علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله ومع خلق الله، قال سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: "إن لله تعالى صفوة من خلقه، إذا أحسنوا استبشروا، وإذا جاءتهم نعمة شكروا، وإذا ابتلوا صبروا"، وركب سيدنا سليمان بن داود -عليهما السلام- مركبا، فقال له ناس من قومه: يا نبي الله أعطيت شيئا لم يعطه أحد من قبلك، فقال: "أربع من كن فيه كان أفضل مما أنا فيه: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الغضب والرضى، وحمد الله على السراء والضراء".
والشكر لا يكون بالقلب والباطن فحسب، بل يكون بالجوارح، فمن شكر الجوارح أن النبي ﷺ قام حتى تورمت قدماه فقيل له: “يا رسول الله أتفعل هذا بنفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا”.
وقال أبو هارون: “دخلت على أبي حازم فقلت له: يرحمك الله ما شكر العينين؟ قال: إذا رأيت بهما خيرا ذكرته، وإذا رأيت بهما شرا سترته، قلت: فما شكر الأذنين؟ قال: إذا سمعت بهما خيرا حفظته، وإذا سمعت بهما شرا نسيته".
قال سيد الطائفة الجنيد: “الشكر أن لا ترى نفسك أهلا للنعمة. وهذا إشارة إلى حال من أحوال القلب على الخصوص، وكل منهم يقول بحسب الحال الغالب عليه أو بما يليق بالسائل”.
أما ما يخص شكر الناس؛ إذ هو الوسيلة لشكر الله كما تقدم، وإن من أذم الخلائق وأسوأ الطرائق ما يستوجب به قبح الرد وسوء المنع.
وليس هناك أدل على هذا المعنى مما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: {لا يشكر الله من لا يشكر الناس}. وفي معنى هذا الحديث قال الخطابي: “هذا الكلام يتأول على معنيين : أحدهما : أن من كان من طبعه كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم ،كان من عادته كفران نعمة الله عز وجل وترك الشكر له”.
والوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه، إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس إليه ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
مقدار المسح الواجب على الرأس في الوضوء ..علي جمعة يكشف الضوابط الشرعية
أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن مسح جزء من الرأس عند الوضوء جائز شرعًا، مشيرًا إلى أن الوضوء يختلف عن الغسل، إذ يتطلب الغسل تعميم الماء على كامل العضو، بينما في الوضوء يكفي المسح فقط دون غمر الرأس بالماء، مستدلًا بقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}.
وأضاف جمعة خلال أحد دروسه الدينية، ردًا على سؤال حول جواز مسح جانبي الرأس بالماء أثناء الوضوء دون تعميم المسح على الرأس كله، قائلاً: "يجوز الاكتفاء بمسح جانبي الرأس أو جزء منه، وقال بعض العلماء ولو بثلاث شعرات فقط".
وبيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ بالمسح من مقدمة رأسه ثم يُرجع يديه إلى مؤخرة رأسه ويعود بهما إلى المقدمة، موضحًا أنه في حال كان الشخص أصلع تمامًا، فعليه أن يُمر يده المبللة بالماء على رأسه فقط دون حاجة للماء الغزير.
وفي سياق متصل، أكدت دار الإفتاء المصرية أن مسح الرأس ركن أساسي من أركان الوضوء، وأن القدر الواجب فيه هو إمرار جزء من اليد ولو عقلة إصبع على بعض الرأس ولو على شعرة أو ثلاث شعرات من مقدمة الرأس، لتحقيق مسمى المسح الشرعي، مشددة على أنه لا يصح الاقتصار على مسح الشعر الطويل الخارج عن حدود الرأس.
ونقلت الإفتاء عن العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في كتابه "مغني المحتاج" قوله إن مسمى المسح يتحقق بإصابة بعض شعر الرأس أو بشرته داخل حدوده، ولا يُعتد بما خرج من نطاق الرأس، كما استشهدت بقول الله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم: "أنه مسح بناصيته وعلى العمامة".
وأوضحت دار الإفتاء أن القدر المستحب في المسح هو استيعاب الرأس كاملًا باليدين، بدءًا من مقدمة الرأس حتى القفا ثم العودة إلى المقدمة مرة أخرى، وذلك اتباعًا للسنة النبوية، وللخروج من خلاف من أوجب تعميم الرأس بالمسح، مؤكدة أن من مسح الناصية فقط أو ربع الرأس فقد أجزأه وضوؤه.
وفي توضيح آخر، صحح الدكتور محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، اعتقادًا شائعًا بين بعض الناس بأن مسح الرأس في الوضوء يقتصر على المقدمة فقط، مؤكدًا أن الواجب هو مسح أي جزء من الرأس سواء من الأمام أو الخلف أو من الجانبين، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}.
وأشار شلبي إلى أن من مسح جزءًا من الرأس بأي جهة فقد تحقق شرط الوضوء، مؤكداً أن الاقتصار على الشعر المنسدل خارج الرأس لا يجزئ لأنه لا يُعد من الرأس نفسه.