، فكان محبوبا من الجميع وصدمهم خبر رحيله.
11 عاما يصارع المرض اللعينيقول رمضان فتحي، الذي كانت تجمعه علاقة طيبة بالشاب محمد طه محارب السرطان، لـ«الوطن»، إنه كان حريصا على التوافد إلى جمعية الوفاء والأمل لذوي الهمم منذ صغره، لافتا إلى أنه توفي في مستشفى سانت تريزا، بعد رحلة طويلة مع المرض استمرت نحو 11 عاما، أدت إلى بتر ذراعه الأيمن بسبب السرطان، مشيرا إلى أنه الابن الوحيد لأسرته، وتعمل والدته في الجمعية كمسؤولة عن العلاج الطبيعي.
ونعى أشهر محاربي السرطان ببني سويف، أحد أصدقائه عبر «فيسبوك»، إذ كتب عنه: «إنا لله وإنا إليه راجعون، توفى إلى رحمة الله تعالي أخويا وصاحب عمري، الخلوق الطيب أوي، المؤذن محمد طه بعد صراع طويل مع مرض السرطان، نحتسبه إن شاء الله من الشهداء».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سرطان وفاة محمد طه بنی سویف محمد طه
إقرأ أيضاً:
محمد شريف باشا.. الرجل الذي كتب دستور مصر الحديث
محمد شريف باشا، واحد من أعمدة السياسة المصرية في القرن التاسع عشر، وأحد الذين تركوا بصمة واضحة في تاريخ وطننا، ولد في فبراير 1826، بين إسطنبول والقاهرة حسب الروايات المختلفة، في بيت أصيل جمع بين العلم والسلطة.
حيث كان والده أحمد شريف باشا قاضيا وشيخ الإسلام في الآستانة، وعاش طفولته وهو محاط بالعلم والهيبة، مما غرس فيه قيم الوطنية والولاء لمصر منذ الصغر، ورغم أصله التركي، كانت مصر بالنسبة له أكثر من وطن، كانت حبه الأول وموطن رسالته السياسية والاجتماعية.
منذ نعومة أظافره، انخرط محمد شريف في مسار علمي وعسكري متميز، التحق بمدرسة الخانكة الحربية التي أنشأها محمد علي، وربطته الدراسة بصلة قوية بأسرة الخديوي، ما أتاح له فرصة نادرة للتعرف على صناع القرار منذ بداياته.
لم يقتصر طموحه على مصر فقط، بل سافر إلى أوروبا ليكمل تعليمه، حيث درس في باريس وسان سير، والتحق بالجيش الفرنسي وتدرج في الرتب العسكرية، حاملا طموحا كبيرا لخدمة وطنه بمجرد عودته.
كانت حياته العملية مليئة بالتحديات والمناصب المهمة، فقد خدم في عهد محمد علي وأبناءه، وشارك في بعثات دبلوماسية لتمثيل مصر في المحافل الدولية، وفي الوقت نفسه كان يتفانى في العمل الداخلي، سواء كناطر للأحكام أو وزير للخارجية أو الداخلية، وساهم في بناء مؤسسات الدولة الحديثة.
تميز شريف باشا بشجاعة نادرة في الدفاع عن استقلال مصر وكرامة مناصبه، ورفض الخضوع للضغوط الأجنبية، فكان الوزير المصري الوحيد الذي استقال حفاظا على هيبة منصبه عندما واجه ضغطا من لجنة التحقيق الأوروبية بشأن تسوية الدين العام.
تولى شريف باشا رئاسة الوزراء في مصر أربع مرات، وكل وزارة قادها كانت محطة هامة في بناء الدولة الحديثة، فقد أسس النظام الدستوري وأدخل مبدأ المسؤولية الوزارية أمام مجلس النواب، مؤسسا بذلك حجر الأساس للبرلمان المصري الحديث.
لم يكتف بذلك، بل أسس المدارس والمعاهد، نظم التعليم، واهتم بتأهيل الموظفين، مؤكدا أن مصر تحتاج إلى رجال مثقفين ومدركين لأهمية القانون والمؤسسات.
وقد أنشأ المدارس الهندسية، والمدرسة التجهيزية بالقاهرة، ومدرسة الحقوق، وأشرف على إصدار قوانين عسكرية لتحسين حياة الضباط والجنود، كلها خطوات عملية تعكس رؤيته الوطنية العميقة.
محمد شريف باشا لم يكن مجرد سياسي أو إداري ناجح، بل كان رمزا للوطنية والإخلاص لمصر، مقاوما لكل محاولات التدخل الأجنبي، محافظا على سيادة الوطن وكرامة الدولة.
كان يرفض الانصياع لمطالب القوى الاستعمارية مهما كان الثمن، وكان دائما يضع مصلحة مصر فوق أي اعتبار شخصي أو سياسي، هذا الموقف جعله محل احترام وإعجاب الشعب المصري، الذي رأى فيه نموذجا للقائد الوطني الذي يجمع بين الشجاعة والإخلاص والتفاني في خدمة وطنه.
رغم كل نجاحاته، لم ينس محمد شريف الحياة الشخصية، فقد تزوج من ابنة قائده سليمان باشا الفرنساوي، وأنجب أولادا وحفيدات، ليترك إرثا عائليا راسخا إلى جانب إرثه السياسي والاجتماعي.
وتوفي محمد شريف باشا في النمسا عام 1887، لكن محبته لمصر وأثره في تاريخها ظل حيا في قلوب المصريين، الذين شيعوه في القاهرة والإسكندرية تكريما لرجل قضى عمره في خدمة الوطن، يحمل لواء الوطنية والكرامة، ويترك للأجيال درسا خالدا في حب مصر والعمل من أجلها.
محمد شريف باشا، بكل بساطة، لم يكن مجرد رئيس وزراء أو سياسي، بل كان مثالا للوطنية الحقيقية، رجلا حمل على عاتقه بناء الدولة الحديثة، وتأسيس مؤسساتها، والدفاع عن استقلالها، مقدما نموذجا نادرا في التاريخ المصري، يجمع بين العقل، والإخلاص، والشجاعة، والحب العميق لمصر، ليظل اسمه مضيئا في سجل الوطنية المصرية إلى الأبد.