داعمو غرف الاستجابة الطارئة في السودان
تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT
نشأت غرف الاستجابة الطارئة في السودان كمبادرة شبابية شعبية لمواجهة الأزمات المتعددة التي تعرضت لها البلاد، خاصة خلال ثورة ديسمبر 2018 وما تلاها من تحديات إنسانية وسياسية واقتصادية. عقب اندلاع الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ابريل 2023 برزث غرف الاستجابة الطارئة في السودان (Sudan’s Response Emergency Rooms – ERRs( [1]
كجهد من الشباب السوداني لمواجهة الأزمة الإنسانية الناجمة عن النزاع، الذي أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من المواطنين وتدهور أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، خاصة بعد تعطل مؤسسات الدولة وتدمير البنية التحتية و بعض منازل المواطنين وتراجع عمل الجهات الإغاثية والمنظمات الدولية و الطوعية .
تهدف غرف الاستجابة الطارئة (ERRs) بصفة خاصةً إلى تقديم المساعدة المتبادلة من خلال اقتصاد تضامني محلي، بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية. و يتألف الرواد الأوائل لـ ERRs من مجموعة متزايدة من المتطوعين تشمل المهنيين والفنيين من الشباب وأفراد المجتمع والنشطاء، الذين يعملون مع المجتمع ومن أجله، معتمدين على وسائل وأدوات مبتكرة وغير تقليدية لتلبي الاحتياجات المستمرة والطارئة. تم الاعتراف بـ ERRs كجهة إنسانية من قبل الأمم المتحدة - مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والعديد من المنظمات الدولية. وتلتزم ERRs بمبادئ الحياد والمساءلة تجاه المجتمع وشركائه، كما تتبنى مبدأ المشاركة، والمساواة في تقديم الخدمات، والشفافية في مشاركة البيانات والمعلومات عبر المصادر المفتوحة
(open/accessible sources
من بين الناشطين البارزين في الولايات المتحدة في دعم هذه الجهود الشاب (الابن) هيثم الزبير التجاني النور، المعروف باسم هيثم النور في الولايات المتحدة (كما ظهر في الفيدو الدي بثه شيخ الامين من دار الايواء/التكية التي يديرها في امدرمان ) . لعب هيثم دورًا رئيسيًا في دعم مبادرات غرف الاستجابة الطارئة، حيث قام مع ناشطين سودانيين آخرين بتنظيم حملات تركز على توفير الغذاء،والإمدادات الطبية،وعمليات الإجلاء للمدنيين المتضررين من النزاع. قاد هيثم و هذه الجهود بتنسيق فعال مع المجتمع السوداني-الأميركي، معتمدًا على شبكات الناشطين الشباب والمنظمات المدنية لزيادة الوعي العالمي والدفع للحصول على دعم دولي. رغم التحديات الكبيرة، مثل نقص التمويل والموارد، تواصل غرف الاستجابة الطارئة تقديم خدماتها الأساسية للسكان المتضررين، مع التركيز على مجالات حيوية مثل الطاقة والرعاية الصحية. ويمكن الاطلاع على المزيد من المعلومات حول جهود غرف الاستجابة الطارئة في الخرطوم عبر موقع:
khartoumerr.org
هاجر هيثم النور إلى الولايات المتحدة وهو في سن الشباب في عام 1999, و رغم صغر سنه حينها ،كان يمتلك رؤية واضحة وأهدافاً محددة عمل على تحقيقها بعناية. استطاع ببراعة أن يوفق بين العمل لتأمين احتياجاته ودعم أسرته في السودان و بين إتمام دراساته الجامعية بنجاح. لم ينس هيثم أبداً واجبه تجاه أهله ووطنه، بل شارك بفاعلية في المجتمع المدني، ليبرز كناشط حقوق مدنية في المنتديات والمنظمات الأمريكية[2]، حيث كان دائمًا يجعل القضايا السودانية في صدارة اهتماماته. خلال الثورة السودانية ، برز هيثم النور كشاب نشط نجح في بناء جسور التواصل بين شباب الثورة في السودان (منذ 2018) ونظرائهم في الولايات المتحدة. كان لهيثم و مع شباب اخرين (حنين أحمد و هشام حجوج ) دور محوري في ربط المجموعات الثورية المحلية مع المنظمات الحقوقية والمجتمعية الأمريكية، مما أتاح دعمًا دوليًا متزايدًا لقضايا السودان. عندما اندلعت الحرب الماساوية في 15 أبريل 2023، والتي أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية، خاصة في ولاية الخرطوم، كانت (ERRs) في طليعة المبادرات و أبرز المنصات المجتمعية التي تسعى لتخفيف معاناة السودانيين المتضررين من الحرب. تعمل غرف الأستجابه الطارئة (ERRs) الآن في عدة مدن وولايات بالسودان، وتقدم خدماتها الأساسية للمواطنين المتضررين، المتمثلة في توفير الرعاية الصحية والمساعدات الغذائية والمستلزمات الضرورية الأخرى.
خالص التقدير ل هيثم النور ورفاقه الذين يمثلون قادة الاتصال الخارجي لغرف الاستجابة الطارئة السودانية على جهودهم المتواصلة في خدمة الوطن والمواطن من خلال تواصلهم مع المنظمات الإنسانية و الجهات الخيرية. لقد عمل هؤلاء الشباب بلا كلل أو ملل لتوفير الدعم المادي للمتضررين وضحايا الحرب في السودان، لم يقتصر دورهم على ذلك، بل قاموا بدعم المطابخ والتكايا (أماكن الإيواء والإطعام المجاني ) وتلبية احتياجات النساء، بالإضافة إلى الاستجابة لحالات الطوارئ وإصلاح أعطال الكهرباء والمياه وغيرها من الاحتياجات الخاصة. كما تمكنوا من توفير مستلزمات الأطفال والآباء والنساء في سبع محليات بالخرطوم ، وولايات دارفور و غرب كردفان و لأية كسلا وولاية سنار والنيل الأبيض ، ( ويعدون العدة للعمل في ولايات اخري ) . كان لهيثم ورفاقه الفضل في حشد الدعم العالمي، حيث تمكنوا من تحويل المبادرات المحلية إلى حركة دولية تضامنية مع الشعب السوداني في أحلك الأوقات . من المثير للفخر والاعتزاز أن نرى هيثم ورفاقه في منتديات الأمم المتحدة، يتحدثون عن الأزمة السودانية، مناشدين المجتمع الدولي لتقديم المساعدات العاجلة ل ERRs . و ما حققته ERRs نال اعترافا دوليا وتقدير لدورها الإنساني، خاصة بعد ما اعلن السيد هنريك أورال مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو.
Peace Research Institute Oslo (PRIO)[3]،
https://www.prio.org/news/3570 يوم 3 اكتوبر 2024 عن قائمته المختصرة shortlisted للمرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2024، وقد شملت القايمة المختصرة منصة غرف الاستجابة الطارئة السودانية ، و جاء ترتيبها الثاني من بين المرشحين الخمسة الذين حوتهم القائمة المختصرة للمرشحين عام 2024 لجائزة نوبل للسلام ، انه امر يدعو للفخر والاعتزاز. ويجدر بالذكر ان القائمة شملت :
1.مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا.
Office for Democratic Institutions and
Human Rights
٢ غرف الاستجابة الطارئة السودانية Sudanese Emergency Response Rooms
3. وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وفيليبي لازارين UNRWA and Philippe Lazzarin
4. محكمة العدل الدولية
International Court of Justice
5. منظمة اليونسكو ومجلس أوروبا
UNESCO and the Council of Europe
الجدير بالذكر ان معهد أبحاث السلام في أوسلو PRIO يقدم كل عام قائمته الخاصة لجائزة نوبل للسلام. و يقدم رأيه حول أكثر المرشحين استحقاقًا بناءً على تقييمه المستقل. ويتمتع رأي مدير PRIO حول المرشحين المحتملين لجائزة نوبل للسلام بتقدير واسع، حيث درج المعهد منذ عام 2002 تقديم مثل هذه القائمة ، وقد جاء في حيثيات ترشيح غرف الاستجابة الطارئة في السودان ما يلي :
" ان النزاع المسلح الذي اندلع في السودان في أبريل 2023 ادي إلى إدخال البلاد في واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم. حيث تم تهجير أكثر من 10 ملايين شخص داخل البلاد، وفرّ 2 مليون آخرين إلى الدول المجاورة. وقد واجه النظام الدولي صعوبة في تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة، مما دفع شبكات الإغاثة المجتمعية التطوعية في السودان إلى التدخل لتقديم خدمات منقذة للحياة لملايين النساء والرجال والأطفال. إحدى المبادرات البارزة هي غرف الاستجابة الطارئة، التي تقدم الرعاية الطبية والخدمات الأخرى للمتضررين من النزاع. تعمل هذه المجموعات بشكل لامركزي وتوفر المساعدات الإنسانية الأساسية في بيئة نزاع معقدة للغاية، حيث يكون الوصول إلى المجتمعات والموارد والبنية التحتية محدودًا. غالبًا ما يعمل المتطوعون في مناطق غير آمنة، حيث يواجهون تهديدات بالمضايقة والعنف. ومع احتفال عام 2024 بالذكرى الخامسة والسبعين لاتفاقيات جنيف المعدلة، التي وُضعت لحماية المدنيين أثناء الحرب، فإن منح جائزة نوبل للسلام لمبادرة إنسانية مستحقة مثل غرف الاستجابة الطارئة في السودان سيبرز الأهمية الكبيرة للوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة في أوقات النزاع ".هذا ما أورده معهد PRIO للسلام في أوسلو عن أحقية ترشيح غرف الاستجابة الطارئة في السودان لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2024.
إن هيثم النور ورفاقه هم الداعمون الحقيقيون للوطن عبر دعمهم ل غرف الاستجابة الطارئة منذ بداية الحرب وحتى الآن، حيث اختاروا أن يركزوا على الجانب الإنساني ويوفروا المساعدات الإنسانية لكل الشعب السوداني. استطاعوا جمع و تقديم الدعم المادي من المنظمات الدولية مما مكن غرف الأ ستجابة الطارئة من الإستمرار في عملها ودعم السودانيين في الداخل، عملت غرف الاستجابة الطارئة (ERRs) في هدوء وصمت، بعيدًا عن الأضواء والضجيج، مما يجعلها تستحق التكريم والترشيح لجائزة نوبل للسلام. ومن الضروري أن يحتفي الشعب السوداني بهؤلاء الشباب المتفانين ويقدر جهودهم الإنسانية الكبيرة، كما ينبغي دعم مساعيهم والمطالبة بترشيحهم لنيل جائزة نوبل للسلام لعام 2024، تقديرًا لمساهماتهم الفعالة في التخفيف من معاناة المواطنين.
أيها الشباب هيثم وصحبه، شباب غرف الاستجابة الطارئة في السودان ERRs . إنه لمن الرائع حقاً أن يحظي عملكم بالتقدير والاعتراف العالمي، ويتم إدراجه في القائمة المختصرة لجائزة نوبل للسلام لعام 2024. يا له من فخر واعتزاز! أنتم حقًا جيل العطاء، ويحق لكم أن تتغنوا بكلمات الشاعر الراحل محمد المكي إبراهيم. و ترددوا بصوت عالٍ ، وبكل فخر واعتزاز كلماته الخالدة والرائعة: :
" من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصرْ
من غيرنا ليقرر التاريخ والقيم الجديدةَ والسيرْ
من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياةِ القادمةْ
جيل العطاءِ المستجيش ضراوة ومصادمةْ
المستميتِ على المبادئ مؤمنا
المشرئب إلى السماء لينتقي صدر السماءِ لشعبنا...
جيلي أنا!"
ولأ للحرب
حامد عمر
٩/١٠/٢٠٢٤
[email protected]
[1] ERRs
https://docs.google.com/presentation/d/1wMkWzcjeuLodSNEt-aMhV1P3LoMDTJBCzqpBAZ4A6_A/edit?usp=sharing
[2] ( الناشط هيثم النور النور في منصة مؤسسة كلينتون العالمية: قائلاً : الكارثة في السودان تتطلب إستثمارات ضخمة من المانحين واستجابة إنسانية شاملة
https://sbcnetwork.com/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B4%D8%B7
[3] https://www.prio.org/news/3570 ا
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: لجائزة نوبل للسلام جائزة نوبل للسلام الولایات المتحدة عام 2024
إقرأ أيضاً:
طرد الكيان الصهيوني من الأمم المتحدة ضرورة للسلام العالمي
في ظل الجرائم المروعة التي يرتكبها الكيان الصهيوني منذ عام ١٩٤٨ ضد الشعب الفلسطيني، وفي ظل الإبادة الجماعية التي أقدم عليها المجرم نتنياهو وعصابته المتطرفة في الكيان، وفي ظل استهتار الكيان الصهيوني بالقوانين الدولية، وعدم تطبيق القانون الدولي الإنساني، وقتل أكثر من ٢٣٥ من الزملاء والزميلات الصحفيين، وفي ظل الانتهاكات الخطيرة ضد حقوق الإنسان وحماية المدنيين؛ فإن ثمة سؤالا مشروعا يطرح حول مشروعية وجود كيان إجرامي داخل عضوية الأمم المتحدة: كيف يمكن لأكثر من ٢٠٠ دولة عضو أن تقبل بوجود الكيان الصهيوني وهو يرتكب على مدى أكثر من سبعة عقود كل تلك الجرائم البشعة التي تمثلت أقساها في قطاع غزه على مدى سنتين؟ والسؤال حول طرد الكيان الصهيوني من الأمم المتحدة ليس سابقة أولى؛ فقد طرد الكيان الصهيوني من منظمات عديدة منها: منظمات حقوق الإنسان، واتحادات رياضية، وصحفية منها الاتحاد الدولي للصحفيين. ومن هنا فإن طرح موضوع طرد الكيان الصهيوني في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر القادم هو الوقت المناسب لإيصال رسالة عالمية من المجتمع الدولي للكيان بأنه أصبح منبوذا من شعوب العالم ومنظمات المجتمع الدولي. كما أن الاعتراف الواسع النطاق الذي ينتظره العالم بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة خاصة من الدول الغربية كفرنسا، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، والبرتغال، وغيرها من الدول يعد مناسبة سياسية وإنسانية وحقوقية في غاية الأهمية؛ لفضح الكيان الصهيوني الذي استهان بميثاق الأمم المتحدة وقراراته، كما سجل الكيان تمردا على منظومة القيم والنواميس الدولية.
قد يكون من الصعب تحقيق موضوع الطرد من قبل مجلس الأمن الدولي؛ حيث حق النقض الفيتو جاهز من قبل الحليف الأول للكيان الصهيوني، وحامي سلوكه العدواني، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا أمر مؤكد، ولكن نحن هنا نتحدث عن القرار الدولي من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي تشكل فيه مجموعة دول عدم الانحياز أكبر كتلة؛ حيث وجود الدول العربية والإسلامية، وفي قارات آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية علاوة على عدد من الدول التي تتعاطف مع القضية الفلسطينية، والتي سجلت زخما سياسيا وأخلاقيا وقانونيا بين شعوب العالم منذ عام ١٩٤٨. وعلى ضوء ذلك؛ فإن التحرك العربي والإسلامي مطلوب لتقديم طلب طرد الكيان الصهيوني، خاصة وأن هناك استياء عاما من السلوك الإجرامي للكيان الصهيوني الذي ارتكب ابشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين. مجرد تقديم طلب الطرد من المجموعة العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة سوف يحدث هزة سياسية للكيان الصهيوني حتى لو كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة غير ملزم، ولكنه سوف يكون سابقة تاريخية تهز الكيان الصهيوني المتغطرس والعصابة التي تحكمه.
إن الكيان الصهيوني قد ضربت سمعته في مقتل، وأصبح منبوذا من شعوب العالم، وهذا هو الأمر المهم بعيدا عن الحسابات السياسية على صعيد الحكومات. كما أن ترويج واشنطن لموضوع التطبيع قد ضرب في مقتل خاصة بعد انكشاف أهداف الصهيونية العالمية من بسط سيطرتها على مقدرات المنطقة، وأيضا أهدافها الخبيثة في ضرب الهوية العربية والإسلامية للدول العربية. ومن هنا يتعرض المشروع الصهيوني العالمي لنكسات كبيرة خاصة وأن الوعي العربي يزداد من قبل المفكرين، ووسائل الإعلام، والمجالس التشريعية التي تحذر من الأهداف الخبيثة لموضوع التطبيع الذي يتعدى المصالح الاقتصادية إلى ضرب النسيج المجتمعي للأوطان، وهذه كارثة حقيقية.
الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بطرد الكيان الصهيوني إذا صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا شيء طبيعي؛ فقد صوتت واشنطن ضد القضية الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي منذ عام ١٩٤٨ عشرات المرات، وكان الموقف الأمريكي سلبيا، ولا يليق بدولة تدعي قيادة النظام الدولي. ومن هنا بدأت الدعوات لإيجاد نظام دولي متعدد الأقطاب لحماية السلام والاستقرارن وإقامة الدولة الفلسطينية، وإنهاء الحروب والصراعات في المنطقة، وإيجاد التعاون بين دول العالم، وأن ينصاع الكيان الصهيوني لمنظومة القيم والقوانين الدولية، وأن يرضخ الكيان لميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد حق الشعوب في الحرية والاستقلال من المحتل خاصة المحتل الإسرائيلي الذي يعد أبشع احتلال عرفه العالم في العصر الحديث.
قد تكون فكرة طرح موضوع طرد الكيان الصهيوني غير قابلة للتطبيق؛ لأسباب تعود للضغط الأمريكي في ظل إدارة ترامب المتهورة والتي تهدد الدول بالرسوم الجمركية، والعقوبات الاقتصادية، ومع ذلك فإن تقديم طلب طرد الكيان الصهيوني للأمانة العامة للأمم المتحدة سوف يكون حدثا سياسيا يعزز من خلال كلمات رؤساء وممثلي دول العالم أمام منصة الأمم المتحدة في نيويورك.
إن الكيان الصهيوني لا بد من وضعه أمام مشهد حقيقي يهدد وجوده، وسلوكه العدواني الذي تجاوز كل الأعراف والقوانين. وعندما تحدثنا في مقال سابق بأن حكومة نتنياهو المتطرفة، وغيرها من الحكومات هي صورة لبقايا سلوك عصابات شتيرن والهاجانا التي ارتكبت الجرائم الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني عام ١٩٤٨ ومن هنا فإن الكيان الصهيوني يتصرف وفق تلك العقلية الإجرامية. ومن هنا فإن سلوكه العدواني، ورفضه قرارات الشرعية الدولية، والانتهاكات الإنسانية، وقتل الأطفال، وقصف المستشفيات، وقتل الصحفيين هو جزء من فكر العصابات التي تتجرد من أي مسؤولية قانونية، وهذا الفكر العدواني الإسرائيلي يشكل خطرا كبيرا على السلام والاستقرار في العالم، وهو الأمر الذي صدم الشعوب في الغرب، وعبرت عن استهجانها من عدوانية الكيان الإسرائيلي. كما أن استخدام الجوع كسلاح لتحقيق أهداف سياسية هو جريمة كبرى في حق الإنسانية، وتؤكد العقلية الإجرامية للكيان الصهيوني المتطرف الذي يحتاج إلى وقفة جادة من المجتمع الدولي؛ لأن عدم حدوث ردع سياسي أو قانوني سوف يجعل نتنياهو وحكومته المتطرفة تتمادى بحيث يدخل العالم في صراع يتدحرج بين إيران والكيان الصهيوني إلى حرب إقليمية تنتهي إلى حرب عالمية.
إن خطوة التهديد بطرد الكيان الصهيوني رغم رمزيتها القانونية تعطي رسالة سياسية للكيان الصهيوني، وحتى للحليف الأمريكي الذي يعد مسؤولا مباشرا عن كل العدوان الصهيوني الذي صدم العالم عبر وسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي، والمنصات الرقمية في أكبر مشهد إجرامي في هذا القرن ضد الإنسانية يراقبه العالم في صدمة وذهول.