الوطن:
2025-05-18@10:38:37 GMT

الأنبا مكاريوس يكتب: العذراء واحتمال الكرامة

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

الأنبا مكاريوس يكتب: العذراء واحتمال الكرامة

اقتنت مريم العذراء من بين فضائلها فضيلتَى احتمال الكرامة واحتمال الهوان. وكما تسلَّمنا من الآباء (القديس تيموثاؤس) أن احتمال الكرامة يحتاج جهاداً أكبر مما يحتاجه احتمال الإهانة، فقد ترتبط الكرامة بفكر الكبرياء وتعاظُم القلب على الآخرين، ومن ثَمَّ تحتاج إلى اتِّضاع أكبر.

لم يكن الأمر سهلاً على فتاة -ربما دون الخامسة عشرة- أن يظهر لها ملاك الرب، وهذا فى حد ذاته يُعتبر امتيازاً نادراً.

نقرأ عن انبهار الجموع من المسيح: «قد كلَّمه ملاك!» (يوحنا 12)، بل يُبلغها الملاك بأن المولود منها سيأتى بغير زرع بشر وإنما من الروح القدس، وهذه عجيبة لم يُسمَع بها من قبل.. ثم إن هذا المولود هو المخلِّص، هذا قمة العجب والغرابة.

ولعلها قد درست الشريعة جيداً، وكانت مثل الباقين تنتظر فداءً فى إسرائيل، ولكن أن يأتى الفادى منها فهو أمر أعظم من أن تستوعبه، وحينئذ تصرِّح بأن الله نظر إلى اتِّضاع أمَته وصنع بها عظائم وأن الأجيال ستطوِّبها، أى أنها ستتحدَّث على ما خصَّها الله به دون غيرها من نساء العالمين.

لقد أدركت مريم أنه مُخلِّص العالم، وأنه اختارها من بين نساء العالم قاطبة دون سواها، وكل منهن تمنت أن يأتى المخلِّص من نسلها، وكان ذلك هو السبب الرئيسى فى حزن العواقر واللواتى لم ينجبن. ومع ذلك لم تتعاظم بفكرها ولا تعالت على الآخرين.

عندما أتقابل مع سيدة أو فتاة تم تكريمها ونعلن افتخارنا بها، فتجيب باتِّضاع «إنها نعمة الرب»، فكم بالحرىِّ مريم المتوشِّحة بالاتِّضاع، ولم نسمع أنها تسلَّطت على الجموع أو الآباء الرسل، بل خدمت معهم باتِّضاع كأم لهم، ولم تحصل على رتبة كنسية، ولم ينفخ الرب فى وجهها لتصبح أسقفة أو كاهنة.

ولكم أن تتخيلوا كمّ المديح الذى سمعته مريم الفتاة الوديعة من الناس بسبب ابنها، بالطبع دون أن يدركوا أنه المخلِّص الحقيقى، أمَّا هى فكانت تسمع جميع هذا الكلام متفكِّرة به فى قلبها. فكيف لها أن تحتمل ذلك؟ ولم تتكبَّر فى قلبها، بل ذهبت باتِّضاع لتخدم أليصابات حتى ولدت.

تصوّروا أُمَّاً قد نجح ابنها فى الجامعة، أو تم تكريمه بشكل أو آخر، أو تم تكريمها هى كأم مثالية؛ ماذا يكون شعورها؟ فمن المتوقَّع أن تروى للقنوات والمواقع بطولاتها وتضحياتها وحيثيات تكريمها، ولكن مريم العذراء تقول إنها أمة الرب (أى عبدة)، وغير مستحقة، فما أن بدأت أليصابات فى مديح مريم «من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلىِّ؟»، وأنها مباركة فى النساء، حتى قاطعتها مريم «بل تعظِّم نفسى الرب».

هكذا لم تنسب العذراء كرامة ابنها لها، مهما علمت بالمعجزات الباهرات التى لم يُسمَع عن مثلها قط، مثل تفتيح عينى أعمى وإقامة الموتى وإخراج الشياطين، حتى تقاطر عليه عشرات الألوف من البشر أينما سمعوا به، كما أنه صار الواعظ الأشهر فى ذلك الوقت، وتسابقوا على دعوته فى المجامع والمنتديات الدينية مثلما حدث فى بيت سمعان، حيث لم يأتِ أحد من قبله بمثل هذا السمو من التعاليم.

بل لم تتدخل فى شىء منذ قال لها: «ألا تعلمان أنه ينبغى أن أكون فيما لأبى؟».

حتى فى المرة الوحيدة التى قيل إنها مضت إليه مع بعض الأقارب فى شأن عائلى، لم يرفضها، بل جمع معها جميع الحاضرين على أنهم أمه وإخوته، بل ومعهم كل من يسمع كلام الله ويحفظه.. وحين احتاج الموقف إلى إنقاذ فى قانا الجليل طلبت ذلك باتِّضاع.

بل إن مريم العذراء لم يُنسَب إليها فى العهد الجديد كله إلّا عبارات قليلة جداً، ما بين حديث مع الملاك، ثم أليصابات، وفى قانا الجليل، وعندما بحثت عن الفتى يسوع فى الهيكل.. ولا توجد كتابات منسوبة لها، لا مذكرات ولا تعاليم ولا وصية.

بركة صلاة أمناً العذراء القديسة مريم فلتكن معنا.. آمين.

* أسقف المنيا

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: العذراء مريم السيدة مريم القدس الشريف فلسطين الصامدة

إقرأ أيضاً:

أشرف الزعبي يلتقي محامين ويؤكد: نسعى لنقابة قوية تحمي المهنة وتدافع عن الكرامة

صراحة نيوز ـ التقى مرشح نقابة المحامين الأستاذ أشرف الزعبي مساء يوم الخميس في الكرك بمجموعة من المحامين، حيث عرض رؤيته المستقبلية للنقابة، مؤكدًا على أهمية استعادة هيبتها وتعزيز استقلاليتها في مواجهة التحديات المتزايدة التي تواجه المهنة.

وخلال اللقاء الذي ساده الحوار والتفاعل، قال الزعبي:

“المحاماة ليست مجرد مهنة، بل رسالة، ونقابتنا يجب أن تبقى قلعة للدفاع عن الحقوق وصون الحريات.”

وأشار إلى ضرورة توفير بيئة مهنية عادلة تحمي كرامة المحامي، وتضمن له التمكين المهني، لافتًا إلى أن المحامي الشاب يجب أن يحظى بالاهتمام والتأهيل ليكون جزءًا فاعلًا من مستقبل النقابة.

وشهد اللقاء مداخلات من عدد من المحامين، الذين طرحوا أفكارهم وتحدياتهم، وأبدى الزعبي تفاعله الإيجابي، مؤكدًا أن “الحوار والشراكة أساس النجاح والعمل الجماعي هو طريق التغيير

مقالات مشابهة

  • عودة: العبادة الحقيقية جهاد دائم لإتحاد إرادتنا بإرادة الله
  • اتحاد الكتّاب: رفع العقوبات عن سوريا بداية لنهضة تُسطَّر بحبر الكرامة
  • جدعون في خدمة الحرب: كيف تستخدم إسرائيل رمزا توراتيا لتبرير الإبادة؟
  • أشرف الزعبي يلتقي محامين ويؤكد: نسعى لنقابة قوية تحمي المهنة وتدافع عن الكرامة
  • مفاجأة لـ برج العذراء.. اعرف توقعات الأبراج وحظك اليوم السبت 17 مايو 2025
  • مريم الحمادي: «إجازة الرعاية» تسهم في تمكين المرأة والأسرة
  • برج العذراء حظك اليوم السبت 17 مايو 2025.. تعلم أن تتقبل العيوب في علاقاتك
  • البابا تواضروس يستقبل الأنبا بولس
  • امغيب: في ذكرى الكرامة نحيي القائد العام والجيش على تضحياتهم للوطن 
  • محافظ الإسماعيلية يتفقد موقع النصب التذكاري بجبل مريم