أخبارنا المغربية - عبدالإله بوسحابة

عندنا في المغرب، يقول المثل الدارج "يخ منو وعيني فيه"، وهي الحالة التي يمكن إسقاطها على واقع العلاقات المتوترة حاليًا بين الجزائر وفرنسا، بعد إقدام الأخيرة على إعلان اعترافها بـ"مغربية الصحراء"، ما تسبب في غضب عارم وغليان شديد بين قادة نظام العسكر، الحاكم الفعلي في الجزائر، الذي أغدق على امتداد عقود من الزمن ميزانيات ضخمة في جيوب ميليشيات البوليساريو من أجل معاداة المملكة الشريفة.

الجزائر، وبعد أن قررت فرنسا دعم مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب لوضع حد نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء، سخرت كل إمكانياتها المتاحة من أجل الضغط على باريس وابتزازها بأوراق عدة لإرغامها على التراجع عن قرارها التاريخي الذي أنصف المغرب بعد سنوات من النضال والترافع حول قضيته الأولى، وهي الصحراء.

وفي سياق مخططها سالف الذكر، تروج الجزائر عبر إعلامها المارق، لخبر "امتناعها عن حضور مراسم الاحتفال بالذكرى الـ80 لإنزال بروفانس"، احتجاجًا على اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، حيث خصصت لهذا الخبر حيزًا كبيرًا عبر أشهر صحفها اليومية، في محاولة منها لإيهام الشعب "المغلوب على أمره"، أن بلاده باتت فعلًا قوة ضاربة، تقرر وتعاقب، تغضب وتكشر عن أنيابها.

من جانبها، لم تعر فرنسا، حكومة وإعلامًا، أي اهتمام لهذا الموضوع، وكأنها تقول للجزائر "شكون داها فيك يا اللفت نهار العيد"، وهو ما زاد من غضب الكابرانات، الذين يفكرون مليًا في ردود أفعال جديدة، أملًا في الضغط أكثر على باريس، مثل إلغاء الزيارة المرتقبة للرئيس "عبد المجيد تبون"، مباشرة بعد "تعيينه" رئيسًا للجزائر لعهدة ثانية.

لكن ما هو مؤكد وصريح بحسب صحافة العسكر في الجزائر، أن الكابرانات "متصرطتش لهم" اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، خاصة وأن الجارة الشرقية وعلى امتداد عقود من الزمن، كانت بمثابة "الكلب" الوفي والطائع الذي لا يعصي لباريس أمرًا، سيما وأن الجزائر كانت طوال الفترة السابقة بمثابة "البنيكة" التي تلجأ إليها فرنسا دائمًا لسد خصاصها المالي والاغتراف من خيراتها ومقدراتها الهائلة، خاصة البترول والغاز. قبل أن تنقلب الأمور رأسًا على عقب لصالح المغرب الذي عرف بحنكة وعبقرية ملكه في كسب هذه المعركة الدبلوماسية.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

فرنسا تشدد الخناق على الجزائر.. تأشيرات إجبارية وتراجع كبير بالتبادل التجاري

توتر دبلوماسي جديد يشعل العلاقات بين الجزائر وفرنسا، حيث قررت باريس فرض تأشيرات على حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية لأول مرة منذ سنوات، ردًا على تحركات حادة من الجزائر، ما يفتح فصلاً جديدًا من الصراع الذي يهدد مستقبل التعاون بين الجارين التاريخيين.

وفي خطوة اعتبرتها باريس ردًا على إجراءات الجزائر الأخيرة، ألغت السلطات الفرنسية الاتفاق المبرم عام 2007 مع الجزائر، الذي كان يسمح لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات المهمة الجزائرية بدخول فرنسا دون تأشيرة.

وأصدرت المديرية العامة للشرطة الفرنسية تعميمًا عاجلًا لكافة ضباط الحدود على المنافذ الفرنسية، جاء فيه أن “كل الرعايا الجزائريين الحاملين جواز السفر الدبلوماسي أو جواز مهمة، وغير الحاصلين على تأشيرة دخول، يتعين عدم قبولهم وعدم السماح لهم بالدخول، وإعادتهم قسرًا”، مع التأكيد على أن القرار “فوري ويشمل جميع النقاط الحدودية”.

وجاء تنفيذ هذا القرار في 17 مايو 2025، كجزء من ما وصفته باريس بـ”الرد التدريجي” على قرارات الجزائر التي وصفتها بـ”غير المبررة”، والتي تضمنت ترحيل 15 موظفًا فرنسيًا من الأراضي الجزائرية.

واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو قرار الجزائر بأنه “غير مبرر”، مؤكدًا أن بلاده سترد بطريقة “قوية ومناسبة” في ظل تصاعد التوترات بين البلدين.

في المقابل، طالبت الجزائر باستدعاء القائم بأعمال السفارة الفرنسية لديها وترحيل جميع الموظفين الفرنسيين الذين تم تعيينهم في ظروف مخالفة للإجراءات القانونية المعمول بها، وهو ما رصدته السلطات الجزائرية مؤخراً مع تعيين 15 موظفاً فرنسياً لمباشرة مهام دبلوماسية وقنصلية دون استيفاء الإجراءات اللازمة.

وتدهورت العلاقات بين البلدين في الأشهر الأخيرة بسبب عدة قضايا، أبرزها ترحيل فرنسا لمهاجرين جزائريين واتهامهم بـ”التحريض على العنف” و”المساس بالنظام العام”، إلى جانب قضية سجن الكاتب بوعلام صنصال. وعقب زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر في أبريل 2025 شهدت العلاقات تحسناً مؤقتاً، إلا أن طرد دبلوماسيين متبادل أعاد التوتر مجدداً.

هذا التصعيد الدبلوماسي ترافق مع تراجع كبير في العلاقات الاقتصادية، حيث كشفت بيانات الجمارك الفرنسية عن انخفاض واردات الجزائر من فرنسا بأكثر من 24% خلال العام الماضي، مع توقف واردات القمح الفرنسي منذ صيف 2024، وهو القطاع الذي كان يدر على فرنسا عائدات بنحو مليار يورو سنوياً.

ويرى محللون أن هذه التطورات تعكس تحولات جوهرية في العلاقات بين البلدين، حيث تتجه الجزائر إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية مع دول مثل روسيا والصين وتركيا، في مسعى لتقليل اعتمادها على فرنسا، وتعمل الجزائر على ترسيخ سياسة تجارية قائمة على السيادة والاستراتيجية، في حين تجد فرنسا نفسها مضطرة للتكيف مع واقع جديد قد ينهي فترة طويلة من الامتيازات التجارية والدبلوماسية.

مقالات مشابهة

  • مالك حداد.. الشاعر والروائي الجزائري الذي عاش حالة اغتراب لغوي
  • الجزائر سترد بالمثل على قرار فرنسا إلغاء إعفاء الدبلوماسيين من التأشيرة
  • الجزائر تتهم فرنسا بخرق اتفاق (الجوازات الدبلوماسية) وتلوح برد مماثل
  • الجزائر تتهم فرنسا بخرق اتفاق الجوازات الدبلوماسية
  • الجزائر تعلق على قرار جديد يخص التوتر بينها وبين فرنسا
  • الجزائر تتوعد فرنسا برد حازم
  • فرنسا تشدد الخناق على الجزائر.. تأشيرات إجبارية وتراجع كبير بالتبادل التجاري
  • تعاون عسكري جزائري أمريكي وتمرين بحري مشترك.. رسائل لمن؟
  • انخفاض الواردات الجزائرية من فرنسا بأكثر من 24%
  • مع اقتراب انتهاء المهلة الأمريكية.. تفكيك “جمهورية الخيام” مسألة وقت