سودانايل:
2025-10-16@04:34:56 GMT

أكثر الناس لا يعقلون – قراءة في ظاهرة القطيع.!!

تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT

لم أكن من الذين اتيحت لهم فرصة النظر إلى قطيع من الناس يلهجون بلهج واحد، ويرددون في وقت واحد أصوت الخراف (باع – باع – باع – باع)، إلّا بعد أن اندلعت حرب الخامس عشر من أبريل، لقد ايقنت مغزى العبارة الواردة في كثير من آيات الذكر الحكيم (أكثر الناس لا يعقلون)، ووجدت العذر للفيلسوف الإيطالي ميكيا فيلي عندما وصف عامة الناس بأن لهم طبائع فاسدة، وعلى الحاكم أن يعلم ذلك، ففعلاً أكثر الناس يؤيدون الطغاة ويسهمون في استمرار طغيانهم، إلى أن تأتي قلة من الناس، يثورون ويحولون الثورة إلى ظاهرة عامة، يلتف حولها نفس القطيع الذي كان يعاديها ويقف أمامها بالمرصاد، ولكم سمعنا عن راعي الأغنام البوليفي الذي وشى بجيفارا أيقونة النضال والثورة العالمية، وكيف كانت اجابته على من سأله لماذا ساهمت في إلقاء القبض على رمز الثورة والنضال، حين قال بأن الفرق العسكرية للطغاة وجنودهم، الذين يبحثون عن جيفارا في كرهم وفرهم مع الثوار، كانوا يزعجون أغنامه ولا يدعونها ترعى، هذا يذكرني بسيناريو القبض على داؤود يحي بولاد، الذي غدر به أحد أقاربه بعد أن استجار به في قرية صغيرة بجبل مرة، فسلّمه لأفراد من جهاز مخابرات الدولة الاخوانية التي قاد بولاد تمرداً ضدها، بعد سنة واحدة من انقلابها على منظومة الحكم الشرعي، فظاهرة القطيع هي التي تقطع الطريق أمام التحولات الكبرى، وتقف حجر عثرة أمام أي تقدم يقوم به الأحرار، ومن سخريات العقل الجمعي للقطيع السوداني، أنه صدّق الرواية الكذوبة التي ظل يطلقها إعلام الفلول، والقائلة بمقتل قائد قوات الدعم السريع، ومن مهازل هذا العقل الغريب أنه وبعد أن ظهر (القائد المقتول)، وهو يوقع وثيقة سياسية مع رئيس "تقدم"، لعب الإعلام المضلل للجماعة الإرهابية بعقول القطيع مرة أخرى – لو أن لهم عقول يرشدون بها، وأقنع هذه العقول الخربة بأن الذي صافح الدكتور عبد الله آدم حمدوك ما هو إلّا روبوتاً الكترونياً مصنوعاً ومصمماً على شاكلة (المرحوم).


العائق الأوحد امام تمدد الوعي الثوري هو الآلة الإعلامية المضللة للجماعة المتطرفة، وبنيتها التحتية التي ترجع إلى ليلة أفول نجم الديمقراطية، وبزوغ الفجر الكاذب للدولة الثيوقراطية، فكانت السيول الجارفة من الأكاذيب بحق السماء، وادعاءات الأبواق الإذاعية والتلفزيونية بحقها وأصالتها في تمثيل صوت الإله في الأرض، فدخلت الأمة في نفق مظلم من عوالم السحر والجن والشعوذة والدجل، وتمكنت الدعاية الميتافيزيقية لمنظومة الحكم الإخواني من رقاب القطيع، وأصبحت تسوّق لهم الوهم على أساس أن انهيار الجسور ما حدث إلّا بسوء فعل الجقور – (الفئران الكبيرة)، لذلك أدرك المستنيرون من أبناء الشعب الكريم أن العقل العام التابعي، قد تمت برمجته على أساس المفهوم الدوغمائي، فلو نجح انقلاب الضباط الشيوعيين مطلع سبعينيات القرن الماضي، لوجدت هوى القطيع قد تماهى مع هوى شعوب الجمهوريات السوفيتية، ذلك أن الناس على دين ملوكهم، وإلى أن يأتينا الملك الجديد سنظل نرى هذا السلوك القطيعي، يسير سيراً استسلامياً وراء ظاهرة صوتية لشخصية وهمية لم يرى وجهها، تبث الأكاذيب والسفه والانحطاط يوماً بعد آخر، هذا الشبح الذي يطلق عليه الأحرار اسم (المنقب)، يعطيك دليلاً قاطعاً على ثبوت نجاح نتائج عملية السيطرة على القطيع، لذلك كان البون شاسعاً بين التنظيمات السياسية النخبوية، والتنظيم الإخواني الذي أول ما بدأ به الاستحواذ على المنافذ، التي يتلقى منها عامة الناس معلوماتهم – الإذاعة والتلفزيون والصحف ومنابر المساجد، والأندية الرياضية واتحادات أهل الفن والموسيقى والدراما، لقد فرّطت الحكومات السابقة، فلم تعمل على تحييد هذه المنافذ بوضع النظم واللوائح الحافظة لها من تغول الجماعات المتطرفة، والحامية لها من تهجم أصحاب الأجندات الحزبية، وفي دولة المستقبل القريب الجديدة، وجب على روّاد التغيير أن يفعلوا ما لم تفعله منظومات الحكم السابقة فيما يتعلق بضبط هذه المنافذ.
في بعض البلدان المحترمة المحيطة بنا ومعها الأخرى التي تبعد عنا مسافات طويلة، لا يوجد تسامح في فتح مصاريع أبواب الدور الإعلامية والتعبدية لمن هب ودب، وذلك لارتفاع الوعي الوطني لأولياء أمور تلك البلدان، وادراكهم الكبير للدَور العظيم لهذه الدُور المؤثرة على الجبهة الداخلية ايجاباً وسلباً، فأحكموا ضبط قوانين الهجرة والجنسية والإقامة، ووضعوا المعايير الشرعية الضابطة لخطاب من يعتلي منابر المساجد والكنائس ودور العبادة، وحسموا فوضى نصب مكبرات الصوت في الأسواق، حتى لا يهذي ذوو العاهات النفسية ومصابو الأمراض العقلية المستعصية بما يؤذي الناس، فهب أننا رجعنا للوراء قليلاً وبحثنا في أسباب وصولنا للدرك الأسفل من نار الحرب، من المؤكد سنحصل على خلاصة واحدة مؤكدة على أن اطلاق الحبل على غاربه، وعدم الاكتراث لوضع هذه الضوابط في مواضع دستور البلاد، هو جوهر المسببات للكارثة الإنسانية التي نحن بصددها، فتجييش القطيع من أجل المشاريع الوهمية لن يأتينا بغير ما نحن فيه من مأساة، وواحدة من محاسن القطيع انه ينقلب على رائده، متى ما صدم بانقلاب الحال وظهور القوى الجديدة، فيقف من أجل تمكين سطوة هذه القوى الجديدة، وهذه المحاسن تتأكد في حال واحد هو امتلاك القوى الحديثة لرؤية واقعية، تخرج الناس من دائرة العبث إلى خط التنظيم والترتيب والتنسيق الشفاف الراعي لمصالح الأفراد والجماعات.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ديوان المحاسبة يبحث مع الجهات الصحية ظاهرة التوريد المزدوج للأدوية وسبل معالجتها

ديوان المحاسبة يبحث معالجة التوريد المزدوج للأدوية وآليات التنسيق بين الجهات الصحية

ليبيا – عقد رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك اجتماعًا مع رؤساء: الهيئة الوطنية العامة لزراعة الأعضاء والأنسجة والخلايا، والهيئة الوطنية لأمراض الكلى، ومجلس إدارة جهاز الإمداد الطبي، ولجنة العطاء العام، ونائب مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض، إلى جانب مديري الإدارات المختصة من الديوان والجهات.

ملاحظات الديوان حول التوريد المزدوج
تابع الاجتماع، بحسب المكتب الإعلامي للديوان، الملاحظات التي نبّه إليها الديوان سابقًا بشأن استمرار ظاهرة التوريد المزدوج للأدوية والمستلزمات الطبية وما يترتب عليها من مخاطر على سلامة المخزون وهدر المال العام، مؤكّدًا ضرورة تصحيحها عبر التنسيق الفعلي بين الجهات إلى حين معالجة الإطار القانوني.

إجراءات تصحيحية وتنظيم الاحتياج
ناقش المجتمعون الإجراءات المتخذة مؤخرًا، ومنها التنسيق بين المركز الوطني لمكافحة الأمراض وجهاز الإمداد الطبي فيما يخص استلام الأصناف المورّدة، وضبط إعداد الاحتياج بما يراعي الكميات المتوفرة لتفادي الازدواجية وضمان الاستخدام الأمثل للمخزون.

تحديد الاختصاصات وتبادل البيانات
تم التطرق إلى اختصاصات كلٍّ من هيئة زراعة الأعضاء وهيئة أمراض الكلى في صرف أدوية المرضى، والاتفاق على آلية مرحلية للتنسيق وتبادل البيانات عبر المنظومات الإلكترونية بكل جهة إلى حين معالجة الإطار القانوني المنظّم لعمل الهيئتين وإعداد قاعدة بيانات موحّدة للمرضى.

دور الديوان والنهج الوقائي
أكّد الحضور أهمية دور الديوان في تحديد مكامن الخلل ومراقبة تنفيذ الإجراءات التصحيحية والتنبيه على الجهات المعنية للتقويم والتصويب في عمليات التوريد، حمايةً للمال العام وصونًا لموارد الدولة. ويأتي الاجتماع ضمن الدور الرقابي والوقائي للديوان الهادف إلى ضمان سلامة القطاع الصحي وترشيد الإنفاق.

 

مقالات مشابهة

  • تقرير أممي: اليمن ضمن أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم
  • خبيرة تربوية: يجب رصد الأسباب لوضع خطة لعلاج ظاهرة العنف في المدارس
  • تغير المناخ وبصمته الخفية على ظاهرة الهجرة في العالم
  • ربنا يكفينا شره.. خالد الجندي: احذروا من الجاهل الذي لا يعلم أنه جاهل
  • جعفر حسان يوجّه بوضع خطة وطنية لمواجهة الكلاب الضالة
  • وزير الصناعة: مهلة 6 أشهر للمشروعات الصناعية التي أنجزت أكثر من 50% من الإنشاءات
  • الأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تضرب مصر خلال الأيام القادمة
  • إبراهيم حسن: تراجع القيم واحترام الكبير ظاهرة مقلقة في الكرة المصرية
  • ديوان المحاسبة يبحث مع الجهات الصحية ظاهرة التوريد المزدوج للأدوية وسبل معالجتها
  • دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي