مائة عام على ميلاد الاديب فتحى غانم (١٩٢٤–١٩٩٩) ترك لنا أكثر من ثلاثين رواية من بينها رواية (الأفيال) التى فازت ضمن أفضل مائة رواية عربية صدرت عام ١٩٨٥؛ إلى جانب روايات ركزت على الصعود المفاجئ لشخصيات سياسية أو أدبية ثم هبوطها سواء أمام المجتمع مثل رواية (تلك الأيام) أو سقوط داخلى أمام نفسه مثل (الرجل الذى فقد ظله) ونموذج آخر من أروع ما كتب غانم، (حكاية تو) هو تحليل نفسى لشخصية شاب يقتل والده فى أحد المعتقلات بعد رحلة شهور من التعذيب عن طريق أشخاص فقدوا الانسانية وتشبعوا بالسادية ومتعة تعذيب واهانة الآخرين، الرواية صدرت عام ١٩٨٧ وأحدثت دويًّا نظرًا لحساسية الموضوع الذى تناقشه، خاصة أن الكاتب فتحى غانم يتميز بقدرته الفائقة على اختراق النفس البشرية ورسم خريطة روابط استقرار أو تفكك الإنسان من الداخل؛ قليلون هم الذين نجحوا فى ذلك ورائدهم الاديب الروسى.
لكن فتحى غانم لم يكن يقف عند حدود ذلك بل كان يسعى لكى يؤرخ لفكر روائى جديد يليق بأدب ما بعد نجيب محفوظ؛ ولهذا تمكن من تطوير شكل ومضمون الحياة المصرية فى مختلف عصورها وما تحويه من أزمات مثل رواية (الجبل) أو (زينب والعرش) و(بنت من شبرا) ولكن كانت لرواية (قط وفار فى قطار) رؤية تمكننا من البحث عن أنفسنا من خلال لعبة الشطرنج التى تمثل عالم متكامل من الاثارة والمفاجآت المتتابعة وكيف يمكن أن يبيع انسان كل طموحاته ومبادئه وقيمه؛ ربما بالمجان مقابل لا شيء؛ ليصل بنا إلى مقولة السيد المسيح (ماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه).
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كاريزما نادر ناشد قضايا الافيال النفس البشرية
إقرأ أيضاً:
غانم العطار.. معركة صمود امتدت من مقاعد الجامعات لطوابير الحياة
غزة- مدلين خلة - صفا شهادة تكريم جديدة اغتنمها الدكتور غانم العطار لم تكن من على منصات التكريم في رحاب جامعات غزة، بل من طوابير البحث عن الحياة تحت وطأة حرب الابادة الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ 22 شهرًا. حربٌ تحولت فيها حياته من اعتلاء منصات التكريم مبتسمًا إلى الركض بأقصى قوته، كي يفوز بجالون ماء يُطفئ فيه ظمأ صغار عائلته. "رجل الصمود"، هكذا أطلق عليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعدما انتشرت صورته راكضًا وبيديه قربتي ماء، يحاول جاهدًا أخذ دورٍ في محاولة لتأديه واجبه كأب مطحون بنيران الحرب كأبناء شعبه. معركة الحياة يقول العطار (70 عامًا) لوكالة "صفا": "عندما سمعتُ صوت شاحنة المياه، خرجتُ مسرعًا لأملأ جالونات المياه، بعد شح المياه وأزمة العطش التي ضربت منطقة المواصي، واعتمادنا الكبير على تلك الشاحنات". ويضيف "لم تترك الحرب لنا رفاهية الاختيار، إن لم نركض لتعبئة الماء ونقف طوابير طويلة فهذا يعني أن حياتنا مهددة، أنا أعيل أسرة من 23 فردًا". لم يغفل العطار في خضم معركة الحياة عن حسن التربية وتعليم الاخلاق العالية، "فأحيانًا وفق ما يقول، أتولى تنظيم عملية توزيع المياه، وأحرص على وضع كبار السن والنساء في طوابير خاصة احترامًا لهم، وتعليمًا للصغار على احترام الكبار". ويتابع "تفاجأتُ بانتشار صورتي على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك شدني التعاطف الشعبي ورسائل التضامن من فلسطين وخارجها". معتبرًا ذلك فخرًا واعتزازًا له. لم يهتز كبرياء الدكتور العطار، بل سار رافعًا رأسه يردد بصوتٍ كله إباء، "كبير القوم خادمهم"، وكأن ما حدث وسام شرف يزين به سنوات عمله لينتزع أهمها من فم الحرب وتحت لهيب الموت يخبر الجميع "رغم المعاناة والظلم الذي نعيشه من هذا العدوان الكبير، إلا أننا صامدون في مسقط رأسنا ووطننا، فحتى لو فُنيت غزة وبقيّ طفل وطفلة، فسوف يكبران ويعيدان بناءها من جديد". مرارة النزوح وما حدث مع العطار لم يكن حقيقة المأساة، فهو الذي هُدم بيته، لينجو بأعجوبة تاركًا عدد من العالقين تحت ركامه. والدكتور العطار لديه 16 ابنًا، "3 ذكور و13 أنثى"، 86 حفيدًا، استشهدت ابنته سميرة، وستة من أحفاده، يعيش معه في مخيم النزوح 23 حفيدًا، فيما يوزع البقية على مخيمات أخرى. وخلال الحرب، فَقَد المستشار القانوني مكتب الاستشارات القانونية الذي كان يُدرّب فيه المحامين، وكل مقتنياته وأوراقه. وتجرّع مرارة النزوح من بيت لاهيا شمالي القطاع إلى مخيم الشاطئ غربي غزة، ومن ثم إلى دير البلح وسط القطاع، حتى انتهى به المطاف في مواصي خان يونس جنوبي القطاع. يقول العطار: "كانت الصواريخ تنهال بشكل جنوني على منازل عائلتي غرب بيت لاهيا، والبيوت تتهاوى فوق رؤوسنا. خرجنا بلا شيء، وبدأنا حياتنا بالنزوح من الصفر".