مدير مؤسسة فريدريش ايبرت يحذر من تقسيم اليمن ويؤكد أن الحوثيين يشبهون "طالبان"
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
أكد كونستاتين جروند، دير مؤسسة فريدريش ايبرت في اليمن والسودان، أن جماعة الحوثي تشابه حركة طالبات في أساليبها القمعية، في الوقت الذي حذر من تقسيم اليمن إلى دول متعددة.
وقال كونستاتين جروند، في مقال نشرته مجلة "السياسة الدولية والمجتمع" الألمانية (IPG)، إن الحوثيين يتبعون أساليب قمعية مشابهة لتلك التي تتبعها طالبان، بما في ذلك اختطاف موظفي المنظمات الدولية والضغط على المساعدات الإنسانية.
وأضاف: "على مدار سنوات، قام الحوثيون بتغيير قواعد اللعبة فيما يتعلق بالسلوك المقبول على الساحة الدولية. فهم يصعدون، يستفزون، ويهاجمون. كل هذا يتم وفق خطة مدروسة جيدًا".
وأوضح أنه "مرت عشر سنوات منذ أن احتل الحوثيون صنعاء لأول مرة". مضيفا: "بدأت المضايقات، ومصادرة الممتلكات، واعتقال المعارضين السياسيين، وإقامة نظام حقيقي من الإرهاب ضد سكان البلاد. هناك بعض الأمور التي تذكرنا بطالبان. فقد تم بشكل منهجي إلغاء الإنجازات السابقة مثل البرلمان الفعال، وحرية الصحافة، والالتحاق الشامل بالمدارس، مع توجيه اللوم غالبًا إلى خصوم مزعومين من الخارج".
وأشار كونستاتين جروند، إلى أنه وبدلًا من التركيز على التنمية الاقتصادية لبلد مدمر، "تم فرض ضرائب حرب جديدة؛ من لا يدفع يواجه السجن. في الوقت نفسه، ينتظر موظفو الدولة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون رواتبهم منذ سنوات. يتم إفقار الشمال الغربي من اليمن بشكل منهجي، ويقدر الخبراء الآن أن حوالي 90 في المائة من الناس هناك يعيشون في فقر. وهذا رقم قياسي عالمي".
وانتقد مدير مؤسسة فريدريش موقف المجتمع الدولي الذي قال إنه يظهر ردة فعل ضعيفة تجاه انتهاكات الحوثيين، الذين سعوا لتعزيز سيطرتهم عبر التصعيد في البحر الأحمر ومهاجمة تل أبيب، محذرًا من تقسيم اليمن تدريجيًا، إلى دول متعددة.
وقال: "إن إرضاء الحوثيين لم يؤد إلا إلى تقوية قاعدتهم الشعبية وإعطائهم الانطباع بأنهم يفعلون الشيء الصحيح. تمكنوا من إرسال مبعوثين إلى التجمعات الدولية واستخدام القنوات الخلفية غير الرسمية لتمكين الآخرين من المشاركة في المحادثات أو المفاوضات نيابة عنهم. أدى ذلك إلى كسر حتى أصغر الاتفاقيات بشكل مستمر، بينما ظل الشركاء الدوليون صامتين".
وأردف: "لا ينبغي أن نتفاجأ إذا كان هناك حل دولتين أو حتى حل متعدد الدول في المستقبل القريب، بدون مشاركة الأمم المتحدة. هذا يقرب الحوثيين من هدفهم النهائي: إقامة دولتهم الخاصة تحت سيطرتهم.
ولفت إلى أنه "تم تقسيم اليمن بشكل متزايد على مدى 10 سنوات – ليس من خلال المفاوضات السياسية كما في حالة السودان وجنوب السودان، بل خطوة بخطوة على المستويات الأدنى. يتم فصل شبكات الاتصال، وتقسيم المكاتب الحكومية إلى شمال وجنوب، وانقسام أنظمة الضمان الاجتماعي، وتخلى عن النظام المصرفي والمالي الموحد في البلاد.
وأشار كونستاتين جروند، إلى أن ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي يتجنبون استخدام مصطلح "اليمن". لا ينبغي أن نتفاجأ إذا كان هناك حل دولتين أو حتى حل متعدد الدول في المستقبل القريب، بدون مشاركة الأمم المتحدة. دعم المجتمع الدولي هذا بشكل غير مباشر لسنوات من خلال سياسته الترضوية تجاه الحوثيين حد وصفه.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الانتقالي مليشيا الحوثي طالبان قمع تقسیم الیمن
إقرأ أيضاً:
نجوع، ثم نُقتل.. لم يعد هناك أمل للفلسطينيين
ترجمة: بدر بن خميس الظفري
كانت والدته واحدة من عشرات الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الأيام الأخيرة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات، التابعة لما يُعرف بـ «مؤسسة غزة الإنسانية»، والمدعومة من الولايات المتحدة.
في الأول من يونيو، قُتل أكثر من 30 فلسطينيًا. وفي الثاني من يونيو، قتل 3. وفي الثالث من يونيو قتل 27. ثم قتل 4 في الثامن من يونيو، وقتل 17 في العاشر من يونيو، و60 في الحادي عشر من يونيو.
بات واضحًا أن الجوع في غزة لم يكن مجرد نتيجة للعدوان، بل سلاحا متعمدا يُستخدم لإضعاف السكان والسيطرة عليهم.
حين بدأت المساعدات الأمريكية تصل، ظنّ الناس أن بصيص أمل قد لاح في الأفق، وأن المجاعة القاتلة ربما تخف حدّتها. لكن هذه الآمال سرعان ما انهارت. تحولت نقاط توزيع الغذاء إلى مصائد موت.
في نقطة نتساريم تحديدا، سار الناس الضعفاء من الجوع لمسافات طويلة تجاوزت 15 كيلومترًا على الرمال الحارقة. وحين وصلوا، وجدوا حواجز تمنعهم من الدخول، فدخلوا فردا فردا. ثم حشروا في منطقة محاطة بأسلاك شائكة، وطرحت صناديق المواد الغذائية على الأرض بطريقة عشوائية، ما أدى إلى هرج ومرج؛ كأنك تلقي بلحم نيئ إلى قفص مليء بالأسود الجائعة.
لا أحد راعى الأرامل، أو المصابين، أو كبار السن. كلّ من استطاع أن يخطف شيئًا فعله، وغالبًا ما كانوا يبحثون عن الطحين؛ لأنه أصبح خارج متناول اليد من شدة الغلاء. ثم، ودون سابق إنذار، بدأت الدبابات بالاقتراب من الأسوار وفتحت نيرانها على الحشود، بلا تمييز بين طفل وشيخ.
فرّ الناس مذعورين، بعضهم يحمل القليل مما تمكن من التقاطه، وآخرون يهربون فارغي الأيدي. كانوا يرون من يسقط حولهم، لكن لا أحد يستطيع التوقف؛ لأن التوقف يعني الموت.
نجا بعضهم. سمعت جاري يعود بعد أربع ساعات من الغياب. كان ينادي أطفاله: «بابا، بابا، جبتلكم خبز! جبتلكم سكر»!
نظرت من النافذة ورأيت أولاده يحتضنونه ويصرخون فرحًا. كان يرتدي قميصًا داخليًا فقط، وقد ربط قميصه الخارجي على ظهره ليحمل فيه القليل من المساعدات التي تمكّن من جمعها.
الناس يائسون. الناس جوعى. نحن لسنا متوحشين، ولسنا عنيفين. نحن بشر نحافظ على كرامتنا، ونقدّرها أكثر من أي شيء. لكن الجوع الذي نواجهه الآن لا يوصف.
الطعام حق، لا رفاهية. ومع ذلك، نحن نعيش مجاعة حقيقية. الأسواق غالية جدا، الطرقات مليئة بالمسلحين الذين يسرقون المعونات من الأضعف، ثم يبيعها التجار بأسعار باهظة.
في المقابل، كان نظام المساعدات التابع لوكالة الأونروا أكثر تنظيمًا وإنسانية. كان والدي، وهو معلم في مدارس الأونروا، يشارك في توزيع بطاقات الطعام والمساعدات للناس. كان التوزيع يتم عبر معلمين وجيران معروفين، وتحت حماية محلية. الأهم من ذلك: كانت الكرامة محفوظة.
النظام كان يقسم العائلات بحسب الحجم، وتُوزع المساعدات شهريًا عبر كوبونات: دقيق وغاز وسكر وزيت وغيرها. لم يكن الطعام وفيرًا، لكنه كان كافيًا لسدّ الرمق.
أما اليوم، فنحن نتضور جوعا. هذه ليست مساعدات إنسانية. بل إهانة علنية، مغطاة بشعارات «الإنقاذ». كل ما تبقى لنا الآن هو الإذلال، والموت البطيء.
إسراء أبو قمر كاتبة فلسطينية مقيمة في غزة
عن الجارديان البريطانية