أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلًا معلوماتيًا حول التلوث البلاستيكي، أوضح خلاله أن استخدام البشرية للبلاستيك قد نما بشكل ملحوظ منذ خمسينيات القرن الماضي، وفي هذه الآونة يوجد تسعة ملايين شخص يعملون في إنتاج البلاستيك ومعالجته في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن البلاستيك يمتاز بخفة وزنه وبأسعاره المعقولة، فإن المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد – أي المنتجات التي يتم استخدامها مرة واحدة فقط قبل أن تتحول إلى نفايات - تُشكل مخاطر جمة تؤثر على كلٍّ من البيئة وصحة الأفراد واقتصاديات الدول.

وأوضح التحليل أن إنتاج العالم في المتوسط من البلاستيك سنويًّا يبلغ 430 مليون طن؛ ويُستخدم ثلثا هذا الإنتاج في المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، ويتسرب ما بين 19 إلى 23 مليون طن من النفايات البلاستيكية إلى النُظم البيئية المائية سنويًّا. ونتيجة لذلك من المُتوقع أن يرتفع مستوى النفايات البلاستيكية التي تتم إدارتها بشكل خاطئ ليصل إلى 90٪ تقريبًا بحلول عام 2040، وذلك وفقًا لتقرير الصندوق العالمي للطبيعة "World Wide Fund for Nature" كما من المُتوقع أن يتضاعف التلوث البلاستيكي ثلاث مرات بحلول عام 2060 إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.

وعلى الرغم من وجود أدلة واضحة على المخاطر التي تُهدد البيئة والمجتمع على حد سواء، فإن إنتاج المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد ما زال مستمرًا. ووفقًا لبيانات البنك الدولي، يتم حرق نحو 93% من النفايات أو التخلص منها في الطرق أو الأراضي المفتوحة أو المجاري المائية في الدول منخفضة الدخل، مقارنةً بنسبة 2% فقط في الدول مرتفعة الدخل، بالإضافة إلى تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2023، والتي أشارت إلى أن النفايات البلاستيكية لها تأثير سلبي ملحوظ على الفئات المهمشة حول العالم؛ حيث يفتقر نحو 4 مليارات شخص إلى مرافق التخلص من النفايات الخاضعة للرقابة، كما تُشير البيانات إلى أن نحو 931 مليون طن من الطعام يتعرض للهدر أو الفقد جراء تأثير هذه النفايات البلاستيكية، وهو الأمر الذي يُفاقم من مخاطر انعدام الأمن الغذائي على الصعيد العالمي.

واستعرض المركز في تحليله التفاوتات الهيكلية بين الدول في سلسلة القيمة العالمية للمنتجات البلاستيكية، حيث إن الدول ذات الدخل المرتفع -التي عادة ما يكون لها تأثير أكبر على إنتاج وتصميم المنتجات البلاستيكية عالية المخاطر- تتمتع بقدرة كبرى على إدارة أو تصدير نفاياتها البلاستيكية والتخفيف من آثار التلوث البلاستيكي داخل حدودها. وعلى النقيض، تعاني الدول منخفضة ومتوسطة الدخل من عدم القدرة على التخلص من النفايات البلاستيكية المتزايدة، والتي يصعب إعادة تدوير معظمها، في ظل التأثير الضعيف لتلك الدول على هياكل الإنتاج والاستهلاك العالمية. ونتيجة لذلك، فإن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تتحمل حصة غير متناسبة من تكاليف التلوث البلاستيكي.

وفي هذا السياق، أوضح تقرير صادر عن "الصندوق العالمي للطبيعة" حجم التفاوتات في توزيع تكاليف التلوث البلاستيكي في مختلف دول العالم، والتي ترتفع قيمتها في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل بمقدار 8 مرات مقارنةً بنظيرتها من الدول ذات الدخل المرتفع. وعلى صعيد الدول منخفضة الدخل بالأخص، ترتفع التكلفة إلى أكثر من 10 أضعاف مثيلتها في الدول ذات الدخل المرتفع.

وتجدر الإشارة إلى أنه مع استمرارية نمو حجم البلاستيك الُمنتَج والمُستهلَك على مستوى العالم، فإن ذلك من شأنه أن يُشكل عبئًا على الدول منخفضة ومتوسطة الدخل؛ لا سيما أنها تفتقر إلى البنية التحتية لإدارة المستويات الحالية من النفايات البلاستيكية بشكل آمن، علاوة على ذلك، تواجه هذه الدول تكاليف باهظة لتطوير وتحديث البنية التحتية لإدارة النفايات، والتي تُقدر بنحو 26 مليار دولار سنويًّا.

وأضاف تحليل المركز أن عدم وجود آلية لتقاسم المساءلة عن تكاليف التلوث البلاستيكي هو أمر في غاية الخطورة؛ فنجد أن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل هي الأكثر تأثرًا بعواقب قرارات إنتاج البلاستيك العالمية، ومع ذلك لا يتم تعويضها عن هذه الآثار من قبل الشركات والدول التي تنتج المواد البلاستيكية. بالإضافة إلى عدم قدرة الدول منخفضة ومتوسطة الدخل على التأثير على عمليات صنع القرار الإنتاجي.

وتناول التحليل بعض القطاعات الاقتصادية التي تُعَد مصدراً من مصادر النفايات البلاستيكية عالميًّا؛ ومنها:
قطاع التعبئة والتغليف: حيث يُعَد قطاع التعبئة والتغليف من أكبر القطاعات المُولدة للنفايات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد عالميًّا، وجدير بالذكر أن ما يقرب من 36% من إجمالي المواد البلاستيكية المُنتجَة يتم استخدامها للتغليف؛ ويشمل التغليف حاويات المواد الغذائية والمشروبات ذات الاستخدام الواحد، ويُصنَف نحو 85% منها كنفايات خطرة.

قطاع التصنيع: توجد المواد البلاستيكية في مختلف المنتجات الاستهلاكية بدءًا من السيارات ومرورًا بالإلكترونيات والأجهزة الطبية وألعاب الأطفال وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أن المواد البلاستيكية المستخدمة في صناعة السلع الاستهلاكية تتسبب في أضرار بيئية تُقدر بنحو 75 مليار دولار سنويًّا.

قطاع الطاقة: تُعَد الشركات المختصة بالطاقة من أكبر الملوثين البلاستيكيين عالميًّا؛ حيث يتم تصنيع المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد من الوقود الأحفوري. وكذا يُمثل إنتاج المواد البلاستيكية حوالي 3.4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة مع قيام شركات البتروكيماويات بتحويل منتجاتها لتستخدم المواد البلاستيكية بديلًا عن الطاقة.

مصايد الأسماك: تُشكل معدات الصيد الصناعية وحدها خطورة جسيمة؛ حيث يدخل أكثر من 45 مليون كيلوجرام من المواد البلاستيكية في المحيطات من هذه المعدات؛ مما يتسبب في التأثير على حياة الكائنات البحرية والتنوع البيولوجي وزيادة معدلات التلوث في المحيطات بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: التلوث البلاستيكي البنك الدولي الصندوق العالمي للطبيعة المجارى المائية اتخاذ القرار البلاستیکیة ذات الاستخدام الواحد النفایات البلاستیکیة المواد البلاستیکیة التلوث البلاستیکی البلاستیکیة ا من النفایات فی الدول التی ت إلى أن من الم

إقرأ أيضاً:

الأطعمة فائقة المعالجة تغذي أزمة صحة عالمية وخبراء يطالبون بإصلاح السياسات عالميا

ربط خبراء بين الاستهلاك المرتفع للأغذية فائقة المعالجة وارتفاع مخاطر السمنة والسكري وأمراض القلب والاكتئاب والوفاة المبكرة.

تشير نتائج تقرير جديد إلى أن الارتفاع في استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs) مثل الوجبات الخفيفة المعبأة، والوجبات الجاهزة، والمشروبات السكرية يمثل تهديدا خطيرا للصحة العامة، إذ يغذي الأمراض المزمنة حول العالم ويعمق أوجه عدم المساواة الصحية.

جسم بحثي كبير جديد أعدّه 43 متخصصا عالميا جمع أقوى الأدلة حتى الآن على أن الأنماط الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة تحل محل الوجبات التقليدية، وتُضعف جودة التغذية وتزيد خطر الإصابة بعدة أمراض مزمنة.

تحذر النتائج، المنشورة في ذي لانسيت، من أن هذه الأطعمة تُصمم في الغالب لاعتبارات الملاءمة والربح لا الصحة، وأن الشركات التي تقف وراءها تستخدم تسويقا عدوانيا ونفوذا سياسيا لإبقاء القواعد التنظيمية على مسافة.

ما هي الأطعمة فائقة المعالجة؟

الأطعمة فائقة المعالجة تُصنع باستخدام مكونات صناعية رخيصة، وإضافات تجميلية، وتقنيات معالجة كثيفة تجعلها طويلة الصلاحية، شديدة الاستساغة وسهلة الإفراط في تناولها.

من أمثلتها الشائعة الوجبات الجاهزة من المتاجر، والبيتزا المجمدة، وحبوب الإفطار المحلاة، والبسكويت، والنقانق، والبوظة، وقطع الدجاج، وأصابع السمك، والمعكرونة سريعة التحضير.

في بلدان مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، يأتي أكثر من نصف السعرات الحرارية اليومية للشخص المتوسط اليوم من هذه الأطعمة.

وتلحق دول أخرى بسرعة. خلال السنوات الـ 30 الماضية، تضاعف استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة ثلاث مرات في إسبانيا (11 في المئة إلى 32 في المئة) وفي الصين (أربعة في المئة إلى عشرة في المئة).

ما مدى ضررها على صحتك؟

يجمع التحليل الجديد أكثر من 100 دراسة طويلة الأمد حول هذه الأطعمة والصحة. وقد وجد 92 منها أن زيادة استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بحالة صحية مزمنة واحدة أو أكثر.

يشمل ذلك السمنة، والسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، والاكتئاب، وزيادة خطر الوفاة المبكرة. وترتبط هذه الأطعمة أيضا بالإفراط في الأكل، وكثرة السكريات والدهون غير الصحية، وانخفاض مستويات الألياف والبروتين.

Related علماء يحذرون: الأطعمة فائقة المعالجة قد تزيد حالات سرطان القولون والمستقيم بين الشباب

وتبرز الأبحاث كذلك أدلة متزايدة على أن طرق تصنيع هذه الأطعمة وتعبئتها قد تعرض الناس لطيف من المواد المحتملة الضرر.

فالتصنيع على درجات حرارة مرتفعة قد ينتج مركبات مثل الأكريلاميد، والفورانات، والدهون المتحولة الصناعية، وهي مواد كيميائية ربطتها أبحاث أخرى بالالتهاب ومخاطر السرطان.

وغالبا ما تُباع هذه الأطعمة في عبوات طويلة العمر يمكن أن تُرشّح "معطلات الغدد الصماء" مثل الفثالات والبيسفينولات و"PFAS" "مواد كيميائية أبدية"، بما قد يتداخل مع الهرمونات في جسمك.

ماذا يقول خبراء الصحة؟

قالت ماتيلد توفييه، عالمة أوبئة بارزة في المعهد الوطني الفرنسي للصحة والأبحاث الطبية (Inserm)، إن البحث "يبرر الحاجة إلى تحرك سياسي".

وأشارت إلى أن الجدل داخل علم التغذية أمر طبيعي، لكن لا ينبغي الخلط بينه وبين محاولات الصناعة تقويض الأدلة.

"تشير كتلة الأبحاث المتنامية إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة تضر بالصحة على مستوى العالم، وهو ما يبرر الحاجة إلى سياسات عامة", قالت.

وجادلت كاميلا كورفالان، وهي اختصاصية صحة عامة تشيلية معروفة بصياغة بعض أقوى قوانين وسم الأغذية في العالم، بأن على الحكومات التدخل.

"مواجهة هذا التحدي تتطلب من الحكومات رفع وتيرة التحرك واعتماد سياسات جريئة ومنسقة، بدءا من إدراج مؤشرات على الأطعمة فائقة المعالجة ضمن ملصقات على واجهة العبوة، مرورا بتقييد التسويق وفرض ضرائب على هذه المنتجات لتمويل إتاحة أوسع لأغذية مغذية وميسورة الكلفة", قالت.

وأضاف اختصاصي علم الأوبئة التغذوي باري بوبكين أن الملصقات ينبغي أن تُبرز مؤشرات المعالجة الكثيفة لا مستويات السكر أو الدهون فحسب.

"ندعو إلى إدراج المكونات التي تمثل مؤشرات على الأطعمة فائقة المعالجة (مثل الأصباغ والنكهات والمحليات) في ملصقات على واجهة العبوة، إلى جانب الزيادات المفرطة في الدهون المشبعة والسكر والملح، لمنع الاستعاضة غير الصحية عن المكونات، وتمكين تنظيم أكثر فاعلية", قال.

ويقترح الخبراء أيضا حظر هذه الأطعمة في المستشفيات والمدارس، وخفض بروزها على أرفف المتاجر، واستخدام الضرائب على أصناف مختارة منها لدعم الفاكهة والخضروات والمواد الطازجة الأساسية للأسر ذات الدخل المنخفض.

'حماية الأرباح ومقاومة التنظيم الفعال'

بعيدا عن الآثار الصحية السلبية، يحذر التحليل من القوة السياسية لمصنّعي الأطعمة فائقة المعالجة، وهو قطاع يدر عالميا ما يقرب من تريليونين دولار (1.7 تريليون يورو) سنويا.

وقال سيمون باركيرا، وهو خبير مكسيكي بارز في السمنة والسكري، إن صعود هذه الأطعمة ليس مسألة اختيار شخصي بقدر ما هو ضغط سياسي.

"الشركات القوية، لا خيارات الأفراد، تقف وراء الارتفاع العالمي في الأطعمة فائقة المعالجة", قال.

وأضاف أنه رغم أن الشركات تقدم نفسها غالبا كشريك في تحسين التغذية، "فإن أفعالها تروي قصة مختلفة، تتمحور حول حماية الأرباح ومقاومة التنظيم الفعال".

Related منظمة الصحة العالمية تتهم شركات الغذاء والتبغ والكحول بعرقلة سياسات صحية "منقذة للحياة"

ويصف الباحثون استراتيجيات مماثلة لتلك التي تستخدمها شركات التبغ: الضغط السياسي، وتشكيل مسار النقاش العلمي، وتمويل جماعات المصالح، وتأخير اللوائح.

ملاحظة تحذيرية من خبراء مستقلين

ومع ذلك، يحذر بعض الخبراء غير المشاركين في الدراسة من أن المراجعة المؤلفة من ثلاثة أجزاء والمنشورة حديثا ينبغي التعامل معها بشيء من التحفظ.

وجادل جوردان بومونت، وهو محاضر أول في الغذاء والتغذية في جامعة شيفيلد هالام، بأن مفهوم الأطعمة فائقة المعالجة وتأثيرها على الصحة "محل خلاف شديد".

"لا توجد أدلة مقنعة عالية الجودة تُثبت أن الأطعمة "فائقة المعالجة" غير صحية بطبيعتها. بل إن مؤلفي هذه الورقة يبنون ادعاءاتهم على أدلة ضعيفة نسبيا، مثل الدراسات الرصدية والمراجعات السردية."

"ولفهم الأثر الحقيقي الذي تُحدثه الأطعمة "فائقة المعالجة" على الصحة، نحتاج إلى العديد من التجارب العشوائية المحكومة واسعة النطاق والمتينة", قال.

وقال كيفن ماكونواي، أستاذ الإحصاء التطبيقي في الجامعة المفتوحة، إنه رغم أن الأدلة مقنعة في أجزاء منها، "لا تزال هناك ثغرات فيما تم تثبيته".

"قد لا تقود الأبحاث الإضافية باستخدام قياسات غذائية أفضل إلى استنتاجات مختلفة، لكننا في الواقع لا نعرف ما إذا كان ذلك صحيحا من عدمه إلى أن تُجرى الأبحاث باستخدام القياسات الجديدة".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • بودن يستعرض رؤية الجزائر والتزامها الثابت بدعم مسار التكامل الاقتصادي الإفريقي
  • رئيس مجلس الوزراء يستعرض أبرز أنشطته الأسبوعية ويؤكد أهمية المشروعات القومية للسير نحو رؤية مصر 2030
  • "المكافحة" تحبط محاولتي تهريب كميات من المواد المخدرة والحشيش
  • النائب العام يستعرض ملامح المشروع الوطني لتسليم الذهب للبنك المركزي
  • شرطة أبوظبي تنظّم فعالية الوعي الصحي للحد من مخاطر السكري
  • «معلومات الوزراء» يستعرض في تقرير جديد تجربة سنغافورة الرائدة في التجارة الدولية
  • قائمة عالمية ترصد أفضل دول الأرض في نوعية الحياة.. لن تتخيل من في المقدمة
  • معلومات الوزراء: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة للسياحة والسفر عالمياً خلال 2025
  • معلومات الوزراء: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة للسياحة والسفر عالميًا خلال عام 2025
  • الأطعمة فائقة المعالجة تغذي أزمة صحة عالمية وخبراء يطالبون بإصلاح السياسات عالميا