تقنين الفساد سياسيا على حساب الأمن القومي السوداني ..!!
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
كيف لقوة متمردة متخابرة خارجيا ، أهلكت الحرث والنسل وقتلت ونهبت واغتصبت ودمرت الاقتصاد والمصانع والشركات والجامعات ومؤسسات الدولة والمجتمع بشكل منهجي متعمد، واستباحت كل شيء تقريباً .. ، كيف للبعض أن يطرح مسألة تحولها بكل بساطة إلى حزب سياسي وكأن ما قامت به مجرد شيء عادي لا يخالف شرعا ولا عرفا وقانونا ؟
إن أي حل لقضية الحرب الدائرة حاليا يكون على حساب الوطن والمواطن ؛ يعتبر تمرير لمخطط خبيث يريد أن يكتب للدعم السريع وشركائه عمرا جديدا يضاف لمسلسل الخيانة والتآمر على البلاد ، في ظل غياب السلطات القضائية والتشريعية ، وفي تعطل الأجهزة التي تعنى بالأمن القومي السوداني والتي تم اضعافها بشكل متعمد خلال السنوات الماضية .
كيف يسمح البعض لأنفسهم بمجرد التفكير في تجاوز حقوق ملايين المواطنين المتضررين من جرائم وانتهاكات متمردي الدعم السريع دون محاسبة ودون تعويض لهم؟
كيف يمكن ببساطة السماح لمن استعان بغزاة اجانب وجنس الآلاف منهم ليكونوا قاعدة عسكرية وحاضنة شعبية لهم ؛ أن يشاركوا في قيادة البلاد كحزب سياسي يمتمدد اجتماعيا وجغرافيا ليستفيد من الفرص المصنوعة التي تتوفر له من حالة السيولة الأمنية والسياسية والاقتصادية وغياب الدولة وتفكك المجتمع ؟
على الجميع أن يكونوا يغظين وواعين من تمرير هكذا مخططات تحاول أن تحقق أهدافها بأدوات سياسية عجزت عن تحقيقها بالآلة العسكرية ..
من الجيد جدا أن تتحول كافة الحركات المسلحة إلى أحزاب وكيانات سياسية فهذا توجه مطلوب لإعادة بناء الدولة وتحولها من حالة الحرب وعدم الاستقرار إلى حالة الأمن والسلم الاجتماعي ، لكن هذا التحول يحتاج إلى محددات واشتراطات وأسس من بينها أن لا تتشكل هذه القوى السياسية الجديدة على أسس جهوية أو قبلية أو عنصرية أو مناطقية ، وان لا يكون لها أي ارتباطات أو مصادر تمويل خارجية ، وان لا يدان مؤسسيها وقادتها بجرائم ضد الدولة والمجتمع أو جرائم تمس الشرف والأخلاق أو الفساد ، وغير ذلك من الاشتراطات ..
الأمر الآخر أن تتم هذه التحولات في ظروف طبيعية أو شبه طبيعية ، وليس مثل الظروف التي تمر بها البلاد الآن ويدان فيها الدعم السريع بكل هذه الجرائم التي تضرر منها جميع أبناء الشعب السوداني تقريبا ، واستهدفت منها مجموعات ومكونات معينة بشكل انتقائي ، مما يعقد الحل بهذه الطريقة المطروحة ..
د. عبد المحمود النور
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
خارطة رئيس الوزراء
أهم مؤشرات التعافي في بيان رئيس الوزراء، بروف كامل إدريس، الذي ألقاه من خلال التلفزيون القومي في الأول من يونيو 2025 م، هو أنه ابتدر ولايته بالتعريف بخارطة الطريق، وعرض الخطط وبرامج العمل التي ستكون أولوياته وعهدته للشعب السوداني.
هذه بداية ضرورية ومهمة، وتمثل عقد عمل وولاء مع الشعب السوداني، وتخاطب الهموم اليومية، والمشاغل المُلّحة للوطن حتى يصار للإنتخابات.
هذا السلوك يتماشى مع مبادئ الحوكمة والحكم الراشد، ومخالف للنهج السابق لمعظم الفترات غير الانتخابية والانتقالية، التي لا يعلم الناس فيها أين يُقادون، ولا إلى أيّة جهة يوجهون. فقد كان الهتاف في تلكم الفترات هو للأنا والذات، وتأليه الشخوص، لا للوطن، فنُسجت هتافات صبيانية وغوغائية، ونعيق مبهم من قبيل: “حنبنيهو” و “شكراً حمدوك” بينما الواقع على الأرض هو التدمير المنهجي للدولة، وارتهان قرارها السيادي للأجانب وسفارات دول الاستعمار الجديد، وبالتركيز على إذكاء الفرقة بين المكونات الوطنية والإقليمية والجهوية، والطعن في مقدسات الأمة وإرثها القيمي ورموزها الإجتماعية والدينية.
فأفضى ذلك لتهديد كيان الدولة، وخاصة الدعاوى المتصاعدة لحل الجيش الوطني، وتغيير الدستور، بدون استفتاء ولا انتخابات، وفرض مشروعية مزيّفة، يكون فيها الحكم الفصل لما يراه الغوغاء، ومزاج الرجرجة الدهماء، فيصدروا قوانين من برلمان مصطنع ووهمي، الأغلبية العظمى فيه محددة سلفا لهم، وبنسبة 67% ودونما انتخابات، ولا استفتاء، ولا مشورة شعبية. وذلك وفق وثيقة العار الدستوري التي أخرجوها بليل وفي غرف مغلقة، فأنتجت التجاوزات المؤسسية في إدارة الدولة، والفشل المزري الذي ارتكست فيه البلاد، بما يُرى اليوم من التقتيل والنهب والإغتصاب والتشريد، والنزوح غير المسبوق في تاريخ البلاد، ومنذ تأسيس الدولة القومية السودانية أيام السلطنة الزرقاء عام 1502م.
وكان نتاج ذلك هو الفشل الفاضح الذي اضطر رئيس وزراء الفترة الانتقالية، د. عبد الله حمدوك، لينعى أداءها عند تقديم استقالته للشعب السوداني على شاشة التلفزيون القومي في يناير 2022م، فذكر أنه لم يُقدم له برنامج، ولا خطة عمل، ولا خارطة طريق، وطوال فترة السنتين والنصف التي حكم فيها البلاد.
نأمل أن تُشكل الحكومة القادمة من وزراء تكنوقراط، وفق الرؤية والخطط المطروحة للشعب، وأن تكون مسألة المعايش، وسلطة حكم القانون والعدالة، ورد المظالم، فضلا عن الأمن، هي الأولويات المرتجاة، والتي يتعين أن يراها الجميع رأي العين، دليلا عَلَى عزيمو وجِدّية التغيير والتبديل للأفضل.
كذلك يتعين تدارك أخطاء وثيقة الناشطين، التي لم تفلح في إنشاء مجلس تشريعي منذ عام 2019م، وعلى أن يتم ذلك عبر المشورة الشعبية، والتراضي الوطني، بممثلين مبتعثين من كل ولاية، للقيام بمهام المراقبة والتشريع، والتمثيل الشعبي، الذي يُعزِّز المشروعية ويستكمل البناء المؤسسي للمشروعية السيادية، ويضع الخطوط العريضة لمرحلة التحول الديمقراطي.
د. حسن عيسى الطالب
إنضم لقناة النيلين على واتساب