تزايد المساعي الدولية لتجنيب لبنان حرباً واسعة
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
تشهد الجبهة الجنوبية سباقاً محموماً بين التصعيد والتهدئة، مع تزايد الرسائل الديبلوماسية إلى لبنان من دول شقيقة وصديقة بأهمية الاستجابة إلى المساعي الدولية الهادفة تجنيب لبنان حرباً واسعة، قد تؤدي إلى تداعيات خطرة على كل المنطقة. وكتبت "النهار": على رغم ان الجزم باي احتمال في شأن اقتراب خطر اندلاع حرب كبيرة بين إسرائيل و"حزب الله" لا يزال محفوفاً بهامش واسع من التسرع الاستباقي للتطورات فان المؤشرات المثيرة لتعاظم القلق من هذا الاحتمال اتسمت بوتيرة سريعة وكثيفة لا يمكن تجاهلها .
الداخل اللبناني بدأ يشهد مؤشرات تعكس تصاعد المخاوف من حرب كبيرة محتملة ومن ابرز التحركات الاستثنائية التي ترددت معلومات امس انها ستحصل لقاءً ظهر الثلاثاء المقبل في الصرح البطريركي في بكركي يضمّ رؤساء الطوائف المسيحيّة والإسلاميّة، بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، للبحث في الاوضاع العامة في البلاد لاسيما التطورات في الجنوب والاستحقاق الرئاسي ويتبع اللقاء غداء الى مائدة الصرح البطريركي.
ويأتي ذلك فيما يصل أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين إلى بيروت بعد ظهر اليوم الاحد ويغادر صباح الخميس المقبل، ملبيا دعوة من جمعية فرسان مالطا. وسيلتقي بارولين رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وفي اجندته ايضا لقاء في بكركي مع البطريرك الراعي ورؤساء الطوائف المسيحية، وقد يشارك المطارنة في اللقاء. اما المؤشر الأبرز في شأن ما يحدثه التصعيد على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية من ترددات استراتيجية في المنطقة فظهر مع اعلان مسؤول دفاعي في المكتب الإعلامي في عمليات سلاح البحرية في البنتاغون، من إن حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي أيزنهاور"ستغادر البحر الأحمر وتتوجه إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، في مهمة تقضي بدعم أي عمليات عسكرية قد تفرضها التطورات بين لبنان وإسرائيل. ويأتي هذا القرار ضمن التحركات الاستراتيجية للقوات الأميركية في المنطقة، حيث يرتقب أن تحل محلها الحاملة "روزفلت"، وفقا لموقع معهد البحرية الأميركية. وذكر موقع قناة "سي ان أن" الاميركية ان مسؤولين أميركيين أكدوا لوفد من كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين زاروا واشنطن هذا الأسبوع بأنه إذا اندلعت حرب شاملة بين إسرائيل و"حزب الله" فإن إدارة الرئيس جو بايدن مستعدة تماما لدعم اسرائيل وذلك وفقا لما قاله مسؤول أميركي رفيع المستوى شارك في تلك الاجتماعات.
وفي المؤشرات الى قلق خارجي من تدهور الامور أعلنت امس الخطوط الجوية الكويتية، زيادة أحجام طائراتها المتجهة إلى بيروت، لزيادة السعة الاستيعابية للركاب الراغبين بالعودة إلى الكويت. وقالت الخطوط في بيان لها نشرته عبر حسابها على منصة "إكس" أن إجراءاتها تأتي بالتنسيق مع وزارة الخارجية في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة. وفي وقت سابق دعت وزارة الخارجية الكويتية، مواطنيها الى "العدول عن التوجه إلى لبنان في الوقت الحالي وذلك نظرا للتطورات الأمنية المتعاقبة التي تمر بها المنطقة". ودعت الوزارة من تتعذر عليه المغادرة للتواصل مع سفارتها بـ"شكل فوري" .
من جانبها، أكدت مصادر ديبلوماسية أن دعوة السفارة الكندية لمواطنيها بوجوب مغادرة لبنان، هو طلب منشور على موقع السفارة منذ تاريخ ٧ تشرين الأول وليس جديداً، إضافة إلى أنه إجراء روتيني تحذيريّ يترافق مع الأحداث الأمنية في البلد فقط لا غير. وفي السياق اوضح وزير الإعلام زياد المكاري أن مواقع إلكترونية تبثّ أخبارا لا أساس لها من الصحة، زاعمة ان دولا أوروبية وغربية منها ألمانيا والنمسا وبلجيكا وهولندا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا تسحب سفراءها من لبنان. وأشار الى أن "هذا النمط من الاخبار الكاذبة يندرج في إطار الحرب النفسية التي غالبا ما يلجأ اليها العدو الاسرائيلي ويغذّيها بمختلف الوسائل".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الاستهداف الأميركي لإيران وعامل الحسم في العلاقات الدولية
لا نملك، في ظل المواجهة المشتعلة بين إيران وإسرائيل عقب الهجمات التي شنّتها هذه الأخيرة، إلا أن نتحرّى الحيطة في التحليل. فالمعركة دائرة بالفعل، ولا يمكن الجزم بمآلاتها، خاصة مع مؤشرات التصعيد ومخاطر التدويل المتزايدة، في أخطر مواجهة عرفتها المنطقة. ويزداد المشهد تعقيدًا بعد الضربة الأميركية التي نُفّذت اليوم.
ففي تاريخ المواجهات التي خاضتها إسرائيل منذ قيامها، لم تواجه خصمًا أقوى يضعها أمام تحدٍّ وجودي، كما إيران، إذا استحضرنا كل المواجهات التي خاضتها إسرائيل منذ 1948، و1956، و1967، و1973، و1982، و2006.
ولم تعرف الجمهورية الإسلامية مواجهة عسكرية، كما المواجهة القائمة، لا ترقى لها الحرب العراقية الإيرانية، بالنظر للإمكانات التكنولوجية والاستخباراتية لإسرائيل، واصطفاف الدول الغربية وراءها. كلا البلدين يواجهان تحديًا وجوديًا، في خضم المواجهة. فشل طرف، يضعه أمام اختبار وجودي.
توجد القوة إلى جانب إسرائيل بإمكاناتها العسكرية الجوية والاستخباراتية والدعم الغربي، وبخاصة الولايات المتحدة، وهو ما لا يتوفر لإيران، فلم تُعبر قوة من القوى العظمى عن اصطفافها إلى جانبها، عدا عبارات الشجب، أو رغبة روسيا في الوساطة، وهو ما رفضته إسرائيل وبعض الدول الغربية، عدا موقف باكستان الداعم لإيران، لكن دعم باكستان لا يرقى لدعم مجموعة السبع إلى جانب إسرائيل.
الغاية التي لم تفتأ إسرائيل تردّدها، ليس القضاء على البرنامج النووي فقط، ولكن إسقاط النظام في إيران، وتغيير هندسة الشرق الأوسط، وهي توجهات تشاطرها الولايات المتحدة فيها، والدول الغربية التي عبّرت عن موقف مماثل في قمة مجموعة السبع الكبرى التي انعقدت في 16 من هذا الشهر، في كندا.
كل المواجهات تُفرز رابحين وخاسرين، وتُغيّر قواعد اللعبة. والحرب القائمة، مع التفوق العسكري الإسرائيلي، المدعوم من قِبل الولايات المتحدة، والمسنود من الدول الغربية، لا تجري في صالح إيران.
إعلانلقد عبّرت إيران على لسان رئيسها مسعود بزشكيان، عن أنها لا تنوي الحصول على القنبلة النووية، لكن ما هو موضع رهان، هو النظام نفسه الذي تضعه المواجهة على المحك بعد سلسلة من الكبوات، سواء على المستوى الداخلي، أو الخارجي، عبر أذرعه في المنطقة والتي تم إضعافها، واختراق مؤسساته الأمنية، وتوتر الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلد.
تسود، في ظل المواجهة، واستهداف المدنيين، مشاعر الوطنية في إيران، وشعور الغضب من العدوان، لكن هل ستثبت هذه المشاعر؟ فالراجح أن النظام الإيراني لن يخرج معافى من المواجهة.
لأكثر من أربعة عقود، ومنذ اندلاع الثورة الإيرانية، كانت إيران قوة دفع أيديولوجي وسياسي في المنطقة، يتجاوز تأثيرها محيط الجوار، والمرجح أن هذا التأثير سوف يضمحل، بل يندثر.
وعلى النقيض، تبدو إسرائيل الرابح الأكبر، على الأقل على الأمد القصير، بتحييدها عدوًا وجوديًا وإضعافه، وبإقبارها مشروع إعلان الدولة الفلسطينية من قِبل فرنسا والسعودية، وبحجب الوضع في غزة، لكن هل تستطيع إسرائيل أن تترجم تفوقها العسكري، المدعوم من قِبل الولايات المتحدة، إلى رصيد دبلوماسي؟ وبتعبير آخر، هل تقبل المنطقة، على مستوى القيادات والشعوب، بأن تكون إسرائيل قوة مهيمنة؟
النظرة إلى إسرائيل، من لدن القوى المعتدلة، سوف تتغير أمام اندحار ما كان ينظر له على أنه خطر إيراني، ورفض الدولة العبرية المطلق لحل الدولتين، ونزوعها لفرض "ديكتات"، أيْ توجه تمليه، وعلى الأطراف الأخرى أن تقبل به.
ومن شأن الوضع الجديد المترتب على الحرب، طرح فكرة مطمورة، وهي: شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي، كانت تدفع لها كل من مصر، وتركيا، ويمكن أن تنضاف إليهما المملكة العربية السعودية.
أما على مستوى الولايات المتحدة، فقد ظل الشرق الأوسط الساحة التي تُجري فيه سؤددها، إذ استطاعت بعد العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 أن تُحيّد كلًا من بريطانيا، وفرنسا من المنطقة، وأرست ما أسمته النظام العالمي الجديد بعد نهاية الحرب الباردة، عقب حرب الخليج الثانية (1991)، ورسخت الأحادية القطبية بعد الحرب على العراق سنة 2003.
في ظل تغيير التراتبيات العالمية القائمة الآن، تبعث الولايات المتحدة رسائل، من خلال الحرب التي شنتها إسرائيل على إيران، لتثبت ريادتها، مثلما أبدى الرئيس الأميركي ترامب، في تغريدة، غداة العدوان، حول تفوق السلاح الأميركي. والرسالة موجهة لكل من الصين وروسيا.
لكن القوة لم تكن العامل الحاسم في رسم هندسة العلاقات بين الدول. لم تحسم الولايات المتحدة، رغم تفوقها العسكري، الأوضاع في كل من أفغانستان والعراق، ولا يُتوقع أن يصبح الشرق الأوسط، منطقة "آمنة"، كما يُروّج الخطاب الأميركي الرسمي، بعد الحرب التي تشنها إسرائيل على إيران.
أما على مستوى الشعوب في المنطقة، فمنسوب الغضب سوف يكبر، مع ما بدا من موقف الولايات المتحدة في طمر القضية الفلسطينية، والتخلي رسميًا عن قيام دولة فلسطينية، واستفحال سياسة الكيل بمكيالين، في انتظار توجه فكري من شأنه أن يوظف الغضب، لفصل جديد من صِدام الحضارات.
إعلانوالشرق الأوسط، المعقد أصلًا، سيزداد تعقيدًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline