لندن- تستعر حرب التجسس بين لندن وبكين لتدخل مرحلة جديدة، بانتقالها من حرب التصريحات إلى فرض العقوبات، وذلك بعد إعلان الحكومة البريطانية فرض عقوبات على مواطنين صينيين ومؤسسة صينية تعمل في مجال الأمن الرقمي.

وتُعتبر هذه المرة الأولى التي تفرض فيها لندن عقوبات على شخصيات صينية بتهمة التجسس والقيام بهجمات إلكترونية تستهدف النظام الانتخابي البريطاني.

الرد الصيني جاء سريعا عبر بلاغ السفارة الصينية في لندن التي نفت كل هذه الاتهامات ووصفتها بأنها "افتراءات ملفقة وخبيثة" داعية الحكومة البريطانية إلى التوقف عن هذه "الدعاية المغرضة"، وأكد البلاغ "الغاضب" أن بكين ستلجأ للطرق القانونية للرد على هذه الاتهامات.

المخابرات البريطانية حذرت برلمانيين بريطانيين من إمكانية التعرض لمحاولة اختراق صينية (الأناضول) أحداث ساخنة

ولا يبدو أن الأمور بين البلدين ستتوقف عند هذا الحد، بل إن كل المؤشرات تفيد بأن حرب التجسس بينهما ستزيد حدتها خصوصا مع الضغوط الممارسة على رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لفرض عقوبات أقوى على الصين.

شهدت الأشهر الأخيرة أحداثا ساخنة بين بكين ولندن تذكر بأجواء الحرب الباردة على مستوى الإعلان عن اعتقال جواسيس وعملاء يخدمون إما لصالح الصين أو بريطانيا.

وبعد إعلان مكتب المخابرات البريطاني "إم آي 6" (MI6) اعتقال شخص بتهمة التجسس على برلمانيين وتقديم معلومات للصين، ردت بكين بدورها باعتقال شخص، ووجهت له تهمة العمالة والتخابر مع هذا المكتب وهي التهمة التي تنفيها لندن.

ومنذ مدة لم تتوقف أجهزة المخابرات البريطانية عن إصدار بيانات تحذيرية، مما تسميه محاولات صينية لاختراق النظام السياسي البريطاني والتجسس على برلمانيين، خصوصا في لجنة الشؤون الخارجية ولجنة الانتخابات في البرلمان للتأثير في الانتخابات البريطانية.

كما سبق لها، وأن وجهت تحذيرا لعدد من البرلمانيين البريطانيين بأنهم قد يكونون ضحية لمحاولة اختراق صينية، في حين تنفي الصين -في كل مرة- هذه التهم وتعتبرها دعاية مغرضة ضدها مطالبة بتقديم أدلة عليها.

حالة "صينوفوبيا"

في المقابل، تتجه الحكومة البريطانية لتغيير توصيفها للصين من دولة "تشكل تحديا" إلى "دولة تشكل تهديدا" على الاقتصاد البريطاني مع ما يستتبعه هذا التوصيف من رفع حالة الاستنفار الأمني في التعامل مع كل ما هو صيني.

يقلل الأستاذ البريطاني طاهر عباس كبير الباحثين في شؤون الأمن والإرهاب في معهد الأمن والشؤون العامة من قيمة التهم البريطانية الموجهة للصين.

ويقول للجزيرة نت إن ما حدث في السابق يجعل بريطانيا حذرة جدا عند اقتراب أي موعد انتخابي "بعد أن تبين حصول تدخل روسي في استفتاء البريكست، وفي الانتخابات الأميركية التي فاز فيها الرئيس السابق دونالد ترامب، ولهذا كلما اقترب موعد الانتخابات زادت حدة الحذر".

واعتبر الخبير الأمني أن توجيه تهمة التجسس للصين "تغذيها نظرية المؤامرة، لأنه لا يوجد سبب يجعل بكين تتجسس على بريطانيا، لأنها تقوم بكل شيء أفضل من لندن"، مستدلا على ذلك بحجم المبادلات التجارية بين البلدين "إذ إن عجز الميزان التجاري لصالح الصين وليس بريطانيا".

وشخّص الأكاديمي البريطاني ما تقوم به بلاده تجاه الصين بالعامل النفسي، وقال إن "هناك نوعا من الفوبيا من بكين أو ما أسميها الصينوفوبيا"، مضيفا أن هذه الاتهامات تغذيها "نظريات الاستشراق والعداء للأجانب أكثر من كونها تهم مؤسسة".

وتوقع أن تزداد أخبار التجسس الصيني على بريطانيا كلما اقترب موعد الانتخابات العامة "لأنها قصص مغرية، وتستفز كبار مانحي الأحزاب لتقديم مزيد من المساعدات المالية"، ويختم بالقول إن النظام الديمقراطي الغربي "يعاني من الفشل وأصبح غارقا في الفساد، ولا يحتاج لأي جهة لكي تؤثر عليه".

صراع النفوذ الرقمي

من جانبه، يصف أمير النمرات رئيس قسم الأمن المعلوماتي والذكاء الاصطناعي في جامعة شرق لندن إمكانيات الصين التقنية بالضخمة، وقال في حديثه مع الجزيرة نت إن "بكين تمتلك الإمكانيات التقنية والبشرية للقيام بحملات تجسس على دول أخرى، والعكس صحيح أيضا بالنسبة لبريطانيا".

وأوضح أن بعض الدول "تستخدم مجموعات قرصنة محددة للقيام بمهام تجسس أو ما تسمى "إيه بي تي" (APT) Advance persistent Threats.

وكشف أمير النمرات أنه "هناك تقريبا أكثر من 380 مجموعة معروفة تنتمي لدول متعددة في العالم، وما هو معروف لدى الخبراء والباحثين في الأمن السيبراني أنه يوجد أكثر من 20 مجموعة مثل "إيه بي تي 40" (APt40) أو "إيه بي تي 41" (APT41) تعمل من الصين.

وأضاف أن هذه المجموعات منها المتخصص في حملات تجسس على البنية التحتية وقطاع الملاحة أو الطيران، في حين مجموعات أخرى متخصصة في استهداف سياسيين وبرلمانيين أو مؤثرين.

ومن الناحية التقنية، أكد الخبير أمير النمرات أنه يمكن تتبع نشاط معين وتحديد مصدره أو أي هجوم "إيه بي تي" (APT) ومن أي دولة لأن هذه المجموعات لها بروفايل أو سلوكيات معينة من خلال ما يسمى "ناقلات الهجمات" (attacks vectors) كنوع الفيروسات ومدى تعقيدها أو بعض البرمجيات المعروفة للجميع أو أخرى غير معروفة للعامة.

وفسر ما يحدث بين الصين وبريطانيا بطبيعة المنافسة الاقتصادية والسياسية بين الدول الكبرى التي تجعل هذا الاحتمال واردا عندما يتعلق الأمر بالفضاء الإلكتروني، إذ تحاول الدول الهيمنة أو يكون لديها اليد العليا في السيطِرة على ما يسمى "التقنية التخريبية" (Disruptive Technology) كالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وحرب الرقائق الإلكترونية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات إیه بی تی

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: هجوم تاسع في اليمن يهدف لفرض حصار على المواني وتدميرها

أكدت وسائل إعلام عبرية، أن الجيش الإسرائيلي بدأ شن هجوما على اليمن هو التاسع، بهدف فرض حصار على المواني الخاضعة للحوثيين وتدميرها.

 

وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن هجمات سلاح الجو الإسرائيلي باليمن مستمرة بعد استهداف 3 مواني يمنية، فيما نقلت صحيفة معاريف عن مصادر أمنية إسرائيلية أن سلاح الجو يهاجم للمرة التاسعة أهدافا تابعة للحوثيين في اليمن.

 

وبحسب هيئة البث الإسرائيلية التي نقلت عن مسؤول أمني قوله إن هدف الهجمات في اليمن إلحاق الضرر باقتصاد الحوثيين، وفرض حصار على الحوثيين بعد تهديدهم بفرض حصار بحري على إسرائيل.

 

وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، أن الهجمات الإسرائيلية تستهدف موانئ الصليف والحديدة ورأس عيسى.

 

ونقل موقع جيروزاليم بوست عن مسؤول إسرائيلي قوله إن الجيش يضرب موانئ في اليمن بعد أن واصل الحوثيون إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

 

ووفقا للقناة 12 الإسرائيلية التي نقلت أيضا عن مصدر أمني قوله: "استخدمنا في الهجوم على الحوثيين عشرات الذخائر وشارك فيه أكثر من 10 طائرات".

 

وفي وقت سابق اليوم، شنت مقاتلات إسرائيلية، غارات جديدة، على ميناءي الصليف والحديدة غرب اليمن.

 

وقالت وكالة سبأ التابعة للحوثيين، إن طيران الإحتلال استهدف ميناء الحديدة بسلسلة من الغارات العنيفة، دون ذكر مزيدا من التفاصيل.

 

وذكرت وسائل إعلام عبرية، أن سلاح الجو الإسرائيلي شن هجوما جديدا على ميناء الحديدة غرب اليمن.

 

وبحسب مصادر محلية، فقد سمع دوي انفجارات عنيفة في محافظة الحديدة غرب اليمن.

 

وأشارت المصادر إلى وقوع 10 غارات إسرائيلية على الأقل في ميناء الحديدة.

 

وفي وقت سابق، وجه جيش الاحتلال الإسرائيلي تحذيراً عاجلاً للمتواجدين في موانئ رأس عيسى والحديدة والصليف، مطالباً بإخلائها فوراً.

 

ويوم أمس، أعلن جيش الإحتلال تصديه لصاروخ أطلقه الحوثيون على إسرائيل، لتعلن الجماعة في وقت لاحق تنفيذ عملية عسكرية استهدفت مطار "بن غوريون" بصاروخ باليستي، بعد يوم من هجوم مماثل أدى لإغلاق مطار بن غوريون لقرابة ساعة.

 

وفي الخامس من مايو الجاري، شنت مقاتلات إسرائيلية غارات عنيفة على ميناء الحديدة أدت لتدميره بشكل كبير، لتشن في اليوم التالي غارات مكثفة على مطار صنعاء الدولي ومحطات الكهرباء في صنعاء وإسمنت عمران، ما أدى لدمار مطار صنعاء وخروج عن الخدمة.

 

وأعلن الرئيس دونالد ترامب في السادس من مايو بشكل مفاجئ، وقف الهجمات الأمريكية على الحوثيين في اليمن، بعد قبول الحوثيين وقف هجماتهم العسكرية، فيما أكدت الجماعة أن الاتفاق شمل الهجمات البحرية على السفن الأمريكية وتعهدت بمواصلة الهجمات على إسرائيل وفرض حصارها البحري على الملاحة البحرية لإسرائيل.


مقالات مشابهة

  • صدمة بلبنان.. اعتقال منشد ديني بتهمة التجسس لصالح إسرائيل ضد حزب الله
  • الدبيبة: مصراتة تقف صفاً واحداً خلف الحكومة لفرض القانون   
  • بريطانيا تعتقل شخصين إثر حرائق عقارات يملكها رئيس الوزراء
  • مظاهرات النكبة تتحوّل إلى محاكمة سياسية لدور بريطانيا في حرب الإبادة بغزة
  • فرنسا تتردد وبريطانيا تراوغ .. الاعتراف بدولة فلسطين في مهب المصالح الأوروبية
  • بريطانيا تتهم 3 إيرانيين بالتجسس لحساب المخابرات في طهران
  • احتجاجات بلندن للمطالبة بوقف تسليح بريطانيا لجيش الاحتلال
  • إعلام عبري: هجوم تاسع في اليمن يهدف لفرض حصار على المواني وتدميرها
  • ترامب: توصلنا إلى اتفاق تجاري رائع مع بريطانيا وتوصلنا لاتفاق آخر مع الصين
  • الصين: ندعم سوريا في انتهاج سياسات شاملة لاستعادة الاستقرار والتنمية في البلاد