كيف أصبح مستقبل ملايين الموظفين الأميركيين بيد إيلون ماسك؟
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
واشنطن- عبر الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، عن طموحات كبيرة لجعل الحكومة الفدرالية الأميركية أصغر عددا وأكثر كفاءة من خلال مراجعة ميزانيتها، وطبيعة مهامها، والقيام بالتغييرات الضرورية.
ويعمل بمؤسسات الحكومة الأميركية من وزارات ومؤسسات ومعاهد مختلفة ما لا يقل 2.95 مليون موظف، وبلغت ميزانيتهم العام الماضي ما لا يقل عن 6.
وعهد ترامب إلى إيلون ماسك، رجل الأعمال وأغنى شخص في العالم، بالإشراف على هذه المهمة بالتعاون مع فيفيك راماسوامي، رجل الأعمال والمرشح السابق في انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية للرئاسة. وأعلن ترامب رسميا أنهما سيقودان معا إدارة جديدة للكفاءة الحكومية، المعروفة أيضا اختصارا دي أو جي إي (D.O.G.E).
ومنذ هذا الإعلان، عرف الخوف طريقه إلى الملايين من عائلات الموظفين الفدراليين ممن يتوقعون الاستغناء عنهم، كذلك ملايين المواطنين ممن يعتمدون على الحكومة الفدرالية للحصول على المساعدات المختلفة، التي قد تتوقف، في حين لا تزال التفاصيل غامضة حول طبيعة هذه المهمة وكيفية عملها خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
من جانبه، عبر ماسك، الذي يملك منصة (إكس) والرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس، عن حماس شديد للمهمة، وأشار إلى أن على رأس أهدافه خفض ما لا يقل عن تريليوني دولار من الإنفاق الفدرالي، وأقر أن ذلك ربما يسبب "صعوبات مؤقتة" قبل أن يخلق في نهاية المطاف "ازدهارا طويل الأجل".
وردا على سؤال في نقاش مفتوح الشهر الماضي حول الخطوات الأولى للمبادرة، قال ماسك إن هناك الكثير من الهدر الحكومي لدرجة أنه سيكون من السهل العثور على أهداف. وقال "نحن، كدولة، من الواضح أننا بحاجة إلى العيش في حدود إمكانياتنا".
واستهدف ماسك وزارة التعليم، وهي هدف متكرر لترامب والجمهوريين، منتقدا الوزارة بزعم تلقين الأطفال الدعاية اليسارية وغيرها من التعاليم غير المحافظة.
في حين كان راماسوامي أكثر تحديدا حول كيفية تغيير الحكومة الفدرالية، وقال إنه سيتخلص مما يصل إلى 75% من القوى العاملة الفدرالية.
كما دعت خطة راماسوامي إلى إغلاق وزارة التعليم ونقل برامج تدريب القوى العاملة إلى وزارة العمل، وإنهاء مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، ونقل ضباطه البالغ عددهم 15 ألفا إلى وكالات أخرى، والتخلص من هيئة الرقابة النووية ونقل مهامها إلى إدارات أخرى.
شكوك الخبراءقبل أكثر من 40 عاما، شكل الرئيس الجمهوري السابق رونالد ريغان لجنة عرفت باسم "لجنة غريس" بهدف القضاء على الهدر وعدم الكفاءة في الحكومة الفدرالية. وبعد أشهر من العمل المضني، قدمت اللجنة أكثر من 2500 توصية إلى ريغان والكونغرس، لكن معظمها -لا سيما تلك التي تتطلب تشريعا- لم يتم تنفيذها أبدا بسبب صعوبة موافقة الكونغرس.
من هنا، شككت مجموعة من خبراء الميزانية المستقلين في قدرة هذه المبادرات على خفض ما يقرب من تريليوني دولار سنويا في الإنفاق، وهو أكثر مما أنفقته الحكومة الفدرالية على الدفاع والتعليم وصحة المحاربين القدامى وغيرها من البنود التقديرية في السنة المالية الماضية.
وحاول الجمهوريون في الكونغرس على مدار عقود تخفيض البرامج والعمليات الحكومية. ويعد برنامج (ميديكير) الذي يوفر تأمين صحيا لملايين الأميركيين من ذوي الدخل المنخفض، على رأس قائمة الأهداف، إضافة لبرنامج التأمين الصحي الفدرالي للأطفال، وبرنامج الرعاية الصحية المعروف باسم (أوباما كير)، وتغطي هذه البرامج مجتمعة حوالي 100 مليون مواطن أميركي.
وهاجم كل من لاري سامرز، وزير الخزانة السابق في إدارة كلينتون، وغلين هوبارد، الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة جورج دبليو بوش، الفكرة.
ومن التيار اليساري، قال بوبي كوغان، مدير برنامج سياسة الميزانية الفدرالية في مركز التقدم الأميركي، إن "خفض هذا القدر من الميزانية الفدرالية -التي بلغ مجموعها حوالي 6.8 تريليونات دولار في السنة المالية 2024- سيتطلب خفض كل برنامج بمقدار الثلث تقريبا".
وأوضح، في تصريحات صحفية، أنه إذا تمت حماية برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والمحاربين القدامى، فقد يتعين خفض بقية الميزانية بنسبة 62%، مما يؤثر على الدفاع، وإعانات الغذاء، وبرامج المساعدة في التدفئة المنزلية، ومساعدات الإسكان، وعمليات التفتيش على سلامة الأغذية والبنية التحتية، من بين أمور أخرى.
وقال كوغان "توفير تريليوني دولار سنويا هو رقم كبير بشكل سخيف، إنه مستحيل"، مشيرا إلى أن أكثر من 70% من إنفاق الحكومة الفدرالية (بما لا يشمل مدفوعات الفائدة) يتكون من مدفوعات للمواطنين، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والمعونة الغذائية، وبرامج المساعدات الأخرى.
ومن التيار اليميني الجمهوري، قال بريان ريدل، الخبير الاقتصادي في معهد مانهاتن، إنه "من المرجح أن تتراوح المدخرات الفعلية من خفض الهدر وسوء الإدارة بين 150 مليار دولار و200 مليار دولار".
واستبعد ريدل، في تصريحات منشورة، أن تصبح "إدارة الكفاءة الحكومية" التابعة لترامب وزارة فعلية، أو أن تكون مكتبا في البيت الأبيض، مشيرا إلى أنه "من المحتمل أن تكون جهدا خاصا تكتب تقريرا وترسلها إلى البيت الأبيض والكونغرس. لا شيء أكثر من ذلك".
@aljazeera ماذا يعني فوز دونالد ترمب للاقتصاد؟ #فيديو_رقمي #الجزيرة_أمريكا24 ♬ Breaking News Background Music (Basic A)(1001538) – LEOPARD ماذا يريد ترامب؟كرر ترامب خلال حملته الرئاسة الأخيرة أنه يريد المزيد من الحرية لإقالة موظفي الخدمة المدنية الفدراليين. إلا أن فشل ترامب بالوفاء بالكثير من الوعود خلال فترة حكمه الأولى، مثل عودة استخراج الفحم، وابتكار تأمين صحي وطني أرخص وأفضل، ودفع المكسيك لتمويل بناء السور الحديدي على الحدود المشتركة، يترك شكوكا حول رغباته الحقيقية، وإمكانية تنفيذها.
من هنا، لا أحد يتوقع منه أن يحقق هذا التعهد المركب والصعب، إلا أن اختيار ماسك وراماسوامي مسؤولين عن هذه المبادرة ينذر بمزيد من التعقيد.
ويقول ترامب إنه سيعيد إحياء أمر تنفيذي وقعه قرب نهاية فترة ولايته الأولى لإعادة تصنيف بعض الموظفين الفدراليين في فئة "الجدول إف" الجديدة، التي من شأنها أن تجعلهم موظفين غير دائمين يرتبط بقاؤهم بموافقة جهة العمل.
وألغى الرئيس جو بايدن الأمر، لكن ترامب جعل إعادة إصدار هذا الأمر التنفيذي من أولويات "اليوم الأول" لخطته "لتحطيم الدولة العميقة". وتشير التقديرات إلى أن تنفيذ هذا الأمر التنفيذي من شأنه أن ينطبق على ما بين 50 ألفا إلى 250 ألف موظف، وقد تنجح البيروقراطية الأميركية في إبطاء التنفيذ لعدة أشهر فقط.
تضارب مصالحلا يمكن أن يستحدث كيان حكومي يستهدف الكفاءة الحكومية دون أن يكون مشمولا بقانون فدرالي يتطلب الشفافية والتوازن، ومحاربة تضارب المصالح، وهو ما يسلط الضوء على إيلون ماسك بوصفه رجل أعمال منخرط في شراكات مع مؤسسات حكومية.
وخلال السنوات الأخيرة، ربطت ماسك بالفعل علاقات متشعبة ومعقدة بالجهات الأميركية الرسمية من خلال شركاته المتعددة التابعة له. وشق ماسك طريقه للشؤون الدولية بعدما دفع البنتاغون ثمن أقماره الصناعية ستارلينك لتوفير خدمة الإنترنت في أوكرانيا بعد هجوم روسيا عليها.
كما استأجرت وكالة ناسا طائرات وصواريخ "سبيس إكس" للأغراض البحثية والاستكشافية. وحصل ماسك من خلال هذه العقود الحكومية على عشرات المليارات من الدولارات.
ولا يعرف مصير شراكات ماسك الحكومية حال قبوله رسميا في إدارة ترامب، وما سيتطلبه ذلك من الإفصاح عن سجلاته المالية والضريبية، وما إذا كان ترامب سيمنحه وضعا استثنائيا يُبقى ثروته وأعماله بعيدا عن أجهزة الرقابة والتدقيق الحكومية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحکومة الفدرالیة أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تخصص 5 ملايين دولار لمكافحة تفشي الكوليرا في السودان
تُعد ولايات الخرطوم، الجزيرة، القضارف، والنيل الأبيض من بين المناطق الأكثر تضررًا، إذ تشكّل أكثر من 70% من الحالات المبلغ عنها، فيما تجاوز عدد الحالات المشتبه بها في الخرطوم وحدها 23,400 حالة.
بورتسودان: التغيير
أعلنت الأمم المتحدة، عبر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، عن تخصيص مبلغ 5 ملايين دولار لدعم جهود الاستجابة لتفشي الكوليرا في السودان، في ظل أزمة صحية متفاقمة تهدد ملايين السكان.
وقال فليتشر إن التمويل الجديد سيساعد في تعزيز أنشطة الطوارئ في مجالات الصحة، والمياه، والصرف الصحي، والنظافة، باعتبارها عناصر حاسمة في احتواء انتشار المرض، الذي يتزايد بفعل الصراع الدائر والنزوح الجماعي وانهيار أنظمة الصحة العامة.
من جهته، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الخميس، أن هناك حاجة ملحّة إلى مزيد من الموارد، مشيرًا إلى أن الشركاء في العمل الإنساني يحتاجون إلى 50 مليون دولار على الأقل لضمان استمرار الاستجابة حتى نهاية عام 2025.
وبحسب بيانات “أوتشا”، فقد أبلغت السلطات الصحية السودانية عن أكثر من 84,000 حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا و2,100 حالة وفاة منذ يوليو 2023، توزعت على 17 ولاية من أصل 18، فيما سُجّلت أكثر من 33,000 حالة منذ بداية عام 2025 فقط.
وحذر المكتب من أن هذه الأرقام قد لا تعكس الحجم الحقيقي للتفشي، بسبب ضعف آليات الإبلاغ، مشيرًا إلى أن أكثر من 33.5 مليون شخص، من بينهم 5.7 مليون طفل دون سن الخامسة، معرضون لخطر الإصابة بالكوليرا.
وتُعد ولايات الخرطوم، الجزيرة، القضارف، والنيل الأبيض من بين المناطق الأكثر تضررًا، إذ تشكّل أكثر من 70% من الحالات المبلغ عنها، فيما تجاوز عدد الحالات المشتبه بها في الخرطوم وحدها 23,400 حالة. كما لُوحظ توسع التفشي نحو دارفور، مع تسجيل حالات عبر الحدود في كل من تشاد وجنوب السودان.
وأشار المكتب الأممي إلى أن موسم الأمطار الجاري، والممتد حتى أكتوبر المقبل، قد يؤدي إلى تفاقم الوضع من خلال تلويث مصادر المياه وزيادة احتمالات انتقال العدوى. ودعا في ختام بيانه المانحين والمجتمع الدولي إلى مضاعفة الدعم بشكل عاجل، للحيلولة دون تفشي المرض على نطاق أوسع وإنقاذ الأرواح.
الوسومآثار الحرب في السودان الأمم المتحدة تفشي الكوليرا في السودان