مسجد المئذنة الحمراء.. معلم عثماني صامد في القدس
تاريخ النشر: 8th, June 2024 GMT
مسجد قديم في القدس أُسس عام 940 هجري/ 1533 ميلادي، ويقع في حارة السعدية داخل الحي الإسلامي شمال المسجد الأقصى، ويمكن الوصول إليه عبر مدخل باب الساهرة أو الآلام.
التسميةسمي مسجد المئذنة الحمراء بهذا الاسم نسبة إلى شريط أحمر كان يحيط بشرفة مئذنته ولون الحجر المستخدم في بنائه، ويعد أحد أقدم مساجد القدس.
وكان يسمى أيضا مسجد علاء الدين الخلوتي على اسم مؤسسه الشيخ علاء الدين الخلوتي الذي كان أحد أقطاب التصوف في القدس بالقرن العاشر الهجري/ الـ16 الميلادي.
تاريخه وتأسيسهبناه الشيخ علاء الدين علي بن شمس الدين محمد الخلوتي سنة 940 هجرية/ 1533 ميلادية، وعرف باسمه في النصف الأول من القرن الـ16، ثم أطلق عليه أهل القدس اسم مسجد المئذنة الحمراء، وهو من أهم الأبنية التي بنيت في عهد الدولة العثمانية.
يعتبر هذا المسجد من المعالم العثمانية البارزة في مدينة القدس، ويتألف من مبنى ومصلى يقع في الناحية الجنوبية الغربية من المبنى، ومئذنة طويلة تمتاز بتصميم معماري متأثر بالعمارة المملوكية المتأخرة.
وتعتبر مئذنته من المآذن الدائرية التي ترتكز على قاعدة مربعة فوق الأرض، على عكس المآذن المحمولة على أبنية.
ويتميز بشكله المربع الصغير الحجم، إذ لا تتجاوز مساحة بيت الصلاة فيه 36 مترا مربعا، وقد بني من الحجر المتتالي باللونين الأحمر والأبيض، ويحتوي على باب في الحائط الشمالي ومحراب جميل بالجدار الجنوبي.
يتميز سقف المسجد بقبو مروحي متقاطع يحتوي على قبة نجمية، إضافة إلى المئذنة البارزة ودورة المياه وبقايا الحاكورة التي تضم أشجار فاكهة.
تحتوي الحجج الشرعية والوثائق التابعة لمؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية على إشارات تُذكّر ببعض الموظفين الذين كانوا من العناصر التركية والقدسية، والذين ساهموا في رعاية المسجد.
كما تشير هذه الوثائق إلى أعمال ترميم تمت أكثر من 5 مرات في النصف الأول من القرن الـ20، خاصة منذ عام 1909 ميلادي، وتمت إضاءة المسجد عام 1960 ميلادي، وبعد عقدين من ذلك التاريخ تم تكحيل جدرانه الخارجية.
ويقام في مسجد المئذنة الحمراء أسبوعيا تجمع لنخبة من علماء القدس، ولم ينج المسجد من الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المدينة المقدسة، وبلغ الأمر إلى حد منع رفع الأذان فيه.
الزاوية الخلوتية (الحمراء)تقع الزاوية الخلوتية في القسم الشمالي من البلدة القديمة بالقدس إلى الغرب من طريق مسجد المئذنة الحمراء بالقرب من عقبة البسطامي.
وتستخدم هذه الزاوية من قبل المعتكفين عندما يُمنعون من الصلاة والاعتكاف في المسجد الأقصى، إذ يعتكفون في مسجد المئذنة الحمراء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تختبر الصمت العربي والأقصى في خطر
تتوالى التحذيرات من شخصيات دينية وسياسية بشأن تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك، وسط صمت عربي وإسلامي شكّل محفزًا لتصعيد محاولات فرض واقع جديد على ثالث الحرمين الشريفين.
وتأتي هذه التحذيرات في وقتٍ تتسارع فيه التطورات على الأرض، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي خطواته لتغيير الوضع القائم في الأقصى، وازدياد المخاوف من فرض أمر واقع جديد.
فقد شهدت مدينة القدس أمس مظاهرات ومسيرة أعلام إسرائيلية استفزازية جابت البلدة القديمة ووصلت إلى أبواب المسجد، وسط حراسة مشددة من قوات الاحتلال وبمشاركة وزراء وأعضاء بالكنيست من اليمين المتطرف، وترافق ذلك مع اقتحامات واسعة لساحات الأقصى واعتداءات على المصلين والمرابطين.
وشكل ذلك كله مشهدا عدّته شخصيات دينية وسياسية -في مقابلات مع الجزيرة نت- حلقةً خطيرة من مسلسل التصعيد المستمر بحق المدينة ومقدساتها، مع تصاعد الدعوات المتجددة لتحمّل الأمة العربية والإسلامية مسؤولياتها، ووقف مسلسل الصمت تجاه "خطر التهويد الحقيقي" الذي بات يهدد الهوية والمقدسات الإسلامية في القدس.
ولا يمكن عزل هذا التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى عن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما يتعرض له سكان القطاع حاليا من حرب إبادة جماعية ومجاعة فعلية تهدد حياة 2.3 مليون فلسطيني يتعرضون لحصار إسرائيلي تام.
ويُجمع المتحدثون للجزيرة نت على أن الصمت العربي تجاه الانتهاكات المتصاعدة بحق المسجد الأقصى لم يعد مبرَّرًا، بل بات عاملا رئيسيًا في تشجيع الاحتلال على التمادي في تهويد الحرم القدسي.
إعلانفمدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني يقول "إن القدس عاصمة الإسلام والأقصى واجب عقيدي لكل مسلم، ولا يمكن اختزال الدفاع عنه في كونه مسؤولية الفلسطينيين فقط". مؤكدا أن "ما يحدث من اعتداءات ومحاولات لتغيير معالم البلدة القديمة والقصور الأموية والاقتحامات المتكررة هو استخفاف بالأمة جمعاء".
ويضيف مدير المسجد الأقصى أن "رابطتنا بالأقصى عقيدية، والصمت العربي والإسلامي إزاء ما يجري اليوم يُسقط هذا الواجب ويشكل خطورة كبيرة على هوية المسجد وأهله". مبينا أن "الأقصى حق خالص للمسلمين لا يقبل القسمة ولا الشراكة، والجميع حكومة وشعوبًا مطالبون بالقيام بمسؤولياتهم".
ويذهب رئيس لجنة القدس في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج حلمي البلبيسي إلى تحميل الأنظمة العربية المسؤولية المباشرة عما يجري من مخطط التهويد في المسجد الأقصى، وتمادي الاعتداءات على الشعب الفلسطيني.
ويضيف البلبيسي أن "الصمت العربي على انتهاكات الاحتلال هو ما شجّع العدو على التمادي، فالاعتداءات بدأت عام 1967 حين أُغلق الأقصى أمام المصلين ولم تصدر ردود فعل رسمية حازمة".
مشددا على أن "الأنظمة أذعنت لإملاءات العدو مقابل حماية مصالحها، أما الشعوب فما زالت قلوبها مع القدس، ويمنعها القمع من نصرة المقدسات، ولو فُتحت لها الأبواب لما ترددت في التضحية".
أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي فيرى أن "الصمت نابع من الضعف والتفرق والهوان الذي أصاب معظم الدول العربية، إضافة إلى حب الدنيا وعبادة الكراسي والحرص على السلطة".
ويطرح القرة داغي سؤالا يقارن فيه بين ما يتردد عن وجود مقاومة مسلحة في غزة تمنع الأنظمة من التحرك وبين واقع الاحتلال في المسجد الأقصى، ويقول: "القدس اليوم بلا مقاومة مسلحة، ومع ذلك لا تتحرك الأنظمة! هناك أوراق ضغط هائلة بيد العرب: قطع العلاقات وإيقاف البترول وغيرهما، لكنها معطلة لغياب الإرادة".
إعلانلكن مدير عام أوقاف الخليل جمال أبو عرام يذهب إلى أن "المسؤولية جماعية، وليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم بل كل العرب والمسلمين"، مبينا أن الصمت يُضاعف شراسة العدوان ويجب فضح الانتهاكات على كل المستويات الدولية".
أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي هيثم أبو الغزلان فيقول "إن الصمت العربي والإسلامي مريب، خصوصًا في ظل استمرار الاعتداءات الصهيونية وتصاعدها ضد القدس والمسجد الأقصى، وضد أهلها؛ تهويدا واستيطانا واعتداءات مستمرة، واقتحامات متكررة، وعمل صهيوني جاد يهدد هوية المسجد الأقصى الإسلامية، والسعي الدائم لهدم المسجد الأقصى وبناء ما يسمى الهيكل المزعوم".
ولم تعد اقتحامات المسجد الأقصى فعلا عابرًا أو طقسًا دينيًا بحتًا، بل صارت أداة سياسية وإستراتيجية لاختبار صبر العرب والمسلمين وحدود ردة فعلهم.
واليوم الثلاثاء، حاول إسرائيليون عرقلة مرور شاحنات مساعدات في طريقها إلى قطاع غزة من ميناء أسدود.
وهذا ما ذهب إليه القيادي في الجهاد الإسلامي بأن تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية الحالية تمثل "اختبارا واضحا للصمت العربي والإسلامي، ومحاولة قياس رد الفعل على هذه الاعتداءات المستمرة، وهي جزء من العدوان المتواصل والمتصاعد ضد شعبنا وأهلنا في قطاع غزة والضفة المحتلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولذلك، فإن الاقتحامات بلغت درجات غير مسبوقة في عدد المشاركين ونوعية الطقوس الدينية المزعومة، كترديد التراتيل ومحاولات ذبح القربان داخل الساحات، خاصة بعد فشل الاحتلال في غزة، وهذا التصعيد جزء من مؤامرة جادة لتثبيت التهويد وتعويض إخفاقاتهم العسكرية، وفق ما صرح به البلبيسي.
ويوضح الكسواني أن "هذه الاقتحامات تجمع بين طقوس دينية متطرفة تمارس برعاية حكومة الاحتلال وبين محاولة فرض واقع جديد وجعل هذه الممارسات معتادة في المشهد اليومي.
إعلانوبيّن مدير المسجد الأقصى أن "الهدف من هذا واضح، وهو كسر هيبة المسجد الأقصى." مؤكدا أن "هذه الطقوس الشاذة تحدث بقوة الاحتلال والسلاح ولا تعطي أي شرعية، واستمرارها هو اختبار لاستكانة العالمين العربي والإسلامي، والدليل أن استمرار سفك الدماء في غزة قابله صمت مشابه تجاه الأقصى".
أما رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فيرى أن "هذه ليست طقوسًا دينية فقط، بل هي موقف سياسي مقصود وجس نبض للأمة تمهيدًا لمشاريع أكبر؛ فكل المؤشرات تدل على أنهم يخططون لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، لا سيما مع التصريحات المتكررة لقادة اليمين الإسرائيلي."
ولا يبعد مدير الأوقاف في الخليل عن ذلك، ويقول إن "الاقتحامات اليومية وممارسات المستوطنين والجنود الإسرائيليين في الساحات وكل معالم الحرم القدسي تعكس حقدًا عقديًا، وتستفيد من ردة الفعل الضعيفة والصمت العربي والإسلامي".
ورغم هذه الممارسات، فإن الشيخ الكسواني يشير إلى أن حضور المصلين من أهل القدس وفلسطينيي الداخل يبعث رسالة قوية باستمرار التشبث بإسلامية الأقصى، رغم التضييق والمعاناة المستمرين على الحواجز.
ويتفق جميع المتحدثين للجزيرة نت على أن المسجد الأقصى في خطر حقيقي ومتفاقم منذ احتلاله عام 1967، لكن وتيرة الخطورة تصاعدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
فالدكتور القرة داغي اليوم يحذر من أن سلطات الاحتلال تتعامل مع ساحات الأقصى بوصفها حديقة عامة، وترفع دعوات علنية للسيطرة الكاملة عليه وعلى القدس، وكل هذا وسط صمت مطبق من الأنظمة العربية. مبينا أنه "إذا استمر هذا الصمت فقد نشهد كارثة كبرى".
ويلفت أبو عرام النظر إلى أن "مخاطر التقسيم الزماني والمكاني قائمة، ودائرة الاستهداف للأقصى تتسع يومًا بعد يوم، خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة، والأمة مطالبة بتحمل مسؤولياتها قبل فوات الأوان".
إعلانويستشهد الكسواني بتاريخ الانتهاكات التي تعرض لها المسجد الأقصى، مشيرا إلى أنه "منذ عام 1967 والأقصى في خطر، أما الجديد الآن فأنه توجد كل يوم اقتحامات ومحاولات ممنهجة لتغيير الوضع القائم من خلال صلوات يهودية وتصريحات سياسية تهدف إلى التقسيم". مبينا أن "الخطر لم يعد مؤجلًا بل أصبح واقعا نعيشه يوميًا."
وهذا التقسيم يراه البلبيسي "الخطر الحقيقي الذي يكمن في احتمال تكرار تجربة المسجد الإبراهيمي بالخليل، حيث تم التقسيم الزماني والمكاني بحكم الأمر الواقع بعد الهجمة على الحرم.
مضيفا أن الأقصى اليوم "يشهد تصاعدًا في أدوات التهويد وسط انسحاب النظام العربي الرسمي من مسؤوليته، وهو ما يضعنا أمام احتمال الهدم الفعلي للأقصى."
والمسجد الأقصى يمر حاليا بأخطر مراحل العدوان الإسرائيلي المستمر، وهذا يتطلب موقفا عربيا وإسلاميًا يواجه هذه التحديات، ويعطي دفعا لمقاومة الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافها في صدّ العدوان وإنهاء المخاطر، حسب ما قاله أبو الغزلان.
وهكذا تتضافر شهادات المتحدثين في رسم مشهد بالغ الخطورة: صمت عربي رسمي وشعبي مكبل بالقمع وغياب الإرادة، في مقابل طقوس دينية متطرفة تتحول لأداة سياسية لاختبار العالم الإسلامي، في ظل تصاعد ملموس للخطر المحدق بمصير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.