مقدمة المؤرخ بيتر هولت لكتاب حاييم شاكيد المعنون “حياة المهدي السوداني
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
مقدمة المؤرخ بيتر هولت لكتاب حاييم شاكيد المعنون "حياة المهدي السوداني: دراسة تاريخية لكتاب "سعادة المستهدي بسيرة الإمام المهدي"
Forword by P.M. Holt to the book: “The Life of the Sudanese Mahdi: A Historical study of Kitab saadat al – musthadi bi-sirat al – al-Imam al- Mahdi
P.M. Holt بيتر هولت
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه ترجمة لما قدم به المؤرخ البريطاني بيتر هولت (1918 – 2006م؛ اُنْظُرْ نعيه في صحيفة الاندبندنت https://shorturl.
ويجدر بالذكر أن كتاب إسماعيل بن عبد القادر الكردفاني "سعادة المستهدي بسيرة الإمام المهدي"، قد نُشِرَ بتحقيق محمد إبراهيم أبو سليم، بيروت: دار الجيل، 1982م. وأورد حاييم شاكيد في مقدمة كتابه هذا (الذي أصدره عام 1978م) سيرة ذاتية ضافية لإسماعيل بن عبد القادر الكردفاني.
المترجم
************* ************ ***********
لقد كان القرن التاسع عشر فترة من الزمان وقعت فيها الكثير من التغيرات العميقة في المناطق التي تشكل الآن المديريات الشمالية لجمهورية السودان الديمقراطية. وفي الخمسمائة سنة الماضية اختفت من الوجود الممالك النوبية المسيحية، وقطن السكان المسلمون، الذين كان معظمهم من الناطقين باللغة العربية ويزعمون أصلاً عربياً، في القرى المستقرة وأراضي الرعي. وقد حافظت سلطنتا الفونج ودارفور الإسلاميتان منذ القرن السادس عشر على درجة معينة من السيطرة على مقاطعات واسعة، في حين كان الشيوخ (المعلمون الدينيون) مشبعين بعمق بالصوفية، ونقلوا للسكان إسلاماً شعبياً يشتمل على عناصر ثقافية متنوعة. وفي الفترة من 1820 إلى 1821م أطاح الغزو التركي المصري للسودان بالهياكل السياسية المحلية أو خفض سلطاتها إلى تبعية أكثر صرامة مما كان معروفاً من قبل، وارتبط السودان بمصر محمد علي باشا، التي كانت هي نفسها تدخل في مخاض التحديث والعَصرنة تحت نفوذ دول أوروبية. وهكذا جلب الغزو الأجنبي تأثيرات هددت الإسلام التقليدي للسودانيين، وبعد جيلين جاءت المهدية بحسبانها ثورة ضد الهيمنة السياسية والثقافية الأجنبية. ولكن على الرغم من أن المهدي كان قد نشأ في بيئة صوفية محلية، إلا أنه لم يسع لاستعادة المجتمع المفقود في فترة الفونج، بل سعى لإقامة مجتمع أكثر بعداً وأشد قدسية – لقد كان يسعى لإقامة أمة النبي محمد وأصحابه. وفي هذا الصدد، تظهر المهدية الكثير من أوجه الشبه مع حركات أخرى مثل الوهابية، التي وجدت في العصر الذهبي للإسلام الباكر برنامجاً للعمل الديني والسياسي في عصرها. غير أن المهدي وأنصاره كانوا يرون أنفسهم ليسوا فقط مجرد مجددين أو مصلحين للعقيدة الإسلامية، بل كانوا يرون أنفسهم خلفاء حقيقيين للنبي وصحابته، وأن عليهم إعادة أداء نفس الأدوار المقدسة التي أداها مجتمع النبي محمد عند بداية عصره.
إن العمل الذي يعرضه الدكتور شاكيد هنا عن سيرة المهدي وسيرته الذاتية هو عمل مهم بلا شك. أولاً: لأنه يعكس هذه الصورة الذاتية للمهدي وأتباعه، ويلقي الضوء على الإسلام السوداني الشعبي في ذلك الوقت والتوقعات الأخْرَوِيَّة (eschatological expectations) التي تمثل رد فعل على الحكم التركي المصري. وثانياً، على الرغم من أن مقصد هذه السيرة ديني وتعليمي، إلا أنها تُعَدُّ مصدراً فريداً لسيرة المهدي وتاريخ الحركة التي بدأها. وهذه النسخة الإنجليزية المكثفة التي أعدها الدكتور شاكيد بعناية فائقة، وكتب لها مقدمة علمية وشاملة، تمثل بالتالي مساهمة كبيرة ومهمة في فهم المهدية السودانية في جوانبها المزدوجة كثورة سياسية، وكحركة ألفية (millenarian) في الإسلام. وسيجد القُرّاء والقارئات المهتمون بتاريخ السودان وتاريخ الإسلام في هذا الكتاب فائدة عظيمة.
alibadreldin@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
تحالف “الحلو” و”حميدتي” هل يسعى لتطويق الجيش السوداني في كردفان؟
وكالات- متابعات تاق برس- قالت إذاعة مونت كارلو أنه وفي وقت مازالت الحرب فيه مستعرة بالسودان، ومازالت الأطراف المتناحرة فيها تبحث عن مكاسبها الخاصة، وفي وقت تواجه فيه البلاد أزمات إنسانية واقتصادية واجتماعية بأشكال غير مسبوقة. بسبب المعارك، التي أنهكت السودانيين ودمرت نسبا كبيرة من البنى التحتية في البلاد؛ تشهد ولاية كردفان تطورات حاسمة؛ مع إعلان الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، الإثنين الماضي سيطرتها على منطقة الدشول في ولاية جنوب كردفان، إثر معارك ضارية استمرت لأيام مع الجيش السوداني.
وأوضحت الإذاعة أن نائب رئيس الحركة جقود مكوار، قال في كلمة أمام مقاتلي حركته أنه لا بديل لمشروع السودان الجديد إلا مشروع السودان الجديد، مؤكدا مواصلة القتال ضد الجيش السوداني، ومشددا على جاهزية قوات “تأسيس” (تحالف السودان التأسيسي) واستعدادها الكامل لـ”تحرير كافة الأراضي السودانية من الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه”.
وأضاف أن “القوات في أفضل حالاتها وتمتلك زمام المبادرة العسكرية، والحركة الشعبية ماضية في مشروعها لتأسيس سودان علماني ديمقراطي لا مركزي يسع الجميع”، متوعدا بتحقيق “انتصارات مهمة خلال الأيام والأشهر المقبلة”.
ومنذ الأربعاء الماضي، احتدمت المعارك بين الجيش وقوات الحركة في الدشول، بينما تتصاعد المعارك في محور غرب كردفان بين قوات الجيش والمجموعات المتحالفة معه والدعم السريع وحلفائها.
ووفقا لمراقبين، يأتي هذا التطور في وقت يسعى فيه الحليفان، الحركة والدعم السريع، إلى تطويق الجيش السوداني بين الدشول ومحور غرب كردفان.
لكن على الرغم من تحالفهما، سياسيا وعسكريا، تبرز الكثير من الأسئلة حول متانة الحلف بين الحركة والدعم السريع، بالأحرى بين الحلو ودقلو. وينظر العديد من الفاعلين داخل الحركة إلى دقلو بعين الريبة، متخوفين من سعيه لبسط سيطرته على منطقة جبال النوبة، العمق الاستراتيجي للحلو.
يذكر أن الحركة الشعبية شمال في جنوب كردفان، تقاتل الجيش السوداني منذ عام 2011. وبعد سقوط نظام البشير أعلن الجانبان وقف إطلاق النار، لكن سرعان ما تجددت المعارك بينها بعد اندلاع الحرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، وتحالف عبد العزيز الحلو مع حميدتي.
وكانت الحركة قد وقعت اتفاقا مع الدعم السريع في أبريل الماضي، إضافة إلى مجموعات وشخصيات سياسية أخرى، لتأسيس تحالف سياسي عسكري تحت مسمى “تحالف السودان التأسيسي”.
في الأثناء قال الجيش السوداني اليوم الأربعاء أن قواته بمدينة الدلنج التابعة للفرقة الرابعة عشرة مشاة – كادوقلي بجنوب كردفان استطاعت تدمير مجموعة كبيرة من مرتزقة مليشيا الدعم السريع واستلام عدد من الأسلحة والطائرات المسيرة.
الجيش السودانيالحركة الشعبية شمالحميدتي