في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، شهدت قاعة ديوان الشعر (بلازا 1) ندوة مميزة استضافت الشاعر العراقي علي الشلاه، حيث دارت نقاشات ثرية حول تجربته الشعرية، وعلاقته بالتراث والهوية، وتأثير التنقل بين البلدان على رؤيته الإبداعية.
أدار الندوة الكاتب محمد الكفراوي، الذي قاد الحوار نحو قضايا تتعلق بالشعر والنقد وتحديات الكتابة.


في مستهل حديثه، شدد الشلاه على أن التراث يشكل هوية لا يمكن للشاعر أن يستغني عنها، موضحًا أن الاطلاع على الموروث الثقافي ليس ترفًا، بل ضرورة ملحة لمن يسعى إلى تجاوز التوقعات وصياغة نصوص أصيلة، لكنه في الوقت ذاته، حذر من فخ التكرار، معتبرًا أن الشاعر الحقيقي هو من يتجاوز الإرث دون أن يفقد جذوره.
وردا على سؤال الكفراوي حول مصادر إلهامه، أوضح الشلاه أن هناك لحظات يجد فيها نفسه مدفوعًا لكتابة الشعر، إما بسبب تداعيات نص يدور في ذهنه أو نتيجة لحالة وجدانية تدفعه للإمساك بالقلم.
وأشار إلى أن التجربة العاطفية والمشاعر الإنسانية تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه النصوص الشعرية، إذ قد تكون دافعًا للكتابة أو عاملًا معيقًا لها.
وفي رؤيته للشاعرية، أكد الشلاه أن التوقف عند اللحظة المناسبة في القصيدة يعد جزءًا أساسيًا من فن الكتابة، مشيرًا إلى أنه كثيرًا ما حذف أبياتًا من نهايات قصائده بعدما أدرك أن التوقف عند لحظة الانبهار أهم من الاستمرار حتى الترهل.
وأضاف أن القصيدة الناجحة هي التي تترك المتلقي مندهشًا، لا مرهقًا من طولها.
كما استعرض الشلاه جانبًا من رحلته الشخصية وتأثير بابل عليه، مشيرًا إلى أنه لم يكن مدركًا لعمق ارتباطه بها إلا حين لاحظ ذلك في وثيقة سفره.
وتحدث عن بابل باعتبارها الحلم والمدينة والتاريخ، مستذكرًا طفولته حين كان يلعب كرة القدم بالقرب من آثارها، معتبرًا أن هذه التجربة زرعت فيه تساؤلات جوهرية حول هويته وثقافته.
وعن تأثير التنقل بين البلدان في تجربته، أوضح الشلاه أنه غادر العراق عام 1991، حيث عاش في الأردن وتنقل بين سوريا ومصر ولبنان، قبل أن يعود إلى بلده عام 2007، مما أتاح له تكوين تجربة ثقافية عربية واسعة.
وأكد أن هذه الرحلات أثّرت في رؤيته الشعرية، إذ لم يعد الشعر بالنسبة له مجرد انعكاس شخصي، بل صار مرتبطًا بالبيئة المحيطة وتأثيراتها المتعددة.
وفيما يخص اللغة والترجمة، أشار الشلاه إلى أنه عندما أمعن النظر في الأدب العربي من منظور عالمي، أدرك أن ليس كل ما يُكتب بالعربية قابل للترجمة، حيث تفقد بعض النصوص جوهرها عند نقلها إلى لغة أخرى.
واستشهد بتجربة نزار قباني، الذي رغم شهرته في العالم العربي، لم يكن بنفس التأثير على المتلقي الغربي، لأن الموضوعات التي تناولها حول المرأة أصبحت كلاسيكية هناك.
وأكد أن الكاتب يجب أن يكون واعيًا بما يختاره للترجمة، وألا يسعى إلى النشر العالمي دون التفكير في مدى ملاءمة نصوصه للمتلقي الأجنبي.
أما عن تحديات الكتابة، فقد وجه الشلاه تحذيرًا للشباب العربي من الانشغال بالبحث عن النشر قبل إتمام التجربة الكتابية نفسها، مشددًا على أن النصوص يجب أن تُنشر بعد اكتمالها وليس العكس.
كما أشار إلى أحد أكبر العوائق أمام الإبداع، وهو الانخراط في العمل العام، موضحًا أن المسؤوليات اليومية تستهلك طاقة الكاتب وتمنعه من التفرغ للقراءة والكتابة.
واعترف الشلاه بأنه خسر ثماني سنوات من عمره دون نشر أي كتاب بسبب انشغاله بالعمل العام، مما أدى إلى ضياع العديد من الفرص القرائية والكتابية.
وأوضح أن المهن ذات الدوام الكامل قد تبتلع العمر، وعلى الشاعر أن يكون حذرًا إذا أراد الحفاظ على مسيرته الأدبية.
وفي ختام حديثه، أكد أن بعض التجارب تحتاج إلى مسافة زمنية لفهمها والكتابة عنها، إذ لا يمكن دائمًا أن يُكتب النص في لحظة وقوع الحدث، بل قد يكون الزمن عنصرًا أساسيًا في اكتمال التجربة الشعرية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب الشاعر العراقي علي الشلاه نقاشات ثرية المزيد إلى أن

إقرأ أيضاً:

«الشارقة للاتصال الحكومي» منصة تكرّم الإبداع

الشارقة: «الخليج»
تبرز جائزة الشارقة للاتصال الحكومي التي ينظمها المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، منصة استثنائية تكرّم الإبداع، وتدفع حدود التميز نحو آفاق جديدة. وفي الدورة ال 12 حيث تُعاد صياغة مفاهيم التأثير والتواصل، تأتي فئة «صنّاع التغيير بالمحتوى الرقمي المتميز» برؤية اتصالية وإعلامية مبتكرة للعالم الرقمي.
وتفتح الجائزة أبوابها لاستقبال طلبات الترشح حتى 24 يوليو/تموز، مُقدمة فرصة للموهوبين والمؤثرين وأصحاب الرؤى الاتصالية الهادفة.
وتتضمن جائزة هذا العام 23 فئة موزعة على خمسة قطاعات «الجهات الحكومية والمنظمات الدولية والقطاع الخاص» و«الفردية» و«الشركاء»، وأخيراً «لجنة التحكيم».
ويمكن للراغبين في المشاركة التقديم عبر الموقع الرسمي (https://gca.sgmb.ae) وتكمل فئة «صنّاع التغيير بالمحتوى الرقمي المتميز» أهداف الجائزة لتكريم صنّاع التغيير الإيجابي، عبر المحتوى، لأن التغيير الإيجابي يأتي بما تتركه الكلمات أو الصور من أثر، وما تتضمنه من تحفيز وإلهام.
ويتنافس في فئة «أفضل صانع تغيير دون 18 عاماً» و«أفضل صانع تغيير فوق 18 عاماً»، وتستند لجنة التحكيم في تقييمها إلى مجموعة من المعايير: الإبداع وجودة المحتوى وملاءمته، والتأثير الإيجابي للمتلقي، وقدرة الفهم التكنولوجي، وتحفيز التفاعل المجتمعي، والمساهمة في دعم التعلم، واستدامة المحتوى وأثره، والالتزام بالأخلاقيات الرقمية. وتركز الفئة على جوهر الرسالة وصدقية الأداء ومدى ارتباط المحتوى بقضايا حيوية مثل جودة الحياة والاستدامة.
في العام الماضي، كان الكويتي عيسى الحبيب، الفائز بفئة «أفضل صانعي المحتوى الرقمي الهادف» (فوق 18 عاماً) من بين النماذج الملهمة التي احتفت بها الجائزة.
وكان عيسى، اختار متابعة شغفه بسرد القصص وصناعة الفيديو، بدافع طفولي كبر معه منذ أن أهداه والده أول كاميرا. متخلياً عن دراسة الطب، ليخوض رحلته الإعلامية التي عدّت مغامرة، في وقت لم تكن فيه «صناعة المحتوى» وظيفة معترفاً بها.
أما عن عمر دون 18 عاماً، فسطع نجم الإماراتية عائشة الخيال، في الدورة الماضية. فقد أثبتت أن العمر ليس معياراً للإبداع. فصنعت محتوى هادفاً يخاطب الوعي، ويثير الفضول المعرفي، ويزرع الأمل في نفوس الشباب والأطفال.
وذكرت عائشة، «فوزي بالجائزة دفعني للاستمرار، وأكد لي أن الكلمة الصادقة والفكرة الهادفة لا تحتاج إلى سنوات من الخبرة، إنما تحتاج إلى شغف وصدق وإيمان بقيمة ما نقدمه».

مقالات مشابهة

  • مواهب طلابية تتألق في أبوسليم.. معرض مدرسي يحوّل الإبداع إلى واقع ملموس
  • تراجع إيرادات "PDD" الصينية المالكة لمنصة تيمو مع ضعف إنفاق المستهلكين وتحديات التجارة العالمية
  • «الشارقة للاتصال الحكومي» منصة تكرّم الإبداع
  • بين الشعر والشعور والشاعر
  • "التشريعات المُجتَزأة" وأثرها والبُعد الكلي للمنظومة التشريعية
  • هيئة الكتاب تصدر السبنسة لسعد الدين وهبة
  • كلية الدراسات الإفريقية و«معلومات الوزراء» يستعرضان فرص وتحديات الاستثمار بإفريقيا
  • قاسم بين إنجازات 2000 وتحديات 2025: هل انتهى عصر المقاومة؟
  • الأدب الأنغولي بين الإرث الاستعماري والهوية الأفريقية.. رؤية جوزيه إدواردو أغوالوزا
  • جيل ألفا وما بعده في معرض الكتاب