أهمية حوكمة وإدارة البيانات في تحقيق التميز المؤسسي
تاريخ النشر: 21st, December 2024 GMT
إنّ مُعظم المنظمات تعتمد اعتمادًا كُليًا على البيانات ولأنّ التحول الرقمي لا يعتمد بالدرجة الأولى على تطوير الأجهزة والآلات فحسب، بل يتعلق الأمر في تكامل التحول الرقمي في جميع المؤسسات العامة، وتُشير نتائج دراسة أعدتها منظمة (PricewaterhouseCoopers) في عام 2019م إلى أنّ جودة البيانات المتوفرة داخل المنظمة وتكاملها وحوكمتها تؤثر تأثيرًا إيجابيًا في توفير التكاليف بنسبة (33%)، وتعمل على زيادة الإيرادات بنسبة (31%)، وتمنحها خطط ورؤى واضحة في تلبية خدمات المستفيدين، وصنع قرارات أكثر دقة، إذ تتيح نظم المعلومات فرصًا متعددة لإحداث تغيرات في أداء المؤسسات العامة وعملياتها بالتالي حوكمتها، فهي توفر المُمكنات التي تعزز من إمكانية تقديم الخدمات، ومشاركة المستفيدين في تطويرها، وهذا يتحقق بوجود نظم معلومات قادرة على إدارة المعلومات والبيانات وتحسين جودتها وآليات تبادلها.
وترتكز حوكمة البيانات على مجموعة من المبادئ «مجموعة قواعد يجب أن يلتزم بها» والسياسات «مجموعة الأدلة تتبناها المنظمة لتحقيق مبدأ معين» والمقاييس «الخطوات والعمليات التي من خلالها تُنفذ السياسات» والإجراءات «الخطوات والعمليات التي من خلالها تُنفذ السياسات كذلك» ودليل الممارسات «يتضمن أفضل الممارسات والتوصيات ويجب أخذها في الاعتبار»، وتتداخل هذه المرتكزات مع جميع جوانب المعرفة بمعنى مسؤولة عن المراقبة وليس التنفيذ. بينما تُعنى إدارة البيانات بتنفيذ هذه المبادئ والسياسات ضمن دورة حياة البيانات منذ إنشائها وحتى التخلص منها. وقد أشارت منظمة «DAMA International» إلى أنّ البيانات تُعدّ أصلًا ثمينًا للمؤسسات في عالم اليوم، الذي يعتمد بشكل كبير على البيانات، فممارسات إدارة البيانات الفعّالة والكفؤة تُعدّ غايةً في الأهمية للمؤسسات من أجل استغلال إمكانات بياناتها بالكامل. فإدارة البيانات هي عملية تنظيم وحوكمة وتحليل البيانات بهدف تحسين جودتها وضمان توفرها واستخدامها بكفاءة لدعم اتخاذ القرارات وتحقيق الأهداف المؤسسية. وتتكون إدارة البيانات من عشرة مكونات رئيسة، هي نمذجة وتصميم البيانات، وحفظ البيانات وعملياتها، وأمن البيانات، وتكامل البيانات وتوافقها، وتوثيق وإدارة المحتوى، ومرجعية البيانات، وتخزين البيانات وذكاء الأعمال، ووصف البيانات، وجودة البيانات، وهيكلة البيانات، وتشمل هذه العملية جمع البيانات من مصادر متعددة، وتخزينها بشكل آمن، وتنظيمها بحيث تكون سهلة الوصول والاستخدام، كما تتضمن إدارة البيانات تطبيق سياسات وإجراءات لضمان دقتها وسلامتها وحمايتها من التهديدات الأمنية.
وتُعد إدارة البيانات جزءًا أساسيًا في تعزيز التحول الرقمي والابتكار المؤسسي، حيث تتيح تحويل البيانات إلى أصول استراتيجية تُسهم في تحقيق الميزة التنافسية. ومن خلال التكامل بين الأدوات التكنولوجية والسياسات المؤسسية، يُمكن أن تُسهم إدارة البيانات في تحسين الكفاءة التشغيلية وضمان الامتثال للمعايير التنظيمية. إنّ إدارة البيانات وحوكمتها مترابطتان بشكل وثيق، إذ أنّ إدارة البيانات تشمل جوانب تقنية متنوعة مثل نمذجة البيانات وتخزين البيانات وأمان البيانات، في حين أنّ حوكمة البيانات توفر الإطار الشامل لفرض السياسات وضمان جودة البيانات وتحديد الأدوار والمسؤوليات، فإدارة البيانات تمثل تنفيذ المهام المتعلقة بالبيانات، بينما تحدد حوكمة البيانات القواعد والإرشادات التي تتبع إدارة البيانات للحفاظ على البيانات كأصل موثوق وقيّم. وفي سياق «رؤية عُمان 2040»، التي تهدف إلى وجود جهاز إداري مرن ومبتكر وصانع للمستقبل، تتضح أهمية إدارة البيانات كركيزة أساسية لضمان الكفاءة والفعالية المؤسسية، فالبيانات كما أسلفنا تُعتبر الوقود الذي يغذي نظم التخطيط والتنظيم والمتابعة، حيث تُمكّن المؤسسات من تحليل المعطيات وتحديد الأولويات واستشراف المستقبل بناءً على معطيات دقيقة ومدروسة، حيث تُسهم حوكمة البيانات في تحقيق مبادئ الحوكمة الرشيدة التي ترتكز عليها «رؤية عُمان 2040»، إذ تتضمن وجود سياسات وإجراءات واضحة لتنظيم استخدام البيانات وحمايتها من المخاطر، مع تعزيز الشفافية والمساءلة في التعامل معها. هذه الحوكمة تدعم الأداء المؤسسي المُستدام عبر توفير بيانات موثوقة تُساعد في توجيه المشروعات والموارد بكفاءة لتحقيق أعلى مستويات الإنتاجية والمرونة.
كما تتيح حوكمة البيانات تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، مما يُدعم التنمية الاقتصادية ويواكب الطفرات التقنية المتسارعة والصناعية كذلك. علاوة على ذلك، تُسهم حوكمة البيانات في تعزيز اتخاذ القرارات، حيث توفر البيانات المؤسسية أساسًا قويًا للقرارات المبنية على منظومة معرفية مُتكاملة، مما يقلل من الاعتماد على الحدس أو الاجتهاد الشخصي، ويتيح ذلك للمؤسسات صياغة سياسات وخطط تتسم بالدقة وتستجيب للتغيرات السريعة في البيئة الاقتصادية والطفرات التقنية المُتسارعة. علاوة على ذلك، يُمكّن التخطيط المستند إلى البيانات من تحقيق الأهداف الاستراتيجية لـ«رؤية عُمان 2040»، مثل تحسين مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية ومؤشر الكفاءة الحكومية، لتحقيق مراتب مُتقدمة إقليميًا وعالميًا.وبالنظر إلى التحول الرقمي، الذي يمثل إحدى الركائز الأساسية لـ«رؤية عُمان 2040»، يعتمد اعتمادًا كبيرًا على البيانات وحوكمتها، فمن خلال التحول الرقمي، تصبح المؤسسات قادرة على تقديم خدمات حديثة ومتكاملة تُلبي احتياجات المستفيدين بكفاءة عالية، مع تعزيز الابتكار في تقديم الخدمات، كما يُمكن أن يعزز التحول الرقمي في تعزيز الثقة بين المؤسسات والجمهور وتحسين الأداء المؤسسي واستدامته.
وبناءً على البيانات المُدارة بكفاءة، يُمكن للمؤسسات أنّ توجد بيئة عمل مرنة ومبتكرة وقادرة على التكيّف مع المتغيرات المتسارعة، مما يُعزز ذلك من مكانة سلطنة عُمان كدولة رائدة في الحوكمة الرشيدة والتحول الرقمي. لذلك، ينبغي على المؤسسات الاستثمار في تطوير نظم إدارة وحوكمة البيانات لضمان دقة البيانات وكفاءة استخدامها في دعم عملية اتخاذ القرارات، كما يجب التركيز على بناء قدرات تقنية وبشرية متقدمة لتعزيز التحول الرقمي وتقديم خدمات حديثة ومتكاملة، بالإضافة إلى تبني سياسات شاملة لحماية البيانات وضمان الشفافية والمساءلة، مما يعزز الثقة لدى المستفيدين، بالإضافة إلى العمل على استغلال البيانات لتطوير مؤشرات الأداء وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطوير حلول مبتكرة تواكب التحولات والطفرات التقنية المتسارعة لا سيما أدوات الذكاء الاصطناعي.
عارف الفزاري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حوکمة البیانات إدارة البیانات التحول الرقمی على البیانات البیانات فی البیانات من البیانات ت البیانات ا
إقرأ أيضاً:
«إعلامي حكومة الشارقة» يعزز منظومة التدريب المؤسسي بمشاركة موظفيه
الشارقة: «الخليج»
اختتم المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، بالتعاون مع «جامعة الشارقة»، برنامج «تدريب المدربين» بمشاركة 18 موظفاً وموظفة من مختلف التخصصات والإدارات الذي يأتي ضمن خطة متكاملة لتأسيس شبكة داخلية من المدربين المؤهلين، لنقل معارفهم ومهاراتهم المهنية، عبر البرامج التدريبية المتخصصة.
وحضر الاختتام طارق سعيد علّاي، المدير العام للمكتب، والدكتور عصام الدين عجمي، مدير الجامعة، وعلياء السويدي، مديرة المكتب، والدكتورة أسماء نصيري، مديرة مركز التعليم المستمر والتطوير المهني، في الجامعة، وعدد من مديري الإدارات والموظفين.
عروض تقديميةوتضمنت فعاليات الاختتام الذي أعده المركز عروضاً تقديمية لمشاريع الخريجين التي صمّموها وتناولت موضوعات متنوعة، منها التصميم و«بودكاست» والموازنة وإدارة الفعاليات، وغيرها من المحتويات التدريبية التي أعدّوا مضمونها المعرفي، بطرائق إبداعية.
الاستثمار بالموظفينوأكد طارق علاي، التزام المكتب بتطوير قدرات موظفيه، لبناء منظومة تدريبية مستدامة. لافتاً إلى أن الاستثمار بالموظفين وتطوير مهاراتهم المعرفية والتدريبية، يسهم في بناء بيئة مؤسسية فاعلة ومبتكرة، قادرة على مواكبة التطورات ونقل المعرفة، بتنفيذ برامج تدريبية احترافية.
وأضاف أن بناء القدرات يبدأ من الداخل بتمكين الموظفين من أدوات التدريب المتخصص، ليكونوا سفراء للمعرفة. وهذا النهج المؤسسي الذي يتبناه المكتب، ركيزة استراتيجية بيئة مهنية متكاملة، بشراكة أكاديمية موثوقة مع «جامعة الشارقة».
ولفت علّاي، إلى أن المكتب يمتلك منظومة تدريبية متكاملة واحترافية، عبر إدارة التدريب التي نفذت برامج تدريب نوعية، استهدفت مئات الموظفين وطلبة الجامعات، من مختلف إمارات الدولة، عبر برنامج «الظل الوظيفي» الذي نقل المهارات الفعلية، وأسرار النجاح المهني، وآليات التفكير الإبداعي، ضمن العمل بروح الفريق الواحد.
تكامل وتطويروأكد الدكتور عصام الدين عجمي، أن الشراكة مع المكتب الإعلامي، في تنفيذ البرنامج تُجسد الدور الحيوي الذي تؤديه الجامعة في دعم خطط التطوير المؤسسي وتوفير التأهيل المعرفي بجودة عالية لمختلف الجهات الحكومية.
وبين أن البرامج التدريبية التي تقدمها الجامعة، عبر مركز التعليم المستمر، تلبّي احتياجات المؤسسات الوطنية، وتسهم في تمكين الكوادر البشرية بالمعارف والمهارات التي تتوافق مع متطلبات المستقبل.
مشيراً إلى أن البرنامج أحد نماذج التكامل بين المؤسسات الأكاديمية والجهات الحكومية، حيث يجمع بين الجانب العلمي والممارسة العملية، ويُسهم في إعداد مدربين قادرين على تطوير بيئات العمل.
محتوى شاملوقدم البرنامج التدريبي الذي نفّذ في مقر جامعة الشارقة 60 ساعة تدريبية على مدى ثلاثة أشهر، وتضمن محتوى تدريبياً، شمل تصميم الحقائب التدريبية، ومهارات الإلقاء والعرض، وتحليل الاحتياجات، وأدوات تقييم الأثر، بإشراف نخبة من المدربين المعتمدين من الجامعة.
بناء كفاءاتواستهدف المحتوى بناء كفاءات قادرة على تطوير فرق العمل، بأسلوب علمي يراعي معايير الجودة والتخصص، وبشراكة أكاديمية موثوقة.
وفقاً للدكتورة أسماء نصيري، فإن البرنامج التدريبي صمم وفق أحدث المعايير بجودة عالية مع مراعاة خصوصية بيئة العمل الإعلامي. مشيرة إلى حرص المركز على تقديم تجربة تدريبية عملية تمكّن المشاركين من إعداد حقائب تدريبية احترافية تحاكي واقع التحديات المهنية.
وفي اختتام البرنامج التدريبي سلّم علاي وعجمي شهادات «مدرب معتمد» للخريجين بعد اجتيازهم متطلبات التدريب العملي والنظري بنجاح.
وتمكّن هذه الشهادات المشاركين من تنفيذ برامج تدريبية وفق منهجيات احترافية لتطوير الأداء المؤسسي.