ليبيا – اعتبر المبعوث الأمريكي الخاص والسفير لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، أن الخطوة الأخيرة التي اتخذها المجلس الرئاسي الليبي بإقالة الصديق الكبير كانت عبارة عن اجراءات احادية وتأتي في اطار الاجراءات الاحادية الكثيرة والتي اتخذتها الاطراف الشرقية والغربية في الاسابيع والاشهر الاخيرة ومن جهة ما كانت الخطوة محفوفة بالمخاطر.

نورلاند قال خلال لقاء خاص عبر تلفزيون “اليوم السابع” وتابعته صحيفة المرصد إنه في الوقت الحالي أمريكا تشعر بالقلق من أن الجهود المبذولة للوصول لحل قد تتحول لحلقة مفرغة.

واعتقد أن الجميع يدركون الحاجة الملحة للتوصل لقرار بشأن قيادة البنك المركزي أي قيادة ذات مصداقية مبنية على الإجماع في اسرع وقت ممكن.

وأكد على أن مجلس الدولة يلعب دورا استشارياً مهماً في القضايا السياسية المتعلقة بمستقبل ليبيا، مضيفاً “ولذلك نحن لا نتخذ موقف بشأن من فاز بالمنصب وندرك أن التصويت كان قريباً جداً في نتائجه وحدث خلاف عليه واعتقد أنه من المهم إيجاد حلول في اسرع وقت ممكن حتى يتمكن مجلس الدولة بالقيام بدوره المطلوب” .

وأشار إلى أن الليبيين يريدون الدفاع عن سيادتها أكثر من أي وقت مضى ولا يرغبون في التلاعب بهم من قبل القوات الاجنبية أو وجود عسكري اجنبي يمكن أن يزعزع الاستقرار في المنطقة لذلك من وجهة نظرهم توقيف إطلاق النار بالكامل ورحيل هذه القوات هو أولوية مهمة للغاية.

وزعم أن المنافسة للوصول للموارد جزء من الصراع ولطالما شعر الشرق أنه لم يحصل على نصيبه العادل من عائدات النفط ولكن محاولة فرض حكومة في طرابلس أو استدامتها بالقوة ربما لا يكون الجواب الصحيح .

 

وفيما يلي النص الكامل:

س/ أبدأ حديثي حول ما حدث مؤخراً حيث أتخذ المجلس الرئاسي الليبي قرار موحدا بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس الكبير وقد رد معسكر الشرق بإغلاق الحقول والموانئ النفطية، ما هي تداعيات التحركات على المسار الاقتصادي وما موقف الولايات المتحدة من هذه الإجراءات؟

الخطوة الأخيرة التي اتخذها المجلس الرئاسي الليبي بإقالة الصديق الكبير كانت اجراءات احادية وللأسف تأتي في اطار الاجراءات الاحادية الكثيرة والتي اتخذتها الاطراف الشرقيه والغربيه في الاسابيع والاشهر الاخيرة ومن جهة ما كانت الخطوة محفوفة بالمخاطر لأنها أثارت التساؤلات حول نزاهة البنك المركزي الليبي وبالنسبة للعلاقات مع الشركاء الدوليين في المجتمع المالي يثار الآن حول من هو المسؤول وهل القيادات المعنية تتمتع بالمصداقية.

كما أن مداهمة وحده المخابرات وضبطها بالمسجلات اثارت مخاوف بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولذلك من وجهة نظرنا ان موقف الولايات المتحدة ان الليبيين بحاجة للتحركات السريعة لاستعادة الثقة في قيادة البنك المركزي بحيث يمكن إجراء المعاملات المالية الدولية بشكل طبيعي واستيراد السلع والأدوية لليبيا وبالتالي تجنب حدوث أزمة اقتصادية.

في الوقت الحالي نحن قلقون من أن الجهود المبذولة للوصول لحل قد تتحول لحلقة مفرغة واعتقد أن الجميع يدركون الحاجة الملحة للتوصل لقرار بشأن قيادة البنك المركزي وأعني قيادة ذات مصداقية مبنية على الإجماع في اسرع وقت ممكن.

 

س/ ان تحدثنا على الصعيد السياسي فقد حدث انقسام جديد في ليبيا بعد رفض تكاله بفوز المشري ما موقفكم في الخصوص وهل تعترفون بمحمد تكاله ام خالد المشري كرئيس للدولة ؟

بعد أن عملت في ليبيا لسنوات تعاملت مع المشري عندما كان رئيس المجلس الأعلى للدولة العام الماضي وعملت مع محمد تكاله لذلك اعتقد من المؤسف الآن وجود هذا الخلاف لأن مجلس الدولة يلعب دورا استشارياً مهماً في القضايا السياسية المتعلقة بمستقبل ليبيا ولذلك نحن لا نتخذ موقف بشأن من فاز بالمنصب وندرك ان التصويت كان قريباً جداً في نتائجه وحدث خلاف عليه واعتقد انه من المهم إيجاد حلول في اسرع وقت ممكن حتى يتمكن مجلس الدولة للدولة بالقيام بدوره المطلوب .

 

س/ مصر تعمل على تحقيق وفاق بين مجلسي النواب والدولة لحسم ملف تشكيل حكومة موحدة وتفعيل مخرجات بوزنيقة المغربية حول المناصب السيادية , ما موقفكم من هذه التحركات؟

القاهره لعبت دور مهم جداً خلال الجمع بين الغرفتين لجنة الـ 6+6 وغيرها من الجهود للتوصل لاتفاق بشأن التفاهمات الدستورية الرئيسيه والمغرب لعبت دورا في هذا السياق ولذلك نعتبر أنه تم احراز التقدم واضح يمكن البناء عليه ولكن الأمر المهم الان، هو أن الجمع بين الغرف ليس كافياً بل يجب إحضار جميع أصحاب المصالح السياسية في ليبيا لطاولة المفاوضات حيث يمكنهم الالتقاء وجهاً لوجه والوصول لحلول ترضي جميع الاطراف من اجل مصلحة الوطن وهذا ما كانت الأمم المتحدة تحاول القيام به لكن جهودها توقفت بسبب استقالة المبعوث الخاص، نعتقد أن أزمة البنك المركزي ستساعد القادة على ما يجب القيام به لحل هذه الأزمة بما يعطي زخماً لحل القضايا السياسية الأوسع .

 

س/ ما موقف الولايات المتحدة من القرارات الصادرة من الأمم المتحدة حول ليبيا؟

وقف إطلاق النار في ليبيا والذي تم الاتفاق عليه في أكتوبر  2020 دعا لرحيل القوات الاجنبية وبما في ذلك المقاتلين والمرتزقة خلال الـ 90 يوم وقد مرت 4 سنوات ولم يحدث هذا بعد بإستثناء حالة صغيره لبعض المرتزقة واعتقد أن المسؤولية في إزالة هذه القوات تقع على عاتق الدولة والأطراف التي أرسلت المقاتلين والمرتزقة لهذه المنطقة ونحن نشعر أن الليبيين يريدون الدفاع عن سيادتها أكثر من أي وقت مضى ولا يرغبون في التلاعب بهم من قبل القوات الاجنبية او وجود عسكري اجنبي يمكن أن يزعزع الاستقرار في المنطقة لذلك من وجهة نظرنا توقيف إطلاق النار بالكامل ورحيل هذه القوات هو أولوية مهمة للغاية.

 

س/ كنت سفيرا للولايات المتحدة في ليبيا قبل أن تتولى منصب المبعوث الخاص كيف تصف الأوضاع في ليبيا الآن ؟

لقد بدأت عامي السادس في العمل في ليبيا وهذا أعطاني فهم واسع العوامل المتعددة التي تلعب دورها في الجمود السياسي الحالي، لقد شهدت ليبيا ديكتاتورية استمرت لـ42 سنة، كانت وحشية جداً وتلاها سنوات من الحرب الأهلية والصراعات الآخيرة وكانت هناك مشاركة من سلسلة من الجهات الفاعلة الخارجية وشخصيات قوية تعمل داخل ليبيا نفسها.

تظافرت كل هذه العوامل لخلق وضع معقد للغاية مما ادى مأزق سياسي حالي وببساطة لا يوجد خيار سوى ان يجلس الممثلون الرئيسيون معاً على الطاولة ويتفاوضوا على حلول وسط ويعتقد ان الوضع الراهن مستدام وطالما أن كل جانب له حق الوصول لعائدات النفط لكن كما رأينا في قضية البنك المركزي الخلاف حول الأصول والموارد وكل هذه العوامل تلعب دورها مما يعني أنه ليس وضع مستقر على المدى الطويل.

نحن مقتنعين أنه إن تم التفكير في الأمر ستدرك الجهات الفاعلة الرئيسة أن مصالحهم تخدم بشكل افضل الان ومن خلال المشاركة بمحادثات تهدف للوصول لاتفاق .

 

س/ الداخل الليبي هل هو صراع النفط والمال بين الليبين أم انكم ترون ذلك بشكل مختلف ؟

بالفعل وهناك العديد من العوامل التاريخية التي تؤثر على المشهد ولكن وبالتأكيد المنافسة للوصول للموارد جزء من الصراع، لطالما شعر الشرق أنه لم يحصل على نصيبه العادل من عائدات النفط ولكن محاولة فرض حكومة في طرابلس او استدامتها بالقوة ربما لا يكون الجواب الصحيح .

 

س/ قائد الأفريكوم زار ليبيا قبل أيام والتقى بقيادات عسكرية من طرابلس وبنغازي ما الرسائل التي تضمنها اللقاء؟

في الحقيقة الجنرال زار ليبيا مرتين في العام الماضي وكنت معه في أكتوبر الماضي عندما ذهبنا معاُ لبنغازي عندما تم تقديم بعض المساعدات الإنسانية جراء الفيضانات في درنة وقام برحلة اخرى مؤخراً، واحده من الرسائل التي يعي لنقلها أن الاضطرابات في الساحل وعدم الاستقرار على الحدود الجنوبية لليبيا تستدعي اهمية تأمين الحدود لحماية سيادتها.

لتحقيق ذلك يجب على قوات الأمن في الشرق والغرب البدء في تنسيق أنشطتها وتبادل الخبرات والمعرفة وربما يمكن للولايات المتحدة أن تساهم في هذه التفاهمات المشتركة مما يساعدهم في العمل معاً لتأمين حدودهم، لا نتوهم ان ذلك سيحدث بسرعة وهناك مخاوف بشأن القيادة السيطرة لكن حتى بعد حل  هذه المشكلات اعتقد انه من الممكن لهذه الكيانات ان تستفيد من العمل معاً ونريد فعل ذلك والهدف هو مساعدة الليبيين على حماية سيادتها.

 

س/ مع انشغال العالم في الصراع في أوكرانيا وغزة تضاؤل اهتمام الدول الفاعلة في الملف الليبي ودول الساحل والصحراء هل لديكم نية للعمل بشكل أوسع في هذه المنطقة في ظل المعلومات عن ظهور الجماعات المتطرفة مجدداً ؟

اعتقد أنه من الامن القول أنه من خلال تجربتي كسفير خاص والان مبعوث خاص هناك عودة للاهتمام الولايات المتحدة بمساعدة الشأن الليبي والدول المجاورة، السماح للوضع الراهن بالاستمرار ليس طريق لتحقيق الاستقرار، في العامين الماضيين عملت الولايات المتحدة على ما يسمى قانون الهشاشة العالمية وهي استراتيجية جديدة لمنع العنف وتحقيق الاستقرار، تتمثل الفكرة في دمج دبلوماسيتنا وتطوير القدرات الدفاعية في نهج شامل وليس عسكرياً فقط وليبيا كانت واحدة من البلدان التي وقع الاختيار عليها لتكون بمثابة برنامج تدريبي لهذا النهج الجديد، سنبدأ التركيز على الجنوب الليبي وهو منطقة تم تهميشها وقريبة من بؤرة الاضطرابات في منطقة الساحل وهناك مجالات يمكن ان نعمل فيها في المجالات السياسية والدفاعية تسهم في الاستقرار مثل مساعدة المجموعات في المنطقة على المصالحة بعد 2019 -2020 واعتقد الولايات المتحدة تتبنى الآن نهجاً أكثر نشاطاً واستراتيجية لمحاولة الانخراط في ليبيا ونشير إلى أننا نتوقع اعادة فتح السفارة في طرابلس مما سيكون لنا وجود هناك وهذا دليل ملموس على الاهتمام من قبل الولايات المتحدة بهذا الملف .

في وقت لاحق من ذات الشهر في نيويورك على هامش الجمعية العامة للولايات المتحدة انا واثق ان هناك فرص للولايات المتحدة التحدث مع الشركاء على مستوى عالي حول كيفية مساعدة الشعب الليبي على استعادة الزخم في عملياتهم السياسية.

 

س/ تشير التقارير الأخيرة لانتشار عمليات تصفية جسدية و اغتيالات في ليبيا ومنها قتل عبد الرحمن الميلاد ” البيدجا ” أحد أبرز مهربي البشر وقادة بعض التشكيلات المسلحة، كيف تنظرون لهذه العمليات التي تتم خارج القانون ؟

يجب أن نقول اننا مع آخرين في المجتمع الدولي وعدد من نشطاء حقوق الانسان الليبيين نتشارك القلق بشأن تنامي ثقافة الإفلات من العقاب المتعلقة بهذه الإجراءات في ليبيا لا يمكن لأحد أن يعتقد أنه يمكن ببساطة طرد خصمه او اسكاتهم بسبب اختلاف وجهات النظر، رأينا ذلك قبل 4 سنوات مع اختفاء عضو مجلس النواب الليبي سهام سرقيوة والتقيت مع عائلتها عدة مرات يعيشون بعذاب لا يعرفون ماذا حل بها، تم العثور على مقابر جماعية في ترهونة وهناك اعتقالات واختفاءات لنشطاء المجتمع المدني حتى في الاونة الاخيرة.

هناك ما يحدث من ترهيب لموظفي المصرف المركزي واجبارهم العودة للعمل او مساعده القيادة الجديدة لإدارة أعمال البنك، بما في ذلك من خلال التهديدات لهم ولأسرهم كل هذا يمثل اتجاه لا أعتقد أن الليبيين يدعمونه وهذا ليس في صالح ليبيا لذلك سيادة القانون مهمة للغاية وقد ذكر الصديق الصور الذي اعلم انه يعمل بجد لتعزيز سيادة القانون في ليبيا ونحن بالطبع ندعم هذه الجهود.

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: للولایات المتحدة الولایات المتحدة فی اسرع وقت ممکن البنک المرکزی مجلس الدولة فی طرابلس واعتقد أن فی لیبیا ما موقف ذلک من

إقرأ أيضاً:

هل يمكن لسياسة الخليج تجاه إيران أن تصمد في وجه الحرب؟

تناول مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" للمستشارة الأولى ومديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، منى يعقوبيان، الأحداث في الشرق الأوسط مع تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل.

وتحدثت الكاتبة عن اختلاف الرؤى بين الاحتلال والدول الخليجية حول دور إيران في المنطقة مبينة أن على واشنطن أن تختار إحداها.

وهذا نص المقال:
لدى إسرائيل والخليج رؤى متضاربة لدور إيران في المنطقة، والآن على واشنطن أن تختار إحداها، وفي الوقت الذي تناقش فيه واشنطن دورها في الصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران، سيُجبر صانعو السياسات الأمريكيون على الاختيار بين رؤيتين متنافستين للشرق الأوسط.

في السنوات الأخيرة، سعت الدول العربية بشكل متزايد إلى دمج إيران في المنطقة بدلا من مواجهتها.

في المقابل، تعتقد إسرائيل أنها لا تستطيع قبول إيران متكاملة إقليميا. مع وضع هذه الأهداف المتنافسة في الاعتبار، يأمل حلفاء أمريكا في الخليج أن تساعد واشنطن في تهدئة الصراع، بينما تأمل إسرائيل أن تنضم واشنطن إلى حربها ضد النظام الإسلامي.

قبل وقت طويل من هجوم إسرائيل غير المسبوق على إيران في 13 حزيران/ يونيو، كان السعي نحو التكامل الإقليمي جاريا بالفعل. من الصعب تحديد تاريخ دقيق لبدء هذه الرحلة. ومع ذلك، يبرز حدث بالغ الأهمية: هجوم 14 أيلول/ سبتمبر 2019 على منشآت النفط السعودية في بقيق وخريص.

وقد أدى الهجوم، الذي أعلنت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران مسؤوليتها عنه، إلى تعطيل حوالي 50% من إنتاج النفط السعودي.

والأهم من ذلك، أن عدم رد الولايات المتحدة على الضربة كان بمثابة لحظة فاصلة للخليج. فقد اعتقد الكثيرون أنهم كانوا في مرمى نيران صراع أمريكي إيراني متصاعد، لكنهم لم يستطيعوا الاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتهم في حالة وقوع هجوم إيراني كبير.

وقد دفع هذا الاعتقاد عملية أدت إلى إعادة العلاقات بين السعودية وإيران في 10 آذار/ مارس 2023. وتقدمت العلاقات الدافئة ببطء، لكنها استمرت حتى بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وعلى الرغم من المخاوف بشأن دعم إيران لوكلائها الإقليميين.

في الواقع، بدا أن التقارب الخليجي مع إيران قد تسارع مع تفاقم التوترات بين إسرائيل وإيران.

بعد شهر واحد فقط من أول مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران وإسرائيل، حضر وزير الخارجية السعودي - إلى جانب أمير قطر ووزير الخارجية الإماراتي وغيرهما من كبار الشخصيات العربية - جنازة الرئيس الإيراني الذي توفي في حادث تحطم مروحية.

ثم زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي السعودية في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، في أعقاب الهجوم الإيراني المباشر الثاني على إسرائيل في وقت سابق من ذلك الشهر. وفي تشرن الأول/ أكتوبر أيضا، أجرت السعودية وإيران أول مناورات بحرية مشتركة بينهما على الإطلاق.



حتى البحرين - على الرغم من توتراتها الطويلة الأمد مع إيران - تحركت لاستعادة العلاقات. ومؤخرا، زار وزير الدفاع السعودي طهران في نيسان/ أبريل. تشير المناقشات التي جرت الشهر الماضي مع استراتيجيين خليجيين إلى أن المحادثات ركزت على عزل المحادثات النووية الأمريكية الإيرانية الجارية عن الجهود المتوقعة من جانب إسرائيل لعرقلة المفاوضات.

وعلى نطاق أوسع، أعطى سعي الخليج نحو نظام جديد في المنطقة الأولوية لخفض التصعيد والنمو والتنويع في الداخل مع بناء علاقات اقتصادية أعمق في جميع أنحاء المنطقة والعالم. إن إخماد الصراع المحتمل مع إيران وتعميق المشاركة الإيرانية - إن لم يكن التكامل - هما جوهر هذه الرؤية الخليجية. ومع وضع هذه الأهداف في الاعتبار، رأى قادة الخليج أن ثلاث سنوات من التقارب مع إيران أثمرت فوائد أكبر من 30 عاما من العزلة.

وكان تجديد الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران عنصرا حاسما في هذا النهج. قبل هجمات الأسبوع الماضي، ركز المتحاورون الخليجيون على ضمان نجاح المفاوضات. في عُمان الشهر الماضي، أشار محللون إلى أن إيران قد تقترح أجندة طموحة كجزء من صفقة ناجحة تتضمن اتفاقيات اقتصادية رئيسية وفرص استثمارية للولايات المتحدة. وعززت زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى المنطقة التفاؤل بإمكانية التوصل إلى صفقة تبشر بعهد جديد للمنطقة.

كانت هذه الآمال والحسابات وراء انتقادات الخليج اللاذعة لإسرائيل في أعقاب هجمات 13 حزيران/ يونيو. والجدير بالذكر أن السعودية أصدرت إدانة لاذعة بشكل خاص، مشيرة إلى هجوم إسرائيل "الشنيع" على "جمهورية إيران الإسلامية الشقيقة".

كما أدانت قطر والإمارات وعُمان، من بين دول أخرى، تصرفات إسرائيل. وتتناقض هذه التنديدات بشكل صارخ مع المواجهة السابقة مع إيران، عندما كانت دول الخليج من بين الأكثر صراحة في حث الولايات المتحدة على "قطع رأس الأفعى" وتدمير المنشآت النووية الإيرانية.

في الوقت نفسه، تخشى دول الخليج من الوقوع في مرمى نيران صراع متسع بين إسرائيل وإيران. وتتزايد المخاوف من أن تُسفر الهجمات على البنية التحتية للطاقة الإيرانية عن عواقب وخيمة على المنطقة، بل قد تُهدد مياه الخليج في حال تسببت في تسربات نفطية.

كما يُخشى من انخراط الولايات المتحدة في الصراع، مما قد يدفع إيران إلى ضرب أهداف أمريكية في الخليج. في الوقت الحالي، تتجنب إيران استهداف أهداف في الخليج حفاظا على علاقاتها المتنامية مع المنطقة، لكن هذا الوضع قد يتغير.

ونتيجة لذلك، يُطالب الخليج بإلحاح بحل دبلوماسي. وانطلاقا من ضرورات نموها الاقتصادي، ستسعى الجهات المعنية في الخليج إلى منع امتداد الصراع، وستبحث عن سبل للمضي قدما في نظامها المُفضل. وفي المستقبل، سيسعى الوسطاء التقليديون، مثل عُمان - وربما السعودية الآن - إلى تطوير سُبل مُبتكرة للخروج من الصراع، مع استغلال علاقات الإمارات الهادئة مع إسرائيل كقناة خلفية. وستتكثف هذه الجهود مع تفاقم حدة الصراع.

لقد أدت الحرب الحالية إلى تفاقم التوتر بين رؤية الخليج للمنطقة ورؤية إسرائيل. من وجهة نظر إسرائيل، يُعزز الجيش الإسرائيلي نجاحاته في سحق حزب الله، وتسهيل انهيار نظام الأسد في سوريا، وفتح الطريق أمام عهد جديد في كل من لبنان وسوريا.

من هذا المنظور، يُعد هجوم إسرائيل على إيران الخطوة التالية في هذا التطور، الهادف إلى ضمان عدم وجود مكان للجمهورية الإسلامية في هذا الشرق الأوسط. في الواقع، أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتمال تغيير النظام في إيران نتيجة للعمل العسكري الإسرائيلي.

يرى آخرون في العالم العربي أن استخدام إسرائيل للقوة يُقوّض سيادة القانون، واعتمادها على القوة العسكرية لا يترك مجالا يُذكر لمنطقة أكثر تكاملا اقتصاديا تعتمد على الاستقرار. وهكذا، أصبحت إسرائيل، وليس إيران، "المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة".

من هذا المنظور، تُعدّ التدخلات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان وسوريا واليمن وإيران أمثلة على موقفها العدواني والمزعزع للاستقرار. علاوة على ذلك، سعت إسرائيل، باغتيالها علي شمخاني، أحد كبار مساعدي المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، والذي كان له دور محوري في تقارب إيران مع السعودية، إلى عرقلة اندماج إيران في المنطقة.

في نهاية المطاف، يعتمد مستقبل النظام في الشرق الأوسط على ما إذا كان القتال الدائر اليوم سيتعمق أم سينحسر. فهل سنرى إسرائيل منتصرة تهزم إيران وتُعيد التوازن الإقليمي؟ أم ستصمد الجمهورية الإسلامية بينما يواصل الخليج سعيه نحو التكامل؟



لكل مسار فوائد ومخاطر واضحة تستلزم مستويات مختلفة من التدخل الأمريكي. من المؤكد أن حرمان إيران من طموحاتها النووية سيحقق هدفا طويل الأمد للأمن القومي الأمريكي. ومع ذلك، فإن التفكيك الكامل للقدرات النووية الإيرانية سيتطلب تدخلا أمريكيا كبيرا فيما قد يصبح حربا جديدة لا تنتهي.

كما أن تغيير النظام في إيران سيتطلب تدخلا كبيرا بنهاية غير مؤكدة. إن اختيار مسار دبلوماسي من شأنه أن يجنّب الولايات المتحدة التورط العسكري ويخفف من حدة صراع يزعزع استقرار المنطقة. قد يُبشّر ذلك بعهد جديد من الاستقرار والازدهار، لكنه يتطلب قبول اندماج إيران في المنطقة. حتى مع نجاح المفاوضات، قد تبقى مسألة طموحات إيران النووية دون حل، مما يزيد من مخاطر هذا الاندماج.

حتى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، استطاعت واشنطن تجنب الاختيار النهائي بين أهداف حلفائها المتضاربة. الآن، سيتعين عليها اتخاذ القرار.

مقالات مشابهة

  • مصرف ليبيا المركزي يبحث مع الاتحاد الأوروبي استقرار العملة وكبح التضخم
  • هل يمكن لسياسة الخليج تجاه إيران أن تصمد في وجه الحرب؟
  • المصرف المركزي وهيئة التخطيط يناقشان تعزيز العمل المشترك
  • المصرف المركزي يطلق الموقع الرسمي لخدمة الدفع الفوري «LYPay»
  • الزمالك يضع الرتوش الأخيرة لتعيين جون إدوارد مديرًا رياضيًا.. والإعلان الرسمي خلال 48 ساعة
  • المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط يبحثان الترتيبات المالية لزيادة الإنتاج
  • المركزي يشكك في سلامة ورقة 20 دينارا… هل يعود شبح التزوير بعد أزمة الـ50؟
  • المصرف المركزي يصدر قرارات بسحب إصدارات نقدية محددة من التداول
  • المصرف المركزي ومؤسسة للنفط يبحثان الترتيبات المالية لزيادة الإنتاج وتجاوز التحديات
  • الخطوط التركية تتخذ خطوة مفاجئة بشأن الرحلات إلى 5 دول!