"الموت أو السجن"...العراق يبحث عن "الخلاص" من المخدرات
تاريخ النشر: 31st, July 2023 GMT
على مدى سبع سنوات، كان محمد يتناول بشكل يومي نحو عشر حبوب من الكبتاغون، لكن الشاب البالغ من العمر 23 عاماً يريد الآن أن يتحرّر من إدمانه على المخدرات، الآفة التي يشنّ عليها العراق حرباً شاملة.
تحوّل العراق، الذي له حدود مع إيران وسوريا والسعودية، إلى ممر لتجارة المخدرات، لكن في السنوات الأخيرة تفاقم فيه استهلاك المواد المخدرة، فيما تسعى الحكومة لإيجاد حلول للأزمة لا سيما عبر معالجة المدمنين.
وأكثر أنواع المخدرات انتشاراً في العراق، هو الميثامفيتامين أو الكريستال، الذي يأتي عموما من أفغانستان أو إيران، ويوجد كذلك الكبتاغون وهو من نوع الأمفيتامين يجري إنتاجه على نطاق صناعي في سوريا، قبل أن يعبر الحدود إلى العراق ويغرق أسواق دول الخليج.
ويستقبل حالياً مستشفى إعادة تأهيل للمدمنين افتتحته وزارة الصحة في نيسان/أبريل، حوالي 40 مريضاً جاؤوا بأنفسهم إلى "مركز القناة للتأهيل الاجتماعي"، ومن بينهم محمد الذي يتعاطى منذ أن كان بعمر 16 عاماً، "10 أو 12" حبة كبتاغون في اليوم، كما يروي تحت اسم مستعار، يضيف أنه كان يعمل في متجر للمواد الغذائية ودفعه زملاؤه لبدء تعاطي كبتاغون من نوع "صفر واحد".
ويتابع الشاب المتحدّر من محافظة الأنبار الواقعة في غرب العراق والحدودية مع سوريا والسعودية "يتعاطونها في المتجر، تعطي نشاطا وقوة وتمنعك من النوم"، لافتا إلى أن الحبة التي يبلغ ثمنها دولارين "منتشرة في كل مكان، منتشرة بسهولة".
بعدما أمضى للمرة الأولى أسبوعين في المركز عاد إلى منزله، لكنه قرر بعد ذلك الرجوع إلى العيادة خشية الاستسلام للتعاطي من جديد. ويقول إن الكبتاغون يقود المرء "إما إلى السجن أو إلى الموت".
"آفة تدمر البشر"ومن حوله وفي أجواء تسودها الراحة في قاعة الرياضة في العيادة، كان رجال من مختلف الأعمار يلعبون كرة الطاولة أو "بايبي فوت"، بعضهم كان مبتسماً فيما بدت ملامح التعب على وجوه آخرين.
تضمّ العيادة قسماً للنساء. ويقضي الشخص فيها شهراً وأحياناً شهرين أو ثلاثة بحسب حالته، فيما يتلقى المرضى دعماً نفسياً أيضاً خلال جلسات فردية يومية أو جماعية أسبوعياً.
وبعد خروجهم من العيادة، يواظب المرضى على زيارات أسبوعية لستة أشهر.
يقول مدير المركز عبد الكريم صادق كريم إن العيادة تستقبل "مختلف الأعمار، تبدأ من الـ14 و15 عاماً، لكن معظمهم بالعشرينات من العمر".
ويضيف أن نوع المخدر الأكثر انتشاراً هو الكريستال إذ "يسبب الإدمان من أول جرعة".
من جهته يرى علي عبد الله المعاون الإداري للمركز أن التعاطي "آفة تدمّر البشر نهائياً"، موضحاً أن استهلاك المخدرات تصاعد في العراق بعد العام 2016.
وتعلن القوات الأمنية العراقية حالياً وبشكل شبه يومي عن عمليات مداهمة وتوقيفات مرتبطة بالمخدرات، وبين تشرين الأول/أكتوبر وحزيران/يونيو 2023، أوقف 10 آلاف شخص "بتهم مرتبطة بجرائم مخدرات، من متاجرين وناقلين ومهربين ومروجين ومتعاطين"، كما قال حسين التميمي المتحدث باسم المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية.
كذلك ضُبطت 10 ملايين حبة كبتاغون و500 كيلوغرام من المخدرات، بينها 385 كلغ من الكريستال على الأقل خلال الفترة نفسها، وفق الأرقام التي أفصح عنها مسؤولون من مديرية شؤون المخدرات.
وتلقى هذه العمليات نجاحاً غالباً بفعل تعاون إقليمي متزايد وعمل استخباري مشترك في جمع المعلومات.
ويقول التميمي إن"ملف شؤون المخدرات ملف دولي" ولذلك استقبلت بغداد في أيار/مايو مؤتمراً جمع عدة دول مجاورة، كان أهم مخرجاته "إنشاء قاعدة بيانات لتبادل المعلومات في ملف شؤون المخدرات والمؤثرات العقلية"، فضلاً عن "إعداد نقاط تواصل بشكل أسبوعي بين المديرية العامة والأجهزة المختصة في الدول العربية والإقليمية".
سوق صاعدة؟وفق أرقام رسمية جمعتها فرانس برس، ضُبطت في الشرق الأوسط 110 ملايين حبة كبتاغون على الأقل في العام 2023، ومنتصف تموز/يوليو أفادت وزارة الداخلية عن اكتشاف غير مسبوق لموقع لتصنيع الكبتاغون في جنوب العراق حيث لا يزال تصنيع المخدرات ضعيفاً.
وبات العراق ممراً مهماً لتجارة الكبتاغون خاصة لأن جاره الأردن، بلد ممر آخر لهذه التجارة، عزز حدوده ولا يتردد في إطلاق النار على المهربين، كما أفاد دبلوماسي غربي في بغداد.
وحتى قبل سبع سنوات فقط، كان العراق بلد ممرٍ حصراً، لكن لتمويل حقوق المرور استخدمت المخدرات عوضاً عن المال، ما أدى إلى إعادة بيعها واستهلاكها في السوق المحلية، وفق المصدر نفسه الذي طلب عدم الكشف عن هويته.
وأضاف المصدر أنه "من الممكن أن يشكل العراق سوقاً حقيقياً، في حال حصول نمو اقتصادي وارتفاع القدرة الشرائية"، في بلد يبلغ عدد سكانه 43 مليون نسمة ويضم مجتمعه نسبة كبيرة من الشباب.
تدرك الحكومة العراقية خطورة الموضوع. ولذلك فتحت ثلاثة مراكز لإعادة التأهيل في محافظات الأنبار (غرب) وكركوك (شمال) والنجف (جنوب)، لاستقبال المدمنين الذين تم توقيفهم.
وتعتزم السلطات فتح مراكز مماثلة في كافة المحافظات.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News مخدرات العراق شبابالمصدر: العربية
كلمات دلالية: مخدرات العراق شباب
إقرأ أيضاً:
القضاء البريطاني يلغي إدانة رجل قضى 38 عاما في السجن ظلما
في سابقة قضائية لافتة، أبطلت محكمة في لندن حكم إدانة صدر بحق رجل أمضى نحو 38 عاما في السجن بتهمة القتل، وذلك بعد أن أدت التطورات في تقنيات تحليل الحمض النووي إلى إثارة شكوك جدية حول مدى تورطه في الجريمة.
الرجل، بيتر سوليفان، الذي يُعتقد أنه ضحية لأطول قضية إدانة خاطئة في تاريخ القضاء البريطاني، كان قد حُكم عليه بالسجن المؤبد عام 1987 بتهمة قتل الشابة ديان سيندال، البالغة من العمر 21 عاما، والتي وُجدت جثتها عام 1986 بعد مغادرتها مكان عملها في بلدة بيبينغتون شمال غرب إنجلترا، قرب ليفربول.
القضية تُسلّط الضوء على الأثر الكبير الذي يمكن أن تُحدثه التكنولوجيا الحديثة في مراجعة الأحكام القديمة، وفتح الباب أمام تصحيح أخطاء قضائية وقعت قبل عقود.
???? BREAKING: 'Beast of Birkenhead' Peter Sullivan has murder conviction quashed after 38 years in jail
https://t.co/AUhUrYQcq7
— Daily Mail (@DailyMail) May 13, 2025
سوليفان، الذي اعتُبر مذنبا في جريمة قتل هزت الرأي العام حينها، أصر على براءته منذ اللحظة الأولى، ومع ذلك، لم تلقَ أقواله الاهتمام الكافي، لا من جهات التحقيق ولا من القضاء في ذلك الوقت.
إعلانوبعد سنوات من الضغط والبحث، قادت تحقيقات صحفية مستقلة وتقنيات حديثة لتحليل الأدلة إلى اكتشاف ثغرات كبيرة في القضية، منها غياب أدلة مادية قاطعة، وتضارب في شهادات الشهود.
تفاصيل القضيةأُدين بيتر سوليفان ظلما عام 1987 بجريمة قتل وحشية راحت ضحيتها الشابة ديان سيندال، وهي بائعة زهور وعاملة بدوام جزئي في إحدى الحانات، تبلغ من العمر 21 عاما.
وكانت ديان في طريق عودتها إلى المنزل بعد انتهاء نوبتها مساء الجمعة في أغسطس/آب 1986، عندما تعطلت شاحنتها بسبب نفاد الوقود، حسب ما أفادت به الشرطة، وقد شُوهدت آخر مرة تسير على الطريق بعد منتصف الليل.
بعد نحو 12 ساعة، تم العثور على جثتها في أحد الأزقة، وقد تعرضت لاعتداء جنسي وضرب مبرح أفضى إلى موتها.
في ذلك الوقت، لم تكن التقنيات المتوفرة قادرة على تحليل السائل الجنسي الذي عُثر عليه في مسرح الجريمة. لكن في عام 2024، أُجري تحليل جديد لهذا الدليل باستخدام تقنيات حديثة، وكشف أن السائل لا يعود لسوليفان، حسب ما أكده محامي الدفاع جيسون بيتر، مما شكّل نقطة تحوّل حاسمة في القضية.
صرحت شرطة ميرسيسايد بأن أدلة الحمض النووي المهمة لم تكن متاحة خلال التحقيق الأصلي، وأن الضباط ملتزمون الآن "ببذل قصارى جهدهم"، للعثور على الشخص الذي تُرك حمضه النووي في مكان وفاة ديان سيندال.
صرّحت رئيسة المفتشين كارين جوندريل "بأنه تم فحص أكثر من 260 رجلا، واستبعادهم من التحقيق منذ إعادة فتحه عام 2023".
وقالت "إن قلوبنا مع عائلة ديان سيندال وأصدقائها الذين ما زالوا في حزن على فقدانها، وسيضطرون إلى تحمل تبعات هذا التطور الجديد بعد سنوات عديدة من مقتلها. نحن ملتزمون ببذل كل ما في وسعنا للعثور على هوية صاحب الحمض النووي الذي تُرك في مكان الحادث".
أول تصريحفي أول تصريح له عقب خروجه من السجن بعد نحو 38 عاما قضاها ظلما، قال بيتر سوليفان بتأثر بالغ "الله شاهد على ما أقول، يُقال إن الحقيقة تُحرركم. لكن المؤسف أنها لا تأتي وفق جدول زمني واضح. الآن، ونحن نُصحح الخطأ الذي وقع بحقي، لا أشعر بالغضب ولا بالمرارة، فقط أريد العودة إلى أحبّتي وعائلتي، واستثمار ما تبقى لي من الحياة كما ينبغي".
إعلانوقد أثارت القضية ردود فعل واسعة، إذ طالبت منظمات حقوق الإنسان بفتح تحقيق شامل في ملابسات هذا الخطأ القضائي، ومحاسبة المتسببين فيه، إضافة إلى تقديم تعويض مادي ومعنوي لسوليفان عن سنوات عمره التي ضاعت ظلما خلف القضبان.
وخلال جلسة المحكمة التي أُعلن فيها قرار الإفراج، ظهر سوليفان عبر رابط فيديو من سجن ويكفيلد، وقد غلبته الدموع ووضع يده على فمه، غير مصدق لحظة إعلان حريته بعد عقود من المعاناة.
حالات مشابهةفي عام 2015، أفرجت محكمة بولاية ألاباما جنوبي الولايات المتحدة عن رجل قضى نحو 30 عاما في انتظار تنفيذ حكم الإعدام بحقه، بعد أن تمت تبرئته من جريمة قتل شخصين.
وغادر أنتوني راي هينتون، البالغ من العمر 58 عاما، محكمة مقاطعة جيفرسون وسط ترحيب من مؤيديه، قبل أن يُعانقه أفراد عائلته بحرارة. جاء ذلك بعد أن قررت القاضية لورا بتر إسقاط جميع التهم الموجهة إليه، منهيةً بذلك عقودا من المعاناة قضاها هينتون خلف القضبان في واحدة من أبرز قضايا الإدانة الخاطئة في الولايات المتحدة.
Anthony Ray Hinton has written a book about his experience being on death row for 30 years for a crime he didn’t commit pic.twitter.com/eeWvroMzZN
— NowThis Impact (@nowthisimpact) June 6, 2018
في 2019، أُطلق سراح ريتشارد فيليبس، البالغ من العمر 72 عاما، من السجن في مارس/آذار، بعد إدانته عام 1972، مما جعله أطول سجين مدان ظلما في تاريخ الولايات المتحدة، وفقا لمركز "إينوسنس كلينيك" بجامعة ميشيغان.
A Missouri judge overturned the conviction of a Black man imprisoned for 28 years for a murder he did not commit.
Lamar Johnson was convicted based on a witness who says police pressured him and was paid "witness compensation."
Johnson, now 50, is not eligible for compensation. pic.twitter.com/MJOrsfWlmO
— AJ+ (@ajplus) February 15, 2023
إعلانألغت ولاية ميسوري عقوبة رجل بعد قضائه 28 عاما في السجن، إثر إدانته بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى، وأطلق سراح كريستوفر دان، 52 عاما، الذي تم اتهامه بإطلاق نار عام 1990 على ريكو رجرز، البالغ آنذاك 15 عاما من عمره، وتسبب إلغاء حكم الإدانة بحق دان في انتقادات.