تحديات اقتصادية أمام رئيس لبنان الجديد
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
سيكون الرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون، أمام طريق وعر جراء تحديات سياسية واقتصادية ودبلوماسية، بعد أزمات طاحنة تعرضت لها البلاد منذ العام 2019. وسيكون في حاجة ماسة إلى مد يد العون من المجتمع الدولي لتحقيق إصلاحات اقتصادية توقف التدهور الاقتصادي والنقدي والمصرفي.
وفيما يلي أبرز التحديات الاقتصادية التي تعرض لها لبنان منذ 2019، عندما عانى تراجعات متتالية في سعر صرف عملته المحلية الليرة حتى اليوم.
منذ عام 2019، يعاني لبنان انهيارا ماليا يُعد من أسوأ الأزمات في العصر الحديث وفقًا للبنك الدولي، إذ فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها إلى متوسط 90 ألفا أمام الدولار من 1500 سابقا.
وبينما انهارت الثقة بالنظام المصرفي بالكامل، فإن البنوك التي كانت يوما رمزا للاستقرار، أصبحت عاجزة عن تلبية طلبات السحب بالدولار، ما أدى إلى تآكل مدخرات المواطنين.
التحدي الأكبر أمام الرئيس الجديد هو إعادة هيكلة القطاع المصرفي، واستعادة الثقة بين المواطنين والمستثمرين.
هذه المهمة تتطلب تعاونا مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي الذي تراجع عن الدخول في خطة إصلاحات اقتصادية مع لبنان قبل عدة سنوات.
كما يحتاج الرئيس الجديد، إلى وضع خطة لإعادة رسملة البنوك وإدارة الديون السيادية التي تجاوزت 90 مليار دولار.
إعلان التضخم وارتفاع الأسعاريعيش اللبنانيون تحت وطأة تضخم مفرط، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بشكل هائل.
ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة لعام 2023، يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر وسط تضخم مرتفع تجاوز في بعض المراحل 300%، ما أثّر على القوة الشرائية للمواطنين وجعل تأمين الاحتياجات تحديا يوميا.
للتعامل مع هذه الأزمة، يحتاج الرئيس عون إلى وضع سياسات اقتصادية عاجلة، مثل تعزيز الأمن الغذائي، وتشجيع الإنتاج المحلي، ودعم الفئات الأكثر ضعفا عبر برامج حماية اجتماعية فعالة.
ويعاني لبنان اليوم عجزا عن تلبية إمدادات السوق المحلية من مشتقات الطاقة إلى جانب الوقود المستخدم في توليد الكهرباء، ما أدى إلى انتعاش السوق السوداء لتوفير الوقود.
كما يعد قطاع الطاقة في لبنان من بين الأكثر فشلًا، حيث يعاني المواطنون انقطاع الكهرباء ساعات طويلة يوميا، ويعتمدون على المولدات الخاصة بتكاليف باهظة.
وتعود الأزمة إلى عقود من سوء الإدارة والفساد، ما جعل إنتاج الكهرباء مكلفا وغير مستدام.
ويتعين على الرئيس المنتخب وضع خطة شاملة لإصلاح قطاع الكهرباء، تشمل الاستثمار في الطاقة المتجددة، وزيادة كفاءة محطات التوليد، والحد من الهدر التقني، بحسب دراسة سابقة للبنك الدولي.
الدين العام وعجز الموازنةيُعتبر الدين العام اللبناني من بين الأعلى عالميا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يتجاوز 150% بحلول منتصف 2024، فيما تعاني الموازنة العامة عجزا مزمنا نتيجة الإنفاق غير المبرر، والتهرب الضريبي، وضعف الإيرادات.
ووفق مسودة إصلاحات كانت قائمة بين لبنان وصندوق النقد الدولي، فإن التحدي هنا يكمن في تنفيذ إصلاحات مالية جذرية تشمل ترشيد الإنفاق الحكومي، وتحسين جباية الضرائب، ومكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وإعادة هيكلة الدين بما يتماشى مع قدرة الاقتصاد على التعافي.
لبنان يحتاج بشكل عاجل إلى دعم المجتمع الدولي، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو القروض الميسّرة.
إعلانومع ذلك، فإن هذا الدعم مشروط بتنفيذ إصلاحات حقيقية، فقد أعربت الدول المانحة وصندوق النقد الدولي مرارا عن استعدادهم للمساعدة لكن بشرط تطبيق الشفافية ومكافحة الفساد.
وهو ما يتطلب من الرئيس عون بناء علاقات قوية مع المجتمع الدولي، وإظهار الالتزام الجدي بالإصلاحات المطلوبة لاستعادة ثقة المانحين.
البطالة وهجرة الكفاءاتوارتفعت معدلات البطالة بشكل حاد لتتجاوز 30% بحلول مطلع 2024، مع مستويات أعلى بين الشباب. هذا الوضع أدى إلى هجرة جماعية للكفاءات خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والهندسة.
كما تأثرت القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم بشدة نتيجة الأزمة الاقتصادية، بينما تعاني المستشفيات نقصا في التمويل والمعدات الطبية، وتواجه المدارس صعوبة في تأمين رواتب المعلمين وتوفير بيئة تعليمية مناسبة.
فيما يُعتبر الفساد من أبرز أسباب الانهيار الاقتصادي في لبنان، فالمؤسسات العامة تعاني سوء الإدارة، والمحسوبية ما يعرقل تنفيذ أي إصلاحات جدية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المجتمع الدولی
إقرأ أيضاً:
فيديو لتوليد الكهرباء باليورانيوم بالسودان يشعل الجدل.. ما قصته؟
انتشر على منصات التواصل الاجتماعي في السودان وخارجه مقطع فيديو يظهر شابا يحمل قطعة بلورية شفافة تضيء كشافا بمجرد ملامستها، مع تعليقات تزعم أن المادة هي "يورانيوم طبيعي" قادر على توليد الكهرباء لعشرات السنين.
ورافق الفيديو مزاعم بأن هذه الثروة المزعومة تقف وراء الحرب الجارية في السودان، في إطار "صراع دولي على الموارد الطبيعية والمعادن النادرة"، وفق ما كتبه ناشرو المقطع.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حقّق ملايين المشاهدات.. ما حقيقة الفيديو المتداول لاعتقال طفلة مهاجرة في أميركا؟list 2 of 2“أبعدوها عنا لأنها نجسة”.. حقيقة منشورات للمسلمين تطالب بمنع تجول الكلاب في كنداend of listبداية الانتشارفي 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدأ مقطع قصير ينتشر على منصات التواصل الاجتماعي داخل السودان وخارجه.
وأظهر الفيديو شابا يحمل قطعة بلورية شفافة، تضيء كشافا صغيرا بمجرد ملامستها بيده، في مشهد بدا غريبا ومثيرا للفضول.
ومع غياب أي تفسير علمي واضح، سرعان ما تحول المشهد إلى مادة خصبة للشائعات والنظريات المتداولة حول "كنز السودان المخفي".
عرفتو سبب للحرب في السودان. ده الشغل الدايرنوا الخواجات. يورانيوم يولد كهرباء الف سنة كهرباء ما تقطع pic.twitter.com/XVmjhceojY
— عاشق السودان (@h26986) October 12, 2025
في غضون ساعات قليلة، حقق المقطع آلاف المشاركات وملايين المشاهدات، وانهالت عليه التعليقات التي مزجت بين الدهشة والغضب.
كتب أحد المستخدمين قائلا "عرفتو سبب الحرب في السودان؟ ده الشغل اللي دايرنوا الخواجات يورانيوم يولد كهرباء ألف سنة، كهرباء ما تقطع!" وهي عبارة لاقت تفاعلا واسعا من متابعين رأوا في المقطع دليلا على أن السودان يستنزف بسبب ثرواته المدفونة.
هذا احد أسباب الإبادة المستمرة في #السودان والدعم الغربي العربي لاستمراره
إلا وهو مادة اليورانيوم
حيث يُستخدم اليورانيوم بشكل أساسي في توليد الطاقة النووية كمصدر للوقود في محطات الطاقة لتوليد الكهرباء، ويُستخدم أيضاً في التطبيقات العسكرية مثل صناعة القنابل النووية، وفي بعض… pic.twitter.com/RgL7u4wiSz
— فـــهــ ـد (@fahadq801) October 12, 2025
إعلانلم يتوقف الجدل عند حدود الحماسة الشعبية، بل امتد إلى صفحات وشخصيات مؤثرة ربطت الفيديو بما وصفته بـ"مؤامرة دولية كبرى"، حيث كتب أحد الحسابات "هذا أحد أسباب الإبادة المستمرة في السودان والدعم الغربي والعربي لاستمرارها، لأن السودان يملك ثالث أكبر احتياطي يورانيوم في العالم، يقدّر بـ1.5 مليون متر مكعب".
مقطع متداول في السودان يتحدث عن أن السبب الحقيقي وراء الحرب هو صراع الدول الأجنبية على ثروات السودان الطبيعية، خاصة اليورانيوم الذي يمكن أن يُستخدم لتوليد الكهرباء لفترات طويلة pic.twitter.com/HSH5vmMKi1
— raneen k (@dafna23j) October 13, 2025
بينما ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن الصراع الدائر في البلاد ليس سوى حرب على الموارد، وأن اليورانيوم بات "الذهب الجديد" الذي تتنافس عليه القوى الإقليمية والدولية.
ما الحقيقة؟أجرى فريق "الجزيرة تحقق" فحصا فنيا دقيقا للمقطع المتداول، ليتبين أن المشهد مضلل وغير حقيقي، فبعد تحليل النسخة الكاملة للفيديو،اتضح أن الشاب الذي يظهر فيه لا يجري تجربة علمية على "حجر من اليورانيوم"، بل يحمل ضوءا صغيرا مدمجا يشبه تماما الأضواء المستخدمة في الولاعات الإلكترونية المنتشرة في الأسواق.
ويُظهر التسجيل أن الشاب يضغط بإبهامه على زر جانبي في اللحظة نفسها التي يلامس فيها القطعة البلورية، مما يفعل الضوء ويخلق انطباعا بصريا زائفا بأن الحجر يضيء ذاتيا أو يولد طاقة كهربائية.
وبالمقارنة بين المشهد وصور الولاعات المتوفرة تجاريا، يتضح تطابق تام في التصميم وطريقة التشغيل، ما يؤكد أن ما حدث أمام الكاميرا خدعة يدوية بسيطة جرى توظيفها بذكاء لتبدو كأنها اكتشاف علمي.
إضافة إلى ذلك، يظهر الشخص في الفيديو وهو يتعامل مع القطعة بيديه العاريتين دون أي أدوات وقاية أو بدلات عازلة، في مخالفة تامة لإجراءات السلامة الإشعاعية المتبعة عند التعامل مع مواد مشعة، حتى في أدنى تركيزاتها.
إذ يتطلب التعامل مع اليورانيوم الحقيقي وجود مختبرات متخصصة مزودة بعوازل ومراقبة إشعاعية دقيقة، وهو ما يعد دليلا قاطعا على أن المادة الظاهرة في الفيديو ليست يورانيوم، بل مجرد أداة ضوئية عادية استخدمت لإيهام الجمهور بمشهد علمي زائف.
لماذا لا يصح الادعاء علميا؟الادعاء القائل بأن قطعة صغيرة قادرة على توليد كهرباء لمدة ألف سنة يُهمل المبادئ الفيزيائية والعمليات الصناعية الأساسية.
ووفق تقارير وزارة الطاقة الأميركية، إنتاج الطاقة من اليورانيوم يبدأ بسلسلة معقّدة من الخطوات تبدأ باستخراج الخام ثم معالجة كميات هائلة من الصخور لاستخلاص كميات ضئيلة من المعدن النقي، إذ قد تتطلب عملية استخلاص كيلوغرام من اليورانيوم معالجة أطنان من المواد الخام.
ثم تأتي مرحلة التخصيب التي ترفع نسبة النظير الانشطاري U-235 إلى مستويات مناسبة للاستخدام في المفاعلات، وهذه المرحلة تعتمد على تقنيات متقدّمة مثل الطرد المركزي الغازي وبنى تحتية صناعية متخصصة ومكلفة.
إعلانكما أن تحويل اليورانيوم إلى طاقة كهربائية ليس أمرا فوريا ولا يحدث بمجرد وجود قطعة صلبة صغيرة في اليد، بل يحتاج إلى منظومة صناعية من مناجم ومصاهر ومختبرات ومفاعلات ومرافق أمان إشعاعي.
ووفقا لإحصائيات دولية تمتلك أستراليا وكازاخستان وكندا النصيب الأكبر من اليورانيوم بنسبة تتجاوز 50% من الاحتياطي العالمي لهذا العنصر الكيميائي، لكن أستراليا من بين الدول الأكثر بروزا، إذ تمتلك ما يزيد عن 1.7 مليون طن من اليورانيوم بنسبة 28% من إجمالي الاحتياطي العالمي في الوقت الراهن.