الدكتور أحمد نسيم برقاوي

أعَرّفُ اليسار بأنه موقف أخلاقي ضد الاضطهاد الطبقي، والتمييز العنصري والحقد الطائفي، والهيمنة الإمبريالية على العالم، وتأييد الدفاع عن حقوق الإنسان.
وقد جاء حينٌ من الدهر تحوّلنا فيه -نحن اليساريين والقوميين- إلى أيديولوجيين نُعادي الديمقراطية باسم العداء للإمبريالية، ونؤيد الأصولية الشيعية باسم العداء لإسرائيل، وندافع عن أنظمة حكم الشيوعية السوفييتية وما شابهها في العالم الثالث.


حين تسلّم الخميني السلطة صفّقنا للخميني، فلم نكن نرى في شاه إيران إلا الحارس الأمريكي في الخليج، والاعتراف بإسرائيل. عداؤنا لأمريكا وإسرائيل أعمانا عن رؤية خطر الخمينية على إيران والمنطقة العربية. وحين رُفع العلم الفلسطيني في قلب طهران طرنا فرحًا. ولم نكترث لتصفية حزب «توده» والليبراليين الإيرانيين، بل ولم نتخذ موقفًا أخلاقيًا من الحرب الإيرانية- العراقية، فجميع العراقيين الشيوعيين في دمشق وقفوا إلى جانب إيران.
وأذكر حادثة ذات أهمية تبرز عماءنا اليساري الأيديولوجي آنذاك. بعد اغتيال حسين مروة برصاص “حزب الله” بأيام اجتمعنا في بيت الدكتور «طيب تيزيني» على شرف حضور الفيلسوف والشاعر الماركسي المحبوب «مهدي عامل». سُئل مهدي عامل كيف ستكون العلاقة بينكم وبين “حزب الله” و”أمل” بعد اغتيال حسين مروة، فأجاب: لا بد من التحالف معهم، نحن في معركة صعبة مع إسرائيل. فقلت له: من قتل حسين مروة سيقتل مهدي عامل، أخاف عليك. تبسّم مهدي بسمته الطفلية وأجابني: لا تخَف عليّ. لم يمضِ على اغتيال حسين مروة شهور حتى تم اغتيال مهدي عامل في 1987. ولم تمضِ سنوات قليلة حتى صفّى”حزب الله” المقاومة الوطنية اللبنانية.
لقد حرَم العماء الأيديولوجي مهدي عامل أن يرى خطر حركة مليشياوية مسلحة تغتال أحد أهم عقول اليسار اللبناني آنذاك.
وظل وعينا بالكفاح ضد إسرائيل واحتلالها لجنوب لبنان عامل غضٍّ للنظر عن أصولية “حزب الله” وطائفيته في مجتمع طائفي ودولة طائفية. إلى أن استفقنا وانهار الأساس الأيديولوجي لعمائنا، عندما تحوّل هذا الحزب إلى أداة إجرام بحق الشعب السوري. هذا الحزب الذي أعتقد بأن الله ليس بحاجة إليه وليس بحاجة إلى أي حزب باسمه.
كان العماء الأيديولوجي وراء مشاركة اليسار العربي في المؤتمر القومي-الإسلامي حيث كان الأصوليون الإسلاميون الشيعة والسنّة، حماس والجهاد وحزب الله يتسيّدون المؤتمر بخطاباتهم. لم نكن نميّز بين ضرورة العداء للعنصرية الصهيونية من جهة، وضرورة العداء للأصولية بكل أنواعها، كنا نعادي الإخوان المسلمين ونصفّق لحماس ولحزب الله.
وما زال الحزب السوري القومي الذي من المفترض أنه علماني يتحالف مع حزب الله وحزب الله هو الذي صفّى مقاومته في الجنوب، ما زال الحزب الشيوعي اللبناني يُمالئ حزب الله وحزب الله هو الذي قضى عليه عمليًا في لبنان.
ما زالت بعض بقايا اليسار الفلسطيني ترى في الأصولية الشيعية حبل خلاص ونجاة، وليس حبل مشنقة.
لا يمكن أن تكون يساريًا وأصوليًا معًا، لا يمكن أن تكون شيوعيًا وطائفيًا معًا، لا يمكن أن تكون وطنيًا وتابعا لدولة ولاية الفقيه.
إذا كان لا بدّ من نقد ذاتي، فعلى جميع قوى اليسار جماعات وأفرادًا أن يعتذروا من التائقين إلى الحرية عن عمائهم الأيديولوجي.
*مفكر وباحث وشاعر سوري مِن أبَوَين فلسطينيَّين.

الوسومأحمد نسيم برقاوي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: حسین مروة حزب الله

إقرأ أيضاً:

السجن 5 سنوات لـ4 متهمين بسرقة شخص بالإكراه فى سوهاج

قضت محكمة جنايات مستأنف سوهاج، اليوم الإثنين، بمعاقبة المتهم" م.ا" عامل و"ع.م" عامل و"ى.م" عامل و"ز.ع" بالسجن 5 سنوات، لاتهامهم بسرقة شخص  بالإكراه بدائرة مركز المنشأة.

تعود أحداث القضية إلى عام 2024 بدائرة مركز المنشاة، عندما اتهمت النيابة العامة المتهمين، بسرقة المجنى عليه بالإكراه، بأن قاموا بالاستيلاء على حافظة نقوده و متعلقاته الشخصية كرها عنه أثناء سيره فى الطريق العام، بالإكراه وتحت تهديد السلاح.

وبعد تقنين الإجراءات وإجراء التحريات تم القبض على المتهمين ، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الواقعة، وتمت إحالتهم إلى محكمة الجنايات التى أصدرت حكمها المتقدم.



مقالات مشابهة

  • إعدام عامل قتل زوج خاله وابنتيه حرقًا بالشرقية
  • مصرع عامل أثناء نصب لوحة انتخابية في كربلاء
  • مصرع عامل فى مشاجرة بين عدد من الأشخاص فى الهرم
  • الدوحة ترعى إنشاء آلية لتنفيذ وقف إطلاق النار بين الكونغو الديموقراطية وحركة أم23
  • مصطفى البراهمة.. رحيل المناضل الصامت الذي شكّل ذاكرة اليسار المغربي
  • شاهد بالفيديو.. “موتي والبحبوني عدد شعرات رأسي”.. سيدة الأعمال “كادي” ترد على فتاة كتبت لها: (والله العظيم ما حصل كرهت زول قدرك)
  • السجن 5 سنوات لـ4 متهمين بسرقة شخص بالإكراه فى سوهاج
  • من أجل الأسرى.. خطوة لـالحزب
  • إصابة 19 شخصًا في انقلاب أتوبيس تابع للألومنيوم بنجع حمادي
  • إحتفال كشفي غير مسبوق لحزب الله... قاسم: المقاومة نهج متكامل