بهاء طاهر يعيد قراءة النهضة العربية!
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
(1)
... وما زلنا مع إضاءات بهاء طاهر الثقافية والفكرية والنقدية (أو بالجملة طرح قراءة في كتاباته غير الإبداعية) وهو الجانب الذي لم يحظ بالاهتمام والقراءة والتحليل، مثلما حظيت أعماله الروائية والقصصية الرائعة، ويبدو أن هذا الأمر يشكل "ظاهرة" في سياق الثقافة العربية الحديثة، فجل الاهتمام ينصب على الأعمال الإبداعية الخالصة للكتاب المبدعين، وأقلها -وربما ندرة منها- ينصب على جهودهم الأخرى خارج دائرة الإبداع الخالص.
حدث هذا مع المنفلوطي، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، في عصور الإحياء، وحدث مع توفيق الحكيم، ويحيى حقي، ونجيب محفوظ، ويوسف إدريس، فيما بين العشرينيات والخمسينيات، ومع صلاح عبد الصبور الذي تركز الدرس كله والبحث كله على دواوينه الشعرية ومسرحياته، ولم يُلتفت في الأغلب الأعم إلى أعماله وكتاباته "النثرية" التي جاءت وحدها في أحد عشر مجلدا شملت أعماله وكتاباته الصحفية والنقدية والسياسية والتاريخية وفي السيرة الذاتية وفي المسرح والسينما! وهلم جرا!
على كل حال، سنقف في هذه الحلقة على كتابٍ غاية في الأهمية والقيمة والنظر لبهاء طاهر، صدرت طبعته الأولى عن سلسلة كتاب الهلال سنة 1993، وصدرت طبعته الأخيرة عن دار الشروق بالقاهرة قبل سنواتٍ قليلة من رحيل بهاء طاهر بزياداتٍ طفيفة، يقول صاحب «خالتي صفية والدير» في ختام الطبعة الأخيرة التي صدرت في حياته عن (دار الشروق):
"ومع أن سنين كثيرة قد مضت منذ ظهور الطبعة الأولى في عام 1993، فلم أشعر أنني بحاجة إلى تغيير شيء مما ورد فيه. فما زلتُ مقتنعًا بفكرته الأساسية، وأتمنى أن يقتنع بها غيرى. لم أحذف سوى بعض الأخطاء التي ظهرت في الطبعة الأولى، وأهمها -للغرابة- كانت إضافة عبارات لم أكتبها ولم أستَشَر بشأنها. كنت وقتها مقيمًا خارج الوطن في جنيف، وربما كان هذا عذرًا للقائمين على طباعة الكتاب حينها لعدم تمكنهم من الاتصال بي، واستشارتي بشأن هذه الإضافة"!!
(2)
ربما يكون أدق وصف لهذا الكتاب، ما وصفه به صاحبه من أنه "صعود الدولة المدنية وانحسارها"؛ إذ يطرح فيه صاحبه "رؤية مثقف مصري وعربي" معاصر لمسيرة التنوير والنهضة منذ الطهطاوي، ومرورا بطه حسين وتوفيق الحكيم ويحيى حقي، ووصولًا إلى جيل يوسف إدريس، وجيل الستينيات الذي كان بهاء طاهر نفسه ينتمي إليه.
والجزء الأول منه؛ مكرس لبيان خُطى التقدم التدريجي لخروج مجتمعنا من ظلام العصور الوسطى إلى أنوار الحداثة والحرية. وحاول الكتاب أن يبين الأدوار التي لعبها المثقفون لإحداث هذه النقلة التاريخية على امتداد قرن ونصف القرن من الزمان تقريبًا. أما الفصول الأخيرة من الكتاب فتعرض خُطى التراجع التدريجي والمنظم لمشروع "النهضة" ذاك، بغية العودة من جديد إلى المنظومة الفكرية للدولة العثمانية "التي يتغزل بها الآن كثيرون على غير علم، رغم أنها قد أشفت بمصر على الهلاك كما يبين هذا الكتاب"، بحسب مؤلف الكتاب.
وعبر فصول الكتاب، وموضوعاته ومعالجاته الرصينة القيمة، يرصد بهاء طاهر "العلاقة بين الثقافة والحرية" أو بتعبير أدق -كما يوضح طاهر نفسه- تدور فصول الكتاب بأكملها حول "ثقافة الحرية"، منطلقًا من أن قيام الدولة المصرية "الحديثة" على يد محمد علي باشا، قبل ما يزيد قليلًا على قرنين من الزمان، قد أنقذ هذا الوطن (بالمعنى العربي والقومي) من الهلاك الفعلي والاندثار الذي لحق شعوبًا أخرى، ويرى أن المثقفين قد لعبوا أهم الأدوار في إحداث التغيير الفكري الذي قاد مصر، ومعها العالم العربي خطوة خطوة، رغم الهزائم والانكسارات، لتصبح في كل مرحلة أفضل مما كانت عليه من قبل.
يقول صاحب «واحة الغروب»: "وأنا أفهم أن هذا القدر من التقدم الذي حققناه خلال تلك الفترة الوجيزة لا يرضينا الآن على أي نحو، وأن الفرق بين التوقعات والواقع ما زال شاسعًا، وأنه ما زال علينا أن نفعل الكثير.. كل ذلك حق، فأما القول بأننا كنا نعيش عصرًا ذهبيًا قبل قيام الدولة الحديثة، ثم جاءت هذه الدولة لتدخلنا في ثقافة «التبعية» و«الاستعمار»، فهو قول أبسط ما يقال عنه إنه يجهل كل الجهل ما كنا فيه، وما أصبحنا إليه".
وأنا شخصيا أميل إلى هذا الرأي، بل وأعتقد بصوابه اعتقادًا شبه كامل، وقد بنيتُ فصول كتابي «سيرة الضمير المصري ـ علامات في الفكر العربي الحديث» على فرضية صواب هذا الرأي، ومنطقيته، وعقلانيته، واعتماده أساسًا لقراءة تاريخ الفكر العربي الحديث، ولتاريخ النهضة والاستنارة العربية كلها، منذ الحملة الفرنسية بل ومن قبلها بحوالي نصف القرن، وحتى ما بعد الحرب العالمية الثانية وفي أعقابها.
(3)
إن نهضتنا الحديثة قد بدأت باتصالنا بالغرب، ويرى بهاء طاهر أن ذلك قد تم بفضل تأسيس دولة محمد علي باشا (1801-1848) لا بسبب الحملة الفرنسية على مصر والشام (1798-1801) كما يذهب البعض، وينحاز بهاء طاهر إلى الرأي الذي يقول إن الحملة الفرنسية قد أخَّرت النهضة، ولم تساعد عليها (وسيفصل بهاء طاهر هذا الرأي من خلال فصول الكتاب)، ذلك أن الثقافة الحديثة برغم تأثرها الواضح بالاتصال بالغرب، فإنها أيضا تكن اقتباسًا مباشرًا منه أو نقلًا حرفيًا عنه، بل تبلورت في معظم الأحيان من خلال الصراع المباشر مع الغرب، ومن خلال الرفض للكثير من قيمه ومنطلقاته، إذ كان ذلك الاتصال في حقيقته فرصة للمراجعة، ولمحاولة تأكيد الذات بالعودة إلى الثوابت الثقافية للذات المصرية والعربية، ولإحياء القيم النبيلة في حضارتنا الإسلامية الزاهرة التي طمستها عصور الظلام المملوكية العثمانية، ومن هنا كان صراع الثقافة العربية الحديثة ضد "التغريب"، وضد "التتريك" معًا، سعيًا لتأكيد ذاتية ثقافية مستقلة.
وبالمناسبة، يمكن الإشارة هنا إلى اللحظة التي قرر فيها الحاكم محمد علي باشا باقتراح سديد من مستشاره الثقافي (الشيخ حسن العطار، ومن بعده الشيخ رفاعة الطهطاوي) تعريب الديوان الحكومي (أو الأميري) واعتماد اللغة العربية إلى جوار "التركية" لغة المراسلات والمراسيم الحكومية الأميرية، وتم تطبيق هذا الأمر على جريدة "الوقائع المصرية" الرسمية التي كانت تحرر بالتركية فقط، ثم صارت تحرر بالتركية والعربية معا، إلى أن أصبحت تحرر بالعربية وحدها فقط.
ويرى بهاء طاهر أن إرادة الحاكم وحدها، ولو كان في مثل عزيمة وإصرار وطموح محمد علي، لم تكن تكفي أبدًا لإحداث تغيير هائل بمثل هذا الحجم في المجتمع، وإنما الفضل يرجع إلى واحدٍ من إنجازاته الكبرى في تحقيق تلك النقلة الهائلة، ويعني بذلك -بطبيعة الحال- نشر التعليم العصري الحديث، وتأسيس المدارس التجهيزية والمتخصصة لتخريج المؤهلين للخدمة في الجهاز الإداري للدولة.
يقول بهاء طاهر "فإذا كان هذا الجندي الألباني الطموح قد أراد أن يحكم مصر على الطريقة العثمانية، وأن يورثها لخلفائه ليحكموها بالطريقة نفسها، فإن المدارس هي التي خرجت المثقفين الرافضين لهذا الأسلوب في الحكم، ولهذه الطريقة في الحياة، ومع نشوء جيل جديد من المتعلمين بدأ الصراع لانتزاع الحقوق والحريات، بالتدرج ودونما انقطاع".
(4)
نشرت فصول الكتاب متفرقة في مراحل مختلفة، قبل أن يقرر صاحبها أن يجمعها بين دفتي كتاب، ولكنها كلها تدور في فلك اهتمامات واحدة انشغل بها بهاء طاهر سواء في عمله القصصي أو النظري؛ وهي: "الحرية"، و"دور المثقف في المجتمع"، و"العلاقة بالآخر والصلة بالغرب".
نعم. يمكننا أن نطمئن تمامًا إلى اعتبار هذا الكتاب «أبناء رفاعة» (أو على الأقل في اعتقاد وتصور كاتب هذه السطور) هو شهادة بهاء طاهر الأمينة وقراءته الصادقة عن هذا العصر؛ وخاصة في "بواكيره الأولى" التي شهدت مخاض البحث عن النهضة العربية التي ما زلنا نبحث عنها حتى اللحظة!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فصول الکتاب بهاء طاهر محمد علی
إقرأ أيضاً:
لبنان يعيد رسم معادلة السلاح خارج الدولة
بيروت- في تحوُّل سياسي وُصف بأنه "مفصلي"، صادق مجلس الوزراء اللبناني مؤخرا على قرار يقضي بإنهاء أي وجود مسلح خارج إطار الدولة، في خطوة تأتي وسط انهيار اقتصادي واجتماعي وأمني متفاقم ومتراكم، وتحت وطأة خروقات إسرائيلية تطال مختلف المناطق اللبنانية.
ومنذ اتفاق الطائف عام 1989، بقي ملف السلاح خارج الدولة معلقا بين النصوص الدستورية والنيات السياسية، لكن الفارق اليوم أن القرار يأتي في لحظة إقليمية ضاغطة، ومع مبادرة أميركية وضعت مسألة نزع السلاح في صلب أي تسوية محتملة مع إسرائيل.
ورغم أن الحكومة لم تُعلن أسماء الفصائل أو المجموعات المستهدفة بالقرار، تشير قراءات سياسية إلى أن النص -نظريا- يشمل أي تشكيل مسلح خارج سلطة الدولة، من الفصائل الفلسطينية في المخيمات إلى جماعات محلية أخرى، غير أن الأنظار السياسية والإعلامية بقيت مركَّزة على حزب الله، نظرا لوزنه العسكري والسياسي في المعادلة اللبنانية.
جذور الأزمة
من جانبه، رفض حزب الله القرار بشكل قاطع، واعتبره الأمين العام نعيم قاسم "غير قابل للنقاش أو التصويت"، مؤكدا أن "المقاومة جزء من اتفاق الطائف" وأن السلاح يمثل ضمانة للدفاع عن لبنان. وفي بيان رسمي، وصف حزب الله القرار بأنه "غير موجود"، لكنه أبدى في الوقت نفسه استعدادا للحوار في محاولة لتجنب مواجهة مباشرة مع الدولة.
السلاح خارج سلطة الدولة ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى ستينيات القرن الماضي، حين تصاعدت العمليات الفدائية ضد إسرائيل من الأراضي اللبنانية، وجاء اتفاق القاهرة عام 1969 بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة اللبنانية بوساطة مصرية ليمنح الوجود الفلسطيني في المخيمات شرعية كاملة، بما في ذلك التسلح وشن عمليات ضد إسرائيل.
لكن الانقسام الداخلي اللبناني حيال هذا الوجود تحول إلى أحد أسباب اندلاع الحرب الأهلية في 1975، وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، غادرت منظمة التحرير الأراضي اللبنانية، وألغى البرلمان اتفاق القاهرة عام 1987، في حين استمرت الحرب حتى توقيع اتفاق الطائف الذي نص على حصر السلاح بيد الدولة.
إعلانغير أن حزب الله احتفظ بسلاحه لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، واستمر الجدل بعد انسحاب إسرائيل عام 2000، لينقسم المشهد اللبناني بين مؤيد ومعارض لسلاح الحزب، الذي عزَّز حضوره السياسي عبر البرلمان والحكومة.
اليوم، ولأول مرة منذ نحو ربع قرن، تسقط معادلة "جيش وشعب ومقاومة" من البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة، في مؤشر على مرحلة سياسية مختلفة قد تعيد رسم موازين القوى داخل لبنان.
وفي السياق، يقول الضابط اللبناني السابق والخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية خالد حمادة، للجزيرة نت، إن قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية لا يمكن النظر إليه كنتيجة لاتفاق وقف إطلاق النار عام 2024، بل كجزء من وثيقة الوفاق الوطني التي أقرها اللبنانيون عام 1989، وجعلها الدستور مبدأ ملزما.
ويؤكد أن هذا المبدأ لم يكن وليد الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله، بل كرَّسته لاحقا قرارات واتفاقات دولية أبرزها 1559 و1701 و1680، مضيفا "نحن أمام مرحلة تنفيذ ما لم يُنفذ من الدستور".
ويرى حمادة أن التوازنات الجديدة في المنطقة، والضغط الدولي، والتزام لبنان باتفاقاته، دفعت الدولة لاتخاذ قرار نزع السلاح عبر قواتها الشرعية ووفق خطة يقرها مجلس الوزراء، تشمل جميع الفصائل الفلسطينية سواء التابعة للسلطة أو المرتبطة بدمشق أو بطهران.
ويشير إلى أن بعض المخيمات، مثل عين الحلوة، تخضع لنفوذ أطراف متعددة، بينما أخرى تسيطر عليها السلطة الفلسطينية التي أعلن رئيسها محمود عباس مرارا عدم وجود مبرر لبقاء السلاح فيها، واستعداده لتسليمه للدولة اللبنانية.
ويلفت إلى أن رئيس الحكومة نواف سلام أجرى اتصالات مع شخصيات فلسطينية أكدت التزامها بالموقف ذاته، مع أولوية البدء بمخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي، وصولا لجميع المخيمات، مع التعامل مع الرافضين وفق كل حالة، بما في ذلك استخدام القوة إذا اقتضى الأمر.
ويشدد حمادة على أن العودة إلى الأمن الذاتي والمربعات الأمنية لم تعد مطروحة، ومع السلطة الفلسطينية الملف شبه محسوم، في حين قد ترضخ بعض الفصائل الأخرى للواقع الإقليمي والداخلي، بينما ستقاوم قلة قليلة القرار، خصوصا تلك التي تؤوي مطلوبين.
ويضيف أن المرحلة التالية ستشمل نزع سلاح حزب الله وفق خطة يضعها الجيش وتقرها الحكومة، مع تحديد قواعد الاشتباك لمواجهة أي اعتراض، سواء من الحزب أو من فصائل فلسطينية.
ويؤكد أن موقف واشنطن حسم بعدم ربط المفاوضات مع طهران بملفات أذرعها في المنطقة، وأن التعامل مع حزب الله سيكون تحت إشراف الحكومة بكل مكوناتها. ورغم اعتراض الحزب سياسيا، فإن وزراءه ووزراء حركة أمل يواصلون عملهم في الحكومة، مدركين أن أي تصعيد لن يُغيِّر المسار الذي رسمته الدولة.
تسليم وليس نزع
من جانبه، يرى الخبير العسكري العميد حسن جوني، أن أي سلاح خارج سلطة الدولة يُعد، وفق القانون اللبناني، مخالفا للنصوص القانونية ويستوجب عقوبات على حامله أو الجهة التي تمتلكه.
إعلانويضيف أن هذا المبدأ ينطبق بشكل عام، لكن سلاح حزب الله لا يمكن اعتباره ببساطة خارج إطار الدولة، إذ حظي بوقت من سابق باعتراف رسمي، حين أقرّت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في بياناتها الوزارية "المعادلة الثلاثية" التي تضم الجيش والشعب والمقاومة، وهو ما منح المقاومة شرعية مكّنتها من العمل بحرية على الأراضي اللبنانية.
ويشير جوني إلى أن الظروف الداخلية والدولية، وفقدان الإجماع الوطني حول المقاومة، إضافة إلى دورها الإقليمي وانفرادها بقرارات الحرب والإسناد، غيّرت المشهد، فالحرب الأخيرة وتطوراتها دفعت الحكومة لإصدار قرارها الأخير، الذي يشكّل تحولا بتوصيف دور المقاومة؛ من دور مشروع في السابق إلى إنهائه، ليس باعتباره خارجا عن القانون، بل لكونه لم يعد ضروريا أو مجديا في الظروف الراهنة، مع التوجه نحو احتكار السلاح بيد الدولة.
وفي ما يتعلق بالتحديات الأمنية أمام تنفيذ القرار، يوضح جوني أن "العنوان الأدق هو تسليم سلاح حزب الله إلى الدولة لا نزعه"، موضحا أن مصطلح "النزع" يحمل دلالات استفزازية، كما أن فرضه بالقوة غير وارد، لا مبدئيا خشية الانزلاق لحرب أهلية، ولا عمليا لغياب القدرة على فرضه بالقوة.
واستشهد بأن إسرائيل نفسها لم تتمكن من تدمير هذا السلاح أو إنهاء حزب الله، مبينا أن الحل يمر عبر التسويات والتوافقات السياسية، وربما يتطلب أيضا توافقا إقليميا ودوليا.
أما عن الفارق بين التعامل الرسمي مع سلاح حزب الله وسلاح الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات، فيؤكد جوني أن المبدأ واحد: احتكار السلاح بيد الجيش والأجهزة الأمنية، سواء كان بيد حزب الله أو داخل المخيمات الفلسطينية، لكنه يلفت إلى أن لكل ملف خصوصيته؛ ففي الملف الفلسطيني كانت هناك خطة لتسليم السلاح بعد موافقة الرئيس محمود عباس خلال زيارته إلى لبنان، لكن اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل حينها أجّل التنفيذ.
ويضيف أن من المفيد اليوم البدء بتنفيذ هذه الخطة نظرا لسهولة مسارها نسبيا، رغم أن السلطة الفلسطينية لا تُمثِّل جميع الفلسطينيين بلبنان، مما يستدعي التفاهم مع فصائل أخرى، خاصة أن السلاح الفلسطيني فقد جدواه ودوره.
ويخلص جوني إلى أن قرار احتكار السلاح بيد الجيش قرار صائب وضروري، غير أن تنفيذه يواجه تحديات كبيرة، ويحتاج إلى توافقات سياسية داخلية وتفاهمات إقليمية ودولية، قبل أن يتحول من نصوص على الورق إلى واقع ملموس على الأرض.