توطين الصناعات الاستراتيجية
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
مدرين المكتومية
أصبحت الصناعات الاستراتيجية ومن بينها الدفاعية والأمنية جزءًا أصيلًا من التنمية الشاملة، ليس فقط لأنها توفر عائدات مالية جيدة، لكن أيضًا لأنها تُسهم في رفد المنظومة الصناعية الوطينة بأحدث الابتكارات والتكنولوجيا.
ولم تعد هذه الصناعات مجرد عملية تصنيعية لتعزيز الجوانب الأمنية والدفاعية لكنها باتت واحدة من الركائز الاقتصادية التي يعول عليها لتحقيق التنويع الاقتصادي من خلال توطين التقنيات الحديثة وتشجيع الاستثمارات في هذا القطاع الواعد.
الأمر لا يتوقف عند المركبات المُصفَّحة، أو بعض المعدات والأسلحة التي تستخدمها الشرطة لفرض النظام والأمن في دولنا، ولكن في الوقت نفسه تقدم حلولًا لقوات الدفاع المدني من خلال عرض أحدث الأدوات والوسائل المستخدمة في إطفاء الحرائق وعمليات الإنقاذ أثناء الفيضانات والسيول والسيطرة على المشكلات ذات الصلة.
ومن أبرز الأركان التي زُرتُها ركن الطائرات المُسيَّرة "الدرونز"؛ وهي تلك التكنولوجيا المتقدمة جدًا والتي تُستخدَم في الأغراض المدنية أكثر من العكسرية، وقد تعرَّفتُ خلال هذه الزيارة على أن من أبرز الدول المُصنِّعة للطائرات المُسيَّرة: الصين وألمانيا وكوريا الجنوبية وتركيا وإيران وغيرها من دول العالم.
وشاهدتُ المركبات المُدرَّعة والتي تستخدمها قوات الأمن لنقل الجنود وغيرها من الاستخدامات، وقد أبهرني مستوى التقدم التكنولوجي الذي باتت عليه هذه الصناعة. ولعلني أذكر هنا أن مصنع كروة للسيارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم- وهو استثمار عُماني قطري- يُصنِّع هذه المركبات ونفخر جميعًا بعبارة "صنع في سلطنة عُمان" المطبوعة على كل مركبة.
ولذلك نأمل أن تُنظِّم سلطنة عُمان مثل هذا النوع من المعارض، والتي تجذب الكثير من المُستثمرين وصُنَّاع التقنيات المُتطوِّرة في هذا المجال، والذي يُعد من المجالات المهمة في الثورة التكنولوجية التي نعيش فصولها المتعددة؛ الأمر الذي يجعلنا نهتم بهذه الصناعة. ويجب أن نهتم بضرورة التوسع في توطين مثل هذه التقنيات؛ لأنها تدعم التنويع الاقتصادي وتُوَفِّر مصادر جديدة للدخل الوطني، خاصةً مع ما نشهده من طفرة متقدمة في هذا المجال.
ولا ريب أنَّ مواكبة هذه التقنيات تتماشى مع مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"، وخاصة استهداف أن تكون عُمان ضمن أول 20 دولة متقدمة في العالم.
والحقيقة أن دولة قطر الشقيقة لطالما أبهرتنا بقدرتها التنظيمية لمثل هذه المحافل الدولية، سواء من حيث نوعية الحضور والحرص على دعوة وسائل الإعلام الخليجية والدولية، أو من حيث المعرفة المتطورة التي توفرها من هكذا فعاليات. ويُمكن أن تكون مثل هذه المعارض نافذة جديدة للتعاون والتكامل الخليجي، من خلال إتاحة الفرصة لتنظيم معارض مُماثلة في كل دولة خليجية، ليعم النفع والخير الجميع.
إن الحديث عن توظيف التقنيات الحديثة والتوسع في الصناعات الاستراتيجية يجب أن يستحوذ على اهتمام المسؤولين في بلادنا، لما في ذلك من فوائد ومنافع عدة على المستويين الاقتصادي والتكنولوجي، خاصة وأن هذا النوع من الصناعات، بات يحظى بإقبال كبير، والعديد من دول العالم لا تملك المقومات اللازمة للتصنيع، بينما نحن في عُمان نملك العديد من المقومات، سواء اللوجستية أو الكفاءات الوطنية، القادرة على إحداث الفارق.
وأخيرًا.. هذه دعوة صريحة أوجهها لمن يهمه الأمر، بأن ندخل سوق الصناعات الاستراتيجية، خاصة وأن لنا تجربة مزدهرة تتمثل في مصنع كروة بالدقم، ومن ثم فإنَّ أي مشروعات مماثلة أخرى ستفتح الباب أمام فرص توظيف لشبابنا من الباحثين عن عمل، وكذلك تُعزز من مصادر دخلنا اقتصاديًا، إلى جانب جُملة من المنافع الأخرى.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزارة التخطيط تصدر تقريرا حول تطورات علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والأردن
أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تقريرا عن تطور العلاقات المصرية الأردنية، بمناسبة انعقاد اللجنة المشتركة المصرية الأردنية في دورتها الثالثة والثلاثين بالعاصمة الأردنية عمان، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، والدكتور جعفر حسّان، رئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية.
وأشار التقرير إلى العلاقات التاريخية بين البلدين حيث تتميز العلاقات المصرية الأردنية بالتوافق في الرؤى والأهداف، كما يرتبط البلدان بروابط اقتصادية وثيقة وممتدة ساهمت في تنمية التعاون الثنائي والعربي والإقليمي، وتضرب العلاقات بينهما بجذورها في التاريخ منذ القدم، وفي العصر الحديث، بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والأردن منذ استقلال الأردن عام 1946، وأصبحت الدولتان عضوين مؤسسين في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز وعدة منظمات دولية أخرى.
كما تكتسب العلاقات المصرية الأردنية أهمية خاصة نظراً للدور الإقليمي المهم الذي تلعبه الدولتان في مواجهة التحديات التي تهدد المنطقة.
وأشار التقرير إلى اللجان المشتركة بين البلدين حيث تنتظم علاقات التعاون الاقتصادي والفني – على المستوى الثنائي – بين مصر والأردن من خلال اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين، التي تتولى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الإعداد لدورات انعقادها المتتالية منذ إنشائها منتصف ثمانيات القرن العشرين وحتى تاريخه، وتترأس الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي رئاسة هذه اللجنة على المستوى الوزاري مناظرة لوزير التجارة والصناعة الأردني.
وذكر التقرير أن اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة تعد أقدم اللجان العربية على الإطلاق وأكثرها انتظاماً وفاعلية، وقد عقدت اجتماعات الدورة الثانية والثلاثين لهذه اللجنة في القاهرة برئاسة رئيسي وزراء البلدين خلال الفترة 7-9 مايو 2024، كما تتميز اجتماعات اللجان الفرعية المشتركة المنبثقة عن اللجنة العليا بالانتظام، حيث تعتبر آلية مثلى لدعم التعاون بين البلدين، نظراً لكونها تضم فنيين ومتخصصين من البلدين في مختلف المجالات، ولأنها تبحث في تفاصيل العلاقات الثنائية وتعرض نتائج أعمالها على اللجنة العليا.
وسلط التقرير الضوء على أهم الزيارات واللقاءات منذ انعقاد الدورة 32 للجنة العليا حيث التقى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال شهر نوفمبر الماضي، على هامش أعمال القمة العربية الإسلامية غير العادية المنعقدة بالرياض في المملكة العربية السعودية، كما قام العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين بزيارة لمصر خلال شهر ديسمبر الماضي، واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعقد الزعيمان جلسة مباحثات مغلقة ثنائية، أعقبها عقد جلسة موسعة بمشاركة وفدي البلدين، وهو ما يعكس حرص قيادتي البلدين على استمرار التنسيق لترسيخ العلاقات المشتركة وتوسيعها لتشمل المزيد من المجالات.
كما لفت التقرير إلى أهم الإنجازات التي تمت منذ انعقاد الدورة الثانية والثلاثين للجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة ومنها تحديث منظومة الربط الالكتروني بين وزارة العمل المصرية والأردنية حيث قام الجانبان بتحديث منظومة الربط الإلكتروني بهدف فتح باب الاستقدام عن طريق الوزارة المختصة في كلا البلدين للقضاء على ظاهرة السماسرة وذلك في القطاعات الاقتصادية التي يعمل بها العمال المصريين (قطاع الإنشاءات، قطاع الخدمات، القطاع الصناعي).
كما تم عقد بعض اللجان الفنية والزيارات بين الجانبين في المجالات التالية: الزراعة – النقل البري – النقل البحري – الطيران المدني – الإسكان – الدواء – العمل – التضامن الاجتماعي –الموارد المائية والري – المشروعات الصغيرة والمتوسطة – التنظيم والإدارة – البورصة.
واستعرض التقرير حجم التبادل التجاري بين مصر والأردن حيث وصلت قيمة التبادل التجاري بين مصر والأردن إلى أكثر من مليار دولار خلال عام 2024 مقابل 734 مليون دولار خلال عام 2020، وحول تطور السياحة بين البلدين خلال الفترة 2020 – 2024.
وأوضح التقرير أن عدد السائحين الوافدين من الأردن إلى مصر بلغ خلال عام 2024 (245210) سائح مقارنة بـ(42450) سائح خلال عام 2020.
وأشار التقرير إلى بعض أهم مجالات علاقات التعاون بين البلدين والتي تتمثل في التعاون في مجال البترول والثروة المعدنية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التربية والتعليم، الثقافة، السياحة، المجال البرلماني، النقل والمواصلات، الزراعة، القوى العاملة، الصحة، إلى جانب التعاون في مجال البيئة والموارد المائية.
وتُعقد الدورة الثالثة والثلاثين من اللجنة في العاصمة الأردنية «عمان»، في ضوء تطورات إقليمية ودولية مضطربة على صعيد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، وهو ما يعكس حرص البلدان الشقيقان على المضي قدمًا في تطوير العلاقات المشتركة بما ينعكس على جهود التنمية، ويحقق المصالح المشتركة.
ومنذ انعقاد أول لجنة مشتركة بين البلدين عام 1985، تم توقيع أكثر من 174 وثيقة تعاون مشترك في مختلف مجالات التنمية ذات الاهتمام المُشترك، تعكس متانة وقوة العلاقات بين البلدين، خاصة في مجال البترول والغاز الطبيعي، والطاقة المتجددة، والسياحة، والتخطيط والتعاون الدولي، والثقافة، والصحة، والأدوية، وغيرها من المجالات.