«الأسبوع» ترصد تحذيرات «الصحة» وهيئة الدواء من مخاطر المضادات الحيوية
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
حذرت تقارير طبية من خطورة الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية في علاج نزلات البرد والإنفلونزا، وأكدت وزارة الصحة وهيئة الدواء المصرية أن المضادات الحيوية تُستخدم فقط لعلاج العدوى البكتيرية، بينما تُعتبر نزلات البرد عدوى فيروسية لا تتأثر بهذه الأدوية.
فيما أوضح مختصون أن الاستهلاك المفرط وغير المدروس للمضادات الحيوية يؤدي إلى تكوين مقاومة ميكروبية، وهي مشكلة صحية تهدد حياة الملايين، سنويًّا، وسط توقعات بأن تصبح سببًا رئيسيًّا للوفيات عالميًّا بحلول عام 2050.
التحذيرات شملت ما يُعرف بـ«حقنة هتلر» وهي مزيج من المضاد الحيوي والكورتيزون ومسكن الألم، حيث يؤدي الإفراط في استخدامها إلى أضرار صحية مثل: ضعف المناعة، قرحة المعدة، واضطرابات وظائف الكلى. وللوقاية، أوصتِ الجهات الصحية بضرورة الالتزام بإرشادات الأطباء والصيادلة عند استخدام الأدوية، إلى جانب اتباع نصائح لتعزيز المناعة، مثل: ممارسة الرياضة، تناول الغذاء الصحي، الامتناع عن التدخين، مع تجنب الاستخدام العشوائي للأدوية لضمان صحة الأفراد والحفاظ على فعالية المضادات الحيوية للأجيال القادمة.
أزمة الشتاءمع بداية فصل الشتاء كل عام وانتشار العديد من الفيروسات التنفسية، يتوجه غالبية المرضى إلى العديد من الأساليب الخاطئة لعلاج نزلات البرد أو المتحورات الجديدة من فيروس كورونا أو الفيروس التنفسي المخلوي، منها: الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة حول مدى فاعليتها في علاج هذه الأمراض الفيروسية.
في هذا السياق، أكد مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية، الدكتور يس رجائي، لـ«الأسبوع» أنه من الأخطاء الشائعة اللجوء إلى المضادات الحيوية لعلاج الفيروسات، مثل الفيروسات المسببة لنزلات البرد والإنفلونزا.
وأوضح أن المضادات الحيوية هي أدوية مخصصة للقضاء على البكتيريا أو إيقاف نموها فقط، ولا يمكن استخدامُها لعلاج الإصابات الناتجة عن الفيروسات. وأكد أن الفيروسات، كتلك التي تسبب التهابات الحلق والسعال ونزلات البرد والإنفلونزا، لا يمكن محاربتها بالمضادات الحيوية، لأنها تعالج العدوى البكتيرية، فقط، في حين أن نزلات البرد هي عدوى فيروسية، وأن العدوى التي تنتج عن مسببات الأمراض المقاومة لمضادات الميكروبات المتعددة تعتبر من أكبر عشرة تهديدات للصحة العامة على مستوى العالم، لا سيما بالنسبة للمرضى داخل المستشفيات، حيث يؤدي الاستخدام غير السليم للمضادات الحيوية إلى زيادة مقاومة البكتيريا، مما يصعب العلاج ويهدد فعالية المضادات الحيوية في المستقبل.
أعراض شائعةأشار، مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية، إلى أن الأعراض الأكثر شيوعًا لنزلات البرد بين الأطفال تتمثل في سيلان الأنف والسعال والاحتقان، وهي أعراض غالبًا ما تكون خفيفة ولا تتطلب استخدام الأدوية.
وأوضح أن الأطفال، خاصة الذين يرتادون الحضانات، قد يصابون بنزلات برد تتراوح بين 6 إلى 8 مرات سنويًّا.
ونصح بعدم إعطاء الأطفال أي مضاد حيوي إلا بوصفة طبية، مع ضرورة اتباع إرشادات الصيدلاني بشأن طريقة تخفيف الأدوية، وطرق تناولها، وطريقة حفظها، مع الالتزام بفترة العلاج كاملةً حتى إذا تحسن الطفل قبل انتهاء المدة المحددة.
أوضح أن هيئة الدواء المصرية تسعى للمشاركة في جميع الفعاليات التي تهدف إلى زيادة التوعية بمخاطر استخدام مضادات الميكروبات بشكل غير صحيح، وفي هذا السياق، أعلنتِ الهيئة عن إصدار الدليل القومي الاسترشادي لعلاج عدوى الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية المتعددة، الذي يُعَد الدليلَ السابعَ لترشيد استخدام مضادات الميكروبات.
وتم إصدارُ هذا الدليل بعد موافقة اللجنة القومية لترشيد استخدام مضادات الميكروبات التابعة للهيئة، والتي تضم مجموعة من الخبراء في مجال الأمراض المُعدية ومضادات الميكروبات.
أكد مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية، أن الدليل القومي الاسترشادي يهدف إلى ترشيد استخدام مضادات الميكروبات في علاج العدوى الناتجة عن مسببات الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية المتعددة.
يتضمن الدليل الخطوطَ العلاجية المختلفة استنادًا إلى الأدلة العلمية المحدَّثة والتي تتوافق مع الأدوية المتوفرة في مصر. كما يتناول الدليل مقدمةً عن عبء مقاومة مضادات الميكروبات (AMR) على المستوى العالمي، إضافةً إلى معدلات استهلاك مضادات الميكروبات في مصر.
ويتطرق الدليل إلى: البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية الأكثر خطورةً في المنشآت الصحية، والخطوط العلاجية المستخدمة في علاج البكتيريا سالبة الجرام وموجبة الجرام المقاومة للمضادات الحيوية المتعددة.
كما يتضمن الجرعات المقترحة للمضادات الحيوية لعلاج العدوى الناتجة عن هذه البكتيريا ومدة العلاج الموصى بها.
خطوة الاستخداموفي سياق متصل، حذَّر رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، الدكتور حسام حسني، من خطورة الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية، مؤكدًا ضرورة التمييز بين الالتهابات الفيروسية والبكتيرية، وهو ما يتطلب تقييمًا دقيقًا من قِبل الطبيب.
وأوضح أن استخدام المضادات الحيوية بشكل غير مبرَّر يشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة.. مشيرًا إلى أن المصريين قد استهلكوا 216 مليون علبة مضاد حيوي خلال تسعة أشهر فقط.
وأكد أن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية يؤدي إلى ظهور ما يُعرَف بمقاومة المضادات الحيوية، مما يجعلها غيرَ فعالة في علاج العدوى المستقبلية التي قد تتطلب استخدامها.
من جانبها، حذرت وزارة الصحة المصرية من المخاطر المتزايدة لمقاومة مضادات الميكروبات، مؤكدةً أن هذا التهديد الصامت قد يصبح السببَ الرئيسيَّ للوفيات بحلول عام 2050، وفقًا لتوقعات منظمة الصحة العالمية.
وأشارت إلى أن مقاومة مضادات الميكروبات تساهم في زيادة تكاليف الرعاية الصحية بنسبة 30%، بناءً على تقديرات البنك الدولي.
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، د.خالد عبد الغفار، أن مقاومة مضادات الميكروبات تمثل تهديدًا خطيرًا لا يعترف بالحدود، ويعرِّض صحة الأفراد وسلامة الأنظمة الصحية في العالم لخطر شديد.
وأضاف أن هذا التهديد يمكن أن يؤثر أيضًا على استدامة الاقتصاد.. مشيرًا إلى تقرير منظمة الصحة العالمية الذي يتوقع أن يصل عدد الوفيات بسبب مقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2050 إلى 10 ملايين شخص سنويًّا، مشيرا إلى أن مقاومة المضادات الحيوية تزهق أرواح 1.1 مليون شخص حول العالم سنويًّا، ما يعكس خطورة الوضع.
وأوضح الوزير أن وزارة الصحة قد أطلقت منذ عام 2018 استراتيچيةً وطنيةً لمكافحة مقاومة المضادات الحيوية، بهدف الحدِّ من انتشار هذه الظاهرة التي تهدد صحة الأفراد وتزيد من عبء النظام الصحي في مصر، وأن من ضمن المبادرات المهمة التي أطلقناها، البرنامج الإلكتروني الوطني لمراقبة العدوى في جميع المستشفيات، الذي يهدف إلى تطوير وتنفيذ السياسات التي تحكم استخدام المضادات الحيوية، ويشمل تقييد بعض أنواع هذه الأدوية، لضمان أن تظل المضادات الحيوية فعالةً بنسبة 60% أو أكثر، وذلك من خلال التركيز على استخدامها بشكل حكيم، مما يساعد في الحفاظ على فعالية المضادات الحيوية الأساسية للأجيال القادمة.
وأشار الوزير إلى أن الجهود التي تم بذلُها على مدار الأشهر الستة الماضية قد حققت نتائج إيجابية، حيث ارتفعت نسبة الالتزام بمعايير الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية من 37% إلى 56%.
وهذا التقدم يُعَد مؤشرًا على تحسُّن الجهود المتضافرة في محاولة لغرس ثقافة الاستخدام المسؤول لهذه الأدوية في كافة أنظمة الرعاية الصحية في مصر.
نصائح للمواجهةوفي إطار جهود وزارة الصحة لمكافحة سوء استخدام المضادات الحيوية، أصدرتِ الوزارة عدةَ نصائح للحدِّ من هذه العادة السلبية. حيث نصحت أولًا بعدم استخدام المضادات الحيوية إلا إذا وصفها الطبيب، إذ يجب على المرضى الامتناع عن تناولها دون استشارة طبية.
كما شددتِ الوزارة على ضرورة إتمام العلاج الموصوف من قِبل الطبيب حتى وإن شعر المريض بتحسُّن، وذلك لتجنب عودة العدوى أو تطورها إلى حالات أكثر تعقيدًا.
وأوصتِ الوزارة كذلك بعدم تبادل المضادات الحيوية مع الآخرين تحت أي ظرف، وأكدت على ضرورة التخلص من أي كمية متبقية من الأدوية بعد انتهاء مدة الوصفة الطبية، وعدم استخدامها لعلاج مشكلات صحية جديدة.
وحذرت وزارة الصحة والسكان من أن الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية يؤدي إلى تطور بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، مما يجعل من الصعب علاج العدوى في المستقبل ويزيد من تعقيدات الرعاية الصحية.
وحذرت هيئة الدواء المصرية من خطورة الإفراط في استخدام ما يُعرف بـ«حقنة البرد/ حقنة هتلر»، وهي خليط من المضاد الحيوي والكورتيزون ومسكنات الألم، يلجأ إليها أي شخص عند شعوره بأعراض البرد أو الإنفلونزا، فيتوجه من فوره إلى أقرب صيدلية للحصول عليها.. مؤكدةً أنها قد تسبب أضرارًا صحية بالغة.
وأوضحتِ الهيئة أن الكورتيزون، الذي يُعَد أحد مكونات هذه الحقنة، له آثار سلبية على الجهاز المناعي، حيث يسبب ضعفًا في المناعة ويؤثر بشكل خاص على مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم. كما أشارت إلى أن المضاد الحيوي لا يفيد في علاج نزلات البرد، لأنها عدوى فيروسية، بينما تُستخدم المضادات الحيوية لعلاج العدوى البكتيرية فقط.
وفي حال تم استخدامُ المضادات الحيوية بشكل مفرط، قد يؤدي ذلك إلى تطور مقاومة البكتيريا لها، ما يجعل علاج أي عدوى في المستقبل أكثر صعوبة.
أما مسكنات الألم وخافضات الحرارة، التي تُعَد جزءًا آخر من مكونات هذه الحقنة، فإن الإفراط في استخدامها قد يسبب مشكلات صحية لمرضى الكبد والقلب والسكري والربو، إضافة إلى أنها قد تؤدي إلى قرحة في المعدة واختلال في وظائف الكلى.
وأكدت هيئة الدواء المصرية أن العلاج الفعّال لنزلات البرد يعتمد على الأدوية التي تخفف الأعراض، مثل الأدوية المسكنة أو مزيلات الاحتقان، ولكن ينبغي أن يتم ذلك بعد استشارة الطبيب أو الصيدلاني المختص. كما شددتِ الهيئة على أن الاستخدام الأمثل للأدوية يجب أن يكون وفقًا للحالة الصحية لكل شخص على حِدة.
وقدمتِ الهيئة مجموعةً من النصائح لتقوية الجهاز المناعي والوقاية من نزلات البرد، أهمها: ممارسة الرياضة يوميًّا، الامتناع عن التدخين، تناول الطعام الصحي وخاصة الخضار والفاكهة الطازجة، الحصول على ساعات كافية من النوم، شرب الماء بشكل مستمر، والتهوية السليمة للمنزل في فصل الشتاء.
كما نصحتِ الهيئة عند التعامل مع نزلات البرد بضرورة التوجه للطبيب فورًا إذا تطورتِ الأعراض أو في حال ظهور أعراض شديدة.. مشيرة إلى أن المضادات الحيوية يجب أن تظل محصورةً في علاج العدوى البكتيرية فقط.
وذكرتِ الهيئة أيضًا أهمية الحفاظ على النظافة، مثل: غسل اليدين، تنظيف الأسطح بشكل متكرر، استخدام المناديل الورقية عند الكحة أو العطس والتخلص منها فورًا. وأكدتِ الهيئة على ضرورة البقاء في المنزل عند الإصابة، والابتعاد عن التدخين لأنه يزيد من شدة الأعراض.
اقرأ أيضاً« أضرار ومخاطر المسكنات والمضادات الحيوية ».. ندوة بطب بشري جامعة بني سويف الأهلية
مصر تطوي صفحة نقص الدواء.. ومخزون وطني لتأمين أدوية الضغط والمضادات الحيوية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: العدوى البكتيرية الفيروسات الميكروبات علاج نزلات البرد والإنفلونزا مخاطر المضادات الحيوية هيئة الدواء استخدام مضادات المیکروبات المقاومة للمضادات الحیویة استخدام المضادات الحیویة مقاومة مضادات المیکروبات مقاومة للمضادات الحیویة هیئة الدواء المصریة الإفراط فی استخدام العدوى البکتیریة وزارة الصحة علاج العدوى نزلات البرد الحیویة ا عدوى فی فی علاج التی ت فی مصر إلى أن الذی ی
إقرأ أيضاً:
تحذيرات أممية من انهيار آخر مشفيين بغزة
غزة- "الخطر يقترب ونحن على بعد خطوة واحدة من الانهيار"، يقول مدير عام مجمع ناصر الطبي الدكتور عاطف الحوت، وهو أكبر مرفق صحي حكومي وآخرها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
ويقدر الحوت في حديثه مع الجزيرة نت أن المجمع، الذي يضم 3 مستشفيات تخصصية، قد ينهار كليا في غضون 3 أيام، جراء نفاد الوقود، والأرصدة الصفرية لأغلبية الأدوية الأساسية والمستهلكات الطبية، فضلا عن التهديدات المباشرة بفعل أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي شملت نطاقات واسعة من المدينة.
وفي بيان رسمي لها، قالت وزارة الصحة إن "التهديدات المباشرة للمناطق السكنية المحيطة بالمستشفيات هي إجراءات واضحة يقوم بها الاحتلال ضمن خطته الممنهجة ضد المنظومة الصحية".
خروج عن الخدمةومجمع ناصر هو الوحيد في مدينة خان يونس، الذي يقدم خدماته لنحو 700 ألف مواطن من سكان المدينة والنازحين فيها، بعد خروج مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة.
كما تسببت أوامر الإخلاء الإسرائيلية بخروج مستشفى الأمل التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن الخدمة عمليا، وبحسب وزارة الصحة "لم يعد ممكنا الوصول إليه نتيجة تصنيف الاحتلال لمحيطه بأنها منطقة قتال خطيرة وإخلائها قسرا من السكان".
ورغم أن الاحتلال استثنى مجمع ناصر الطبي، ومستشفى الأمل، من أوامر الإخلاء، فإنه أجبر -حسب الطبيب الحوت- سكان حي الأمل، حيث يقع مستشفى الأمل، غرب مدينة خان يونس على النزوح، وبالتالي تعذر الوصول للمستشفى بسبب تصنيف الاحتلال للحي "منطقة قتال خطيرة".
إعلانونتيجة ذلك، زادت الضغوط على مجمع ناصر لعدم قدرته على تحويل حالات من الجرحى والمرضى لمستشفى الأمل، وبات منذ أيام يعمل فوق طاقته الاستيعابية، وتتراوح نسبة الإشغال في المجمع حاليا ما بين 170 إلى 180%، حسب الحوت.
ويقع مجمع ناصر في المربع رقم 107 وفق تصنيف الاحتلال، وهو ضمن مناطق محدودة للغاية في المدينة، لم تشملها أوامر الإخلاء الإسرائيلية الواسعة، التي طالت -حسب تقديرات محلية- نحو 95% من مدينة خان يونس وهي الأكبر من حيث المساحة على مستوى القطاع.
ويقول الحوت إن "عدم وجود المجمع ضمن مناطق الإخلاء لا يعني أننا في أمان"، حيث إنه محاط بمناطق ومربعات سكنية أخلاها الاحتلال قسرا، وبالتالي فإن "الخطر يقترب"، ومعه سيتعذر وصول الطواقم الطبية والجرحى والمرضى، ويشل حركة سيارات الإسعاف.
وأطلع الحوت، اليوم السبت، وفدا من منظمة الصحة العالمية على الواقع المتردي داخل مستشفيات المجمع وأقسامها، وإثر ذلك حذَّرت المنظمة الدولية في بيان لها من انهيار النظام الصحي، وأن آخر مستشفيين يعملان في جنوب القطاع يواجهان خطر التوقف عن العمل.
وقالت المنظمة إن "مستشفيي ناصر والأمل يعملان فوق طاقتهما الاستيعابية وسط نقص حاد في الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية وقد يخرجان عن العمل في أي لحظة".
ويقول الحوت إن وفد منظمة الصحة العالمية صدم مما شاهده في المجمع، واستمراره بالعمل بالحد الأدنى وفي ظل ضغوط هائلة، "فمثلا لدينا في قسم العناية المركزة 41 جريحا ومريضا، فيما لا نملك سوى 12 سريرا".
ويضيف شارحا آلية عملهم تحت هذه الظروف الضاغطة "كمية الوقود المتوفرة حاليا لا تكفي سوى ليومين فقط، ونعمل وفق خطة ترشيد قاسية، تأتي على حساب المرضى، وحاليا نعمل خلال الفترة الصباحية بكامل طاقتنا، أما الفترة المسائية فتقتصر على إنقاذ الحياة، ولا نستطيع تشغيل كل غرف العمليات، ونضطر لإطفاء الكهرباء عن بعض الأقسام والمباني".
ويمنع الاحتلال المؤسسات الدولية والأممية من الوصول إلى أماكن تخزين الوقود المخصص للمستشفيات، بحجة أنها تقع في مناطق حمراء، وتؤكد وزارة الصحة أن "إعاقة وصول إمدادات الوقود للمستشفيات يهدد بتوقفها عن العمل والتي تعتمد على المولدات الكهربائية لتزويد الأقسام الحيوية بالطاقة".
وعن ماذا يعني خروج مجمع ناصر عن الخدمة، يجيب مدير المستشفيات الميدانية الدكتور مروان الهمص قائلا إن "كارثة إنسانية فوق حدود التصور ستقع وستفتك بآلاف أرواح الجرحى والمرضى".
ويقول الهمص للجزيرة نت "نجدد التحذير في وزارة الصحة من الوصول إلى اللحظة التي تعني انهيارا كاملا للمنظومة الصحية في جنوب القطاع".
إعلانوأوضح أن مستشفى الأمل كان يحتوي على جراحات وأشعة مقطعية و100 سرير مبيت، وكان يساند مجمع ناصر الطبي بالعناية المركزة بامتلاكه 8 أسرة عناية ويمكن أن تتسع وتصل إلى 12 سريرا، لكن بفعل أوامر الإخلاء لا تتوفر مسارات آمنة للوصول إلى هذا المستشفى.
واشتد الضغط على مجمع ناصر، وسط مخاوف شديدة من خروجه عن الخدمة، وهو الأكبر الذي تتوفر به خدمة الاستقبال والطوارئ للجرحى، والحالات الخطيرة وفوق المتوسطة التي تحول إليه من المستشفيات الميدانية، وبه خدمة العناية المركزة.
وهو الوحيد الذي يقدم خدمة غسيل الكلى، وخدمة وحدة القلب والإنعاش، وتخصصات طبية نادرة كجراحة المخ والأعصاب، وجراحة الصدر، وجراحة الأطفال والجراحة العامة، حسب الهمص.
ويؤكد الهمص أن "خروج ناصر والأمل عن الخدمة سيجعل 650 ألف مواطن فلسطيني في جنوب قطاع غزة بدون أي خدمة طبية، وسيكون آلاف الجرحى والمرضى خاصة الأمراض الحرجة وغسيل الكلى في مواجهة الموت".
استهداف ممنهج
ويؤكد رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الدكتور صلاح عبد العاطي، ما ذهبت إليه منظمة الصحة العالمية وتحذيرها من انهيار القطاع الصحي، ويقول للجزيرة نت، إن ذلك نتيجة "الاستهداف الإسرائيلي المنظم وإخراج 36 مستشفى عن الخدمة حتى اللحظة".
ويضيف عبد العاطي أن القطاع الصحي بمرافقه وكوادره كان في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي المنظم منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية عقب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأدت لاستشهاد 1460 من أطباء وممرضين ومسعفين وعاملين في القطاع الصحي، واعتقال قرابة 600 من الأطقم الطبية، مما تسبب في نقص الكوادر الطبية وإرهاقها.
وما يتعرض له مجمع ناصر ومستشفى الأمل -حسب عبد العاطي- لا يخرج عن هذا الاستهداف الممنهج والمنظم، حيث يقطع الاحتلال عليهما الطريق لمواصلة عملهما في إسعاف الجرحى وخدمة المرضى، بالاستهداف المباشر والحصار وأوامر الإخلاء ومنع الأدوية والوقود.
ويؤكد عبد العاطي أن هذا الاستهداف للمستشفيات يتعارض مع قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وإذا ما انهار القطاع الصحي كليا في قطاع غزة فإنه بمثابة حكم بالإعدام على نحو 14 ألفا من الجرحى والمرضى، ومن هم بحاجة لرعاية سريرية، إضافة إلى نحو 350 ألفا من أصحاب الأمراض المزمنة.
إعلانويضع الناشط الحقوقي ما يتعرض له القطاع الصحي من استهداف في سياق "جرائم الحرب والإبادة" التي ترتكبها قوات الاحتلال، وهو انتهاك جسيم لأحكام اتفاقيات لاهاي وجنيف، التي وفرت حماية خاصة للأطقم الطبية والجرحى والمرضى والمرافق الصحية.