ثاني دولة بعد ألمانيا.. تعلن رفع العقوبات سريعاً عن سوريا
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
فقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو اليوم الأربعاء، أن بعض العقوبات الأوروبية المفروضة على سوريا "قد ترفع سريعا".
الجوانب الإنسانية كما أوضح أن عقوبات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بالجوانب الإنسانية قد تُرفع سريعا.
وقال:" هناك مناقشات جارية مع الشركاء في الاتحاد بشأن إمكانية رفع عقوبات أخرى في حالة إحراز تقدم في مجالات من بينها حقوق المرأة وتحقيق الأمن في سوريا"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
وكانت مصادر بوزارة الخارجية الألمانية كشفت أمس الثلاثاء أن برلين تقود مباحثات داخل الاتحاد الأوروبي من أجل تخفيف العقوبات التي فرضت على سوريا خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد ومساعدة الشعب السوري.
فيما أكد أحد المصادر "أن الأوساط الألمانية تناقش بجدية سبل تخفيف العقوبات في قطاعات معينة".
علماً أن تخفيف العقوبات يتطلب قرارا بالإجماع من دول الاتحاد. أتت تلك التصريحات الفرنسية والتحركات الألمانية بعدما أصدرت الولايات المتحدة يوم الاثنين الماضي إعفاء من العقوبات على المعاملات مع بعض الهيئات الحكومية السورية لمدة ستة أشهر، من أجل تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية والتغلب على نقص الطاقة والسماح بالتحويلات الشخصية.
كما جاءت بعد أن ربط التحاد الأوروبي مسألة رفع العقوبات بسلوك القيادة الجديدة في دمشق، لجهة احترام حقوق الانسان، والحفاظ على التنوع وتشكيل حكومة شاملة تمثل كافة الأطياف في البلاد، فضلا عن مكافحة الإرهاب.
يذكر أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وحكومات أخرى كانت فرضت عقوبات صارمة على سوريا بعد أن تحولت حملة القمع التي شنها الأسد على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في عام 2011 إلى حرب أهلية دامية
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
لماذا رفضت المجر إجماعا أوروبيا يدعم حق أوكرانيا في تقرير مصيرها؟
قبل أيام من القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، أصدر قادة الاتحاد الأوروبي بيانًا مشتركًا يؤكد أن الأوكرانيين وحدهم يملكون الحق في تحديد مستقبل بلادهم، وأن أي مفاوضات سلام "ذات مغزى" يجب أن تُجرى في ظل وقف لإطلاق النار أو خفض للعمليات القتالية.
البيان، الذي أُقرّ مساء أمس الاثنين ونُشر صباح اليوم الثلاثاء، حظي بتأييد جميع قادة الدول الأعضاء البالغ عددهم 27، باستثناء المجر، حيث رفض رئيس وزرائها فيكتور أوربان المعروف بعلاقته الوثيقة ببوتين الانضمام إليه، في أحدث موقف يبرز الانقسام داخل الاتحاد بشأن الحرب في أوكرانيا.
تحذير من اتفاقات تُقصي كييف
القادة الأوروبيون شددوا على أن أي حل دبلوماسي يجب أن يحمي المصالح الأمنية الحيوية لأوكرانيا وأوروبا، وأن السلام العادل والدائم يجب أن يحترم القانون الدولي، بما في ذلك استقلال وسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، ومنع تغيير الحدود بالقوة. كما أكدوا أن "مسار السلام في أوكرانيا لا يمكن أن يُقرَّر بدون أوكرانيا".
البيان جاء أيضًا كإظهار لوحدة الصف الأوروبي في مواجهة احتمال إبرام اتفاقيات مباشرة بين ترامب وبوتين، في وقت لم يتضح فيه ما إذا كانت كييف ستشارك في القمة. ويخشى الأوروبيون والأوكرانيون أن يسفر اللقاء عن تنازلات إقليمية تصب في مصلحة موسكو.
ترامب: لقاء "استطلاعي" مع بوتين
ترامب، الذي ألمح إلى أنه سيناقش فكرة "تبادل الأراضي" مع بوتين، قلل من فرص تحقيق اختراق، واصفًا اللقاء بأنه "اجتماع استطلاعي" لمعرفة ما يدور في ذهن الرئيس الروسي. وأوضح أنه قد يعود ليعرض ما يتوصل إليه على قادة الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وكذلك على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
كما وجه ترامب انتقادات لزيلينسكي، قائلاً إن "لا شيء حدث" خلال فترة رئاسته، في إشارة إلى استمرار الحرب منذ بدايتها.
مساعٍ أوروبية للتأثير
من المقرر أن يعقد القادة الأوروبيون اجتماعات افتراضية غدًا الأربعاء، بدعوة من المستشار الألماني فريدريش ميرتس، في محاولة أخيرة للتأثير على موقف ترامب قبل لقائه مع بوتين، رغم أن ترامب لم يؤكد مشاركته بعد.
لماذا رفضت المجر الانضمام؟
عوامل متداخلة تفسر ذلك:
1 ـ تحالفات شخصية وجيوسياسية للرئيس أوربان
فيكتور أوربان بنى خلال السنوات الماضية شبكة علاقات مع كلٍّ من موسكو وواشنطن، بما يجعل موقفه الخارجي أقرب إلى سلوك وسيط أو طرف مائل أحيانًا عن الإجماع الأوروبي. زيارته لموسكو وانفتاحه على قنوات تواصل مع الكرملين خلال 2024 أثارا انتقادات لاذعة من مؤسسات أوروبية واعتُبرت انتهاكًا لسياسة خارجية أوروبية موحّدة. هذا السجل يفسّر جزئيًا تحفظ بودابست عن أداء الدور التقليدي للاتحاد في قضايا الأمن الأوروبي.
2 ـ الاعتماد على روسيا في الطاقة ومشروعات استراتيجية (دوافع اقتصادية واقتصادية ـ أمنية)
بودابست تربط نفسها بعقود ومشروعات طاقة طويلة الأمد مع موسكو، أبرزها مشروع توسعة محطة باكس النووية (Paks II) الذي يُنفّذ مع شركة روسية (Rosatom) ويُعدّ أحد رموز توقيع التعاون الاقتصادي مع روسيا منذ منتصف العقد الماضي. كما عارضت المجر مرارًا خطط حظر واردات الطاقة الروسية من قبل الاتحاد، وشاركت في تعطيل حزم عقوبات أو احتجازها احتجاجًا على إجراءات من شأنها رفع تكاليف الطاقة داخليًا. هذا الواقع الاقتصادي يمنح الحكومة المجرية دوافع عملية لرفض مواقف أوروبية قد تُحملها أعباء اقتصادية فورية.
3 ـ استراتيجية داخلية وسياسية: استدارة ناخبة وسرد "الأمن الاقتصادي"
أوربان يسوّق أمام ناخبيه أن مواقفه تحمي الأسرة والمداخيل والطاقة الرخيصة، وأن أي عقوبات أوروبية متشددة قد تضر بالاقتصاد المحلي. ربط ملف أوكرانيا بمخاوف اقتصادية واجتماعية داخلية سمَح له بكسب قاعدة سياسية ولتفادي انتقادات ديمقراطية داخلية بالقول إنه «يضع المصلحة الوطنية أولاً».
4 ـ مفاوضات ومقايضات داخل الاتحاد
المجر استخدمت مرارًا حقّ النقض (الفيتو) أو التهديد به كأداة للتفاوض داخل بروكسل—سواء على حزم عقوبات، أو إطلاق تمويلات أوروبية، أو شروطٍ مرتبطة بسياسة الطاقة. هذا السلوك يُظهر أن رفض التصديق على بيانٍ مشترك قد يكون جزءًا من مجموعة أدوات دبلوماسية تهدف إلى استخراج تنازلات أو ضمانات من شركاء الاتحاد. Reuters وثّقت أمثلة سابقة حيث عطّلت بودابست حزم عقوبات أو أجبرتها على ربطها بضمانات للطاقة.
كيف يتقاطع موقف المجر مع مبادرة ترامب في ألاسكا؟
إعلان ترامب عن استضافته لقمة مع بوتين في ألاسكا (المجدولة منتصف آب/أغسطس 2025) ونيّته بحث تسويات، بما في ذلك مقترحات مثيرة حول تبادلات إقليمية أو "تسويات حدودية"، أثار قلقًا واسعًا في كييف وحلفائها الأوروبيين. المجر، التي تُظهر ليونة تجاه موسكو، تجد في أي ميل أميركي للتفاوض خارج الإطار الذي ترعاه أوتزّان بروكسل فرصة لتعزيز دور الوسيط العملي أو لتقليل الضغوط التي تفرضها سياسات مؤيدة لأوكرانيا. الأوروبيون حضّوا ترامب على عدم حسم مسار السلام دون مشاركة أوكرانيا نفسها؛ وهو ما تكرّره بيانات الاتحاد.
تداعيات الرفض على إجماع الاتحاد ودعم أوكرانيا
ـ إضعاف رسالة الاتحاد أمام روسيا وأمام الشركاء الدوليين: خروج دولة عن بيان جماعي يقلّل من وقع الإجماع. (مستمد من قرار عدم ارتباط المجر بالبيان ووجود سابقة تعطيل عقوبات).
ـ مَخاوف كييف من مفاوضات ثنائية بين عواصم كبرى تُقصيها: إذا توصّلت تسويات خارج إطار مشاركة أوكرانيا أو دون ضمانات أمنية كافية، فإن ذلك يهدد مصالح سيادية لأوكرانيا. (ردود فعل رسمية وشعبية في أوكرانيا عبرت عن قلقها من لقاءات قد تطاول حدودها).
ـ تآكل أدوات الضغط الأوروبية: مع استمرار اعتماد دول مثل المجر على موارد روسية استراتيجية، يصبح فرض قيود فعّالة على موسكو أكثر تعقيدًا، خاصة عندما تتطلّب موافقة إجماعية.
ماذا نتوقع؟
ـ مزيد من التوتّر داخل الاتحاد: إذا استمرّ تناقض مواقف بودابست مع مواقف أغلب العواصم، سيزداد النقاش حول إعادة تشكيل آليات اتخاذ القرار الأوروبية وسياسات الشروط على تمويلات الاتحاد.
ـ محاولاتٍ أوروبية لتقليل التأثير المجري: يمكن أن تلجأ بروكسل إلى خطوات تقنية (ربط صرف أموال بمتطلبات rule-of-law) أو جهود لخلق بدائل طاقية أسرع للدول المعتمدة على روسيا. تقارير ومناقشات عن استخدام آليات الميزانية كضغط متكررة في التحليلات السياسية.
ـ خطر مفاوضاتٍ خارجية تُهمّش أوكرانيا: لقاء ترامب وبوتين قد يولّد مبادرات تفاوضية ثنائية أو ثلاثية تخشى كييف أن تُفرَض عليها تسويات إقليمية قسرية. هذا ما يحذر منه القادة الأوروبيون عندما يؤكدون أن السلام لا يُقَرَّر بدون أوكرانيا.
رفض المجر الانضمام إلى بيان الاتحاد حول جهود ترامب يُمثّل نقطة نهائية في سلسلة أحداث تُظهر تباعدًا إستراتيجيًا بين بودابست وبروكسل. هذا الموقف ناتج عن تقاطعات منطقية: تحالفات شخصية وسياسية لأوربان، اعتماد اقتصادي على روسيا ـ خاصة في قطاع الطاقة ـ، واستراتيجية داخلية سياسية تضع "الأمن الاقتصادي" فوق الإجماع الإقليمي. النتيجة العملية هي أن قدرة الاتحاد على إرسال رسالة موحّدة إلى موسكو أو إلى أي مبادرة وساطية (بما فيها المبادرات الأميركية) تتآكل، ما يتيح فضاءات دبلوماسية قد لا تكون في مصلحة أوكرانيا إذا لم تُراعَ سيادتها ومشاركتها الكاملة في أي تفاوض.