عراقيل وتحديات تواجه مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
لا تزال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تراوح مكانها، إذ تتعثر كل محاولة لتحقيق تقدم بسبب التعنت الإسرائيلي، خاصة من قبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، رغم 10 جولات تفاوضية انتهت جميعها بالعودة إلى نقطة الصفر، رغم الجهود المستمرة التي تقودها مصر لإنجاح صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، انطلاقًا من دورها القومي والإنساني.
يواصل نتنياهو وضع شروط جديدة «لا صفقة لوقف إطلاق النار دون الكشف عن أسماء جميع المحتجزين الأحياء لدى حماس» ويبدو هذا التصعيد موجهًا لتحضير الرأي العام الإسرائيلي لفشل محتمل في صفقة تبادل الأسرى، مما يضاعف المخاوف من عرقلة جديدة لمسار المفاوضات، فيما تخشى حركة حماس أن ينقض نتنياهو التزاماته ويستأنف القصف بعد إطلاق سراح هذه الأسماء، مما يثير قلقًا حول مصداقية التعهدات الإسرائيلية.
كانت حكومة نتنياهو قد اشترطت سابقًا في صفقة التبادل أن تشمل المرحلة الأولى الإفراج عن الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، وهو ما يتعارض مع الاتفاق السابق الذي نص على إطلاق سراح المرضى، والحالات الإنسانية، ومزدوجي الجنسية من حاملي الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية.
المفاوضات السابقة استقرت على إطار مبدئي يقضي بوقف إطلاق النار لمدة شهر كمرحلة أولى، يتم خلالها الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق دفعة أولى من الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة، تتبع ذلك مرحلة ثانية تشمل إطلاق بقية الأسرى مع استمرار وقف إطلاق النار وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، بما في ذلك المناطق المحورية مثل نتساريم ومحور فيلادلفيا.
كان خبراء قد أشاروا إلى أن تمسك نتنياهو بشروطه الجديدة، والمتعلقة بالحصول على قائمة كاملة بأسماء الرهائن الأحياء أو إضافة أسماء جديدة إلى القائمة المقررة للإفراج عنها في المرحلة الأولى من الصفقة، يأتي كخطوة يهدف من خلالها إلى تحقيق أكبر مكاسب ممكنة، وأن التصريحات الأخيرة له التي تسعى لتعطيل صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، تعكس تأثير عوامل خارجية وداخلية.
خارجيا، يسعى نتنياهو لاستغلال المتغيرات المرتبطة بتولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهامه قريبًا، ويتوقع نتنياهو أن يشكل ترامب عامل ضغط إضافيا على المقاومة الفلسطينية لدفعها إلى تقديم تنازلات أكبر، خاصة فيما يتعلق بالإفراج عن الأسرى دون المساس بمصالح دولة الاحتلال.
كما لا يرغب نتنياهو في إبرام أي اتفاق لوقف إطلاق النار خلال الفترة المتبقية من ولاية الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، لتفادي منح إدارته مكاسب سياسية، مفضلًا تأجيل التوصل إلى اتفاق حتى يتولى ترامب الرئاسة في 20 يناير المقبل.
داخليا، أصبحت العوامل المؤثرة أكثر وضوحًا في ظل التحقيقات القضائية التي بدأت الأسبوع الماضي مع نتنياهو وأسرته بشأن قضايا فساد مالي وإداري، ويواجه نتنياهو مخاطر قانونية وسياسية قد تؤدي إلى سجنه أو عزله، مما يشكل تهديدًا كبيرًا لمستقبله السياسي، ويسعى نتنياهو لتوظيف أي مكاسب سياسية خارجية لدعم موقفه الداخلي.
أنصاره يعتبرونه أحد أبرز قادة الكيان المحتل الذين حققوا إنجازات كبيرة، مثل إضعاف مقاومة حزب الله في لبنان، والمساهمة في إضعاف النظام السوري لصالح الجماعات المسلحة، إلى جانب توسيع سيطرة الاحتلال على الأراضي السورية بتوغل عسكري يتجاوز 30 كيلومترًا داخل الحدود المتفق عليها في اتفاق فك الارتباط عام 1974.
ورغم القلق المتزايد حول مصير جولة المفاوضات الحالية، والخوف من أن تلقى مصير الجولات السابقة التي انتهت بالفشل، فإن تأكيدات من الجانبين تشير إلى استمرار المفاوضات ضمن الإطار المرسوم لها. يعمل فريق فني على معالجة التفاصيل العالقة بإشراف الوسطاء، الذين يبذلون جهودًا مكثفة لضمان نجاح المفاوضات ومنعها من الانهيار كما حدث في المحاولات السابقة.
المتفائلون يرون أن المفاوضات دخلت هذه المرة مرحلة أكثر جدية، حيث تم بحث جميع التفاصيل المتعلقة بمقترح الصفقة التي من المقرر تنفيذها على ثلاث مراحل، يشير ذلك إلى استبعاد احتمالية الرجوع عن الاتفاق، خاصة أن أطراف التفاوض استثمرت جهدًا كبيرًا في نقاش تفاصيل جديدة لم يتم تناولها في الجولات السابقة.
هذه الجدية أكدها الوسطاء أكثر من مرة، كما أشار إليها كل من الجانب الإسرائيلي وشخصيات قيادية في المقاومة الفلسطينية، لكن تكمن المشكلة الرئيسية، كما أوضح مراقبون، في مطالبة رئيس وزراء الكيان المحتل بكشف أسماء المحتجزين لدى فصائل المقاومة. إعداد هذه الكشوف سيستغرق وقتًا طويلًا، مما يؤدي إلى تعطيل صفقة التبادل ووقف إطلاق النار لفترة أطول، وهو ما يتعارض مع رغبة جميع الأطراف.
الحرب الحالية أوشكت على إنهاء شهرها الخامس عشر، وخلفت دمارًا واسعًا في جميع جوانب الحياة بقطاع غزة، كما أن إصرار الجانب الإسرائيلي على إضافة أسماء جديدة إلى قوائم الأسرى، بخلاف ما تم الاتفاق عليه في المفاوضات، يزيد من تعقيد الأمور ويؤخر إتمام الصفقة.
أوضح محللون أن الورقة الأهم التي يمتلكها المفاوض الفلسطيني هي الأسرى الإسرائيليون المحتجزون لدى المقاومة. تدرك المقاومة أن أي تهاون في هذه الورقة سيضعف موقفها التفاوضي بشكل كبير، ما يمنح إسرائيل القدرة على فرض شروطها، التي قد تكون كارثية على الفلسطينيين.
الفلسطينيون، الذين يعانون منذ عقود من جرائم الاحتلال، يرون في هذه الورقة عنصر قوة لا يمكن التفريط فيه، خاصة مع تلك الجرائم، التي أدانتها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ووصفتها بـ«الإبادة الجماعية» و«التطهير العرقي»، تستمر دون رادع قانوني، وسط دعم غير محدود من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
وأمام التصرفات الإجرامية التي يمارسها جيش الاحتلال، تبرز ورقة الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة كأهم أدوات الضغط التي تمتلكها، خاصة في ظل الضغوط المكثفة التي يمارسها أهالي المحتجزين الإسرائيليين على نتنياهو وحكومته المتطرفة، ويخشى الأهالي على حياة أبنائهم وذويهم من التصعيد العسكري والقصف العشوائي المكثف على قطاع غزة، والذي أسفر في وقت سابق عن وفاة عدد من الأسرى المحتجزين لدى المقاومة.
الضغوط تجعل من ملف الأسرى مسألة سياسية وإنسانية حساسة داخل إسرائيل، ورغم التعنت الإسرائيلي، فإن المقاومة الفلسطينية أبدت مرونة غير مسبوقة في التعامل مع هذا الملف، بما في ذلك قبولها تقديم قائمة مبدئية بأسماء بعض المحتجزين. ومع ذلك، شددت المقاومة على أن تقديم قائمة نهائية وشاملة يواجه عقبات عملية كبيرة. المحتجزون موزعون بين عدد كبير من الفصائل الفلسطينية، وليسوا في عهدة فصيل واحد فقط. هذا التوزيع، إلى جانب استمرار القصف الإسرائيلي المكثف، يجعل من الصعب إجراء حصر دقيق لجميع الأسماء في الوقت الحالي.
المرونة التي أظهرتها المقاومة تعكس استعدادها للوصول إلى اتفاق، لكنها تصطدم بشروط إسرائيلية جديدة تعرقل التقدم. في الوقت نفسه، يظل الضغط الشعبي داخل إسرائيل عاملًا قويًا قد يدفع الحكومة الإسرائيلية نحو تنازلات لتحقيق صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، مما يفتح بابًا أمام انفراجة محتملة في ظل الجهود الدولية المستمرة.
اقرأ أيضاًالمتطرفون يستبعدون التسوية والتيار الداعم لها بلا أوراق ضغط.. سيناريوهات إسرائيل لـ«غزة» في 2025
عاجل.. الاحتلال يعتقل عددا من المرضى أثناء نقلهم إلى مدينة غزة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: غزة وقف إطلاق النار في غزة التعنت الإسرائيلي مفاوضات وقف إطلاق النار المحتجزین لدى المقاومة المقاومة الفلسطینیة صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يفرض قيودًا مضاعفة على الطواقم القانونية التي تتابع الأسرى
رام الله - صفا أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرضت قيودًا مشددة ومضاعفة على الطواقم القانونية التي تتابع أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال، سواءً خلال الزيارات الميدانية أو أثناء جلسات المحاكم. وأوضحت الهيئة والنادي في بيان يوم الاثنين، أنه بالإضافة إلى القيود التي فرضها الاحتلال على المحامين منذ بدء الإبادة، فقد أبلغت إدارة السجون عددًا من المحامين، بمنعهم من نقل أي تحيات أو رسائل عائلية إلى المعتقلين. وأضافا أن إدارة السجون هددت باتخاذ إجراءات "عقابية" بحق أي محامٍ يحاول نقل رسائل من العائلات، سواء أثناء الزيارة أو خلال جلسات المحاكمة. وشددا على أن هذه الإجراءات تأتي في إطار مساعي الاحتلال إلى عزل الأسرى والمعتقلين عزلًا تامًا عن العالم الخارجي وعن عائلاتهم، في ظل استمرار منع اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم، ومنع ذويهم من لقائهم منذ بدء حرب الإبادة. وأضاف البيان أنه في بداية الحرب، منع الاحتلال المحامين من زيارة الأسرى والمعتقلين، وبعد جهود حثيثة من المؤسسات المختصة، استؤنفت الزيارات، لكن مع استمرار عراقيل كبيرة. وأبرز هذه العراقيل: تعمد إدارة السجون إعلان حالة الطوارئ عند وصول المحامي إلى السجن بهدف إلغاء الزيارة، بعد أن يكون قد قطع مسافة طويلة، وهو ما تكرر مرات عديدة، إضافة إلى المماطلة في الرد على طلبات الزيارة، التي قد تمتد لأسبوعين أو أكثر، وأحيانًا لعدة أشهر، خصوصًا في حالة طلب زيارة الأسرى المحكومين بالمؤبد. كما أُبلغ عن تعرض الأسرى للاعتداءات والتهديدات قبل لقائهم بالمحامين أو بعد ذلك، إضافة إلى منع مجموعة من المحامين مؤخرًا من زيارتهم لعدة أشهر متواصلة. وأشار البيان إلى استمرار الاحتلال في ارتكاب جريمة الإخفاء القسري بحق عدد كبير من معتقلي غزة، من خلال منع الطواقم القانونية من الوصول إليهم. ونوه إلى أن محاولات المؤسسات الحقوقية خلال الأشهر الماضية، وبعد التعديلات التي طرأت على بعض اللوائح الخاصة بمعتقلي غزة، مكّنتها من زيارة العشرات منهم، لكن تحت إجراءات أمنية مشددة.