اختتمت أمس فعاليات المؤتمر الدولي الخليجي الرابع حول الإدارة المستدامة لصحة النظام البيئي في الخليج في ظل تغير المناخ “GULF-4”، الذي نظمته جامعة الإمارات العربية المتحدة على مدى ثلاثة أيام.

حضر المؤتمر ، الذي أقيم برعاية معالي زكي أنور نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة ، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات، معالي الدكتورة ميثاء بنت سالم الشامسي، وزيرة دولة، وسعادة الأستاذ الدكتور أحمد علي الرئيسي ، مدير الجامعة بالإنابة .

شارك في المؤتمر، الدكتور محي الدين منور ، رئيس الجمعية الكندية لصحة وإدارة النظم البيئية المائية “AEHMS”، وممثلون عن هيئة البيئة – أبوظبي، ونخبة من 65 خبيراً من 15 دولة، إلى جانب أعضاء الهيئة التدريسية في كلية العلوم وطلبة الجامعة.

وأشادت معالي الدكتورة ميثاء بنت سالم الشامسي بجهود دول مجلس التعاون الخليجي في مواجهة تحديات تغير المناخ، مشيرةً إلى أن المؤتمر يمثل منصة مهمة لتعزيز التعاون الدولي والإقليمي لتحقيق التنمية المستدامة وحماية الموارد الطبيعية.

وأكدت أهمية العمل الجماعي لتطوير حلول مبتكرة وتبادل الخبرات، بما يضمن رفاهية الأجيال المقبلة وتحقيق أهداف “الحياد الكربوني” في المنطقة.

من جانبه أكد الدكتور أحمد الرئيسي أهمية المؤتمر كخطوة إستراتيجية لحماية التوازن البيئي في الخليج العربي، مشيرا إلى أنه يعكس التزام الجامعة العميق بالاستدامة البيئية من خلال جمع نخبة من العلماء والمختصين لتبادل الأفكار والابتكارات في مواجهة التحديات البيئية الناتجة عن تغير المناخ.

وتضمن المؤتمر محاضرات وجلسات علمية، أبرزها محاضرة “المخاطر والتحديات الساحلية الناجمة عن تغير المناخ” للبروفيسور روبرتو توماسيكيو، التي تناولت توقعات ارتفاع مستوى سطح البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية.

كما عقدت جلسة حوارية حول “المد الأحمر والكائنات الغازية”، إضافة إلى ورش عمل متخصصة ركزت على الموائل الساحلية والصحراوية، والتلوث البحري، والتنوع البيولوجي، والابتكار في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات لحماية صحة النظام البيئي.

من جهته قال البروفيسور وليد حمزة، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، إن هذا الحدث الدولي يسعى إلى توطيد التعاون بين الباحثين والمختصين في منطقة الخليج، ودعم الأبحاث العلمية التي تركز على استدامة النظم البيئية، وتعزيز الابتكار للتصدي لتحديات تغير المناخ.

وأضاف أن المؤتمر يرسخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للابتكار في مجالي البيئة والاستدامة ،ويُعد خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر استدامة للمنطقة، حيث أتاح فرصة فريدة لتعميق الحوار حول التحديات البيئية المشتركة ودعم السياسات الرامية إلى تحقيق “الحياد الكربوني”.

من جانبهم أكد الحاضرون أهمية هذه المبادرات لضمان استدامة المنطقة، وتحقيق التوازن بين البيئة والتنمية الاقتصادية، واقتراح حلول مبتكرة تلبي احتياجات البيئة والمجتمعات الخليجية.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

د. ثروت إمبابي يكتب: الإدارة المستدامة للموارد المائية في مصر

في ظل ما يشهده العالم من أزمات مائية متفاقمة، تبرز قضية الإدارة المستدامة للموارد المائية في مصر كأحد التحديات المصيرية التي لا تحتمل التأجيل. فقد أصبحت المياه سلعة إستراتيجية تمس الأمن القومي والغذائي في آنٍ واحد، لاسيما في بلد يعتمد بشكل شبه كامل على نهر النيل، الذي ظلت حصته ثابتة رغم تزايد عدد السكان وتوسع الأنشطة الاقتصادية والعمرانية.

ومن هذا المنطلق، فإن تحقيق إدارة رشيدة ومستدامة للمياه لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحّة تفرضها طبيعة المرحلة، ويجب أن تُبنى على أسس علمية وتشاركية تضمن الحق في المياه للأجيال الحالية والمقبلة.

ورغم أن مصر حققت تقدمًا في بعض مسارات إدارة الموارد المائية، إلا أن حجم التحديات ما زال كبيرًا، ويتطلب نظرة شاملة تدمج بين الحلول التقنية والإصلاحات المؤسسية والوعي المجتمعي. فالواقع المائي يواجه ضغطًا مزدوجًا؛ من جهةٍ تتعرض البلاد لتغيرات مناخية أفضت إلى ارتفاع معدلات التبخر وتراجع كميات المياه المتجددة، ومن جهة أخرى، ما زالت بعض القطاعات، وعلى رأسها الزراعة، تعتمد على أساليب ري تقليدية تهدر كميات ضخمة من المياه دون تحقيق مردود إنتاجي يتناسب مع هذا الهدر. وهنا يبرز التساؤل: كيف يمكن لمصر أن تعبر هذه المرحلة الحرجة بنجاح وتبني نموذجًا فعالًا للإدارة المستدامة للمياه؟

الإجابة تتطلب أولًا تغييرًا في نمط التفكير، والانتقال من فكرة “التعامل مع المياه باعتبارها متوفرة” إلى “إدارتها كسلعة نادرة يجب تعظيم الاستفادة منها”. من هذا المنطلق، تمثل مشروعات تحديث نظم الري الزراعي نقطة انطلاق ضرورية، إذ إن التحول من الري بالغمر إلى نظم أكثر كفاءة، كالري بالتنقيط أو الرش، يساهم في ترشيد الاستهلاك بنسبة كبيرة. وبالتوازي مع ذلك، فإن التوسع في زراعة الأصناف قصيرة الدورة وعالية التحمل للجفاف يعزز من كفاءة استخدام المياه دون التأثير سلبًا على الأمن الغذائي.

ولأن الإدارة الفعالة لا تقتصر على تقليل الاستهلاك فقط، فقد بات من المهم أيضًا تعظيم الموارد المائية غير التقليدية. ومن أبرز هذه الموارد: مياه الصرف الزراعي والصحي المعالجة، والتي يمكن استخدامها في ري الغابات الشجرية أو زراعة المحاصيل غير الغذائية بعد المعالجة الثلاثية. وقد قطعت مصر شوطًا ملحوظًا في هذا المجال، لا سيما من خلال إنشاء محطات عملاقة، مثل محطة معالجة مياه “بحر البقر”، والتي تعد نموذجًا يحتذى به في الاستفادة من المياه المعالجة في أغراض تنموية.

وإذا كانت المياه المعالجة تمثل موردًا بديلًا، فإن تحلية مياه البحر تمثل خيارًا استراتيجيًا لا بد من التوسع فيه، خاصة في المناطق الساحلية. وقد اتجهت الدولة إلى إنشاء عدة محطات لتحلية المياه على سواحل البحرين الأحمر والمتوسط، وهو توجه صائب يقلل من الضغط على المياه النيلية ويوفر مصدرًا مستدامًا للمياه الصالحة للشرب.

وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل ما يمكن تحقيقه من تعاون مشترك مع دول المنبع لتقليل الفاقد المائي في المناطق العليا من حوض النيل، خصوصًا في مناطق المستنقعات. فهناك كميات ضخمة من المياه تضيع سنويًا بسبب التبخر والتسرب في مناطق مثل مستنقعات السدود بجنوب السودان. ويمكن من خلال مشروعات هندسية مشتركة، كتوسيع وتعميق المجاري المائية، وشق قنوات ملاحية صناعية مثل مشروع “قناة جونقلي” (الذي توقف منذ عقود)، تقليل هذا الفاقد واستعادة كميات معتبرة من المياه كانت تذهب هدرًا. كما أن إقامة محطات تجميع وخزانات مطرية على روافد النيل الأبيض في أوغندا والكونغو يمكن أن يحقق فائدتين معًا: تحسين تصريف المياه، وتقليل التبخر، بما يعود بالنفع على دول الحوض كافة. غير أن هذه المشاريع لا يمكن تنفيذها إلا في إطار من الثقة والتعاون الإقليمي طويل المدى، الذي يراعي مصالح جميع الأطراف ويقوم على مبدأ “المنفعة المشتركة وعدم الضرر”.

لكن، ومع أهمية الجهود الحكومية، فإن الإدارة المستدامة للموارد المائية لن تؤتي ثمارها دون مشاركة مجتمعية حقيقية. إذ إن ترسيخ ثقافة الترشيد يبدأ من الفرد، ويتجذر في الأسرة، ويتعزز عبر التعليم والإعلام. فحين يدرك المواطن أن كل قطرة ماء لها ثمن، وأن الإسراف في استخدامها ليس فقط إهدارًا للثروة، بل إضرارٌ بالمستقبل، يصبح جزءًا من الحل بدلًا من أن يكون سببًا في تفاقم الأزمة. ولهذا، فإن حملات التوعية، وربط استهلاك المياه بالفاتورة العادلة، وتمكين المجتمعات المحلية من المشاركة في مبادرات الحفاظ على المياه، كلها أدوات فعالة لإحداث التغيير المطلوب.

ومن أجل إحكام المنظومة، لا بد من وجود إطار تشريعي صارم ومنضبط ينظم استخدام المياه، ويحد من التعديات، ويحاسب على المخالفات. ويأتي صدور قانون الموارد المائية والري الجديد كمؤشر على وجود إرادة سياسية تسعى لتقنين إدارة المياه وتعزيز الكفاءة في توزيعها واستخدامها، ما يخلق بيئة قانونية تدعم جهود الاستدامة وتحفّز الالتزام المجتمعي.

وبينما نمضي نحو المستقبل، لا يمكن إغفال الدور المحوري الذي تلعبه التكنولوجيا الحديثة في دعم إدارة الموارد المائية. فقد أصبح الاعتماد على نظم المعلومات الجغرافية، وأجهزة الاستشعار، والتطبيقات الرقمية، جزءًا لا يتجزأ من آليات التخطيط والرصد والتقييم. بل إن توظيف الذكاء الاصطناعي بات يتيح فرصًا جديدة للتنبؤ بأوقات الشح المائي، وتحسين توزيع الموارد، ومتابعة الاستخدام الفعلي بدقة متناهية.

في نهاية المطاف، فإن نجاح مصر في تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية مرهون بمدى قدرتها على الدمج بين المعرفة العلمية، والإرادة السياسية، ووعي المواطن. فالمياه، كما يقول المثل الشعبي، “زي الذهب إن ما حافظتش عليه هيروح منك”، ومن ثم فإن كل قطرة يجب أن تُدار بعقل، وتُستهلك بحكمة، وتُحاط بمنظومة حماية تضمن استمرارها كمصدر للحياة والنماء.

طباعة شارك الإدارة المستدامة للموارد المائية إدارة الموارد المائية الوعي المجتمعي

مقالات مشابهة

  • سوريا وتركيا تبحثان تعزيز التعاون البيئي في جنيف
  • وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس محمد عنجراني يعقد في جنيف جلسة مباحثات مع الوكيل المساعد القطري لشؤون قطاع البيئة يوسف الحمر بهدف تعزيز التعاون في المجال البيئي، وتبادل الخبرات الفنية والعلمية، وبناء شراكات استراتيجية لدعم المشاريع المشتركة الهادفة إ
  • الأمن البيئي تضبط مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة لارتكابه مخالفة التخييم في محمية الإمام فيصل بن تركي الملكية
  • مؤتمر التحول الحكومي والقيادة المستدامة بصلالة يوصي بتعزيز الشراكات والابتكار
  • «الأمن البيئي» تضبط 9 مقيمين مخالفين لنظام البيئة في المنطقة الشرقية
  • وزير البيئة يبحث مع السفير الياباني تعزيز التعاون والتنمية المستدامة
  • د. ثروت إمبابي يكتب: الإدارة المستدامة للموارد المائية في مصر
  • وزير البيئة الليبي لـعربي21: وضع بلادنا كارثي بيئيا.. ونكافح التلوث بأيادٍ فارغة (فيديو)
  • يورونيوز: الذكاء الاصطناعي لجوجل يتتبع تغير المناخ مثل الأقمار الصناعية
  • تحولات سوق العمل محور نقاش "مؤتمر التحول الحكومي" بصلالة