صدقاتكم وزكواتكم لأهل غزة
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
راشد بن حميد الراشدي
مجاعة لم يسبق لها مثيل وإبادة مع سبق الإصرار والتأكيد تستهدف شعبًا أعزل نادى بحريته في وطنه فأستحق عقاب ظلام وطواغيت العالم.
مائة وثمانية وخمسون يومًا من حرب غوغائية جن جنون المحتل وأعوانه فيها، ولم ينالوا سوى الخزي والعار وشماتة العالم بأسره لأفعالهم الدنيئة التي تنكرها الأديان والثقافات والشعوب والأخلاق في حق شعب أعزل وأطفال ونساء وعجزة ليس لهم ذنب ولا جريرة سوى أنهم سكنوا أرضهم ودافعوا عنها بحياتهم وأبنائهم ودمائهم المهدورة أمام مرأى ومسمع العالم الصامت المتواطئ مع مغتصب فاجر متغطرس جبار.
فمع هذه الحرب غير المتكافئة نقول وبأعلى صوت إنَّ دماء الشهداء لن تذهب هباءً لكن ستهب بقدرة الله رياح الانتقام والاقتصاص من القتلة الملطخة أيديهم بدماء الشهداء قريباً بإذن الله وستعلو كلمة الحق مهما كذب الظالم ومهما مضت السنون.
حصار وتجويع لأهل غزة وإخوتهم عن يمينهم ويسارهم مُحاطين بهم يستصرخون ألمًا من شدة الجوع وموائد الخير مُشرعة، ولا منقذ لهم إلا الله وقدرته جلَّ جلاله. وهذا التجويع صورة أخرى من صور الإبادة التي ينتهجها العدو المحتل وبطريقة صهيونية تسعى إلى المزيد من التركيع لأهل غزة الشرفاء، فقد أكلوا أوراق الشجر وما وقع بين أيديهم من شدة الجوع، لتبلغ رسالتهم رب السماء فيفرج عنهم في القليل من الطعام والمؤن.
ومع نصرة غزة وأهلها وهذه الأيام المباركة من شهر رمضان الفضيل ومع وقفات الصالحين من أبناء هذه الأرض الطيبة (سلطنة عمان) والمسلمين الأحرار في أصقاع الأرض، فإنه يجب أن يوجه الجميع صدقاته وزكاته إلى أهل غزة المحتاجين الذين تقطعت بهم السبل من غذاء ودواء وأماكن إيواء ونمد يد العون إليهم عبر هيئات الإغاثة وجمعيات الخير المعتمدة والموثوقة لإغاثة أهلنا في غزة وفلسطين قاطبة، فما وقع عليهم من حصار وتجويع يجب أن يفك قضاؤه، فليس هناك ذنب لإبادة شعب أعزل يعيش على أرضه وما قام به العدو المحتل وأعوانه ليس له منطق في أي عصر من العصور سوى وصفه بالظلم والطغيان.
المغتصب- لعنة الله عليه إلى يوم الدين- وبإذن الله قريبًا سيُشل كيانه إلى الأبد وسينتصر صاحب الحق والأرض، وسيذهب غثاء السيل وزبده جفاءً، ولن تبقى لهم باقية؛ فهذه الحرب هي شرارة التحرير التي ستحرق أقدام الطغاة وتطفئ شمعتهم إلى يوم الدين؛ فالأيام دول ستري الظالم أفعاله ونهايته الحتمية مهما طال الأمد.
صدقاتكم وزكواتكم وجهوها لغزة ولفقراء المُسلمين حيثما كانوا؛ فهذا وقت جني ثمار الجنة وهذا وقت الإقدام، ولن يضيع الله عمل عامل منكم فهو الحسيب الرقيب.
اليوم.. لا نقول إلّا ما أمرنا الله به من دعاء وجهاد بالمال والحال.. كلٌ حسب قدرته، ومدُّوا العون لإخوانكم في غزة وفلسطين.
اللهم أنصر الإسلام والمُسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، برحمتك يا ارحم الراحمين.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سفير ترامب المسيحي الصهيوني.. إيران ونهاية العالم!
قبل أيام قليلة من قراره بضرب المنشآت النووية الإيرانية، نشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع لقطة شاشة لرسالة نصية من سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، القس السابق (المسيحي الصهيوني) مايك هاكابي، زعم فيها الأخير أن الله كلف ترامب بمهمة وسيوجهه حول كيفية الرد في الحرب بين إسرائيل وإيران، مع ما بدا ترددا من ترامب وتذبذبا من إدخال أمريكا بشكل مباشر في الصراع.
وقد استخدم ترامب حسابه على منصته (Truth Social) (الحقيقة للتواصل الاجتماعي!) لنشر رسالة هاكبي (المرشح الجمهوري السابق للرئاسة عام 2016) جاء فيها "السيد الرئيس، أنقذك الله في باتلر، بنسلفانيا (المقصود محاولة اغتيال ترامب) لتكون الرئيس الأكثر تأثيرًا في القرن ـ ربما في التاريخ كله".
وأضاف هاكابي: "القرارات على عاتقك لا أود أن يتخذها أي شخص آخر.. لديك العديد من الأصوات التي تتحدث إليك يا سيدي، لكن هناك صوت واحد فقط هو الذي يهم، إنه صوته (يقصد الله)".
إن ما تضمنته رسالة هاكابي لترامب من تحريض ديني لصالح استخدام القوة، تحت غطاء ديني مقدّس وبتكليف إلهي، يعكس خطورة اختلاط الخزعبلات الدينية بالسياسة في إدارة ملفات الحرب والسلم داخل الإدارة الأمريكية.وفي تملق واضح لترامب زاد هاكبي "أنا خادمك المعين في هذه الأرض وأنا متاح لك، لكنني لا أحاول التواجد في حضرتك كثيرًا لأنني أثق في غريزتك. لم يكن أي رئيس في حياتي في موقف مثل موقفك. ليس منذ ترومان في عام 1945". والمقصود هنا الرئيس الأمريكي ترومان الذي أمر باستعمال القنبلة الذرية لضرب اليابان (هيروشيما وناغازاكي) خلال الحرب العالمية الثانية. ولا يمكن تفسير هذا إلا بأنه تحريض لترامب على استعمال السلاح النووي لضرب المنشآت النووية الإيرانية، بكل ما لذلك من تداعيات مفزعة على المنطقة والعالم.
وخاطب القس السابق ترامب واعظا: "لا أتواصل معك لإقناعك. فقط لتشجيعك. أعتقد أنك ستسمع من السماء وأن ذلك الصوت (يقصد الله) أكثر أهمية بكثير من صوتي أو أي شخص آخر".
وختم هاكابي رسالته بجملة مثيرة للسخرية بقوله لترامب "لقد أرسلتني إلى إسرائيل لأكون عينيك وأذنيك وصوتك ولأتأكد من أن علمنا يرفرف فوق سفارتنا.وظيفتي هي أن أكون آخر من يغادر. لن أترك هذا المنصب. لن تنزل رايتنا! لم تسعَ إلى هذه اللحظة. هذه اللحظة بحثت عنك! يشرفني أن أخدمك!".
بقدر ما تثير هذه الرسالة من سخرية بقدر ما تثير الفزع من هذا الخطاب الديني المخيف، الذي يحيل حتى إلى أطروحات "القيامة" وحرب نهاية العالم، التي يروج لها المسيحيون الصهاينة، وهاكبي، البالغ من العمر 69 عاما، يعتبر واحدا من عتاتها.
المفارقة أن هؤلاء المتدينين المتطرفين ومعهم ترامب، هم أنفسهم الذين يصفون النظام الإيراني بالثيوقراطي المتطرف المروع!
تباهي ترامب بكشف هذه الرسالة التي تدغدغ نرجسيته، من "الكاهن الديبلوماسي"، تثير تساؤلات مقلقة فعلا عن أمريكا، وعن ترامب نفسه الذي ليس في الحقيقة متدينا، فهو يدعي حب الله، والدين، لدغدغة مشاعر أنصاره من المتدينين خاصة من المسيحيين الإنجيليين أو"المسيحيين الصهاينة"، الذين لعبوا دورا كبيرا في انتخابه، ويشكلون أكبر قاعدة شعبية له، وكثيرون منهم يعتقدون أنه "أشبه بمسيح مبعوث من الله!"، وقد زادت قناعات هؤلاء (وفي مقدمهم هاكابي) بهذا لما نجا من محاولة الاغتيال الشهيرة في 2024 خلال حملته الانتخابية للولاية الرئاسية الثانية، ولامست رصاصة أذنه! ورغم سجل ترامب الموثق الذي لا علاقة له بالدين والتدين، بل ممارسات ووقائع تتنافى تماما مع قيم الفضيلة والأخلاق التي يتمسك بها هؤلاء المتدينين إلا أنهم يتعامون عن كل ذلك!
على المجتمع الدولي، والأمريكيين أنفسهم، الدعوة إلى سياسات تستند إلى العقلانية والعدالة بدلاً من النبوءات الدينية. إن استمرار هذا النهج قد يقود إلى عواقب لا تُحمد عقباها، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في العالم أجمع.الأدهى أن هذا التيار المسيحي الصهيوني ليس تيارا هامشيا في إدارة ترامب، ففيه "الكاهن الديبلوماسي" هاكابي، وفيه كثيرون من أمثاله منهم وزير الدفاع بيت هيغسيث، الذي نشر كتابا بعنوان "الحملة الصليبية لأمريكا" ويحمل على جسده وشوم الصليب، وشعارات تعود للحروب الصليبية وحتى عبارة "كافر" بالعربية!
هذا التيار المسيحي الصهيوني من المسيحيين الإنجيليين، الذي يبلغ عددهم نحو 80 مليونا، لا يرون في اليهود إلا "مطية" فقط، إذ أنهم يدعمون إسرائيل ليس حباً في اليهود، الذين يكرهونهم في الحقيقة، إنما بمعتقدات غريبة وتفسيرات عجيبة للإنجيل يعتقدون فيها بأن تجمع اليهود في الأرض المقدسة في فلسطين عبر إنشاء دولة الكيان الصهيوني، هو علامة من علامات عودة المسيح المخلص وحرب نهاية العالم، وأنه عندما يعود المسيح فإنه سيخير اليهود بين التحول إلى المسيحية أو الذهاب إلى الجحيم!
إن ما تضمنته رسالة هاكابي لترامب من تحريض ديني لصالح استخدام القوة، تحت غطاء ديني مقدّس وبتكليف إلهي، يعكس خطورة اختلاط الخزعبلات الدينية بالسياسة في إدارة ملفات الحرب والسلم داخل الإدارة الأمريكية.
المفارقة أن ترامب الذي اختار هاكابي، الحاكم السابق لولاية أركنساس، مباشرة بعد تنصيبه لفترة رئاسية ثانية، لتولي منصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، قال في بيان إن الأخير "سيعمل بلا كلل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط!”. بعدما قال عنه "بإنه يحب إسرائيل وشعب إسرائيل، وبالمثل، يحب الشعب الإسرائيلي".
هذا "الكاهن الديلوماسي"، الذي وصفه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، هاكبي بأنه “رجل ذو قلب صهيوني”، والذي يزعم ترامب أنه رجل سلام يكرر بخزعبلات مسيحية صهيونية أنه "لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية المحتلة، ويستعمل يهودا والسامرة التسمية التوراتية لوصفها". ويدعو لضمها لإسرائيل لتسريع عودة المسيح! وهو لا يرى الفلسطينيين (الذين يتعرضون لحرب إبادة إسرائيلية بدعم أمريكي)، ولا يعترف بوجودهم فقط، بل يراهم عائقًا في طريق نبوءاته التوراتية!
رسالة مايك هاكابي إلى دونالد ترامب مؤشر آخر خطير على هذا التيار المتطرف، الذي يفرض نفسه على السياسة الأمريكية بأجندة مسيحية صهيونية لا تخدم السلام أو الاستقرار. في مواجهة هذا الخطاب، يجب القول إنه على المجتمع الدولي، والأمريكيين أنفسهم، الدعوة إلى سياسات تستند إلى العقلانية والعدالة بدلاً من النبوءات الدينية. إن استمرار هذا النهج قد يقود إلى عواقب لا تُحمد عقباها، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في العالم أجمع.
*كاتب جزائري مقيم في لندن