هذه شروط مسابقة أحسن شارة للصالون الدولي للسياحة
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
أعلنت محافظة الصالون الدولي للسياحة والأسفار، عن تنظيم مسابقة أحسن شارة للصالون، يشارك فيها كل أنفوغراف محترف أو هاوي يحمل الجنسية الجزائرية.
وحسب وزارة السياحة، تمنح الجائزة لأحسن اقتراح شارة للصالون الدولي للسياحة والأسفار وتستعمل لعقد من الزمن (2024-2033).
وتكون المشاركة بالتسجيل عن طريق ملء استمارة يمكنكم تنزيلها عبر الموقع الإلكتروني www.
ويتم ارسال العمل لأعضاء لجنة تحكيم “شارة الصالون” في أجل لا يتجاوز يوم 14 سبتمبر 2023 قبل الساعة الرابعة بعد الزوال، عبر البريد الإلكتروني التالي: [email protected].
وتتمثل شروط مسابقة احسن شارة للصالون الدولي للسياحة والأسفار فيما يلي:
لا يتمّ قبول سوى الأعمال الأصلية، التي لم يتم نشرها من قبل. والمسابقة مفتوحة لكل مصمم أنفوغرافي محترف أو هاوي يحمل الجنسية الجزائرية. باستثناء أعضاء لجنة التحكيم و كذا أعضاء لجنة محافظة الصالون. والمشاركة مجانية.
وتخص المسابقة مقترح شارة للصالون الدولي للسياحة والأسفار لمدّة عقد من الزمن (2024-2033). ويتمّ منح جائزة المسابقة للفائز واحد فقط.
كما يمكن لكلّ مترشح تقديم عمل أصلي واحد فريد، يرسل في شكل قابل للاستغلال (AI، SVG، PDF، …). ويرسل العمل في شكل إلكتروني عبر البريد الإلكتروني التالي: [email protected] .
كما أنه على كل مترشح ملء استمارة المشاركة، يمكن تنزيلها عبر الموقع الإلكتروني www.sitev.dz من خلال الخانة الخاصة بالمسابقات. تتضمن المعلومات المخّاصة به. وإرسالها عبر البريد الالكتروني مرفوقة بمقترح الشّارة، ونسخة عن بطاقة التعريف الوطنية.
ويرسل ملف الترشح لأعضاء لجنة تحكيم “شارة الصالون” في أجل لا يتجاوز 14 سبتمبر 2023 قبل الساعة الرابعة بعد الزوال (00: 16سا). ويرفض كلّ ملف غير مكتمل.
كما لا يمكن استرجاع الأعمال المقدمة للمسابقة، ولا أن تكون موضوع شكوى.
وتتشكل لجنة تحكيم المسابقة من صحفي متخصص في السّياحة، وأنفوغراف محترف، وأستاذ من المدرسة العليا للفنون الجميلة. وحرفي مصمم، وممثل عن وزارة السياحة والصناعة التقليدية. وممثل عن محافظة الصالون الدولي للسياحة والأسفار.
وتقوم لجنة التحكيم بانتقاء العمل المؤهل وتمنح جائزة لصاحبه.
تتم مداولات لجنة التحكيم بسرية تامة، إلى غاية الإعلان عن نتائج المسابقة.
تعتبر قرارات لجنة التحكيم نهائية وغير قابلة للنقاش. وتكتسب محافظة الصالون حقوق ملكية العمل المختار وتحتفظ بحق استعماله. ابتداء من تاريخ الإعلان عن نتائج المسابقة، والذي سيكون يوم 01 أكتوبر 2023 كحدّ أقصى.
وتمنح للفائز جائزة بالدينار الجزائري خلال حفل اختتام الطبعة 22 للصالون الدولي للسياحة والأسفار، و ذلك يوم 01 أكتوبر 2023.
بالتوفيق للجميع.
ومن المزمع تنظيم الصالون الدولي للسياحة والأسفار في الفترة الممتدة من 28 سبتمبر إلى 01 أكتوبر 2023، بقصر المعارض الصنوبر البحري، في الجزائر العاصمة.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: لجنة التحکیم
إقرأ أيضاً:
«بالتي هي أحسن».. ننشر نَص موضوع خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف
حدَّدت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المقبلة 17 أكتوبر الجاري، الموافق 25 من ربيع الآخر 1447 هـ، بعنوان «بالتي هي أحسن».
وأوضحت الوزارة، أن الهدف من موضوع الخطبة التوعية بأخلاقيات وآداب الاتفاق والاختلاف، وضرورة استيعاب الآخر.
وكانت أعلنت الوزارة نص موضوع خطبة الجمعة الماضية بعنوان صحّح مفاهيمك، مشيرة إلى أن الهدف منها التعريف بمبادرة «صحح مفاهيمك» التي أطلقتها الوزارة، ومحاور المبادرة، التي تشمل الغش في الامتحانات وتخريب الممتلكات العامة والخلافات الأسرية، ويأتي نص الخطبة كما يلي:
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ، وَيُكَافِىءُ مَزِيدَهُ، لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ، وَلِعَظِيمِ سُلْطَانِكَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْأَتَمَّانِ الْأَكْمَلَانِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا بَعْدُ
(1) الْخِلَافَاتُ الْأُسَرِيَّةُ بِاعْتِبَارِهَا مِنْ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ
أَوَّلًا: ذَمُّ الْإِسْلَامِ لِلطَّلَاقِ: حَثَّ الْإِسْلَامُ عَلَى لَمِّ شَمْلِ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومِ وَالْأُسْرَةِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ، وَدَعَا إِلَى رَبْطِ أَوَاصِرِ الْمَحَبَّةِ، وَلِهَذَا لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لَفْظُ «الْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ» سِوَى فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: أَوَّلُهُمَا: فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّينَ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾، ثَانِيَهُمَا: فِي ثَنَايَا الْحَدِيثِ عَنْ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَصَيْدِهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾، ثَالِثُهُمَا: فِي وَصْفِ عَقْدِ النِّكَاحِ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾، وَهَذَا يُعْطِيكَ مَعَانِيَ الْإِلْزَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ، وَتَحْقِيقِ السَّكَنِ وَالِاسْتِقْرَارِ، فَرِبَاطُ الزَّوَاجِ رِبَاطٌ مُقَدَّسٌ يَعْسُرُ نَقْضُهُ كَالثَّوْبِ الْغَلِيظِ يَعْسُرُ شَقُّهُ، وَلِذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ التَّأْبِيدُ لَا التَّأْقِيتُ، وَقَدْ جَاءَ التَّحْذِيرُ فِيمَنْ سَعَى لِلتَّفْرِيقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ دُونَ سَبَبٍ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا وَلَا مَمْلُوكًا عَلَى سَيِّدِهِ» (الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ)، بَلْ حَرَّمَ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي تَطْلُبُ الطَّلَاقَ دُونَ سَبَبٍ مُقْنِعٍ دُخُولَ الْجَنَّةِ، لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهَا هَذَا ضَيَاعُ الْأُسْرَةِ، وَتَشْرِيدُ الْأَطْفَالِ فَعَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» (التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ)، وَلَا يَفْرَحُ إِبْلِيسُ بِشَيْءٍ كَفَرَحِهِ بِالطَّلَاقِ، وَإِحْدَاثِهِ الْفُرْقَةَ وَالشِّقَاقَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ» (مُسْلِمٌ)، فَانْظُرْ رَحِمَنِيَ اللَّهُ وَإِيَّاكَ كَيْفَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَفْرَحُ بِالتَّفْرِيقَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا يُبَالِي بِمَا سِوَاهَا مِنَ الْفِتَنِ.ألعاب عائلية
لقد سمَّى اللهُ عزَّ وجلَّ إحدى سُوَرِ القرآنِ الكريمِ ب «سورةِ الطلاقِ» فلِمَاذَا؟ السِّرُّ يتلخَّصُ في أنَّ اللهَ سهَّلَ طريقَ الزواجِ، ولم يُصعِّبْهُ على الإنسانِ، بينما شدَّدَ في الطلاقِ، وبيَّنَ أحكامَهُ مفصَّلةً، وحذَّرَ منهُ، فعَنْ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطلاقُ» (رواهُ ابنُ ماجهَ)، لأنَّهُ يترتَّبُ عليهِ خرابُ البيوتِ التي كانت قِوامُها المودَّةُ والرحمةُ، وضياعُ الأسرةِ التي قد يستمرُّ تأسيسُها سنواتٍ طوالٍ، وكفاحٌ موصولٌ بالليلِ والنهارِ، فناسبَ أنْ يجعلَ اللهُ لهُ سورةً بمثابةِ جرسِ إنذارٍ لمَن يفكِّرُ أو يخطُرُ ببالِهِ الإقدامُ على هذا الأمرِ، وليكُنْ إقدامُهُ هذا مشفَّعًا بآدابِ الإسلامِ، وأخلاقِ سيِّدِ الأنامِ، ولذا عندما تتأمَّلُ سياقَ الآياتِ التي وردَ فيها الحديثُ عن الطلاقِ «البقرةُ، النساءُ، الطلاقُ» تجدْ فيها أنَّ اللهَ - عادةً - ما يتبعُ ذلكَ بالحديثِ عن خلقِ المعروفِ، وعدمِ نسيانِ الآخرةِ، ليرشدَ العبدَ أنْ يكونَ فراقُهُ فراقًا جميلًا عن طيبِ نفسٍ، وسلامةِ قلبٍ، ولا ينسَ ما كانَ بينهما من عشرةٍ ومحبَّةٍ، إذْ هذا أبقى للوصالِ، خاصَّةً إذا كان ثَمَّةَ أطفالٌ بينهما.ألعاب عائلية
ثانيًا: الخلافاتُ الأسريَّةُ عاملٌ رئيسٌ في الطلاقِ: إنَّ بعضَ الأزواجِ يقفُ بالمرصادِ تجاهَ الآخرِ، فلا يغفرُ زلَّةً، ولا يقيلُ عثرةً، ولا يسترُ عورةً، يغضبُ من أدنى شيءٍ، فهما يريدانِ الكمالَ من بعضِهما، وكأنَّهما ليسا بشرًا، ولم يُكتَبْ عليهما الخطأُ والزَّلَلُ، مع أنَّ هذا جهلٌ مطبِقٌ بالطبيعةِ الإنسانيَّةِ التي لا مفرَّ ولا محيصَ عنها، ألا وهي ارتكابُ الذَّنبِ ثمَّ التوبةُ والرُّجوعُ إلى علَّامِ الغيوبِ، وصدقَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حيثُ قالَ: «كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التوَّابونَ» (ابنُ ماجهَ)، فالرَّجلُ جهلَ أنَّ المرأةَ تتحكَّمُ فيها العاطفةُ والمشاعرُ، فبكلمةٍ يكسبُ ودَّها، ويسكنُ غضبَها، ويهدأُ بالُها، فعَنْ أبي هريرةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: «المرأةُ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ أعوجَ، وإنَّكَ إنْ أقمتَها كسرتَها، وإنْ تركتَها تعِشْ بها وفيها عِوَجٌ» (الحاكمُ وصحَّحَهُ ووافقَهُ الذَّهبيُّ). كيفَ تستقيمُ الحياةُ بينهما وهما في صراعٍ دائمٍ لا ينقطعُ، ونزاعٍ موصولٍ لا يزولُ؟ فليتنازلِ الرَّجلُ عن كبريائِهِ، والمرأةُ عن عنادِها، وتأمَّلْ قولَ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾، تجدْ فيهِ دلالةً على أنَّ المرأةَ خُلِقَتْ مِنْ طينةِ الرَّجلِ، فيها ما فيهِ من ضعفٍ ونقصٍ وخطأٍ، فلا ينبغي أنْ يُفترضَ فيها الكمالُ، والأمرُ كذلكَ بالنِّسبةِ لهُ، إنَّهما من الطِّينةِ ذاتِها.ألعاب عائلية
ومن أقوى أسبابِ الطلاقِ تدخُّلُ الأهلِ والأقاربِ، وإفشاءُ أسرارِ البيوتِ - خاصَّةً على مواقعِ التواصُلِ الاجتماعيِّ - فكمْ مِن بيتٍ خُرِّبَ، وكمْ مِن أُسَرٍ شُرِّدَتْ بسببِ ذلكَ. إنَّ أسرارَ العلاقةِ الزوجيَّةِ بكلِّ أشكالِها يجبُ أنْ تكونَ حبيسةَ البيتِ، لا تخرجُ بحالٍ، فعن أبي سعيدٍ الخدريِّ قالَ: رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّ مِنْ أشرِّ النَّاسِ عندَ اللهِ منزلةً يومَ القيامةِ: الرَّجلَ يُفضي إلى امرأتِهِ، وتُفضي إليهِ، ثمَّ ينشرُ سرَّها» (مسلمٌ).
ثَالِثًا: عِلَاجُ الإِسْلَامِ لِظَاهِرَةِ الطَّلَاقِ: دِينُنَا كَمَا شَرَعَ الزَّوَاجَ، لِيُحَقِّقَ الأُلْفَةَ وَالِاسْتِقْرَارَ فِي الوَقْتِ ذَاتِهِ إِذَا اسْتُنْفِدَتْ كُلُّ المُحَاوَلَاتِ، وَاسْتَحَالَتِ العِشْرَةُ، أَصْبَحَ مِنَ الحِكْمَةِ مُفَارَقَةُ أَحَدِهِمَا لِلآخَرِ، وَهُنَا شَرَعَ الحَقُّ الطَّلَاقَ لِلرَّجُلِ أَوِ الخُلْعَ لِلْمَرْأَةِ، فَأَيُّهَا الأَزْوَاجُ إِمَّا مُعَاشَرَةٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فِرَاقٌ بِإِحْسَانٍ، وَلَا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾، وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الآيَةُ بَعْدَ الآيَاتِ الدَّاعِيَةِ إِلَى الإِصْلَاحِ عِنْدَ نُشُوزِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، فَالفِرَاقُ لَمْ يُشْرَعْ إِلَّا بَعْدَ مُحَاوَلَاتِ إِصْلَاحٍ مُتَكَرِّرَةٍ، وَلَكِنْ دِينُنَا الحَنِيفُ قَدْ وَضَعَ بَعْضَ التَّدَابِيرِ لِلْحِيلُولَةِ دُونَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، مِنْ هَذِهِ التَّدَابِيرِ:
(1)المُصَارَحَةُ وَالمُكَاشَفَةُ وَالتَّأْهِيلُ قَبْلَ الزَّوَاجِ: يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الإِقْدَامِ عَلَى الزَّوَاجِ أَنْ يُصَارِحَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرَ بِعُيُوبِهِ، لِيَعْرِفَ هَلْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَأَقْلَمَ وَيَتَعَايَشَ مَعَ الآخَرِ، إِذْ هُنَاكَ بَعْضُ العُيُوبِ لَوِ اطَّلَعَ عَلَيْهَا كُلٌّ مِنْهُمَا مُبَكِّرًا لَحَكَمَ الطَّرَفُ الآخَرُ هَلْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُكْمِلَ مَعَهُ مَسِيرَةَ حَيَاتِهِ أَمْ لَا؟ أَوْ سَيُهَيِّئُ نَفْسَهُ لِتَقَبُّلِ تِلْكَ الصِّفَاتِ. وَقَدْ ضَرَبَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا المَثَلَ حِينَ ذَهَبَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَاطِبًا فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فِيَّ ثَلَاثَ خِصَالٍ: أَنَا امْرَأَةٌ كَبِيرَةٌ، فَقَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْكِ، قَالَتْ: وَأَنَا امْرَأَةٌ غَيُورٌ، فَقَالَ: أَدْعُو اللَّهَ فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ، قَالَتْ: وَأَنَا امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ، فَقَالَ: هُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ» (أَحْمَد). خَاصَّةً وَأَنَّ فَتْرَةَ الخِطْبَةِ يُحَاوِلُ فِيهَا كُلٌّ مِنهُمَا أَنْ يُظْهِرَ مَحَاسِنَهُ وَيُخْفِيَ مَسَاوِئَهُ. وَقَدْ وَضَعَ دِينُنَا قَاعِدَةً عَرِيضَةً قَالَ ﷺ: «وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» (مُسْلِم).
(2)حُسْنُ الخُلُقِ، وَاحْتِمَالُ الأَذَى، وَمَعْرِفَةُ طَبِيعَةِ كُلٍّ مِنهُمَا: إِنَّ العَاقِلَ هُوَ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ نَظْرَةً شَامِلَةً، لَا مِنْ زَاوِيَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَنْ يَنْظُرَ بِعَيْنِ العَقْلِ وَالمَصْلَحَةِ المُشْتَرَكَةِ، لَا بِعَيْنِ الهَوَى وَالنَّزْوَاتِ. وَأَنْ يَحْكُمَ دِينَهُ وَضَمِيرَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ عَاطِفَتَهُ. فَرُبَّمَا كَرِهَتْ نَفْسُهُ زَوْجَهُ لِتَصَرُّفٍ مَا، وَلَكِنَّهُ إِنِ احْتَمَلَهُ وَتَغَاضَى عَنْهُ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. وَقَالَ ﷺ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» (مُسْلِم).
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: «يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ فِي أَهْلِهِ مِثْلَ الصَّبِيِّ، فَإِذَا التَمَسُوا مَا عِنْدَهُ وَجَدُوهُ رَجُلًا». وَقَالَ الغَزَالِيُّ: «مِنْ آدَابِ المُعَاشَرَةِ حُسْنُ الخُلُقِ مَعَهُنَّ، وَاحْتِمَالُ الأَذَى مِنْهُنَّ، تَرَحُّمًا عَلَيْهِنَّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ حُسْنُ الخُلُقِ كَفَّ الأَذَى، بَلِ احْتِمَالُهُ، وَالحِلْمُ عَنْ طَيْشِهَا وَغَضَبِهَا، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ”.
إِنَّ مِعْيَارَ تَذَكُّرِ الفَضْلِ عِنْدَ الخِلَافِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا، بَلْ هُوَ سَيِّدُ المَوَاقِفِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾. وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فَقَالَ: «إِنِّي لَا أُحِبُّ زَوْجَتِي وَأُرِيدُ طَلَاقَهَا»، فَقَالَ لَهُ: «وَهَلْ عَلَى الحُبِّ وَحْدَهُ تُبْنَى البُيُوتُ؟!» (الزَّوَاجِرُ لابْنِ حَجَرٍ).
هَذَا أَحْرَى بِدَوَامِ العِشْرَةِ وَأَبْقَى لِلْوُدِّ وَالمَحَبَّةِ.
(3) الحِوَارُ وَالمُنَاقَشَةُ الهَادِئَةُ: إِنَّ الحِوَارَ الرَّاقِيَ، وَالمُنَاقَشَةَ البَنَّاءَةَ، وَالتِزَامَ آدَابِ الحَدِيثِ مِنْ خَفْضِ الصَّوْتِ، وَالإِنْصَاتِ الجَيِّدِ لَهُوَ أَقْرَبُ سَبِيلٍ لِحَلِّ مَشَاكِلِ الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، أَمَّا رَفْعُ الأَصْوَاتِ، وَالتَّعَالِي، وَتَرَاشُقُ الأَلْفَاظِ، بَلْ قَدْ يَصِلُ الأَمْرُ إِلَى حَدِّ الضَّرْبِ وَالاِقْتِتَالِ، فَهُوَ مَذْمُومٌ شَرْعًا وَطَبْعًا، وَكَذَا مَا يُشْبِهُ الخَرَسَ الأُسْرِيَّ الَّذِي يَقْتُلُ المَشَاعِرَ وَالعَوَاطِفَ. وَنَلْمَحُ مِنْ سَبَبِ نُزُولِ آيَاتِ «سُورَةِ المُجَادَلَةِ» كَيْفَ سَعَتِ السَّيِّدَةُ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ لِإِيجَادِ حَلٍّ لِمُشْكِلَتِهَا، وَلَمْ تَجْلِسْ فِي بَيْتِهَا، بَلْ حَاوَلَتِ التِمَاسَ العُذْرِ لِزَوْجِهَا، لَقَدْ كَانَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حَرِيصَةً عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ حَتَّى لَا يَضِيعَ الأَوْلَادُ، وَلِذَا مَا تَرَكَتْ سَبِيلًا إِلَّا سَلَكْتَهُ، وَلَا بَابًا إِلَّا طَرَقَتْهُ، إِلَى أَنْ لَجَأَتْ إِلَى بَابِ رَبِّهَا، فَأَنْزَلَ فِي شَأْنِهَا قُرْآنًا يُتْلَى إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. وَفِي قِصَّتِهَا دَلَالَةٌ بَالِغَةٌ عَلَى الحِرْصِ عَلَى بَذْلِ كُلِّ جُهْدٍ مُمْكِنٍ لِلْحَلِّ. فَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ المُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ تُكَلِّمُهُ وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ البَيْتِ، مَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾» (أَحْمَد).
(4) عَدَمُ التَّسَرُّعِ فِي اتِّخَاذِ قَرَارِ الطَّلَاقِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى العِلْمِ وَالإِصْلَاحِ: مِنَ الخِلَافِ مَا يَكُونُ حَلُّهُ بِمُرُورِ الوَقْتِ، لِذَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ عَدَمُ العَجَلَةِ وَالتَّسَرُّعِ فِي اتِّخَاذِ قَرَارِ إِنْهَاءِ الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ، وَعَلَى الطَّرَفَيْنِ مُرَاعَاةُ الحَالَةِ المِزَاجِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ الَّتِي قَدْ يَمُرُّ بِهَا أَحَدُهُمَا مِنَ الغَضَبِ أَوِ الضِّيقِ أَوِ الشِّدَّةِ أَوِ المَرَضِ، لِأَنَّ الغَضَبَ أَوِ الاِنْفِعَالَ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَصَرُّفٍ يَنْدَمُ عَلَيْهِ الإِنْسَانُ. فَالتَّسَرُّعُ آفَةٌ تَصْدَعُ كِيَانَ الأُسْرَةِ، وَالتَّعَقُّلُ وَالتَّرَوِّي كَفِيلَانِ بِحَلِّ أَيِّ مُشْكِلَةٍ. فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: عَلِّمْنِي شَيْئًا وَلَا تُكْثِرْ عَلَيَّ لَعَلِّي أَعِيهِ، قَالَ: لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ ذَلِكَ مِرَارًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا تَغْضَبْ» (التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ). وَالخِلَافُ قَدْ يَكُونُ سَهْلًا يُمْكِنُ مُدَاوَاتُهُ بِتَدَخُّلِ بَعْضِ الأَقَارِبِ وَالسَّعْيِ لِلصُّلْحِ بَيْنَهُمَا، كَمَا قَالَ رَبُّنَا: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾.
(5) تَصْحِيحُ مَفَاهِيمِ القِوَامَةِ وَالرُّجُولَةِ: الحَيَاةُ الأُسْرِيَّةُ قَائِمَةٌ عَلَى التَّعَاوُنِ المُشْتَرَكِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَمُرَاعَاةِ مَصْلَحَةِ الجَمِيعِ دُونَ إِجْحَافٍ أَوْ مُحَابَاةٍ، وَلِذَا مِنَ الحُقُوقِ الَّتِي أُسِيءَ فَهْمُهَا لَدَى بَعْضِ الرِّجَالِ «القِوَامَةُ» حَسْبَمَا نَصَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النِّسَاء: 34]. وَ«القِوَامَةُ» لَيْسَتْ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا لِلرِّجَالِ فَحَسْبُ، وَإِنَّمَا هِيَ تَكْلِيفٌ وَمَسْؤُولِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ أَدَاةً لِلتَّسَلُّطِ عَلَى المَرْأَةِ وَإِذْلَالِهَا وَالتَّقْلِيلِ مِنْ شَأْنِهَا.
(2) تَخْرِيبُ المُمتَلَكَاتِ العَامَّةِ:
يُخطِئُ الكَثِيرُ حِينَما يَتَعامَلُونَ مَعَ المَنافِعِ العَامَّةِ عَلَى أَنَّهَا كَلَأٌ مُبَاحٌ، يَفعَلُ فِيهَا مَا يَشَاءُ بِلَا حِسَابٍ وَلَا رَادِعٍ، وَكَأَنَّهَا لَا صَاحِبَ لَهَا، بَلْ يَضَعُ لِنَفسِهِ مَا شَاءَ مِنَ المُبَرِّرَاتِ دُونَ وَخْزَةٍ مِنْ ضَمِيرٍ، مَعَ أَنَّ هَذَا يَتَعَارَضُ مَعَ تَعَالِيمِ الإِسْلَامِ وَمَقَاصِدِهِ الكُلِّيَّةِ السَّامِيَةِ الَّتِي أَحَاطَتْ هَذِهِ المَنَافِعَ وَالمَرَافِقَ بِالعِنَايَةِ وَالرِّعَايَةِ وَالصِّيَانَةِ.
أَوْجَبَ الإِسْلَامُ المُحَافَظَةَ عَلَى المُمتَلَكَاتِ العَامَّةِ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لِلْجَمِيعِ، وَمَنْفَعَتُهَا لِلْعَامَّةِ، وَإِذَا كَانَ مَنْ يَأْخُذُ شَيْئًا لَيْسَ مِنْ حَقِّهِ، أَوْ يُتْلِفُ أَمْرًا مَا، أَوْ يُؤْذِي شَخْصًا مَا، فَإِنَّ فَاعِلَهُ سَيَكُونُ خَصِيمًا لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَمَا بَالُنَا بِمَنْ يُضِرُّ بِالمَرَافِقِ العَامَّةِ، أَوْ يَسْعَى لِتَخْرِيبِهَا، لَا شَكَّ أَنَّ الذَّنْبَ أَعْظَمُ، وَالحُرْمَةُ أَشَدُّ، وَالجَمِيعُ خُصَمَاءُ لَهُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَنِ المُفْلِسُ، قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ المُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
كَمَا أَمَرَ الإِسْلَامُ بِإِصْلَاحِ الأَرْضِ، وَجَاءَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ﴾، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ الإِفْسَادَ فِيهَا بِأَيِّ وَسِيلَةٍ أَوْ بِأَيِّ طَرِيقَةٍ. وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنَّ مَادَّةَ «فَسَدَ» بِجَمِيعِ مُشْتَقَّاتِهَا قَدْ وَرَدَتْ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ «خَمْسِينَ مَرَّةً»، وَوَضَعَ حَدَّ الحِرَابَةِ لِمَنْ يُفْسِدُ فِيهَا، أَوْ يُضِرُّ بِالمَنَافِعِ العَامَّةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا﴾.
وَالنَّاظِرُ فِي تُرَاثِنَا الإِسْلَامِيِّ يَجِدْ أَنَّ الإِسْلَامَ عَالَجَ بَعْضَ السَّلْبِيَّاتِ الَّتِي تَضُرُّ بِالمَرَافِقِ العَامَّةِ:
التَّوْعِيَةُ المُجْتَمَعِيَّةُ وَاجِبٌ دِينِيٌّ وَوَطَنِيٌّ: لَقَدْ أَوْجَبَ دِينُنَا عَلَى المُسْلِمِ رِعَايَةَ بَيْتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ سَيُسْأَلُ عَنْهُمْ يَومَ القِيَامَةِ. عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التَّحْرِيم: 6].
وَعَلَى هَذَا فَالأُسْرَةُ مَسْؤُولَةٌ عَنْ تَوْعِيَةِ أَوْلَادِهَا بِأَهَمِّيَّةِ هَذِهِ المُمتَلَكَاتِ، وَضَرُورَةِ عَدَمِ العَبَثِ بِهَا، فَدِينُنَا يَحُثُّنَا عَلَى ذَلِكَ. وَالدَّوْلَةُ أَنْشَأَتِ المَدَارِسَ وَالمَكْتَبَاتِ العَامَّةَ وَالمُسْتَشْفَيَاتِ وَالحَدَائِقَ وَغَيْرَهَا لِخِدْمَةِ الجَمِيعِ، لِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نُرَبِّيَ أَوْلَادَنَا عَلَى وُجُوبِ صِيَانَتِهَا وَعَدَمِ إِتْلَافِهَا وَتَشْوِيهِهَا، وَإِلَّا قَلَّتِ الاستِفَادَةُ مِنْهَا.
ثُمَّ يَأْتِي دَورُ المَدرَسَةِ فِي تَكْمِلَةِ مَا بَدَأَتْهُ الأُسْرَةُ، فَيَتَعَوَّدُ الاِبْنُ عَلَى التَّعَامُلِ مَعَ المُمتَلَكَاتِ العَامَّةِ عَلَى أَنَّهَا مِلكٌ خَاصٌّ فَيُحَافِظُ عَلَيهَا أَيْنَمَا وُجِدَتْ. وَلِوَسَائِلِ الإِعْلَامِ المَرْئِيَّةِ وَالمَسْمُوعَةِ وَالمَقْرُوءَةِ دَورٌ أَيْضًا فِي ذَلِكَ، وَكَذَا مُؤَسَّسَاتُ المُجْتَمَعِ المَدَنِيِّ عَنْ طَرِيقِ تَوْعِيَةِ المُوَاطِنِينَ وَتَثْقِيفِهِم بِضَرُورَةِ المُحَافَظَةِ عَلَى المَرَافِقِ العَامَّةِ، مِنْ خِلَالِ نَشْرِ اللَّافِتَاتِ وَاللَّوحَاتِ فِي الأَمَاكِنِ العَامَّةِ المُخْتَلِفَةِ، وَتَقْدِيمِ النَّصْحِ وَالإِرْشَادِ لِلآخَرِينَ إِذَا قَامُوا بِأَعْمَالٍ مُنَافِيَةٍ لِلذَّوقِ العَامِّ. وَهَكَذَا لَابُدَّ مِنْ تَكَاتُفِ الجَمِيعِ فِي سَبِيلِ الحِفَاظِ عَلَى مُقَدَّرَاتِ وَطَنِنَا الغَالِي.
لَقَدْ رَبَّى رَسُولُنَا ﷺ جِيلَ الصَّحَابَةِ الأَوَائِلِ عَلَى هَذِهِ الأَخْلَاقِ، فَنَشَرُوا الأَمْنَ وَالأَمَانَ، وَقِيَمَ الإِصْلَاحِ وَالبِنَاءِ بَيْنَ الأَنَامِ. فَعَلَينَا أَنْ نُعَزِّزَ قِيَمَ الوَلَاءِ وَالانْتِمَاءِ لِلوَطَنِ، وَتَعْمِيقَ الشُّعُورِ بِالمَسْؤُولِيَّةِ تُجَاهَ المَالِ العَامِّ، وَنَشْرَ ثَقَافَةِ النَّزَاهَةِ وَالشَّفَافِيَّةِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَوْلَا كَانَ مِنَ القُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ [هُود: 116].
(3) الغِشُّ فِي الامْتِحَانَاتِ:
أَوَّلًا: حُرْمَةُ الغِشِّ بِجَمِيعِ صُوَرِهِ وَأَشْكَالِهِ: جَاءَ الإِسْلَامُ بِالأُصُولِ العَظِيمَةِ الَّتِي تَقِي المُجْتَمَعَ مِنَ المَضَارِّ وَالأَخْطَارِ، وَمِنْ ذَلِكَ: “تَحْرِيمُ الغِشِّ بِكَافَّةِ صُوَرِهِ”، فَهُوَ خُلُقٌ ذَمِيمٌ، وَجَرِيمَةٌ مُنْكَرَةٌ، لِأَنَّ فِيهِ تَضْيِيعًا لِلْحُقُوقِ، وَضَيَاعًا لِلأَمَانَةِ، وَقَلْبًا لِلْحَقَائِقِ، وَلِذَا عُدَّ مِنْ صِفَاتِ غَيْرِ أَهْلِ الإِيمَانِ. فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» (مُسْلِم).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّنْعَانِيُّ: (“مَنْ غَشَّ”: خَدَعَ فِي أَيِّ أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ الدِّينِيَّةِ أَوِ الدُّنْيَوِيَّةِ لِأَيِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ أَوْ كَافِرٍ، وَلِذَا أَطْلَقَهُ، وَلَمْ يَقُلْ “غَشَّنَا” كَغَيْرِهِ. “فَلَيْسَ مِنِّي”: تَكَرَّرَ مِثْلُ هَذَا اللَّفْظِ، وَالمُرَادُ الإِخْبَارُ أَنَّ الغَاشَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ صِفَةِ الإِيمَانِ، فَإِنَّ صِفَتَهُمْ التَّنَاصُحُ فِي الدِّينِ) [التَّنْوِيرُ شَرْحُ الجَامِعِ الصَّغِيرِ، 10/325].
وَمَفْهُومُ الغِشِّ وَاسِعٌ، فَهُوَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى البَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَحَسْبُ، بَلْ هُوَ أَعَمُّ وَأَشْمَلُ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي هَذَا يَقُولُ الأُسْتَاذُ الدُّكْتُورُ مُوسَى شَاهِين لاَشِين: (وَلَيْسَ الغِشُّ قَاصِرًا عَلَى البَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الزَّوَاجِ…، كَمَا يَكُونُ فِي الامْتِحَانِ بِإِبْرَازِ الجَاهِلِ فِي صُورَةِ العَالِمِ، وَبِإِبْرَازِ المُفْلِسِينَ وَالمُهْمِلِينَ فِي صُورَةِ الأَذْكِيَاءِ المُجِدِّينَ. كَمَا يَكُونُ فِي الوَظَائِفِ العَامَّةِ، وَالأَعْمَالِ الخَاصَّةِ، وَفِي كُلِّ المُعَامَلاَتِ) [فَتْحُ المُنْعِمِ شَرْحُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، 1/332].
ثَانِيًا: الغِشُّ فِي الامْتِحَانَاتِ مِنْ أَعْظَمِ الجَرَائِمِ عَلَى الإِطْلَاقِ: إِنَّ المَعْصِيَةَ المُتَعَدِّيَةَ أَعْظَمُ خَطَرًا وَعُقُوبَةً مِنَ المَعْصِيَةِ القَاصِرَةِ. وَالغِشُّ فِي الامْتِحَانَاتِ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إِلَى الغَيْرِ، فَيُضْعِفُ مُسْتَوَى التَّعْلِيمِ، وَتَفْقِدُ الشَّهَادَاتُ مِصْدَاقِيَّتَهَا، وَيَخْرُجُ لِلْمُجْتَمَعِ جُهَّالٌ يَحْمِلُونَ شَهَادَةَ زُورٍ، وَيُؤَثِّرُونَ سَلْبًا عَلَى أَدَاءِ الأُمَمِ وَالمُؤَسَّسَاتِ.
إِنَّ الغِشَّ فِي الامْتِحَانِ فِيهِ إِلحَاقٌ لِلأَذَى بِالبَشَرِيَّةِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأَحْزَاب: 58]. وَقَالَ العَلاَّمَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلَّانٍ البَكْرِيُّ: (وَمِنْ أَشَدِّ الإِيذَاءِ: “الغِشُّ”، لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ غَيْرِ المَصْلَحَةِ، وَالخَدِيعَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ إِيصَالِ الشَّرِّ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ) [دَلِيلُ الفَالِحِينَ، 8/422].
ثَالِثًا: مَنْ يُسَاعِدُ الغَاشَّ فَهُمَا فِي الوِزْرِ سَوَاءٌ: إِنَّ هَذَا الفِعْلَ الدَّنِيءَ يَدُلُّ عَلَى خُبْثِ النَّفْسِ، وَظُلْمَةِ القَلْبِ، وَقِلَّةِ الدِّينِ وَالمُرُوءَةِ، بَلْ هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ المُنَافِقِينَ. فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وَعَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «يُطْبَعُ المُؤْمِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الخِيَانَةَ وَالكَذِبَ» [البَيْهَقِيُّ، السُّنَن الكُبْرَى].
وَكَذَا مَنْ يُعِينُ عَلَى الغِشِّ، أَوْ يَتَجَاهَلُ القِيَامَ بِمَسْؤُولِيَّةِ مَنْعِهِ أَوِ الإِبْلَاغِ عَنْهُ، فَهُوَ وَالغَاشُّ فِي الإِثْمِ سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِيمَا نِيطَ بِهِ مِنْ عَمَلٍ، وَفِعْلُهُ هَذَا مِنْ بَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ المَنْهِيِّ عَنْهُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ﴾ [المَائِدَة: 2]. وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأَنْفَال: 27].
وما من خائنٍ إلَّا تُمثَّلُ لهُ خيانتُهُ وغدرتُهُ لواءً يُعقَدُ على خلفِ ظهرِهِ ثمَّ يُرمى بخيانتِهِ في النارِ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ، أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ» [مسلم].
قالَ الإمامُ النَّوويُّ: (فيهِ بيانٌ غليظٌ لتحريمِ الغدرِ لا سيَّما صاحبُ الولايةِ العامَّةِ، لأنَّ غدرَهُ يتعدَّى ضررُهُ إلى خلقٍ كثيرٍ. وقيلَ: لأنَّهُ غيرُ مضطرٍّ إلى الغدرِ، لقدرتِهِ على الوفاءِ، والمشهورُ أنَّ هذا الحديثَ واردٌ في ذمِّ الغادرِ، وغدرِهِ للأمانةِ التي قُلِّدها لرعيَّتِهِ، والتزامِ القيامِ بها، والمحافظةِ عليها، فمتى خانَهم، أو تركَ الشفقةَ عليهم، والرفقَ بهم فقد غدرَ بعهدِهِ). أ.ه. [شرحُ النوويِّ على مسلم، 12/44].
رابعًا: الغاشُّ في الامتحانِ يُعاقَبُهُ اللهُ بضدِّ قصدِهِ: الإسلامُ يُربِّي الإنسانَ على الوضوحِ والصفاءِ، والجدِّ والتعبِ، والصدقِ، ولا يُربِّيهِ على البطالةِ والكسلِ، والاعتمادِ على الغيرِ في السعيِ، والأخذِ بالأسبابِ، بينما الذي يغشُّ في الامتحانِ يُريدُ النجاحَ والتفوُّقَ، والوصولَ إلى القِمَّةِ على حسابِ الآخرينَ، فهو لم يطلبِ العلمَ ابتغاءَ وجهِ اللهِ، ولذا كان جزاؤُهُ من جنسِ عملِهِ، فهو محرومٌ التوفيقِ، والمددِ والعونِ، ويُبتلى بمحقِ البركةِ في حياتِهِ، بل ما يتحصَّلُ عليهِ من وظيفةٍ أو مالٍ يُعَدُّ آكلًا للحرامِ فضلًا عمَّا ينتظرُهُ في الآخرةِ، فعن كَعْبِ بنِ مالكٍ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ العُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ» [رواهُ الترمذيُّ، وابنُ ماجه].
عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَعْنِي رِيحَهَا. [رواهُ أبو داود، وأحمد].
قالَ ابنُ حجرٍ الهيتميُّ: (والأحاديثُ في الغشِّ والتحذيرِ منهُ كثيرةٌ مرَّ منها جملةٌ، فمَن تأمَّلها ووفَّقَهُ اللهُ لفهمِها، والعملِ بها انكفَّ عن الغشِّ، وعلِمَ عظيمَ قُبحِهِ، وخطرِهِ، وأنَّ اللهَ لا بُدَّ وأن يمحقَ ما حصَّلَهُ الغاشُّونَ بغشِّهِم، كما سبقَ في قصَّةِ القردِ والثعلبِ أنَّ اللهَ سلَّطَهُما على غشَّاشَينِ فأذهبا جميعَ ما حصَّلاهُ بالغشِّ برميهِ في البحرِ). أ.ه. [الزواجرُ عن اقترافِ الكبائرِ، 1/402].
نسألُ اللهَ أن يرزقَنا حسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّهُ أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، وأن يجعلَ بلدَنا مِصرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سِلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمينَ، ووفَّقَ وُلاةَ أُمورِنا لما فيه نفعُ البلادِ والعبادِ.
اقرأ أيضاًنص موضوع خطبة الجمعة اليوم 10 أكتوبر 2025 «صحح مفاهيمك»
«بالتي هي أحسن».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة