سودانايل:
2025-12-08@06:06:35 GMT

خطة أعمار السودان تحتاج إلى خارطة كنتورية حديثة

تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT

بقلم الصادق عبدالله أبوعيّاشة
خطة إعمار السودان
تحتاج إلى خارطة كنتورية حديثة
بقلم الصادق عبدالله أبوعيّاشة
أيها القارئ رأيك يهمني لتحسين الكتابة.
كنت يوماً أراجع في كتاب المرحوم السفير عطا الله حمد البشير (ذكريات وتجارب دبلوماسية)،
إذ يذكر أنه كان كان مديراً تنفيذيا بوزارة الخارجية، ذلك عندما أعلنت حكومة السودان حالة طواري الفيضان في عام 1988.

. وجاء المانحون بما جاءوا.. من طعام وكساء وخيام..
لكن المعونة الأمريكية جاءات بخريطة كنتورية للخرطوم للمساعدة في الخروج من تلكم الحالة الفيضانية.. ولسان حالها يقول حلّوا مشكلة الفيضان بايديكم.. فالمعرفة قوة..
كلمة كنتور، يقال أن أصلها طلياني. خط الكنتور يعني المناطق ذات الارتفاع المشترك. وأرجو أن يكون كل الناس على فهم واحد لما تعنيه كلمة كنتور.
في العقود الأخيرة ربما اختفت المفردة من أذهان الطلاب. إذ لم تعد الجغرافيا وعلم الخرائط تدرس في المدارس، وبالطبع لا تدرس في الجامعات، إلا المتخصص منها، وذلك قليل.
قطر مثل السودان بفترض أن تكون مادة الجغرافية مادة إجبارية وبكل أفرعها، الخرائط، الجيولوجيا والمعادن، الفلك، المناخ والبيئة، السكان والنشاط الاقتصادي. فمن لم يدرس الجغرافيا سيفقد أول ما يفقد الإتجاه. وثقل السودان جغرافية.
وأن تكون الجغرافية مادة أساسية في مطلوبات البكلاريوس حتى لدى طلاب الصحافة والقضاء والعلوم الشرعية.
والحاجة للجغرافية في العلوم الشرعية كثيرة، بدءا من مسافة القصر، إلى هطول المطر وجمع الصلاة، والمسح على الخفين وقت الشتاء، ورؤية الأهلة، وتقدير زكاة الزروع والركاز (التعدين)، وسقيا الماء ومشهورة قصة الإمامين ابوحنيفة النعمان ومالك في جمع الصلاة في المطر.. وكثير من القضاء.
بحمد الله قد تيسر لجيلنا دراسة الجغرافية، بدءا من خريطة الفصل، والبلدة والمنطقة عبر خرائط السودان إلى خرائط العالم. وعرفنا في دروس الجغرافيا الرياح والسحب وأحواض الأنهار وجريانها..
وتعلمنا الخرط الكنتورية، وعرفنا في حصص الأدب أن السيل حرب للمكان العالي. نعم عرفنا أن السودان هو حوض النيل الاوسط الذي يرتفع من الاطراف وينخفض في الوسط ويميل قليلا نحو الشمال ليمثل مجرى النهر. يمناه على اليسرى .. ويسراه على اليمنى..تبار ذلك المجرى..
ومدننا الرئيسة حوله لها قامات وارتفاعات في سطح الارض. فبورتسودان تجلس على حافة البحر بارتفاع ، بين (0-5) أمتار فقط عن مستواه.
وادي حلفا في اقصى الشمال بارتفاع 190مترا عن سطح البحر تليها (دنقلا 228م) ثم ترتفع عنها قليلا (كريمة 250م) ثم (أبو حمد 315م) و(عطبرة 345م) إلى (شندي 360 م) . الى (الخرطوم 380م) عند مقرن النيلين .. اهاهيها.. اهاهيها.. لتكون مفترق سطح الارض.
فالنيل الابيض على طول أكثر من اربعمائة كيلوتر جنوبا تكاد تكون كل مدنه في اتفاع واحد . كوستي ترتفع 386 متر (ستة امتار اعلى من الخرطوم) فوق سطح البحر.
بينما ود مدني القريبة من الخرطوم ترتفع عنها بتسعة عشر متر (ودمدني 405 م).
وسنار على النيل الأزرق والتي تقابل مدينة كوستي ترتفع عن الخرطوم يما يصل إلى اربعين مترا (سنار 420م) والدمازين بعدها ترتفع عن الخرطوم بخمسين مترا (الدمازين 470م).
وأعلى من الدمازين كل من كادقلي (500م) تماثلها كسلا في اقصى الشرق (كسلا 500م).
العجيب أن القضارف ترتفع عن كسلا المجارورة بمائة متر بالتمام والكمال (القضارف600).
أما الاعجب فالغرب كله عال . عروس الرمال على سهلها المنبسط قامتها أرفع من كل من ذكرنا من مدننا الحبيبة. الأبيض (570م) هي أعلى من كادقلي وأعلى من الدمازين وأعلى من النهود خلفها (النهود 565م).
نعم اكتشفت ذلك مبكرا عندما كنت افكر في سينارو خط أنابيب المياه من خزان الرصيرص إلى مدن مثل القضارف والابيض.
وأما العجب العجاب فنيالا أعلى (نيالا 675م) والفاشر رفعت حاجب الدهشة (الفاشر730م ) وتقف الجنينة في قمة المدن( الجنينة 805م).
وبهذا الكنتور تجلس الخرطوم في صرة أرض السودان .. تجري إليها الأنهار من حيث تدري ولا تدري.. لكن هناك متغيرات أخرى كثيرة غيرة معلومة.. ومنها الرياح ما الرياح.. راجع مقالي عن مناخ الخرطوم صورة تقريبية ..
ثم داخل الخرطوم كل أسطح المباني في ولاية الخرطوم أصبحت مرتفعات وكل الطرقات أصبحت منخفضات.. من يحسب لنا مساحة المرتفعات والمنخفضات داخل الخرطوم..
أكثر من ذلك اندثرت نهيرات الخرطوم الداخلية.. فحلة الغرقان هل تعلمون حلة الغرقان!!.. . حلة الرميلة.. أحد أشهر أحياء الخرطوم اندثر نهرها الذي خلفها. اليوم تقوم بناية حديثة تغلق مساره إلى النيل الأبيض..
وكذلك اختفى نهر خندق الخرطوم الشهير الذي جعله غردون بينه وبين ود النجومي.
وهناك ثمة نهر اختزل الأن إلى مجري لا يكاد يحرك ساكنا.. منخفض طريق الهوا الأتي من سوبا وحتى ابو أدم.. وكذلك الذي يحاذيه المار بجبرة إلى ود عجيب.
أما النهيرات الاخرى التي اندثرت منها الخور الذي شرق المطار الأتي من جنوب اركويت الذي يجري إلى بري المحس إلى جوار نادي الشرطة ويصب جوار محطة كهرباء بري..
وخندق غردون جوار جامعة الخرطوم.. حيث النفق الذي يغرق في كل عام .
ونهيرات أخرى كان يسلكها السقايين إلى النيل.. (راجع تاريخ الخرطوم .. ابوسليم،) والتي أصبحت طرقاً ممردة هي: شارع المك نمر.. شارع القضائية (شارع عبدالمنعم).. وشارع علي عبداللطيف إلى إدارة المرور..
أكثر من ذلك. فقدت الخرطوم فرصة إقامة بحيرة صناعية في منطقة الحزام الاخضر، كل منطقة الأزهري حتى أبو آدام والعزوزاب. يمكن أن تسحب لها مياه الامطار كل موسم، ثم تجفف قبل موسم المطر وتغلق حتى إذا فاض الماء.
فتح ويضخ إليها ماء الفيضان. ثم يتم تصريفه تحت السيطرة. ويمكن للبحيرة أن تكون فوائد أخرى إذا إديرت بعناية.
أما شرق النيل فلا تزال أنهاره المندثرة والمعترضة بواسطة الإنشاءات .. الترع والطرق والسكة الحديد.. لا تزال الكثير منها يثور، إن كان ذلك في مرابيع الشريف أو منخفض الدروشاب والكدرو، حيث أقيم محجر الكدرو. وشمالا حتى الجيلي..
الغريب في بحري أن خط تصريف مياه الصرف أنشأ تماما عكس الإنحدار.. من الوابورات وإلى ود دفيعة..
وأم درمان ما أم درمان.. خور (نهر) أبو عنجة، وفي منطقة شارع كرري المار بالمسالمةـ لي في المسالمة غزال، ببكي وبغني عليه.
وخور شمبات، ونهر جنوب بوابة الكلية الحربية. ونهيرات كثيرة تحتاج للبحث والتنقيب.. وإنشاءات أكثر تحتاج أن يعاد النظر فيها..
الآن تمددت مدينة الصالحة فوق مجرى يصب جنوب الجامعة. ومجاري مائية في المنطقة الشمالية الحتانة وسيرو وكرري لا تكاد تحمل أي قطرة ماء.
أكثر من ذلك هناك مرتفعات وجبال حول الخرطوم وبحري إن كانت في السليت أو جبل سركاب وغيره ومحاجر الرمل والحصى ردمت منتجاتها بعض بقاع الخرطوم بما في ذلك خنقت المجاري المذكورة وحتى النيل الازرق الآن مختنق تماماً...
سالت يوما.. مساعد شرطة من كبار السن... وقد توقفت الحركة تماما في مدخل كبري بري من ناحية بحري. .. اردت ان اجعل بيني وبينه صلة طيبة.. قلت له اليوم الحركة واقفة.. رد علي على الفور.. المسالة هندسة.. يا باشمهندس..
وفي مشاويري الكثيرة تلك (الليها وداني الزمن.. يا جنا.. من فراقنا لأرض الحنان الليلودة مرت كم سنة). كنت ابحث عن خريطة تنفيس النهر التي تركها لي الإنجليز قبل مغادرتها. وقد راحت بعد خروجهم ولم أجدها.
أما أنباء الفيضان في كردفان وانهيارات في طريق بارة وأخدود ظهر في الناحية الغربية من كردفان، وفيضان خور ابو حبل وغيره، واضح تماما أن كردفان هي هضبة عالية غير منظورة.
الأبيض أعلى من كادقلي وأعلى من القضارف وأعلى من كسلا، بل أعلى من الدمازين (غريبة دنيا) ... وبالطبع من ام درمان امامها..
ودارفور هي الاخرى أعلى من كردفان، حتى إن الجنينية ونيالا والفاشر أعلى من كل مدن السودان الرئيسية الأخري. ولا بد من التفكير بأن جبل مرة هو نافورة تنبع منه عدة أنهار تحتاج للاستثمار.
وجبال النوبة نافورة تنبع منها أنهار عديدة وأظهرها خور أبو حبل ووادي شلنقو وبطحا دميك وأم سردبة . ..
وبالطبع جنوب النيل الازرق نافورة الدنيا وخور دنيا..
ونافورة الهضبة الاثيوبية ترفد السودان بأنهار الدندر والرهد والاتبراوي والقاش وخور بركة.
وأنهار أخرى. تحتاج أن تدرس أحواضها وتصنع منها بحيرات ومستودعات تستوعب مياه الفيضان.
أما الجزيرة وما أدراك ما الحزيرة . فهي هضبة بين النيلين. للمتابع سيعرف أن اي موسم تزيد أمطاره عن المعدلات تفقد الجزيرة نحو ثلاثين ألف فدان في الأراضي المنخفضة غرقا وتستقطع من المساحات المخصصة.. راجع بحثي في النت عن المناقل 2068.
في الجزيرة ستبرز أسماء العقدة الحاج عبدالله في ريفي جنوب الجزيرة.. والعقدة الاخرى في منطقة الكريمت ومناطق الجاموسي وود الماطوري. ولم تشهد المصارف الكبرى في ود الحداد والبرياب والشكابات وود الشافعي وابوعشر وغيرها سحب للمياه يذكر. لانها لم يعد من يهتم بها.
أما العابر على طول طريق النيل الأبيض إلى ربك سيرى إبان كل فيضان بحيرات تمتد لمد البصر في نعيمة والكنوز ورقيق. وحتي خور كليكيز وكلها وديان تنحدر من جبل سقدي ومن الجبال البيض (سمتها لغة الخواجة الاعجمية جبل بيوت) ومن غيرها .. تلك كانت مراع خصبة الآن تعرف فقط وقت الفيضان.
كل المعلومات والتأملات وأكثر منها سيرفع سقف الآمال والطموحات إلى أن للسودان موارد مائية إهمالها يتسبب في كوارث بقدرتها التدميرية من ناحية وخسارتها كموارد متاحة سهلة.
استثمارها سيغير وجه الأرض. ولعمري ذلك لا يتم إلا إذا حشدت الموارد بدءا من الموارد البشرية من مخططين ومهندسين وتنفيذيين.
فالملاحظ أن السودان يخلو من كليات متخصصة في هندسة المياه ومعاهد للمياه.. ولا احد يتخصص في التصريف.. ولا في السباكة..
وبالطبع لدينا أحواض مائية جوفية ترقد في مناطق الحاجة إليها تماما. والسودان على إتساعه تم تخريطه جغرافيا وكنتوريا.
ومع التقنيات الحديثة بما فيها التلفون المحمول يمكن التعرف عل كل سمات الارض الكنتورية وهي حاسمة في تخطيط المياه.
أفاض علينا من نعمه. فكم يا ترى عدد مهندسينا المختصين وخريطة انتشارهم.
وكم خرط الكنتور المتاحة. الكبيرة والدقيقة، ربما حتى ٥٠ الى ١٠٠ متر.. وكم الاليات المتاحة. وكم.. كم كم وكم؟.
علوه وطن الجمال..
وكل عام وانتم بخير.
الصادق عبدالله أبوعياشة ، مارس 2024 الرياض
الصادق ابو عياشة مؤلف، باحث، صحفي مستشار مختص في الإدارة واستراتيجيات التنمية المستدامة، البيئة والتغيرالمناخي
فلله الحمد
Author, Researcher, Specialist and Advisor, Journalist
On Management and Sustainable Development,
Environment And Climate Change Strategies

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

في وقت قياسي: القوات الجنوبية تغيّر خارطة النفوذ والسيطرة في الشرق الجنوبي

شهدت محافظة حضرموت، كبرى محافظات جنوب اليمن، تحولات دراماتيكية خلال الأربعة الأيام الأولى من شهر ديسمبر الجاري، انتهت بسيطرة القوات المسلحة الجنوبية على مدينة سيئون، المركز الإداري والعسكري لوادي حضرموت، بعد سنوات من وجود قوات المنطقة العسكرية الأولى المحسوبة على حزب الإصلاح، الذراع المحلية لتنظيم الإخوان المسلمين.

وجاءت هذه التطورات ضمن عملية عسكرية واسعة حملت اسم "المستقبل الواعد"، وامتدت تداعياتها إلى محافظة المهرة وشبوة، وسط انشقاقات داخلية، واحتجاجات شعبية، وحراك سعودي لاحتواء الموقف.

هذا التقرير يرصد التسلسل الزمني للأحداث، بدءاً من شرارة التوتر الأولى التي انطلقت في سيئون في 30 نوفمبر، بالتزامن مع ذكرى الاستقلال، إلى الحسم العسكري وتغيير خريطة السيطرة في الشرق الجنوبي.

بداية التحولات

تُعيد كثير من الأطراف بداية التوترات إلى يوم 30 نوفمبر، ذكرى استقلال الجنوب، حيث تحولت المناسبة الوطنية إلى نقطة فاصلة في العلاقة بين الشارع الحضرمي وقوات المنطقة العسكرية الأولى.

فمع تدفق الحشود إلى سيئون للمشاركة في الفعالية، استحدثت المنطقة الأولى العديد من النقاط العسكرية التي أعاقت آلاف المشاركين من الوصول إلى موقع الاحتفال. ورغم الطوق الأمني والانتشار المكثف، تمكنت الجماهير من كسر الحصار وسط هتافات تطالب بـ"تحرير وادي حضرموت".

هذا المشهد أدى إلى انفجار غضب شعبي واسع. فبعد ساعات فقط، أعلنت مجموعات شبابية، من بينها "شباب الغضب"، الدعوة إلى اعتصام مفتوح في ساحة الستين بسيئون للمطالبة بإخراج المنطقة العسكرية الأولى وتمكين القوات المحلية من تأمين الوادي. غير أن قوات المنطقة الأولى واجهت الاعتصام بالقوة، واقتحمت الساحة مستخدمة الرصاص الحي لتفريق المعتصمين، مع تنفيذ اعتقالات ومصادرة كاملة للخيام.

زاد هذا القمع من تآكل شرعية المنطقة العسكرية الأولى في نظر الشارع، وترافق مع اتهامات متصاعدة للقوات بأنها أصبحت منفذاً للتهريب ومظلة لجماعات متطرفة.

وفي بيان رسمي، اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي هذه القوات بأنها "الرئة التي يتنفس منها الحوثي والإخوان والتنظيمات الإرهابية"، مؤكداً أن الجنوب "لن يكون ممراً للتهديدات الأمنية ولا مأوى للجماعات المتطرفة".

تزامن ذلك مع تصاعد الاحتجاجات في مناطق الساحل، والتي غذّتها أزمة خدمات خانقة، أبرزها انهيار شبه كامل في منظومة الطاقة بعد قطع إمدادات الغاز عن محطات التوليد. وكنتيجة لذلك، أعلنت شركة بترومسيلة توقف الإنتاج في القطاع (14) نتيجة "الأوضاع الأمنية المتدهورة"، محذّرة من مخاطر اشتباكات قرب المنشآت النفطية.

على وقع هذه الأزمات، برز اسم عمرو بن حبريش، وكيل حضرموت ورئيس حلف القبائل السابق، الذي قاد ما وصفه مسؤولون بـ"تمرد مسلح" عبر السيطرة على مواقع شركات نفطية مستغلاً حالة الغضب الشعبي. وفي مقابلة مع "BBC عربي"، برّر بن حبريش خطواته بأنها "لحماية المنشآت"، رافضاً مشروع "الجنوب العربي"، ومطالباً السعودية بالتدخل لوقف ما سماه "الانفلات".

لكن تصريحات بن حبريش قوبلت برد رسمي حاد من عضو رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج البحسني، الذي وصف تحركاته بأنها "عمل تخريبي"، محمّلاً قيادة المجلس مسؤولية تقاعسها في التعامل مع الملف في وقت مبكر.

كل هذه التطورات المتزامنة صنعت مشهداً يمكن القول إنه مهّد لمرحلة الحسم العسكري، الذي انتهى بإطباق السيطرة على مناطق الوادي وسقوط آخر معاقل الإخوان في الجنوب.

سقوط المنطقة العسكرية الأولى

مع دخول ديسمبر، بدأت ملامح مواجهة شاملة تتشكل. ففي يوم الثلاثاء الماضي، 2 ديسمبر، تحركت وحدات من القوات المسلحة الجنوبية باتجاه سيئون، في خطوة وصفتها مصادر عسكرية بأنها تهدف إلى "تأمين الوادي ووقف تغوّل المنطقة العسكرية الأولى". ونقلت قناة "عدن المستقلة" عن مصادر قولها إن قوات المنطقة الأولى استخدمت معتقلين كـ"دروع بشرية" في منطقة الغرف بتريم لعرقلة التقدم.

في خضم هذه التطورات، شهدت المنطقة العسكرية الأولى انفجاراً داخلياً غير مسبوق. فقد أكدت مصادر أن عشرات من أفراد كتيبة الحضارم أعلنوا انشقاقهم وانضمامهم للقوات الجنوبية، كما نقل مركز "سوث24". فيما رحبت القوات الجنوبية بهذه الخطوة، معتبرة أنها "تصحيح لمسار وطني" ومؤشراً على اهتزاز جبهة المنطقة الأولى من الداخل.

وفي صباح 3 ديسمبر، انطلقت رسمياً عملية "المستقبل الواعد". ووفق المتحدث باسم القوات الجنوبية المقدم محمد النقيب، فإن العملية تهدف إلى "تطبيع الأوضاع، وقطع طرق تهريب السلاح للحوثيين، والقضاء على الإرهاب".

وتقدّمت القوات بسرعة قياسية، حيث أظهرت مقاطع مصورة دخولها مدينة سيئون ورفع علم الجنوب على نقطة "شحوح" الاستراتيجية ثم نقطة "السويري" في تريم. وفي غضون ساعات، سيطرت القوات على "شارع الستين" والمباني الحكومية، قبل أن تعلن إحكام السيطرة على مطار سيئون الدولي، مع نشر مشاهد حصرية من داخله.

لكن التقدم لم يكن دون ثمن. فقد أكدت مصادر عسكرية سقوط ثلاثة قتلى من القوات الجنوبية خلال اشتباكات قرب المطار.

على المستوى الشعبي، أظهرت صور ومقاطع مصورة ترحيب سكان سيئون بدخول القوات، فيما خرجت مسيرات مؤيدة في الضالع وأبين، وسط دعوات إلى "تثبيت الأمن" و"إنهاء سنوات الفوضى".

وفي اليوم نفسه، وصل وفد سعودي رفيع إلى المكلا برئاسة اللواء محمد القحطاني، في محاولة لاحتواء التوتر. وأكد الوفد أن التحالف "لن يسمح بانزلاق حضرموت نحو الفوضى"، مشدداً على ضرورة إعادة الاستقرار.

ومع ساعات المساء، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي "السيطرة الكاملة" على سيئون، فيما وصف اللواء أحمد سعيد بن بريك ما حدث بأنه "فرصة تاريخية لتحرير الوادي، وبداية مسار لاستعادة الدولة الجنوبية".

إنجازات جنوبية متتالية

لم تتوقف تداعيات عملية "المستقبل الواعد" عند حدود حضرموت. ففي 4 ديسمبر، أعلنت قناة "عدن المستقلة" أن القوات الجنوبية تسلمت رسمياً قيادة محور الغيضة واللواء 137 مشاة في محافظة المهرة، إلى جانب النقاط الأمنية الرئيسية وميناء نشطون.

من جانبها، وجهت السلطات المحلية في المهرة بسحب كافة القوات الشمالية من نقاط المحافظة، وتكليف الشرطة العسكرية الجنوبية بقيادة محسن مرصع بتأمينها.

وبالتزامن مع تقدم القوات نحو الشرق، أعلنت القوات الجنوبية السيطرة على اللواء 23 ميكا في منطقة العبر بصحراء حضرموت، حيث ظهرت عناصرها وهي تحتفل داخل المعسكر.

وفي الساحل، استعادت قوات النخبة الحضرمية السيطرة على مواقع الشركات النفطية في الهضبة بعد انسحاب مسلحي عمرو بن حبريش، وقالت المنطقة العسكرية الثانية إنها صدت "هجوماً فاشلاً" للمسلحين، مؤكدة فرض "تأمين كامل" للمواقع الاستراتيجية.

كما برزت خلافات داخلية بين قيادات حلف القبائل التابع لبن حبريش حول الاتفاق مع السلطة المحلية، فيما أعلنت قيادة حضرموت التوصل إلى تفاهمات تقضي بوقف التصعيد والبدء بترتيبات انسحاب المسلحين من محيط الشركات.

وفي المهرة، أكد المجلس الانتقالي في تصريحات منفصلة أن "الأوضاع الأمنية مستقرة"، داعياً المواطنين للتعاون في "ضمان السكينة العامة".

ومع نهاية 4 ديسمبر، كانت خريطة السيطرة في شرق الجنوب قد تغيّرت جذرياً: سيئون تحت سيطرة القوات الجنوبية، المنطقة العسكرية الأولى منهارة، مراكز عسكرية في العبر والغيضة انتقلت للقيادة الجنوبية، والنفوذ القبلي المسلح الذي قاده بن حبريش يتراجع أمام تدخلات أمنية وسياسية سعودية ومحلية.

مقالات مشابهة

  • أخصائية: المرأة تحتاج رفع معدل الفيتامينات بجسمها لصحة شعرها
  • رئيس الوزراء السوداني: قصف محطة كهرباء الروصيرص بولاية النيل الأزرق خرق واضح للأعراف والقوانين الدولية
  • التمويل العقاري في مصر.. كيف أعادت المبادرات رسم خارطة السكن والاقتصاد؟
  • توريد 12حضّانة أطفال حديثة و11جهاز تنفس صناعي لحديثي الولادة لمستشفيات البحيرة
  • هجوم جديد للدعم السريع في ولاية النيل الأزرق بالسودان
  • مدرب السودان: مواجهة العراق تحتاج جهداً مضاعفاً
  • قرعة كأس العالم 2026.. كل ما تحتاج لمعرفته عن الحدث المنتظر
  • ألمانيا ردا على استراتيجية ترامب للأمن القومي: أوروبا لا تحتاج إلى نصائح من الخارج
  • السياحة تتقدّم على الحرب… لبنان يحجز مكانه على خارطة الموسم
  • في وقت قياسي: القوات الجنوبية تغيّر خارطة النفوذ والسيطرة في الشرق الجنوبي