(عملية سياسية تستثني المؤتمر الوطني وواجهاته) لماذا؟
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
(عملية سياسية تستثني المؤتمر الوطني وواجهاته) لماذا؟
بابكر فيصل
في أثر إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023 واستمرارها حتى اليوم، طفت على السطح دعوات لعقد “حوار سياسي شامل لا يستثني أحد”، والمقصود من هذه الدعوات بشكل مباشر هو إشراك حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية التابعة له في أية عملية سياسية تعقب عملية وقف إطلاق النار بين طرفي الحرب: الجيش والدعم السريع.
من جانب، يتمثل مصدر هذه الدعوات في أطراف عديدة متحالفة (علناً أو سراً) مع المؤتمر الوطني منذ سقوط نظام الإنقاذ وطوال فترة حكومة الإنتقال المنقلب عليها، ومن جانب آخر، هناك أطراف تعتقد بصدق أنه لا يمكن إيقاف الحرب إلا بعدم إستثناء المؤتمر الوطني من المشاركة في أية حل قادم للأزمة الوطنية بإعتبار أنه الطرف المتحكم في قرار الجيش ولا يمكن إنتزاع موافقة الأخير على وقف الحرب قبل أخذ الضوء الأخضر من الطرف الذي يتحكم في قراره.
وبغض النظر عن مصدر هذه الدعوات، الصادق منها والكاذب، فإنَّ الرفض لمشاركة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية التابعة له في أية عملية سياسية قادمة لا ينبع من رغبة في الإقصاء أو محاولة لإستئصال فكر معين كما يدعي بعض المغرضين، بل تقف وراءه أسباب موضوعية مرتبطة بالموقف من ثورة ديسمبر المجيدة وشعاراتها وقضية التحول المدني الديمقراطي في البلاد.
من ناحية، المؤتمر الوطني ليس حزباً سياسياً مدنياً طبيعياً، بل هو منظومة عسكرية وأمنية، وتنظيم قابض على بيروقراطية الدولة، ومن ناحيةٍ أخرى، فإنه حزب سيطر على دفة الحكم لمدة 30 عاماً ولم يقم حتى اليوم بكتابة سطر واحد ينتقد فيه تجربته السلطوية الفاسدة، بل هو يعتبر أن الثورة التي شارك فيها ملايين السودانيات والسودانيين ليست سوى إنقلاب عسكري على حكمه الشمولي المجرم.
هذا الكلام ليس مجرد تهويمات خيالية أو “كيزانوفوبيا” كما يسميها بعض المثقفين المتنطعين، بل هى حقائق يشهد عليها الواقع في مسار الحرب الحالية (كتائب البراء والبنيان المرصوص، هيئة العمليات الخ)، تشهد عليها كذلك الممارسات السلطوية في الولايات التي يسيطر عليها الجيش (المؤتمر الوطني) والتي تتمثل في القرارات السياسية وخطاب التعبئة والحرب الشعواء والملاحقات والتصفية التي تستهدف كل أطياف قوى الثورة من أحزاب سياسية ولجان مقاومة ولجان التغيير وشخصيات مستقلة.
إنَّ سيطرة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية على الدولة أمرٌ إعترف به رأس النظام في الفيديوهات التي سربتها قناة العربية في عام 2020 والتي قال فيها بصراحةٍ تامة: (الإخوان ليسوا في القيادة فقط، بل كل مفاصل الدولة يُسيطرون عليها, ومن يُعيبون علينا السيطرة على مفاصل الدولة، وأننا أتينا بالإخوان ومكنَّاهم أن يشاهدوا ما حدث للإخوان في مصر، لأنَّ كل مفاصل الدولة كانت ضدهم، لذلك أخرجوا من الدولة في يوم واحد) إنتهى.
إنَّ أكثر “مفاصل الدولة” التي سيطرت عليها الحركة الإسلامية هى المفاصل العسكرية والأمنية (الجيش، الشرطة، جهاز المخابرات) حيث ظلت هذه المفاصل تمثل “النواة الصلبة” للتنظيم والأداة المتقدمة لهزيمة أية مشروع وطني ديمقراطي، وقد تجلى ذلك بوضوح خلال الفترة الإنتقالية الموءودة التي مثلت فيها هذه الأجهزة وسيلة التعويق الرئيسية لمسيرة التحول الديمقراطي وليس أدل على ذلك من إنقلاب 25 أكتوبر.
الدعوات المغرضة لعدم إستثناء المؤتمر الوطني من العملية السياسية تتعمد الإغفال عن هذه الحقائق الساطعة المتمثلة في سيطرة الحركة الإسلامية على المؤسسات العسكرية والأمنية، وتتحاشى الإجابة على السؤال المهم و الصعب : هل يوافق المؤتمر الوطني على التخلي عن هذه “النواة الصلبة” ليصبح حزباً سياسياً طبيعياً يتنافس مع الأحزاب الأخرى وفقاً لقواعد اللعبة الديمقراطية؟
الإجابة الواضحة حتى الآن هي: لا. ولذا فإنَّ مشاركة المؤتمر الوطني في العملية السياسية تهدف في المقام الأول إلى تجاوز أية حديث عن “تفكيك نظام الثلا ثين من يونيو 1989” وهو البند الذي أشعلت الحركة الإسلامية بسببه الحرب المدمرة الحالية، وهو كذلك البند الذي تقوم بتوظيف جميع أدواتها السياسية والعسكرية والدبلوماسية والإقتصادية والإعلامية من أجل عدم تضمينه في أية عملية سياسية قادمة.
الحيلة التي يستخدمها المؤتمر الوطني والمثقفين المعطوبين الذي يوالونه والتي يُريدون الإلتفاف بها على بند التفكيك تتمثل في قولهم : “محاسبة الأفراد الذين إرتكبوا جرائم وفقا للقانون”، وهم يعلمون علم اليقين أنَّ القضية أبعد من فساد الأشخاص بل هى قضية “تمكين سياسي وعسكري واقتصادي” شامل لا يمكن مواجهتها بالقانون الذي وضعته ذات السلطة التي طبقت سياسة التمكين وبنفس القضاة ورجال النيابة الذين تم تمكينهم من قبل المؤتمر الوطني، بل يجب تفكيكها عبر رؤية (سياسية/قانونية) لا تهدف لإستئصال المؤتمر الوطني من الدولة و المجتمع (وهو على كل حال أمرٌ مستحيل) بل تسعى لمحو آثار مختلف نواحي التمكين وضمان حياد كافة أجهزة الدولة من التوجهات السياسية والآيدولوجية.
إنًّ أية محاولة لإشراك المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتها في العملية السياسية تعني قطع الطريق أمام مسيرة التحول المدني الديمقراطي مرة وإلى الأبد، فهذا الحزب لا يعترف حتى الآن بالتغيير الذي أحدثته الثورة وليس لديه أية رغبة في مراجعة تجربته في الحكم ولا يفكر في التخلي عن “النواة الصلبة” التي يتوسل بها للسلطة، ولذا فإنَّ على المغرضين من دعاة “عدم إستثناء أي جهة” أن يكفوا عن هذه الدعوة الملغومة، أما الصادقين منهم فيجب عليهم النظر بعمق في مآلات إشراك المؤتمر الوطني في ظل المعطيات التي أتينا على ذكرها في هذه الأسطر.
وتظل العملية السياسية القادمة مفتوحة لمختلف مكونات “تيار الإسلام السياسي” من الأحزاب والأفراد الذين صححوا موقفهم من ثورة ديسمبر وشعاراتها، وناهضوا الإنقلاب العسكري وطالبوا بوقف الحرب العبثية المدمرة.
* رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي
الوسومالتجمع الاتحادي الجيش الحركة الإسلامية الدعم السريع السودان المؤتمر الوطني بابكر فيصل مصرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: التجمع الاتحادي الجيش الحركة الإسلامية الدعم السريع السودان المؤتمر الوطني بابكر فيصل مصر المؤتمر الوطنی من الحرکة الإسلامیة العملیة السیاسیة مفاصل الدولة عملیة سیاسیة فی أیة
إقرأ أيضاً:
لماذا يتعجل ترامب الاعتراف بأرض الصومال؟
تقع أرض الصومال (إقليم صوماليلاند) في الجزء الشمالي من جمهورية الصومال، ويحتل موقعًا إستراتيجيًا يطل على خليج عدن وباب المندب، ومع تنامي الأهمية الإستراتيجية لهذه المنطقة- والتي أصبحت ساحة ساخنة للصراع الدولي حول قضايا الأمن والطاقة وحركة التجارة العالمية، لا سيما مع تصاعد خطر الحوثيين في خليج عدن- ازداد الاهتمام بالإقليم الطامح للاستقلال عن الصومال، رغم أنه لم يحظَ بالاعتراف الدولي من أي دولة حتى الآن.
يستعرض هذا المقال التطور السياسي لأرض الصومال ويشرح لماذا قرر الإقليم الانفصال عن الدولة الأم الصومال، وما هي أهميته الإستراتيجية، ويوضح لماذا ترغب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الاعتراف به.
نهاية حلم الصومال الكبيرقسمت القوى الاستعمارية الغربية الصومال إلى عدة أقسام، توزعت عقب مؤتمر برلين بين فرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا، حيث سيطرت إيطاليا على الصومال الجنوبي وعاصمته مقديشو، بينما سيطرت بريطانيا على الصومال الشمالي، وعاصمته هرجيسا، واستعمرت فرنسا شريط جيبوتي.
فضلًا عن ذلك سيطرت إثيوبيا في مرحلة لاحقة على الأوغادين، بينما تمددت كينيا شمالًا في الأقاليم الصومالية. وهكذا قسم الاستعمار الشعب الصومالي إلى خمسة كيانات مختلفة تخدم كلها مصلحة القوى الاستعمارية.
إعلانوبفعل هذا التقسيم، تولد حلم قومي، هو ضرورة توحيد الشعوب الصومالية في دولة واحدة تمتد على طول الشريط الساحلي للبحر الأحمر حتى خليج عدن. تبلورت فكرة الصومال الكبير أثناء فترة مقاومة الوطنيين الصوماليين للقوى الاستعمارية الغربية، وأصبحت فكرة مركزية وملهمة لحركات النضال والتحرر للشعوب الصومالية، وتوافقت القوى الوطنية على ضرورة إنهاء الاستعمار، وإعادة الاندماج لتكوين الصومال الكبير.
بنهاية حقبة الاستعمار في العام 1960، استقل الصومال الشمالي كدولة مستقلة عاصمتها مدينة هرجيسا- واعترف باستقلاله عدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. بينما نال الصومال الجنوبي استقلاله في ذات العام من إيطاليا باسم جمهورية الصومال وعاصمتها مقديشو. ونظرًا لتجذر فكرة الصومال الكبير، اتفق زعماء الصومال الجنوبي والشمالي على الوحدة لتكوين دولة واحدة تُسمى جمهورية الصومال، وعاصمتها مقديشو، على أن تنضم إليها لاحقًا جيبوتي بعد استقلالها من الاستعمار الفرنسي. وتأكيدًا لمحورية فكرة الصومال الكبير، وُضعت خمس نجمات في علم الدولة الرسمي في إشارة لأقاليم الصومال الخمسة التي مزقها الاستعمار.
بيدَ أن حلم الوحدة وإقامة الصومال الكبير سرعان ما تراجع، بعد استقلال جيبوتي ورفضها الوحدة مع الصومال، وفشلت الحكومة الصومالية في ضم المناطق الصومالية في إثيوبيا، وشمال كينيا. وأدت سياسات الرئيس سياد بري الداخلية الدموية إلى اضطراب الوضع الداخلي، الذي أدخل البلاد في حالة فوضى شاملة انتهت بحرب أهلية أطاحت بحكومة سياد بري، وامتدت أكثر من عشرين عامًا انهار فيها كيان الدولة تمامًا.
وبرغم اتساع نار الحرب الصومالية، فإن قادة صوماليلاند تمكنوا بسرعة من بسط الأمن والاستقرار في الإقليم الشمالي، وتكونت حكومة محلية ترأسها محمد إبراهيم عقال، أدارت البلد وحققت قدرًا معقولًا من التنمية. وبسبب الحرب الأهلية الطويلة، وانهيار فكرة الصومال الكبير، قرّر قادة صوماليلاند العودة إلى مرحلة ما قبل الوحدة، وإعلان الاستقلال عن جمهورية الصومال، وإعلان جمهورية صوماليلاند ـ أرض الصومال ـ دولة مستقلة في العام 1991. استطاعت هذه الدولة الوليدة أن تحافظ على الأمن والاستقرار لمواطنيها في منطقة مضطربة، لكنها لم تحظَ بالاعتراف الدولي حتى الآن.
إعلان ميزة الجغرافيا والديمغرافيالعبت عوامل الجغرافيا والديمغرافيا دورًا كبيرًا في دفع فكرة استقلال إقليم أرض الصومال إلى الأمام، وبسبب هذه العوامل يبدو أن الاعتراف بهذه الجمهورية من قبل المجتمع الدولي، أصبح قاب قوسين أو أدنى.
استطاع الإقليم أن يمنع انتقال فوضى الحرب الأهلية الصومالية إلى أراضيها، وذلك بسبب الديمغرافيا، لأن غالبية السكان تنتمي إلى قبيلة إسحاق، وأدى تماسك هذا العرق إلى تماسك الدولة. على عكس جمهورية الصومال التي استعرت فيها الحرب وما تزال بسبب التناحر بين الأعراق والقبائل، ويشهد على ذلك أن معظم الحلول التي اقترحت لتسوية الصراع في البلاد، كانت تقوم على إشراك الأعراق الكبرى مثل الهوية، الدارود، الرحوانيين، الدر، وغيرهم.
وهكذا أسهمت الديمغرافيا في إنجاح جهود الدولة في بسط الأمن والسلام في ترابها الوطني، وتحقيق تنمية معقولة، كما نجحت الدولة أيضًا في اعتماد نظام ديمقراطي يضمن الانتقال السلس للسلطة.
من جانب آخر، فقد كانت الجغرافيا عاملًا حاسمًا في اهتمام القوى الإقليمية والدولية بهذا الإقليم غير المعترف به. حيث تحظى أرض الصومال بموقع إستراتيجي مهم على خليج عدن وباب المندب، مدخل البحر الأحمر، وهو ممر دولي مهم تمر عبره 12% من تجارة العالم، وأكثر من 40% من التبادل التجاري بين أوروبا وآسيا.
أصبحت هذه المنطقة منطقة صراع دولي كبير، يؤكده العدد الكبير من الأساطيل البحرية العسكرية الغربية والشرقية التي تتقاطع في هذه المنطقة، لمحاربة القرصنة البحرية المتعاظمة، وغيرها من التحديات الأمنية، والتي أثرت بشكل مباشر على سلامة التجارة العالمية العابرة عبر البحر الأحمر، وقناة السويس في الطريق إلى أوروبا والولايات المتحدة. ونلمس ذلك عمليًا فيما يقوم به الحوثيون من تهديد مباشر لأساطيل الدول الكبرى رغم اختلاف ميزان القوى.
إعلانبالرغم من عدم الاعتراف الدولي بالإقليم، إلا أن كثيرًا من الدول كانت تتعامل معها بحكم الأمر الواقع، في قضايا التجارة والاستثمار لا سيما في الصيد البحري. وقد كانت إثيوبيا سباقة لتقنين التعامل مع أرض الصومال، حيث أنشأت مكتبًا تجاريًا، كان بمثابة السفارة في العاصمة هرجيسا. وكانت موانئ أرض الصومال أيضًا معبرًا لبعض السفن والأساطيل التجارية التي تنقل البضائع والمنتجات من وإلى أرض الصومال دون اعتراض أية جهة.
تجدد الصراع على إقليم أرض الصومال بشكل كبير في شهر يناير/ كانون الثاني من العام الماضي عندما أعلنت إثيوبيا عن اتفاقية وقعتها مع حكومة أرض الصومال قامت بموجبها باستئجار قطعة أرض في ميناء بربرة لتكونَ ميناء مستقلًا تستخدمه إثيوبيا وتشرف عليه القوات البحرية الإثيوبية لمدة نصف قرن، وذلك ضمن خطة إثيوبيا المعلنة للحصول على ميناء يتبع لها مباشرة على شاطئ البحر الأحمر.
أثار هذا القرار ردود فعل حادة من دول الإقليم، بالذات في الصومال ومصر، واستدعى حركة دبلوماسية واسعة أدت لقيام تحالفات جديدة عززت من الصراع الإقليمي والدولي حول البحر الأحمر وخليج عدن.
ولكن أهم تداعيات القرار الإثيوبي هو بروز تيار في العديد من الدول ينادي بالاعتراف بجمهورية أرض الصومال دولة مستقلة، بالرغم من التحفظات القانونية لهكذا قرار، ويبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تدعم هذا التيار بقوة.
لماذا الاعتراف الأحادي الأميركي؟دفع الصراع الدولي المتصاعد على البحر الأحمر وخليج عدن مراكز التفكير الأميركية لدراسة السبل المختلفة لتعظيم الوجود والنفوذ الأميركي في هذا الممر المائي الهام، وظهرت آراء عديدة تنبه وتحذر بأنه في حال قيام أي قوة دولية معادية لأميركا بالتمركز على شاطئ الإقليم الإستراتيجي فمن شأن ذلك أن يهدد المصالح الأميركية في باب المندب والخليج العربي.
إعلانتُعتبر الدراسة التي أعدتها مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية السابقة جنداي فريزر وآخرون، والتي نشرها مركز هوفر التابع لجامعة ستانفورد، واحدة من أهم ما كُتب بشأن العلاقة بين الولايات المتحدة وصوماليلاند. خلاصة هذه الدراسة الهامة، والتي تُعتبر كاتبتها من قادة التيار الأفريقاني للحزب الجمهوري، دعت الولايات المتحدة للاعتراف أحاديًا باستقلال الإقليم كدولة مستقلة عن الصومال.
وقدمت الدراسة حيثيات موضوعية من وحي مواقف دبلوماسية سابقة طبقتها أميركا، أهمها قرار الولايات المتحدة في العام 2008 الاعتراف أحاديًا باستقلال كوسوفو، رغم أنه لا يوجد إجماع دولي على ذلك، وأشارت الدراسة إلى أن جميع الحيثيات التي أوردتها وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس للاعتراف الأحادي باستقلال كوسوفو تنطبق تمامًا على إقليم أرض الصومال. وهي: مصلحة الولايات المتحدة، ووجود حكومة تسيطر على حدود الدولة، وضعف احتمال العودة إلى الوضع القديم، وإمكانية قيام نظام ديمقراطي في الدولة الجديدة.
أكدت الدراسة وجود حكومة مستقرة تسيطر جيدًا على الأمن والحدود، وتطبق الحكومة نظامًا ديمقراطيًا متميزًا مقارنة بدول الإقليم حولها، وأنه بعد أكثر من ثلاثين عامًا من انفصال الإقليم، فإنه لا يوجد احتمال للعودة للوضع القديم لتكون جزءًا من الصومال.
ركزت الدراسة بشكل أساسي على المصالح الكبيرة التي ستجنيها أميركا من اعترافها الأحادي بأرض الصومال، بالذات فيما يتعلق بتعزيز نفوذ أميركا وحلفائها في خليج عدن وباب المندب، والحفاظ على أمن البحر الأحمر ومحاربة القرصنة وضمان سلامة التجارة الدولية، التصدي لخطر الحوثي المتزايد، وغيرها من التهديدات الجيوستراتيجية في منطقة ذات أهمية اقتصادية وأمنية وسياسية بالغة لأميركا.
قللت الدراسة من ردود الفعل الإقليمية والدولية، بالذات رد فعل الصومال والاتحاد الأفريقي، واقترحت أن يتم إسكات الصومال بمنحها حوافز مادية كبيرة، وأن يُطلب من الاتحاد الأفريقي قبول الدولة الجديدة على غرار قراره السابق بقبول عضوية الجمهورية الصحراوية.
إعلان تحديات إستراتيجيةالدراسة التي كتبتها جنداي فريزر، تمثل رؤية تيار واسع من أقطاب التيار الأفريقاني في إدارة الرئيس دونالد ترامب، على رأسهم بيتر فام وبروس قيلي، وعضو الكونغرس الجمهوري سكوت بيري، الذي قدم مشروع قانون يطلب من حكومة الولايات المتحدة الاعتراف الأحادي باستقلال الإقليم. ولذلك يبدو أن مسألة الاعتراف الأحادي ستكون مسألة وقت فقط، ريثما تحصل الإدارة الأميركية الجديدة على كل ما تريده من حكومة الإقليم.
ومما يدعو أميركا للتعجيل بالاعتراف الأحادي باستقلال إقليم أرض الصومال، هو قرار الحكومة البريطانية بتسليم أرخبيل جزر شاغوس إلى موريشيوس، ومن شأن هذا القرار أن يحد من فاعلية استخدام أميركا قاعدة دييغو غارسيا في عرض المحيط الهندي. كما أن الوجود الأميركي الدائم في هذا الممر المائي الهام يضمن لأميركا تأمين طريق تجاري آخر في مواجهة مبادرة الحزام والطريق التي تقودها الصين. وفي كلتا الحالتين، فإن الإقليم سيكون ذو أهمية إستراتيجية عسكرية وتجارية لأميركا وحلفائها تبرر قرار الاعتراف الأحادي.
بالمقابل، فإن قرار الاعتراف الأحادي في حالة تنفيذه سيؤدي إلى تأجيج الصراع الدولي على البحر الأحمر، وستصبح هذه المنطقة مجال شد وجذب شديدين بين القوى المختلفة الطامعة في خيرات المنطقة، كما من شأنه أن يصعد حركة المقاومة الوطنية في الصومال لهذا التدخل الخارجي غير المحمود.
وإذا أخذنا في الحسبان توجه الإدارة الأميركية الجديدة التي ترغب في ضم كندا وغرينلاند وقناة بنما وتهجير سكان غزة، فإن هذا يعني نهاية العالم القديم القائم على السيادة وقدسية الحدود، وبروز عالم جديد أقرب لقانون الغاب، يقوم على القوة والقهر. وحينها لن يبقى مكان للضعفاء، ولن يكون العالم مكانًا آمنًا على الإطلاق.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
إعلان aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline