عربي21:
2025-10-15@20:38:20 GMT

دوافع نتنياهو للتصعيد

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

عندما قررت حركات المقاومة تنفيذ عمليتها الكبرى يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كان معلوما لديها أن العدو الصهيوني لن يترك الأمر يمر دون رد عسكري غير اعتيادي، وربما راهنت المقاومة على عوامل ذاتية وخارجية تجعل الرد العسكري يتوقف عند حدود معينة، لكن العدو اللاأخلاقي تجاوز كل الحدود، فوصلنا إلى ما يقارب 150 ألف شهيد ومفقود ومصاب.



يتحدث الساسة في الكيان الصهيوني، وغيرهم من السياسيين على مستوى العالم، بأن تصرفات نتنياهو طوال هذا العدوان تحكمها مصلحته الشخصية، وقد أصبحت الحرب الانتقامية لصيقة بشخصه، وما يدل على ذلك أن وزير الحرب الصهيوني غالانت، يتحدث عن وجوب إتمام صفقة تبادل لإنهاء الحرب، ومؤخرا انتقل إلى اتهام مباشر لنتنياهو بأنه يعطل الصفقة، وقد نقل ابن عمه دان نتنياهو، أنه يرى نفسه "الدولة"، ونقل دان عن سارة نتنياهو قولها "بيبي [نتنياهو] سيقاتل من أجل الدولة، وإذا لزم الأمر، فليحترق البلد".

ما فعله نتنياهو باغتيال إسماعيل هنية وكون عملية الاغتيال داخل إيران، وأيضا اغتيال فؤاد شكر، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه قرر أخذ الأمور إلى مدى أكثر تعقيدا وتصعيدا في الصراع العسكري، وخوفا من هذه النتيجة سارعت واشنطن بجلب حاملات طائرات وإعادة تموضع لقواتها بالمنطقة، في سبيل تخفيف أو منع الرد على العمليتين. وبغض النظر عن حملة الإنقاذ الأمريكية، فالسؤال: لماذا يُصرُّ نتنياهو على التصعيد؟

ما فعله نتنياهو باغتيال إسماعيل هنية وكون عملية الاغتيال داخل إيران، وأيضا اغتيال فؤاد شكر، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه قرر أخذ الأمور إلى مدى أكثر تعقيدا وتصعيدا في الصراع العسكري، وخوفا من هذه النتيجة سارعت واشنطن بجلب حاملات طائرات وإعادة تموضع لقواتها بالمنطقة، في سبيل تخفيف أو منع الرد على العمليتين
هناك أمران ربما يفسِّران سبب هذا التصعيد الدائم لنتنياهو؛ أولهما، ما قاله رجل الأعمال الإسرائيلي إيلي جولدشميت، في تسجيلٍ على حسابه في منصّة "تيك توك"، وهو من قياديي حزب العمل الإسرائيلي، في معرض هجومه على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وبحسب ترجمة وكالة "سما الإخبارية"، قال جولدشميت في رسالته إلى نتنياهو: "السنوار، ابن مخيم اللاجئين، الذي أطلقتَ سراحه في عام 2011 بصفقة شاليط (وفاء الأحرار)، هذا الرجل وخلال حرب الأدمغة بينه وبينك، أنت الملك من قيساريا مع بركة السباحة، ومع لغتك الإنجليزية الممتازة، هزمك شر هزيمة، إنّه [السنوار] جعل منك ترابا ورمادا، لقد كان أذكى منك بعشرات المرّات".

ويرى جولدشميت أن "نتنياهو استفاق متأخرا وبات مقتنعا بأن الرجل من مخيم اللاجئين انتصر عليه، وهو الذي يرى في نفسه تشرتشل الصهيوني، لكن السنوار جعل منه إنسانا صغيرا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان". وبيت القصيد في كلام جولدشميت الموجه إلى نتنياهو: "لذا فإنه من ناحيتك يجب أن يموت السنوار قبل أن تتم صفقة التبادل، فقط عند ذلك ستوافق على الصفقة، لأنك تريد أن ترمم الكرامة الشخصية التي أفقدك إياها السنوار".

إذا يريد نتنياهو ترميم كرامته، ولو بجرِّ العالم إلى حرب إقليمية، ليُبقيَ الباب مفتوحا أمام أي مشاركة سياسية مستقبلية له، وهيهات أن ينال ترميمها بعد تحطيم "الطوفان" لها. هذا الأمر الأول الذي يتسبب في إطالة المعركة.

أما السبب الثاني، الأكثر أهمية، أن نتنياهو يعلم جيدا أنه لن يبقى وحيدا إذا أذكى نار حرب إقليمية، فالمشروع الصهيوني أكبر من أن يسقط عند الغرب والأمريكان، إذ هو نبتة الغرب الخبيثة في المنطقة منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، تزامنا مع إنشاء أول مستعمرة يهودية في فلسطين على يد اليهودي البريطاني مونتفيوري في العام 1837م، وكان عدد سكانها في ذلك الوقت 1500 يهودي، وارتفع العدد سريعا إلى عشرة آلاف يهودي عام 1840م، ما يشير إلى وتيرة عمليات الاستيطان، وذلك قبل مؤتمر بازل بستة عقود.

يدرك نتنياهو جيدا أنه مهما فعل، فلن يترك الغرب هذا المشروع الذي أُنفقت عليه أموال طائلة ربما تتجاوز تريليونات الدولارات، لذا لا يخشى من تماديه في السلوكيات العدوانية، فلن يتوقف السلاح المرسَل إليه، كما لن تتردد الدول الأوروبية كثيرا قبل خوض مواجهة عسكرية ضد إيران وغيرها إذا اقتضى الأمر. صحيح أن لا أحد في الدوائر الصهيونية أو الغربية يقول ذلك، لكن العالم بأسره يعلم ما سيحدث إذا واجهت الدولة الصهيونية خطرا عسكريا وجوديا، ونتنياهو يراهن على ذلك تماما، وأبرز دلائل صحة وجهة نظره أن العالم يشاهده وهو يسبح، حرفيا، في الدماء الفلسطينية، دون أي رد فعل حقيقي لإيقاف المجزرة.

العالم بأسره يعلم ما سيحدث إذا واجهت الدولة الصهيونية خطرا عسكريا وجوديا، ونتنياهو يراهن على ذلك تماما، وأبرز دلائل صحة وجهة نظره أن العالم يشاهده وهو يسبح، حرفيا، في الدماء الفلسطينية، دون أي رد فعل حقيقي لإيقاف المجزرة
ربما أصبح على المقاومة أن تستخدم ورقة ضغط (إذا وُجدت) ضد القيادات العربية، فمن المعلوم أن المقاومة الفلسطينية استطاعت اقتحام قاعدة أوريم العسكرية "يَرْكون" التي تعد من أهم منشآت التجسس وجمع المعلومات الاستخباراتية لدى الاحتلال الإسرائيلي، وهي مقر عمل الوحدة 8200 التي تعد أبرز وحدات المخابرات العسكرية الإسرائيلية والمعروفة اختصارا باسم "أمان".

هذه القاعدة سُحبت منها معلومات قيِّمة، وإذا كانت المقاومة تمتلك وثائق تجاه حكومات إقليمية نتيجة اقتحام القاعدة، فربما حان وقت استخدام الملفات التي بحوزتهم والتلويح ببعض المعلومات بداخلها، ليتحرك الضغط العربي تجاه الكيان المحتل باعتبارها معركة بقائهم في السلطة، ومعركة عدم الافتضاح "الموثَّق" أمام الشعوب التي تدرك وجود عمالة، لكنها لا تعلم حجمها، ولا تملك توثيقا يؤكدها، وإذا أفصحت المقاومة في الغرف المغلقة عن بعض ما لديها فربما يكون هذا الوقت المطلوب، خاصة أن تغير أحد الأنظمة (بوفاة أحد الحكام) قد يُفقد المعلومة أهميتها.

إن محور المقاومة بأسره، والمقاومين بقطاع غزة تحديدا، يواجهون أشرس حروب القرن الحادي والعشرين، وأشرس معارك القضية الفلسطينية، والانتصار السياسي فيها أمر لا يمكن التنازل عنه، كما أن فشل العدو العسكري في تحقيق أهدافه العسكرية أمر بالغ الأهمية، والانتصار السياسي سيكون بوقف العدوان وإبرام صفقة تبادل وفقا لشروط المقاومة، وكل ما قد يحدث بعد ذلك من تصرفات عسكرية كقصف منشأة أو محاولة اغتيال أحد المقاومين، لن يكون له أثر في تغيير حقيقة الانتصار السياسي أو إفشال مخطط العدو العسكري، لذا ربما تحتاج المقاومة إلى بسط أوراق قد تكون قررت من قبل أن تجعلها مُرْجَأة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة نتنياهو التصعيد غزة غزة نتنياهو المقاومة تصعيد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد صحافة سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

صفقة نهاية حرب غزة أسقطت أهدافها و"نتنياهو" رضخ للمقاومة صاغرًا

غزة - خاص صفا

بينما يجني رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو، الفشل تلو الآخر، بإعلان انتهاء الحرب على غزة، تُرضخه المقاومة  بغزة على أن يوقف الحرب ويتسلم أسراه على طاولة المفاوضات، لا بالقوة العسكرية كما كان يُصر.

انتهت الحرب على غزة، وبقيت غزة، وجنت المقاومة بل والضفة الغربية ثمار هذه الملحمة، التي خاضتها المقاومة والمواطنين بغزة وحدهم، حسبما يقول مختصون بالشأن السياسي.

وأطلقت كتائب "القسام" بغزة صباح يوم الاثنين سراح 20 أسيرًا إسرائيلياً من الأحياء، مقابل إطلاق سلطات الاحتلال سراح 1716 فلسطينياً غزياً عند مجمع ناصر الطبي بالقطاع، و250 فلسطينيا كانوا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد في سجون إسرائيلية إلى الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وإلى الخارج.

ويأتي ذلك ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس و"إسرائيل" الذي دخل حيز التنفيذ ظهر الجمعة الماضي.

ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تقوم على عدد من البنود منها: وقف الحرب، انسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، إطلاق متبادل للأسرى، دخول فوري للمساعدات إلى القطاع.

رضوخ "نتنياهو" مرغمًا

ويقول المحلل السياسي طلال عوكل لوكالة "صفا"، "اليوم يجني نتنياهو الفشل تلو الآخر ويجر من شعره بدون رضاه للموافقة على خطة الرئيس ترامب".

ويضيف "نتنياهو الذي كان يصر على الإفراج عن أسراه بالقوه العسكرية، حتى يتجنب الإفراج عن أسرى فلسطينيين، تجبره المقاومة اليوم على أن يدفع هذا الثمن صاغراً".

ويجزم عوكل بأنه "لا يمكن لأحد عاقل أن يقلل من أهمية الإفراج عن هذا العدد الكبير من الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بالمؤبدات".

ويوضح أن "إسرائيل" وعلى وجه الخصوص المتطرف "ايتمار بن غفير"، كانت ترفض على نحو قاطع الإفراج عن من تصفهم بأصحاب الأيادي الملطخة بالدماء، وها هم يرضخون لإرادة المقاومة، مما يشكل صفحة مجد للشعب الفلسطيني ويعزز معنويات الأسرى المتبقين، على أنه بالإمكان أن يتنسموا أنفاس الحرية يوماً".

أفضل ما يكون

من جانبه، يقول المحلل السياسي عماد عواد لوكالة "صفا"، إن الصفقة الأخيرة التي انتهت بموجبها الحرب على غزة، هي أفضل ما يمكن تحقيقه، لأنها تأتي ضمن سياق موازين القوى الموجودة، وما تعرضت له المقاومة من والإبادة المستمرة لعامين والخذلان من الجميع.

ومن جانب آخر، نحن نتحدث عن حرب بدأت وكانت إسرائيل عندها أهداف استراتيجية بعيدة المدى ولكن تم ايقافها والقضاء على جزء كبير منها، بالرغم من تعرض الفلسطنيين لنكبة ثانية، لكنه استطاع ان يبقى.

ويستدرك "كان الأمل بلا شك أكبر من ذلك، لكن في سياق قدرات المقاومة واستخدام إسرائيل فائض الذخيرة بحق الفلسطينيين وجعل المدني الفلسطيني العنوان وجعل الإبادة هدفًا، بعدما فشلت في تحقيق أهدافها خصوصاً فيما يتعلق بالتهجير وإطلاق الاسرى، فإن هذه الصفقة هي الأفضل على الإطلاق".

ثمار جنتها الضفة

وبانتهاء الحرب على غزة، تجني الضفة الغربية ثمارًا لها فيما كانت المقاومة بغزة تحارب وحدها، من ذلك أن ملف السيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية قد طُوي، وفق المحلل السياسي سليمان بشارات. 

ويقول لوكالة "صفا"، إن حالة الضم التي كانت "إسرائيل" تنفذها مستغلة الحرب على غزة وانشغال العالم بها، ستتوقف مع عدم تغيير الواقع الذي فرضه هذا الاحتلال بموضوع الاستيطان، مضيفًا "ربما سيذهب الاحتلال لتفكيك بعد المستوطنات مرغمًا، مع البقاء على أخرى".

ويشدد بشارات على أن الثمن الأكثر الذي جنته الضفة هو هو عدد الأسرى الفلسطينيين الذين أفرج عنهم من داخل سجون الاحتلال، والذين كانو يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد.

ويضيف إلى ما سبق أنه "ربما نكون أمام بوادر فكفكة للأزمة الإقتصادية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية،

بالإضافة لفكفكة الحواجز والبوابات التي تفصل وتعزل مدن الضفة الغربية، وكل ذلك مرتبط بما تحمله الأيام المقبلة بما يتعلق بالمسار السياسي والدبلوماسي بشكل كامل".

ومن وجهة نظره فإن مشاركة الرئيس محمود عباس في مؤتمر شرم الشيخ، سيكون مقدمة لإعادة التعامل الاسرائيلي مع السلطة الفلسطينية، بعدما كانت قد أعلنت "إسرائيل" أنه لا مستقبل لها، وبالتالي فإن هذه المعالم والثمار كلها تجنيها السلطة اليوم من غزة.

مقالات مشابهة

  • الملك عبد الله الثاني صوت الحقيقة التي هزمت أكاذيب نتنياهو وحكومتة المتطرفة .
  • الفاشر تحت القصف.. وتنسيقية لجان المقاومة تؤكد: “الأرواح التي ماتت بصمت لن تُنسى وهذا الخذلان لن يُمحى”
  • هل يمكنا اليوم إعلان هزيمة نتنياهو؟
  • المتحدث العسكري يكشف تفاصيل الانفجارات التي شعر بها سكان الهايكستب
  • لافروف: روسيا تزود إيران بالمعدات التي تحتاجها وتعاوننا العسكري معها ضمن القانون الدولي
  • الرشق: صمود غزة أنهى الحرب وأجبر نتنياهو على القبول بصفقة تبادل الأسرى
  • تحليل: صفقة نهاية حرب غزة أسقطت أهدافها و"نتنياهو" رضخ للمقاومة
  • صفقة نهاية حرب غزة أسقطت أهدافها و"نتنياهو" رضخ للمقاومة صاغرًا
  • المقاومة: الاحتلال فشل باستعادة أسراه بالضغط العسكري
  • أخبار التوك شو| أحمد موسى: نتنياهو فشل في إعادة الرهائن رغم الإبادة التي قام بها.. والاحتلال يجمع الأسرى الفلسطينيين في سجني عوفر والنقب