لواء شرطه م محمد عبد الله الصايغ
أنا لا ألوم مَن لا أخلاقَ لَهُم حتى لو أدّت بِهِم أنانيّة الهروب من المُساءلَةِ والعِقاب لإشعال حربٍ وتدمير وطن على رؤوسِ مواطنيه.
فوجِئنا وفوجِئَ حماسُنا وفوجئَ الماردُ المُنطَلِقُ من دواخِلِنا بعدَ سجنٍ إنفرادي لأعوامٍ ثلاثين. بعد ثلاثين عاماً من الذُلّ والقهر إمتلأت الرئه بالهواء النظيف لاوّلِ مَرّه بسببِ هذا الشعب الجميل.
لم يكُن سبب المفاجأه حميدتي ولا البُرهان ولا مَن وراءهُما من حُشودٍ عسكريه فنحنُ لم نتعامَل مع أيّ سُلطه عسكريه حتى في زمن الإنتقال وحتى ، في حالةِ هذين الجنرالين غير الحَقيقِيَين ، fake generals , كان الترياقُ موجوداً متمثلاً في شارِعٍ مُوَحَّدٍ حينَها ، يغلي ولا يُمكن تجاوُّزُهُ.
كانت المُفاجأه من مَدَنيينا الذين سدّدوا سهاماً صدِئةً إلى كُلّ الثقةِ والفَرحَه وتاريخٍ ظلّ يبحث ويحفِرَ الصخر مُتَطَلّعاً لتلك اللحظه التي ما ظَنَّ ان تمتدَّ به الأيّام للقائها.
لقد ظلّت القوات المُسَلّحه السودانيه وحلفاؤها من دعمٍ سريع وحركات مسلحه وشرطه وجهاز أمن ، مُنذُ اكتشافِهِم المُذهِل لفعالية ( الحاويات ) في عَزل مدن العاصمه عن بعضِها واستحالة عبور المتظاهرين وبالتالي السيطره على كُلِّ مدينَه على حِدَه وبالتالي الفتك بِمُتظاهِريها. ، ظلّت هذه القوّات بعيدَةً عن أيّ ( خِيانه ) تسمح بعبور او تَسَلُّل أيّ مُتَظاهِر عَبر الحاويات وحافَظوا على ذلك ( الواجِب ) سِنينَ عددا وعَوّقوا واغتصبوا وقَتلوا وحالوا بين المصابين والمَشافي واقتحموا المشافي وأشبعوها بالغاز المُسيّل للدموع وهاجموا مُشَيّعي الشُهداء إلى المقابر.
ذاكَ كانَ دَيدَن تلك القوّات في التعامُلِ مَع المُتظاهرين السودانيين العُزَّل إلّا من إيمانِهِم بثورَتِهِم من أجل غَدٍ أفضل.
( هي نَفس القوّات التي طالبنا بإزالَتِها بموجب ثوره بحجم ديسمبر ).
الفظائع التي ارتكبها الجنجويد في غرب البلاد ثمّ في الخرطوم التي أُخْلِيَت تماماً في ظرفٍ وجيز بِكَثافَةِ النيران وثِقلِها وقُوَّتِها مُلقِيَةً بأغلَب ساكنيها على العاصمه الثانيه واد مَدني التي ضَمّت فيمن ضَمّت المرضى والمصابين.
زادَ من مُستوى الإستعداد بين القوات الحكوميه وتم تسليح بعض أبناء المنطقه عندما بدأ الجنجويد تَحَرُّشَهُم بمدينة واد مدني وَ سُدّ كبري حنتوب بالحاويات واسترخى أهلُ المدينه وضُيوفُهُم فالفِرقَه الأولى مُشاه وشرطة الولايه والأحهِزه الامنيّه الأُخرى في كامل الجاهزيه والأهم انهم كانوا قد ( وعدوا..! )
هذا السلوك ( الوَعد ) سلب كل من كان بالمدينه حقّهُ في مغادرتِها وحَقّهُ في الجاهزيه للدفاع عن نَفسِهِ وعِرضِهِ ومَالِهِ.
سمِعنا بقواتٍ تُقاتِلُ حتّى آخِرِ فَردٍ فيها وبالضروره يموتُ ضُبّاطها بينَ جنودِهم. سمعنا بقوّاتٍ تُقاتل ثم تنسحِب بتخطيطٍ لهجومٍ آخَر أو تنسَحِب بعد قتالٍ مُقنِع لأيّ أسبابٍ أخرى ولكن لم نسمع بقوات ( تهرُب ) قبل بدء المعركه تارِكَةً عَتادَها ويَهرُب مَعها كل المسؤولين المدنيين .. والأدهى والأمَر يقوموا بإزالة الحاويات عن الكبري قبل ذلك الهروب ( التأريخي ) فاتحين الطريق للعدو ليدخل المدينه ويستبيحها وينتهك أعراضها وأعراض كل الولايه منذ ذلك الهروب وحتى الان.
وَعَدَ قائد الجيش بإجراء تحقيق مع ان الأمر لا يحتاج لتحقيق بل إلى مُحاكمات ميدانيه ( تُرى ) وتشمل قيادات الجيش ومجلسه العسكري وحتّى ذلك التحقيق لم يَرَ النور ولن يراه.
عندما كان الشعب السوداني على قلب رجُلٍ واحد أيّام الثوره حَفِيَت أقدامَنا بينَ المسؤولين المدنيين ونحنُ نُحَدّثُهُم حديث الصِدق. حديثٌ منشؤهُ القلب بكل البيّنات التي خلَقَها اللهُ سُبحانَه أنّ القوّات النِظاميّه مُثقله بكوادر الإنقاذ ومُدَّخَره لليومِ الأسوَد.
حَدّثناهُم عن إجتِماعات جماعة الإنقاذ .. أين؟ .. في وزارة الداخليه ! صَدِّقوا.
كاذِبٌ مَن يَدَّعي أنّ البُرهان أو مَجلِسُهُ هُم المسؤولين .
كما ظللتُ أقول أنّ مَن لا أخلاقَ لَهُم وهُم يَسعونَ إلى ( مُخارَجَة ) أنفُسِهِم من المُحاكمات أو مُخارَجَة أموال السُحت التي سرقوها لا يجب أن يؤاخَذوا فالمُجرُم يتم التعامُل مَعَهُ في إطارِ إجرَامِهِ وانعِدامِ أخلاقِهِ واستعدادِه المجنون لارتكاب المزيد من الجرائم ( desperate men do desperate things ) . مَن الذي أضاعَ الإنتقال؟ من الذي رَفَضَ عودة عشرة الاف ضابط شرطه ومِثلَهُم من الجيش وخلفَ كُلٍ مُنهُم غَبينه ستجعل أداءهُ الصادِق من أجلِ الوطن سوفَ يَصِلُ إلى حَدّ الإبهار؟ مَن الذي غَيّر النص في الوثيقه الدستوريه بما يُفيد تسوية حقوقِهم فقط وإستحالة إعادَتِهِم و ( لماذا )؟من الذي إنتَظَرَ بكل ضباط وقوات الإنقاذ وحافظ عليهِم في مواقِعِهِم وتحت يديهِ أربعين مليون سوداني في الشارع وعلى قلبِ رجُلٍ واحد ، حينَها ، وهي نفس القوات التي تقتل و ( تذبَح ) المدنيين اليوم؟ ومن الذي سكت وحميدتي يتمَدّد؟ ومن الذي ترَك جوبا للعسكَر؟
مساكين مَن يقولون أنّهُم كانوا مضغوطين من العسكر .. الخ ذلك الكلام الممجوج. كان الشعب في الشارع .. وإذا عجز الشعب المارد فهنالك ( ثقافة الإستقاله ) .. وأخيراً مَن الذي أضاعَ السودان؟
melsayigh@gmail.com
////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: م ن الذی من الذی
إقرأ أيضاً:
وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى
أذكر أنني في آخر مقال كتبته عن حادي ركبنا، قائد قافلة خيرنا القاصدة أبداً إن شاء الله، خادم الحرمين الشريفين، سيّدي الوالد المكرم، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، قلت إن الإنسان ليحتار حقَّاً عن أي سلمان يكتب؟!: القائد البطل الفذ؟ الإداري العبقري؟ الإنسان المتوكل على ربِّه الواثق في نصره وعونه؟ إلى أن وصلت إلى: المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى.
الحقيقة تذكرت مقالي هذا الذي تم نشره مؤخراً، عندما كنت أطالع تقرير رؤيتنا (2030) الطموحة الذكية، للعام المنصرم (2024) التي هندسها أخي العزيز الغالي، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، ولي العهد القوي بالله الأمين، فإذا بوسائل التواصل الاجتماعي، تتناقل خبراً مفاده تبرع سموه الكريم بمبلغ مليار ريال من حسابه الخاص، دعماً لتمليك الإسكان للمحتاجين.
فوضعت التقرير جانباً، واحترت للمرة الثانية في وصف هذا الرجل الذي جاء يمشي على خطى سلمان، مثلما احترت من قبل في وصف قائدنا سلمان، حتى ليكاد يهلك نفسه بسبب انكبابه على العمل ومواصلته ليل نهار، والتفكير الدائم من أجل رفعة الوطن وراحة المواطن. وصدقاً لم أجد وصفاً يعبِّر عمَّا يعتمل في النَّفْس من مشاعر تجاه هذه الأعمال العظيمة، التي ينجزها لنا مع بزوغ كل فجر جديد، التي لا يستطيع تحقيقها إلا القادة العظماء أمثاله، وقليل ما هم. كما يخذل الإنسانَ اللسانُ في التعبير عمَّا يشعر به من شكر وتقدير وعرفان وامتنان.
فبدا لي أن أقترح على الجهات الحكومية المعنية في هذه الدولة المباركة، استحداث وسام بمسمى (وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى) يكون سموه الكريم أول إنسان يناله، تعبيراً عن شكرنا وتقديرنا وعرفاننا وامتناننا لحسن صنيع ولي عهد بلادنا القوي بالله الأمين، وإن كان مهما عملنا أو قلنا في حقِّ هذا الرجل الكبير فينا اليوم، لن نستطيع أن نوفيه ما يستحق، غير أنه يبقى على كل حال جهد المقل كما يقولون.
ومن ثَمَّ يصبح منح هذا الوسام تقليداً رائعاً لكل سعودية وكل سعودي ممن يقدمون خدمة استثنائية عظيمة لرفعة الوطن وراحة المواطن. وصحيح، يصعب على أي واحد منَّا، إن لم يكن يستحيل، أن يُقَدِّم منفرداً لهذا الوطن العزيز الغالي الذي ليس مثله في الدنيا وطن، الذي يستحق أرواحنا ودماءنا، ما تقدمه القيادة الرشيدة؛ غير أنه على كل حال، استحداث مثل هذا الوسام الاستثنائي، يجعلنا جميعاً نتسابق في خدمة بلادنا وراحة شعبنا، لنحظى بمثل هذا الشَّرف العظيم، ولعمري أي شرف أعظم من أن ينال الإنسان (وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف) في خدمة بلاد الحرمين الشريفين؟!.
ختاماً: أتمنى صادقاً من كل قلبي، أن نشاهد قريباً جداً سمو ولي عهد بلادنا القوي بالله الأمين، وهو يتقلَّد هذا الوسام، الذي هو أحقُّ به اليوم من أي واحد بيننا.
فاللَّهم أحفظ قادتنا، ومتعهم بالصحة والعافية، وبارك لنا في عمرهم ورزقهم وذريتهم، واجزهم عنَّا كل خير.