مُذَكِّرَات مُغتَرِب في دُوَل الخَليجِ العَرَبي (١٠)
تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT
كانَ مِن حُسنِ حَظِّي أنْ نُقِلتُ إلى مَدرّسةٍ المُعتَصِم بِالله المُتوُسِطة بالدّمام والتي كانَ مُديرُها إدارِيّاً وتَربَوِيّاً بٍمعَنى الكَلِمة . في البِدايةِ
رَحَّب بي أيَّما تَرحِيب . ثُمَّ قالَ لي : " قبلَ أنْ نُعطِيكَ جَدوَلاً بِحصَص الانجليزي لدَيْنا تَكليفٌ لكَ أرْجُو أنْ تَقبَله لأنَّني تَوَسَّمتُ فيك الخَيرَ والمَقدِرة " .
المُعلِّمين ، والذي كانَ مِن إحدى الجِنسيّات العَرَبية . وقد كانَ ضَعِيفَ الشَّخصِية لا يَستَطِيعُ إدارةَ الصَّف ولا يَهُشُّ عن نَفسِه شيئاً مِمّا يَصِل إليه أثناءَ الحِصّة ويُرمَى عليهِ وعلى السُّبُورة أثناءَ انْشِغالِه بالكِتابَة . والفوضَى ضَارِبةٌ بأطْنابِها داخِل الفَصل مِن أصواتٍ ولَعِبٍ . وباخْتِصار " جَبَّانَة هايْصَة " ... تَوكَّلتُ على اللهِ وقَبِلتُ التَّكلِيف. وقد أدركتُ أنّهُ تمَّ نقلي مِن الخُبر إلى الدَّمام لِملءِ الفَرَاغ الذي سَيَخلِفُه هذا المُدرِّس بعد أنْ تمَّ إلغاءُ عَقدِه . قُلتُ " حَسبِي الله ونِعمَ الوَكِيل " وأنا في طَرِيقي للصّف إيَّاه - وكانَ بَعيدَاً عن الإدارة . حَدَّثتُ نَفسِي : ( يا وَلَد أُترُك التَّربِية جانِباً والنُصحَ والإرْشَاد خارِجَ الفَصل وقُمْ بِمَسحِ وتَقييمِ نَوعِية الأوْلاد قبلَ كُلِّ شئ وقبلَ أي طَباشِيرة على السُّبورة ) . قَبلَ دُخُولِ الفَصل رأيتُ
الطُّلابَ يَجُرُّونَ أنفُسَهم جَرَّاً نحو الفصل كأنّهُم يُساقُون إلى المَوت يَسحَبُ بَعضُهم بَعْضا ! دخلتُ ووقفتُ أمامَ الجَالِسين - ولمَّا يكْتمِل عدَدُهم
بعدْ . انتظرتُ حتّى اكتَملَ العَدَدُ وهُم في ضَجِيجِهم سادِرون . مَسَحتُ وُجوهَ الحُضُور بِنظرةٍ شَذْرَاءَ ثُمَّ
عَرَفتُ " رأسَ الهَوَس " وقرّرتُ أنْ أقْطعَ رأسَ الحَيّة ! انْتَهَرْتُهُم نَهرَةً مُضَريةً. ونادَيتُ على الطَّالبِ إيَّاه أمامَ الجَمٍيع ، وكانَ أطولَ مِني وتَبدُو على وجْهِه آثارُ النِّعْمة وزيادةُ الوَزن . وعِندمَا وقفَ أمامي تأمَلتُه مِن أُخْمَصٍ قدَمَيهِ حتّى قِمّة رأسِه ثُمَ
......... صَفَعتُه بِملءِ كَفِّي على خَدِّه الأيّسَر . عِندَها سَمِعتُ رَدَّة فِعل الباقِين : أووووووو ! بِاستِغرَابٍ شَدِيد ! أمَرْتُ الوَلدَ بِالرُّجُوع إلى مَقْعَدِه فَفَعلَ طائِعاً . نَعَم واللهِ هذا ما حَدَث بالضَّبْط . وكانَتْ النَّتائِجُ إيجابِيَّةً مِائة بالمِائة .وبعدَ تلك الحِصّة الأُيقُونة صارَ الأولادٌ يَركضٌونَ نحو الفصلِ رَكضَاً عِندما يَرَوْنَني قادِماً مِن المَكتبِ إلى الفَصل . وطبعاً أمْليْتُ عَليهِم شُرُوطَ الفَاتِحين مُنذُ تلك الصَّفعة في ذلك اليومِ المَشهُود . وقد انتَهجتُ هذه السِّياسَة في كُلِّ المَدَارسِ التي عَمِلتُ بها بعد ذلك - لكِنْ في الفُصولِ المَوبُوءةِ فقط ! بعد يَومَين اسْتَدعَاني المُديرُ وقالَ لي : " ماذا فعلتَ للصَّف إيَّاه حتّى تَغيَّر ۱۸۰ درجة " . فَحَكَيتُ له القِصّة كُلَّها مُنذُ لحْظةِ التًّخطِيط وحتّى لحظةِ التَّنفِيذ ، ثُمَّ الشُّرُوط التي فَرَضْتُها عَليهِم . فَسُّرَّ سُرُوراً عَظيماً وصارَ يٌردِّد : " كَفُو كَفُو الله يَعطِيك العَافِية " . وأصْبَح صَدِيقاً لي حتّى بعدَ أنْ
فارقتُ مدرسَتَه . الطَّرِيفُ في الأمْرِ أنَّ الطَّالبَ الذي صَفَعتُه في المَدرَسةِ قابَلنِي بعدَ خَمسِ سَنَواتٍ في إحدى مَحَطاتِ البَنزِين على طرِيق الدّمام الرِّياض السَّرِيع ، ولمْ أعَرِفه - فقد صارَ نَحِيفاً - وناداني بصوتٍ عالٍ بإسمي : " يا اُستَاذ مُحمد عُمر ما عَرَفْتَنِي ! أنا " فُلان " اللي عَطَيتَه كَفّ في مَدرَسة المُعتصِم بِالله المُتوَسِّطة " !
وصافََحَني بِكُلِّ احْتٍرَام . واللهُ على ما أقُولٌ شَهِيدْ .
------------------
محمد عمر الشريف عبد الوهاب
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
( الشراة الجدد ابناء حي الطفايلة)
صراحة نيوز-د بسام الهلول
هؤلاء ابناء حي الطفايلة الشراة )
…Ce sont ceux de Tafilah, alors amenez-moi quelqu’un comme eux فجئني بمثلهم …) Ce sont les Jordaniens, amène-moi quelqu’un comme eux si l’assemblée nous…مايسطره ابناء الطفيلة اليوم انما هو شاهد نحوي في معجمة الاباء والشجاعة وانهم وشجاعتهم يماثلون ( الشراة ) اذ الصغيرة عندهم كبيرة مثلهم كمثل الشراة في تاريخنا..شروا ورائدهم ( إلا ان سلع الله غالية)..انهم الشراة( ما قالوا ولا استقالوا) ربح بيعهم بل وربح بيعهم
مااشبه الليلة بالبارحة…وانا اطالع ( احجار على رقعة الشطرنج.. وليم غاي كار)… وفي فصل من فصوله( مناقصة لبيع زعيم ).. فقلت الااااان حصحص الحق…وما كتبه الجاسوس الإسرائيلي في مذكراته..وتحطمت الطائرات عند الفجر … باروخ نادل.. ٠٧/٠٦/٢٠٢٢ — تحطمت الطائرات عند الفجر كتاب لجاسوس صهيوني اسمه باروخ نادل عمل سنوات طويلة في الساحة المصرية، ويروي في هذا الكتاب شبكة علاقاته داخل القيادة المصرية …
عرف عن الخوارج شدة بأسهم حتى نساؤهم عند الشدائد وبلغ بهم التشدد انهم يعتبرون ما يصدر من امريء منهم الصغيرة…كبيرة..فلا مجال عندهم الأخذ بالرخص..ومما دونه التاريخ شهادة على قوة بإس نسائهم ان احداهن تحدت الحجاج بن يوسف الثقفي وصرخت في وجه على ما عرف عنه من شكيمة وقوة بأس
أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة
ربداء تجفل من صفير الصافرِ
هلاّ برزت إلى “غزالة” في الوغى
بل كان قلبك في جناحي طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس
تركت مدابره كأمس الدابر
…فما بال الرخم مما يظهره احد الأعيان من بني جلدتهم رحم الله محمد مرسي الم يأن لإمراة تظهر على بوابة المعبر معبر ربح وتصرخ بوجوههم ووجه من كان ولا يزال حاله حال ( ربداء يخاف من صفير الصافر..)….
لعمري اخرجي غزالة…وقولي(
بل كان ولا يزال قلبك في جناحي طائر….
رحم الله( روكس معكرون)..في كتابه ( أقسمت ان اروي).. واحمد رائف في كتابه( البوابة السوداء)…
نعم ذرية بعضها من بعض…
ولا زالت نذر الهزائم تتوالى… !!!!
وزادني عجبا ان اتساءل هل( سعد الشاذلي) رحمه الله من عقب هذه الأنسال ويأتي الجواب من والدي رحمه الله( ياولدي النار تعقب رماد)…
وقول الشاعر في العقب النذل؛
( ورثنا المجد عن اباء صدق..اسأنا في ديارهم الصنيعا…).
وسيبقى الأردن شاهدا مما يسطره اباته من ابناء حي الطفايلة بل وسيبقى شاهدا نحويا في الفية ومعجمة الإباء والشهامة في دنيا العرب والأعراب… الخسيسة يصدق فيهم قول الشاعر؛
Those are my fathers, so bring me someone like them.٠ وبالفرنسية Ce sont mes pères, amenez-moi …….quelqu’un commeف