15 عامًا على رحيل محمود درويش ومازال لا شئ يعجب شاعر الأرض
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
أما أنا فأقول: أنزلني هنا.. أنا مثلهم لا شئ يُعجبني.. ولكني تعبت من السفر.. هكذا عبر شاعر الأرض محمود درويش، أحد أشهر المدافعين عن القضية الفلسطينية، عن مُعاناته في الدفاع عن وطنه ويأسه من خوض الحروب التي دخلها وحيدًا للدفاع عن أرضه التي احتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكأنه يستغيث بمن حوله ليكونوا معه في الرحلة، محاولة من لإثبات أن النضال يحتاج إلى اتحاد أبناء الوطن الواحد.
ورغم بسالة الشاعر محمود درويش في الدفاع عن وطنه وحماسته المعهودة في التصدي للبندقية الإسرائيلية، لكنه أثبت في قصيدته الشهير «لا شئ يعجبني»، أن الكفاح في سبيل الوطن يحتاج إلى الجهد الجماعي، وأن النصضال منفردًا لن يجدي نفعًا، وبعد 15 عامًا من رحيل درويش بات الجميع يعرف أن الاتحاد هو السبيل الوحيد لإنقاذ الشعب الفلسطيني من بطش الاحتلال، حيث تأكد للجميع أن فُرقة أبناء الوطن الواحد لم تجدي نفعًا بل زادت من انتهاكات العدوان على الأرض.
محمود درويشوإحياءً للذكرى الـ 15 على رحيل شاعر القضية الفسطينية محمود درويش، ترصد «الأسبوع»، أبرز المحطات في حياة المناضل الذي لم يعجبه شئ ولم يهزمه أحد إلا عيون ريتا التي أوقعته في غرامها وهزمته أبشع الهزائم.
ولد الشاعر محمود درويش، عام 194، لأسرة فلسطينية ميسورة الحال تعيش في قرية البروة، القريبة من ساحل عكا بفلسطين، وكانت تعمل بالزراعة، وعندما داهمهم الاحتلال الإسرائيلي عام 1948، تفرقت الأسرة عن ديارها، ليتوجه درويش مع عائلته إلى لبنان، هربًا من عدوانية قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهناك تذوق الشاعر العربي مرارة الغربة وشعر بألم الفراق، فكلما نزل إلى الشارع بادره الأطفال بكلمة لاجئ التي كانت تقع على قلبه كالصاعقة، ورغم قسوة تلك الكلمة، لكنها كانت بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل عشق الوطن في عروق محمود درويش.
وبعد عام من الغربة، عاد محمود درويش، إلى وطنه ثانية ليجد أن الاحتلال قد أحكم قبضته على الشعب الفلسطيني، بل وفرض عليهم الهوية الإسرائيلية، لكن درويش لم يملك تلك الهوية فكان المعملون في المدرسة يخبئونه من المفتشين حتى لا يقع تحت طاولة بطشهم، لكنه في النهاية استسم وفال إنه من إحدى القبائل حتى يحصل على هوية إسرائيلية، ويعيش حياة طبيعية.
وظهرت على درويش في ذلك الوقت بوادر الفن، فأحب الرسم، لكنه لم يتلك ثمن أدواته فتخلى عن ذلك الحب، وقرر تعويضه بكتابة الشعر، ليجد إشادة من المعلمين على كتاباته ليطلب منه بعدها أن يكتب قصيدة عن الهوية الإسرائيلية، ويلقيها في الطبور الصباحي، وبالفعل كتب تلك القصيدة، لكن درويش الطفل لم يخضع للاحتلال فكتب قصيدته، ووقف في طابور الصباح، صارخًا بكلمات تهاجم الاحتلال وتُعبر عن القضية الفلسطينية وحق أهل فلسطين في استعادة أراضيهم، ليجد تهديدات عديدة وقتها بفصل والده من العمل.
بدأت رحلت درويش مع النضال، وهو في المرحلة الثانوية، حيث عمل محررًا ومترجمًا في صحيفة «الاتحاد» ومجلة «الجديد»، ثم ترقى لمنصب رئيس تحرير المجلة، وبسبب نضاله الواسع خلال عمله بالمجلة توالت عليه الاعتقالات العدوان الإسرائيلي، فاعتقل عام 61 ثم عام 65 وعام 66 وعام 67 وعام 69، حتى فُرضت عليه الإقامة الجبرية حتى عام 1970، وفي هذه الفترة كانت قوات الاحتلال تعتقله وقتما تشاء.
وبعد انتهاء الإقامة الجبرية، قرر شاعر الأرض، مغادرة فلسطين، متجهًا إلى موسكو من أجل الدراسة، وظل هناك عامـًا كاملًا يدرس بمعهد العلوم الاجتماعية، وفي هذا العام فقد ثقته بالشيوعية، ورأى صورة مغايرة لموسكو غير التي كان يعتقدها سابقـًا.
وبعد إنهاء دراسته في موسكو قرر درويش، أن يأتي إلى القاهرة ويستقر بها، حيث عبر عن عشقه لها، قائلًا: «وجدت نفسي أسكن النصوص الأدبية التي كنت أقرؤها وأعجب بها، فأنا أحد أبناء الثقافة المصرية تقريبًا والأدب المصري، التقيت بهؤلاء الكتاب الذين كنت من قرائهم وكنت أعدهم من آبائي الروحيين، التقيت محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، والتقيت كبار الكتاب مثل: نجيب محفوظ ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم، ولم ألتق بأم كلثوم وطه حسين، وكنت أحب اللقاء بهما».
وكعادة الشعراء، لابد أن يكون هناك مصدرًا لإلهام محمود درويش، فكانت ريتا تسكن وجدانه لتخرج من فؤاده على هيئة قصائد شعر تمتع الجميع، فكتب فيها «ين ريتا وعيوني بندقية.. آه.. ريتا.. أي شيء ردّ عن عينيك عينىَّ.. سوى إغفاءتين.. وغيوم عسليّة.. قبل هذي البندقية»، وغيرها من أبيات الشعر، ولم يكن أحد يعرف من هي ريتا، حتى أن درويش كان يخفي هويتها.
واستسلم محمود درويش بعد ذلك وكشف عن هوية ريتا، التي كانت مفاجأة مدوية وقتها لكل من عرف المناضل الفلسطيني الذي لم تهزمه أسلحة الاحتلال بكل قوتها، لكنه في النهاية خضع لعيون ريتا اليهودية الإسرائيلية، التي تركها في النهاية حبًا لوطنه، وذلك بعد ان انضمت هي إلى سلاح البحرية الإسرائيلي.
وكُشف بعد وفاة درويش، أن ريتا اسمها الحقيقة تمارا، وكما جاء في الفيلم الوثائقي «سجّل أنا عربي»، للمخرجة والمصورة ابتسام مراعنة، والذي عرض في مهرجان تل أبيب، «دوكو أفيف» للأفلام الوثائقية، حيث ظهرت حبيبة محمود درويش القديمة فى برلين واسمها تمارا وكانت تعمل راقصة.
وأكدت ريتا، أنها تعرفت على محمود درويش بعد رقصة أدتها فى مقر الحزب الشيوعى الإسرائيلي، الذي كان درويش عضوًا فيه قبل استقالته وهو في الـ 16 من عمره، مشيرة إلى أنهام افترقا بعدما تم استدعاء تمارا لتكون جندية بسلاج البحرية الإسرائيلى.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الشاعر محمود درويش القضية الفلسطينية ريتا محمود درويش محمود درویش
إقرأ أيضاً:
محمد مصطفى: الضفة تتعرض لمخطط ممنهج من الاحتلال لاقتلاع الفلسطينيين
قال الدكتور محمد مصطفى، رئيس الوزراء الفلسطيني، إن ما يحدث في الضفة الغربية، لا يقل خطرًا عن ما يجري في قطاع غزة، مؤكدًا أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ خطة ممنهجة هدفها "إلغاء الوجود الفلسطيني على الأرض".
وأضاف، خلال لقاء صحفي على هامش القمة العربية في بغداد،: "العدوان على الضفة الغربية ومخيماتها هو امتداد للهجمة الكبرى التي تستهدف الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده".
وفي سياق آخر، أشار مصطفى، خلال مقابلة خاصة مع الإعلامي أحمد أبوزيد على قناة القاهرة الإخبارية، إلى أن الاحتلال ينتهج سياسة توسعية عبر الاستيطان والاقتحامات اليومية للمخيمات، مما يخلق واقعًا ديموغرافيًا جديدًا يحاول من خلاله فرض وقائع على الأرض تقوّض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وأضاف: "نحن نحارب هذا التمدد بالثبات على الأرض، وبالعمل السياسي والدبلوماسي والقانوني".
وحول الدور الحكومي في دعم السكان؛ أوضح مصطفى أن السلطة الفلسطينية اتخذت خطوات مباشرة لتعزيز صمود المواطنين، مشيرًا إلى عقد اجتماعين لمجلس الوزراء في جنين وطولكرم خلال أسبوعين فقط؛ للاستماع إلى مطالب الأهالي، واتخاذ قرارات عملية لدعمهم.
وأكد أن الحكومة الفلسطينية بصدد إطلاق برامج إغاثية وتنموية عاجلة للمناطق الأكثر تضررًا، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة والحصار المالي المفروض من الاحتلال، والذي يشمل اقتطاعات غير قانونية من أموال الضرائب الفلسطينية.
وختم رئيس الوزراء الفلسطيني، بالقول: "رغم شراسة العدوان؛ إلا أن الشعب الفلسطيني أثبت صموده، ورفضه للنكبة مجددًا، وأن هذه الأرض لن تُفرّغ من أهلها، ولن تكون نكبة جديدة، لأن شعبنا متجذر ومستعد للتضحية من أجل حريته واستقلاله، وهذا ما تؤكده كل مرحلة نضالية نمر بها".