معرض الكتاب يناقش الشاعر العراقي علي الشلاه في التراث والهوية وتحديات الإبداع
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، شهدت قاعة ديوان الشعر (بلازا 1) ندوة مميزة استضافت الشاعر العراقي علي الشلاه، حيث دارت نقاشات ثرية حول تجربته الشعرية، وعلاقته بالتراث والهوية، وتأثير التنقل بين البلدان على رؤيته الإبداعية.
أدار الندوة الكاتب محمد الكفراوي، الذي قاد الحوار نحو قضايا تتعلق بالشعر والنقد وتحديات الكتابة.
في مستهل حديثه، شدد الشلاه على أن التراث يشكل هوية لا يمكن للشاعر أن يستغني عنها، موضحًا أن الاطلاع على الموروث الثقافي ليس ترفًا، بل ضرورة ملحة لمن يسعى إلى تجاوز التوقعات وصياغة نصوص أصيلة، لكنه في الوقت ذاته، حذر من فخ التكرار، معتبرًا أن الشاعر الحقيقي هو من يتجاوز الإرث دون أن يفقد جذوره.
وردا على سؤال الكفراوي حول مصادر إلهامه، أوضح الشلاه أن هناك لحظات يجد فيها نفسه مدفوعًا لكتابة الشعر، إما بسبب تداعيات نص يدور في ذهنه أو نتيجة لحالة وجدانية تدفعه للإمساك بالقلم.
وأشار إلى أن التجربة العاطفية والمشاعر الإنسانية تلعب دورًا رئيسيًا في توجيه النصوص الشعرية، إذ قد تكون دافعًا للكتابة أو عاملًا معيقًا لها.
وفي رؤيته للشاعرية، أكد الشلاه أن التوقف عند اللحظة المناسبة في القصيدة يعد جزءًا أساسيًا من فن الكتابة، مشيرًا إلى أنه كثيرًا ما حذف أبياتًا من نهايات قصائده بعدما أدرك أن التوقف عند لحظة الانبهار أهم من الاستمرار حتى الترهل.
وأضاف أن القصيدة الناجحة هي التي تترك المتلقي مندهشًا، لا مرهقًا من طولها.
كما استعرض الشلاه جانبًا من رحلته الشخصية وتأثير بابل عليه، مشيرًا إلى أنه لم يكن مدركًا لعمق ارتباطه بها إلا حين لاحظ ذلك في وثيقة سفره.
وتحدث عن بابل باعتبارها الحلم والمدينة والتاريخ، مستذكرًا طفولته حين كان يلعب كرة القدم بالقرب من آثارها، معتبرًا أن هذه التجربة زرعت فيه تساؤلات جوهرية حول هويته وثقافته.
وعن تأثير التنقل بين البلدان في تجربته، أوضح الشلاه أنه غادر العراق عام 1991، حيث عاش في الأردن وتنقل بين سوريا ومصر ولبنان، قبل أن يعود إلى بلده عام 2007، مما أتاح له تكوين تجربة ثقافية عربية واسعة.
وأكد أن هذه الرحلات أثّرت في رؤيته الشعرية، إذ لم يعد الشعر بالنسبة له مجرد انعكاس شخصي، بل صار مرتبطًا بالبيئة المحيطة وتأثيراتها المتعددة.
وفيما يخص اللغة والترجمة، أشار الشلاه إلى أنه عندما أمعن النظر في الأدب العربي من منظور عالمي، أدرك أن ليس كل ما يُكتب بالعربية قابل للترجمة، حيث تفقد بعض النصوص جوهرها عند نقلها إلى لغة أخرى.
واستشهد بتجربة نزار قباني، الذي رغم شهرته في العالم العربي، لم يكن بنفس التأثير على المتلقي الغربي، لأن الموضوعات التي تناولها حول المرأة أصبحت كلاسيكية هناك.
وأكد أن الكاتب يجب أن يكون واعيًا بما يختاره للترجمة، وألا يسعى إلى النشر العالمي دون التفكير في مدى ملاءمة نصوصه للمتلقي الأجنبي.
أما عن تحديات الكتابة، فقد وجه الشلاه تحذيرًا للشباب العربي من الانشغال بالبحث عن النشر قبل إتمام التجربة الكتابية نفسها، مشددًا على أن النصوص يجب أن تُنشر بعد اكتمالها وليس العكس.
كما أشار إلى أحد أكبر العوائق أمام الإبداع، وهو الانخراط في العمل العام، موضحًا أن المسؤوليات اليومية تستهلك طاقة الكاتب وتمنعه من التفرغ للقراءة والكتابة.
واعترف الشلاه بأنه خسر ثماني سنوات من عمره دون نشر أي كتاب بسبب انشغاله بالعمل العام، مما أدى إلى ضياع العديد من الفرص القرائية والكتابية.
وأوضح أن المهن ذات الدوام الكامل قد تبتلع العمر، وعلى الشاعر أن يكون حذرًا إذا أراد الحفاظ على مسيرته الأدبية.
وفي ختام حديثه، أكد أن بعض التجارب تحتاج إلى مسافة زمنية لفهمها والكتابة عنها، إذ لا يمكن دائمًا أن يُكتب النص في لحظة وقوع الحدث، بل قد يكون الزمن عنصرًا أساسيًا في اكتمال التجربة الشعرية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب الشاعر العراقي علي الشلاه نقاشات ثرية المزيد إلى أن
إقرأ أيضاً:
قصر الإبداع الفني يحتفى بمسيرة أحمد منيب
شهد قصر الإبداع الفني بمدينة السادس من أكتوبر، احتفالية بعنوان "أحمد منيب حدوتة حب مصرية"، نظمتها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، ضمن برامج وزارة الثقافة.
جاءت الاحتفالية احتفاء بمسيرة وإبداع المطرب والملحن النوبي الكبير أحمد منيب، وشارك بها الفنان خالد منيب، والقاص محمد رفاعي، وبحضور نورا كرامة، مدير قصر الإبداع الفني، ولفيف من الإعلاميين، الفنانين، والمثقفين وجمهور كبير من محبي الفنان الراحل.
قدمت الاحتفالية شهيرة حسن، واستهلت بكلمة القاص محمد رفاعي، عرض خلالها نبذة مختصرة عن الفنان الكبير أحمد منيب، واصفا إياه بأنه "حدوتة مصرية" بكل ما تحمل الكلمة من قيم ومعان، ونموذج للإنسان المصري البسيط والفنان المختلف في آن واحد.
وأعرب الفنان خالد منيب، عن اعتزازه بحب الجمهور لوالده، مؤكدا أن الأسرة ستواصل رسالته الفنية، وأن رحلة الاحتفال بالمئوية ستطوف محافظات مصر، وتنتقل قريبا إلى أسوان.
وأكد أن "منيب" جسد صورة الفنان الواعي الذي حمل مفردات ثقافته المحلية بإيمان، فدرس التراث النوبي وحرص على تطويره، ونقله إلى ثقافات مختلفة، وانعكس ذلك على أعماله التي تنوعت لتمثل حالات الاغتراب والحنين والانتماء.
كما تناول تفصيليا العوامل التي مكنته من تطوير الموسيقى المصرية، أهمها تعاونه مع كبار شعراء العامية المصرية، منهم: مجدي نجيب، سيد حجاب، فؤاد حداد، عبد الرحمن الأبنودي، وعبد الرحيم منصور، وغيرهم، ما أضفى على أغانيه مزيدا من الأصالة والعمق الفني.
بالإضافة إلى بحثه الدائم عن الهوية المصرية في الموسيقى، والقومية الحقيقية، مضيفا أنه لم يكن مجرد فنان فقط، بل جاء ليكمل الدور الريادي الذي بدأه سيد درويش في تجديد الموسيقى المصرية، بطابع قومي أصيل، ليستحق عن جدارة لقب عميد الفن النوبي، والأب الروحي للأغنية القصيرة والشبابية في مصر.
كما تحدث عن أعمال والده مشيرا إلى أنها كانت تجربة متفردة وصادقة، ومستمرة في إلهام الأجيال الجديدة، على الرغم من كونه فنانا غير أكاديمي.
واختتم حديثه بطرح آراء لعدد من الفنانين والنقاد الذين اعتبروا موسيقى أحمد منيب "قماشة غنية" لأي موزع موسيقي، ومثالا للفن البسيط الصادق المعبر عن الهوية.
وتواصلت فعاليات الاحتفالية المنفذة بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، بشهادات إبداعية عن تجربة عميد الفن النوبي، ولمحات من حياته الفنية والإنسانية، تلاها فقرة غنائية أحيتها فرقة منيب للتراث النوبي، بقيادة الفنان فتحي منيب، وقدمت خلالها باقة من أشهر ألحان الفنان الراحل وأغاني من الفلكلور النوبي، منها: على شط النيل، يا وعدي ع الأيام، دايرة الرحلة، تعالي نلضم أسامينا، شمندورة، وغيرها وسط تفاعل كبير من الحضور.
أحمد منيب مطرب وملحن مصري، ولد في أسوان عام 1926، أسس فرقة منيب للتراث النوبي، والتحق بفرقة زكريا الحجاوي للفنون الشعبية، والتقى برموز وأدباء وشعراء النوبة، وحرص على تطوير الأغنية النوبية ذات البعد الشرقي والمضامين التراثية.
قدم خلال مسيرته الكثير من الأغاني الوطنية، ولحن أكثر من 150 أغنية تعبر عن روح وتراث الجنوب، بجانب تلحين العديد من الأغاني لكبار المطربين المصريين، ومن أبرز أعماله: "مشتاقين"، "كان وكان"، "بلاد الدهب"، و"راح أغني"، ورحل عن عالمنا في فبراير 1990.
جاءت الاحتفالية ضمن برنامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، والإدارة العامة للقصور المتخصصة، وأنشطة قصر الإبداع الفني، واستمرارا لجهود الهيئة في الاحتفاء بالنماذج الفنية الملهمة التي أثرت الحركة الفنية المصرية.