أغلب المحاكمات التي تجري في ظل القضاء الحالي غير عادلة، ولا تتوفر فيها أبسط الحقوق العدلية، كما أن بعض المتهمين تجري محاكمتهم على أساس الهوية

التغيير:(وكالات)

أثارت أحكام بالإعدام صدرت من محاكم سودانية في مواجهة عدد من الأشخاص بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، موجة من الجدل في الأوساط القانونية والسياسية السودانية، إذ يرى البعض أن تلك الأحكام ذات صبغة سياسية، بينما دافع عنها آخرون.

وقضت محكمة القضارف، الخميس، بالإعدام على أحد الأشخاص بتهمة تقديم معلومات استخباراتية لقوات الدعم السريع، تضمنت معلومات عسكرية عن المدنية الواقعة شرقي السودان، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

أحكام إنتقامية

وأوضحت عضو محامي الطوارئ بالسودان، رحاب مبارك، إلى أن “هذا الحكم يضاف إلى أحكام أخرى صدرت من ذات المحكمة ضد عدد من الناشطين، بينهم محامي قضت عليه المحكمة بالإعدام، بسبب الانتماء القبلي”.

وقالت مبارك، نقلاً عن موقع الحرة إن “معظم الأحكام الصادرة حاليا ضد الناشطين والمتطوعين تهدف إلى الانتقام من الكوادر التي شاركت في الثورة على نظام الرئيس السابق عمر البشير”.

وفي 12 مايو،قضت محكمة القضارف حكمت  على أحد المحامين بالإعدام بتهمة التخابر مع قوات الدعم السريع، وقضت ذات المحكمة في 18 مارس الماضي بالإعدام على شخص بتهمة التعاون مع ذات القوات.

وأشارت عضو محامي الطوارئ إلى أن “أغلب الأحكام الحالية تصدر من قضاة أبعدتهم حكومة الثورة من مناصبهم، بحجة انتمائهم إلى حزب البشير، قبل أن تتم إعادتهم إلى الخدمة مجددا، بعد انقلاب الجيش على الحكومة المدنية بقيادة عبد الله حمدوك في 25 أكتوبر 2021”.

ولفتت إلى أن “تلك الأحكام يقف خلفها منسوبون لنظام البشير، وأنها تستهدف كثيرا من الناشطين الذين يعملون في تقديم الإغاثة إلى النازحين، وكذلك الذين يعملون على إيقاف الحرب”.

ووفق منظمات حقوقية، فقد اعتقلت السلطات السودانية في 12 أبريل الماضي، الناشط الطوعي أسامة حسن، من مدينة خشم القربة، وقدمته للمحاكمة بتهمة تقويض النظام الدستوري، وذلك “على خلفية منشورات ناقدة لأداء أعضاء مجلس السيادة”.

من جهته، يشير الخبير القانوني، معز حضرة، إلى أن “النظام العدلي بعد انقلاب 25 أكتوبر أصبح أسوأ مما كان عليه خلال سنوات حكم الرئيس السابق عمر البشير، إذ أجرى قائد الجيش عبد الفتاح البرهان تعديلات على بعض القوانين لقمع معارضيه وضمان بقائه في السلطة”.

وقال حضرة، لموقع الحرة، إن “أغلب المحاكمات التي تجري في ظل القضاء الحالي غير عادلة، ولا تتوفر فيها أبسط الحقوق العدلية، كما أن بعض المتهمين تجري محاكمتهم على أساس الهوية”.

ولفت إلى أن “أخطر ما في هذه الجرائم أنها تهدد النسيج والتماسك المجتمعي السوداني، لأنها تحاكم كثيرين وفق الانتماء القبلي والمناطقي”.

كانت السلطات السودانية، أجرت الأسبوع الماضي، تعديلات على قانون جهاز المخابرات، منحت بموجبها الجهاز صلاحيات للقبض والتفتيش والاعتقال، ما اعتبره معارضون مهددا لحرية التعبير، بينما دافع وزير العدل السوداني عن التعديلات.

أدلة وإثبات

في المقابل يشير الخبير القانوني، محمد الحسن الأمين، إلى أن “المحاكمات طالت أشخاصا ثبت تورطهم في التعاون مع ميليشيا الدعم السريع”، مشيرا إلى أن “المحكومين هم قلة قليلة جدا مقارنة مع الأعداد الكلية للمتعاونين مع قوات الدعم السريع.

وقال الأمين لموقع الحرة إن “المحاكمات لا تستهدف أحدا على أساس عرقي، وإنما على أساس ما يتوافر ضده من بينات وأدلة عن تعاونه مع الميليشيا أو مشاركته في جرائمها ضد السودان والسودانيين”.

ولفت إلى أن “بعض المدانين تورطوا في إرشاد عناصر ميليشيا الدعم السريع على منازل بعض ضباط الجيش والشرطة، أو على بعض الممتلكات الخاصة بالمواطنين، بينما قدم بعضهم معلومات استخباراتية تضر بأمن البلاد”.

وأضاف الأمين، وهو عضو هيئة الدفاع عن الرئيس السابق عمر البشير، أن “المحاكمات تجري في أجواء عدلية، تتوفر فيها كل سبل الدفاع عن المتهمين، ولا وجود لأي صبغة سياسية في الأحكام الصادرة ضد المدانين”.

وأشار إلى أن “قادة قوى الحرية والتغيير الذين ينتقدون هذه الأحكام هم جزء من ميليشيا الدعم السريع، وقدموا لها السند والغطاء السياسي في حربها ضد الجيش”.

وكانت النيابة العامة في السودان، أصدرت في أبريل الماضي، أوامر بالقبض على رئيس الوزراء السابق، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، عبد الله حمدوك، و15 من قادة التنسيقية، بتهم إثارة الحرب ضد الدولة وتقويض النظام الدستوري.

وأوصى بلاغ النيابة حينها بالقبض على 15 من أعضاء التنسيقية، إلى جانب حمدوك، أبرزهم، رئيس الحركة الشعبية، ياسر عرمان، وعضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي، ووزير مجلس الوزراء السابق، خالد عمر، بجانب وزيرة الخارجية السابقة، مريم الصادق المهدي.

من جانبها، تشير رحاب إلى أن “الأحكام التي صدرت ضد بعض المتهمين استندت إلى منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، أو لمقاطع فيديو، وُجدت في هواتف المتهمين، بعضها عن المعارك الدائرة في السودان”.

وقالت إن “العلاقة لا تزال ملتبسة بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ لا يزال هناك ضباط من الجيش يعملون في صفوف قوات الدعم السريع، كما أن هناك قوة مشتركة من الطرفين موجودة في السعودية ضمن عاصفة الحزم”.

وأضافت: “ليس من المنطقي أن تتم ملاحقة المدنيين بتهم التعاون مع الدعم السريع، بينما هناك ضباط بالجيش لهم علاقة مع تلك القوات”.

وأشارت عضو محامي الطوارئ، إلى أن “الأحكام التي تلاحق الناشطين تأتي ضمن سياق التضييق على الذين يرفضون الحرب، ويعملون على إيقافها”، لافتة إلى أن “الاستخبارات العسكرية متورطة في اعتقال عدد من الناشطين، بينما تعرض بعضهم لمعاملة قاسية”.

وكان حزب المؤتمر السوداني اتهم، الأسبوع قبل الماضي، الاستخبارات العسكرية باعتقال رئيس فرعيته في منطقة القرشي بولاية الجزيرة، صلاح الطيب، وقتله تحت التعذيب. في حين لم يصدر تعليق رسمي من الجيش عن الحادثة.

وتتهم منظمات حقوقية سودانية، ودولية، جهاز الأمن والمخابرات في عهد البشير بالتورط في انتهاكات ضد الناشطين، بما في ذلك الاحتجاز والإخفاء القسري والتعذيب والقتل.

وبعد سقوط نظام البشير جرت محاكمة عدد من منسوبي جهاز الأمن والمخابرات بتهم تعذيب وقتل متظاهرين، أبرزهم طالب الطب محجوب التاج في الخرطوم، والمعلم أحمد الخير في خشم القربة بشرق السودان.

ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم إلى مناطق داخل وخارج السودان.

وقالت وكالات الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون شخص، يحتاجون إلى الدعم والحماية، من جراء تداعيات الحرب التي تدور في أنحاء البلاد.

 

الوسومآثار الحرب في السودان الأجهزة العدلية القضاء السوداني حرب الجيش و الدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الأجهزة العدلية القضاء السوداني حرب الجيش و الدعم السريع قوات الدعم السریع التعاون مع على أساس عدد من إلى أن

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع تقصف بالمسيرات والجيش السوداني يصد هجوما بالفاشر

هاجمت قوات الدعم السريع اليوم الأحد شرق الخرطوم ومدينة في شمال البلاد بالمسيّرات مما أسفر عن سقوط قتلى، في حين صد الجيش السوداني هجوما جديدا لهذه القوات في الفاشر بشمال دارفور غربي السودان.

فقد نقل مراسل الجزيرة أسامة سيد أحمد عن مصادر عسكرية أن مسيّرات الدعم السريع استهدفت فجر اليوم قرية "عِد بابِكر" وقرى مجاورة لها بمحافظة شرق النيل شرقي الخرطوم.

وقال المراسل إن المسيّرات استهدفت منزلا في عد بابكر، مما أسفر عن مقتل طبيب وابنه وإصابة اثنين آخرين.

???? طائرة مُسيّرة تستهدف منزلًا في منطقة «عِد بابكر» بمحلية شرق النيل، ما أدى إلى استشهاد مواطنان، وسقوط ثلاث مُسيّرات أخرى بالقرب من الموقع.#Sudan_War_Updates https://t.co/1ztcoJyn4l pic.twitter.com/jLgELZcO1Q

— Sudan War Updates (@sudan_war) October 14, 2025

وأضاف أن انفجارات عنيفة سُمعت خلال سقوط المسّيرات في أرجاء المنطقة. وقالت مصادر محلية للجزيرة إن مسيّرتين نفذتا الهجوم.

ونشر ناشطون مقاطع مصورة يظهر أحدها حريقا يلتهم منزلا في المنطقة المستهدفة.

وفي تطور آخر، قال مصدر عسكري للجزيرة إن قوات الدعم السريع استهدفت فجر اليوم مدينة الدبة في الولاية الشمالية (شمالي السودان) بمسيّرات انقضاضية، مشيرا إلى أن الاستهداف كان حول محيط مواقع الجيش.

ونقل مراسل الجزيرة عن رئيس محلية الدبة ورئيس اللجنة الأمنية فيها أن مسيّرة إستراتيجية هاجمت مقر كلية الهندسة في الدبة، مما أسفر عن سقوط 5 قتلى وإصابة آخرين بجروح متفاوتة.

وفي الأشهر الماضية، كثّفت القوات التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي) استخدام المسيّرات ضد أهداف مدنية وعسكرية في الخرطوم وبورتسودان ومدن أخرى في شرق وشمال السودان.

معارك الفاشر

في غضون ذلك، نقل مراسل الجزيرة عن مصادر عسكرية أن الجيش السوداني والقوات المشتركة صدا هجوما للدعم السريع على مقر السلاح الطبي التابع للجيش في مدينة الفاشر.

إعلان

وقال مصدر عسكري إن الجيش والقوات المشتركة تمكنا من تدمير كامل القوة المهاجمة.

وأضاف المصدر نفسه أن قوات الدعم السريع قصفت مجددا بالمدفعية الأحياء السكنية في المدينة.

وأفاد مراسل الجزيرة بتواصل الاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمسيّرات.

وتتهم الحكومة السودانية ومنظمات محلية ودولية الدعم السريع بشن هجمات متكررة على المناطق السكنية في الفاشر وفي مخيمات النازحين حولها.

وتحاصر قوات الدعم السريع الفاشر منذ مايو/أيار 2024، ورغم هجماتها المتكررة فإنها فشلت في كسر دفاعات الفرقة السادسة مشاة في الجيش السوداني التي تدافع عن المدينة.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدرت دراسة أعدتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • الدعم السريع تكثف هجماتها باستخدام الطائرات المسيرة.. من أين تحصل عليها؟
  • الجيش السوداني: دمرنا راجمة تابعة لميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر
  • تدمير راجمة صواريخ لمليشيا الدعم السريع المتمردة كانت تقصف المواطنين بالفاشر
  • انفجارات تهز أم درمان وسط تصدي الجيش السوداني لمسيرات تابعة للدعم السريع
  • أحكام بالإعدام والسجن بحق متهمين بقضية اغتيال شكري بلعيد
  • الدعم السريع تقصف بالمسيرات والجيش السوداني يصد هجوما بالفاشر
  • الأمم المتحدة تُـدين استهداف الدعم السريع “المتكرر والمتعمد” للمدنيين في الفاشر
  • السودان.. مسيرتان للدعم السريع تستهدفان منطقة عد بابكر شرقي الخرطوم
  • مستقبل إحدى المواهب الدفاعية تثير جدلاً في برشلونة
  • امرأة صينية تثير الجدل بالغاء زفافها والمطالبة “برسوم عناق”