إنفاق ضخم.. كيف تؤثر أهم اللوبيات الأميركية على الانتخابات؟
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
واشنطن– تلعب جماعات الضغط المعروفة بـ"اللوبيات" دورا حاسما في رسم ملامح السياسات العامة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. كما تمثل أنها مؤسسات من قطاعات مختلفة مثل الشركات الكبرى والجمعيات المهنية والمنظمات غير الربحية، التي تسعى لفرض سيطرتها على صناعة القرار باستعمال قوة المال بدرجة أولى، وعبر وسائل التأثير على الرأي العام.
ولا يزال نفوذ الأموال يمثّل كابوسا للحزبين الجمهوري والديمقراطي، إذ يظهر تأثير هذه المنظمات بوضوح من خلال المبالغ الطائلة التي ترصدها للإنفاق على حملات المرشحين المؤيدين لمصالحها، كما تستثمر ملايين الدولارات لضرب واستهداف حملات المعارضين لسياساتها، سواء خلال انتخابات الرئاسة أو الكونغرس.
وخلال انتخابات عام 2020، بلغ حجم الإنفاق المعلن على الحملات الانتخابية نحو 15 مليار دولار، جزء كبير منه جاء من تبرعات جماعات الضغط والشركات الأميركية الكبرى. ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم خلال انتخابات هذا العام، في ظل منافسة محتدمة ومثيرة للانقسام بسبب التغيرات التي يشهدها العالم.
يستثمر لوبي السلاح منذ عقود ملايين الدولارات لحماية حق التسلح الذي يعتبر واحدا من الحقوق الدستورية الأكثر جدلا في أميركا. وتعتبر الرابطة الوطنية للبنادق المعروفة اختصارا بـ"إن آر آي" من أكثر جماعات الضغط نفوذا في البلاد، وأنفقت عام 2020 حوالي 23 مليون دولار لدعم المرشحين الجمهوريين المؤيدين لحمل السلاح.
وبالرغم من التحديات القانونية والمالية التي تواجهها، تستمر الرابطة الوطنية للبنادق في دعمها القوي للمرشحين الجمهوريين خلال انتخابات هذه السنة، وتتمسك بمعارضتها -على مدى عقود من الزمن- لإجراءات تقييد ملكية الأسلحة وتضغط في سبيل سن تشريعات تشجع على انتشار الأسلحة في الولايات المتحدة.
غرفة التجارة الأميركيةفي خطاب حالة الاتحاد الأخير، أعلن الرئيس جو بايدن عن جملة من التشريعات التي سيدافع عنها، وتروم بالأساس إلى زيادة الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات والأثرياء، حيث دعا إلى رفع الحد الأدنى للضريبة إلى 21%، وهو ما يجعل هذه المؤسسات تميل بشكل كبير إلى الجمهوريين.
فقد دعمت غرفة التجارة بانتخابات 2020 دونالد ترامب في جهوده لتقليص الضرائب على الشركات وتعزيز التجارة الحرة، كما تنفق ميزانية ضخمة سنويا للدفاع عن مصالح الشركات ودعم السياسات الاقتصادية التي تخدم قطاع الأعمال، وتؤثر بشكل كبير على التشريعات المتعلقة بالضرائب والتنظيمات التجارية.
اللوبي الإسرائيلي
تشكّل قضية تمويل إسرائيل في حربها على قطاع غزة نقطة الاختلاف البارزة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي اللذين يسيران مع توجّه أميركا العام وتمسكها بـ"حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها".
وقد غيّرت الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 المعادلة فيما يتعلق باتجاهات الدعم التقليدية المعروفة لجماعات الضغط الإسرائيلية الكبرى بأميركا. فقد ساهم الصراع في تأجيج موقف منتقدي إسرائيل خاصة من تيار التقدميين داخل الحزب الديمقراطي، حيث تُظهر استطلاعات الرأي تزايدا مستمرا في التعاطف مع الجانب الفلسطيني.
وهذا ما جعل لجنة "الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية" المعروفة اختصارا بـ"آيباك" تزيد من حجم إنفاقها لدعم المرشحين المعتدلين في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية، بهدف ضمان فوزهم على المرشحين المؤيدين للقضية الفلسطينية.
الجمعيات المهنيةأحرج اتحاد حرس الحدود الرئيس بايدن، عندما خرج مكذبا مزاعم دعمه للمرشح الديمقراطي، الذي قال -خلال المناظرة التي جمعته بترامب نهاية يونيو/حزيران- إن الاتحاد يدعمه خلال الانتخابات. ونشر تدوينة تم تداولها بشكل واسع على حسابه في منصة إكس قائلا "لنكن واضحين، لم ندعم مطلقا بايدن ولن نفعل ذلك أبدا".
ورغم انسحاب بايدن من السباق، يظل "الحدود والهجرة" من الملفات الحاسمة التي تكتسي أهمية بالغة عند الناخبين، لذلك يستغلها الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء للتأثير على الرأي العام من خلال محاولة كسب تأييد اتحاد حرس الحدود.
خلال فترة رئاسة ترامب، استفادت شركات تصنيع الأدوية الكبرى والتأمين الصحي من سياسات خفض الضرائب واللوائح التنظيمية التي ساهمت في زيادة أرباحها بشكل كبير.
لكن مع وصول بايدن إلى السلطة، تزايدت المخاوف من إمكانية فرض قيود جديدة على أسعار الأدوية، مما جعل هذه الشركات تزيد من حجم إنفاقها على الحملات الانتخابية لدعم المرشحين الذين يتبنون سياسات صديقة لها.
فعلى سبيل المثال، تنفق جمعية البحوث الصيدلانية ومصنعي أميركا (PhRma) نحو 28 مليون دولار سنويا للدفاع عن مصالح شركات الأدوية وتعزيز تمويل الأبحاث الطبية الجديدة، على الرغم من الانتقادات الكبيرة التي تواجهها بسبب غلاء الأدوية.
شركات التكنولوجيامن القضايا النادرة التي يتفق فيها الجمهوريون والديمقراطيون أن شركات التكنولوجيا الكبرى أصبحت غنية وقوية أكثر من اللازم، ورغم أنهم -كمعظم الأميركيين- يحبّون منتجاتها، فإن نفوذ هذه الشركات يؤرق الحزبين.
وتعتبر غوغل تحت مظلة "ألفابيت إنك" أكثر الشركات إنفاقا على أنشطة الضغط بنحو 21.7 مليار دولار سنويا، وتستخدم نفوذها للتأثير على التشريعات المتعلقة بالخصوصية وحقوق النشر والابتكار وتنظيمات الإنترنت.
وتتمتع شركات التكنولوجيا الكبرى، وأبرزها غوغل وأمازون وآبل وميتا ومايكروفوست، بقدرة كبيرة على التأثير في السياسة الأميركية، ليس فقط من خلال الإنفاق لكن أيضا عبر السيطرة على منصات التواصل الاجتماعي حيث يدور الجزء الأكبر من النقاش العام في البلاد.
ومع وجود أغلبيات حزبية ضئيلة في غرفتي الكونغرس، يكون مصير مشاريع القوانين التي تهدف إلى الحدّ من تغوّل هذه الشركات هو التجميد، بسبب عمق الانقسام بين المجتمع الأميركي الذي ينقسم لنصفين متحاربين: الليبراليون والمحافظون.
لوبي النفط
نشرت صحيفة واشنطن بوست، في مقال لها، تفاصيل اللقاء الذي جمع دونالد ترامب بكبار المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط في البلاد، خلال أبريل/نيسان الماضي، إذ وعدهم بإلغاء سياسات الرئيس بايدن بشأن السيارات الكهربائية وطاقة الرياح، وطلب منهم في المقابل توجيه مليار دولار لحملته.
كما ذكرت الصحيفة أن أحد المسؤولين التنفيذيين اشتكى -خلال نفس اللقاء- من استمرار مواجهتهم للوائح البيئية المرهقة، على الرغم من إنفاق 400 مليون دولار للضغط على إدارة بايدن عام 2023.
ويعتبر لوبي النفط من أهم القوى الاقتصادية للولايات المتحدة إن لم يكن أهمها على الإطلاق. إذ يسعى للحفاظ على مصالحه في ظل التحولات الكبيرة نحو الطاقات المتجددة. وتمتعت هذه الشركات بدعم قوي من إدارة ترامب -خلال فترة رئاسته- التي سعت لتقليص القيود البيئية.
لكن بعد فوز بايدن وصعود نجم الديمقراطيين عام 2020 تزايدت مخاوفها من تأثير السياسات البيئية على الأرباح، خاصة أن الرئيس الحالي وضع قضية التغير المناخي في صلب أولوياته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات خلال انتخابات ملیون دولار هذه الشرکات
إقرأ أيضاً:
موقع إيطالي: هذه المؤسسة الفكرية الأميركية تضغط على إدارة ترامب لضرب إيران
أورد موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي أن "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" تلعب دورا ضمن اللوبي الضاغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب للانخراط في الحرب الإسرائيلية على إيران.
وقال الكاتب روبرتو فيفالديلي في تقرير نشره الموقع إن الضغوط من أجل مشاركة الولايات المتحدة في الحرب لا تقتصر على لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)، بل تشارك فيها أيضا "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" المعروفة اختصارا بـ"إف دي دي".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوموند: ستيفن ميلر كاره المهاجرين وكبير المنظرين الأيديولوجيين بالبيت الأبيضlist 2 of 2في غزة.. الإذلال والموت من أجل ما يسد الرمقend of listوأوضح الكاتب أن هذه المؤسسة المؤثرة في الولايات المتحدة هي مركز أبحاث في العاصمة واشنطن يتبنى أجندات المحافظين الجدد.
تغيير النظاموحسب الكاتب، تعمل "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" من خلال تقاريرها وتحليلاتها ومداخلاتها في مختلف وسائل الإعلام وأنشطتها السياسية ضمن أجندة تهدف إلى تغيير النظام في طهران، معرقلة بشكل منهجي الجهود الدبلوماسية التي تبذلها إدارة ترامب حاليا وكل الإدارات الأميركية السابقة.
ونقل الكاتب عن مجلة "ذا نيشن" الأميركية قولها إن المؤسسة اقترحت إجراءات "متطرفة"، مثل "تجويع الشعب الإيراني لتحفيزه على الثورة".
ومؤخرا، دعت المحللة أندريا ستريكر ترامب إلى "المطالبة بتفكيك منشأة فوردو بشكل فوري"، ودعم إسرائيل بأسلحة أميركية مثل القنابل الموجهة المضادة للتحصينات لتدمير المنشأة إذا رفضت إيران المقترح، مشددة على أن "أميركا وإسرائيل يمكنهما توجيه ضربة قاضية للبرامج النووية الإيرانية".
النفوذ والأجندة السياسيةأُسّست "إف دي دي" عام 2001، ومارست تأثيرا كبيرا على السياسة الخارجية الأميركية، لا سيما خلال ولاية ترامب الأولى (2017-2021).
وتتماشى أجندتها مع أطروحات أقصى اليمين الإسرائيلي والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة مثل جون بولتون ومايك بومبيو.
وذكرت مجلة "مودرن دبلوماسي" أن هذه المؤسسة لعبت دورا مهما في تشكيل السياسة الأميركية تجاه إيران من خلال الترويج لنهج تصادمي.
إعلانوفي المدة الأخيرة، اكتسبت المؤسسة مزيدا من النفوذ، بعد تعيين ميراف سيرين، الموظفة السابقة في وزارة الدفاع الإسرائيلية والمتعاونة مع "إف دي دي"، في مجلس الأمن القومي الأميركي.
وأكدت مجلة "ريسبونسبل ستيتكرافت" أن هذا التعيين يمنح إسرائيل "أفضلية غير معتادة في المحادثات السياسية الداخلية".
وحسب الكاتب، فإن ذلك يعني أن مجلس الأمن القومي الأميركي أصبح يضم عضوا لا يخدم مصالح الولايات المتحدة، بل يخدم على الأرجح مصالح الحكومة الإسرائيلية، فضلا عن الضغوط الأخرى التي يتعرض لها ترامب، ومنها ما يتعلق بالتمويلات التي تلقاها من ميريام أديلسون خلال حملته الانتخابية.
تقويض الجهود الدبلوماسيةيضيف الكاتب أن المؤسسة لعبت خلال رئاسة ترامب الأولى دورا محوريا في الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران الذي تم توقيعه عام 2015، وروّجت لإستراتيجية "الضغط الأقصى".
وحسب مجلة "مودرن دبلوماسي"، أسفر ذلك الانسحاب عن نتائج كارثية، فقد كثفت إيران أنشطتها النووية، فانتقلت من تخصيب اليورانيوم بنسبة 4.5% في عام 2019 إلى 60% وأكثر بحلول عام 2025.
تتلقى هذه المؤسسة دعما من مانحين أثرياء مؤيدين لإسرائيل، من بينهم بول سينغر المؤسس والشريك في صندوق إليوت، وبرنارد ماركوس الشريك المؤسس لشركة "هوم ديبوت"، حيث يمولان أنشطتها ويعززان نفوذها السياسي.
وقالت مجلة "ذا نيشن" إن ارتباط "إف دي دي" بمانحين مؤيدين لإسرائيل مثل سينغر وماركوس يضعها في قلب شبكة تروّج لمصالح اليمين الإسرائيلي.
وختم الكاتب بأن هذه التمويلات تتيح للمؤسسة الحضور بقوة في المشهد السياسي الأميركي والتأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مثلما فعلت سابقا عند الانسحاب من الاتفاق النووي، وتفعل حاليا بهدف اتخاذ إجراءات عسكرية ضد إيران.