قالت صحيفة هآرتس إن تركيا حولت سوريا إلى محمية لها بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، وهي تسعى لجعلها مجال نفوذ إستراتيجي، مما يعني إغلاق المجال الجوي السوري في وجه إسرائيل إذا تولت تركيا رقابته بدل الروس.

وأوضحت الصحيفة -في مقال بقلم زفي بارئيل- أن إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان التاريخي الذي دعا فيه حزبه إلى إلقاء السلاح وحل نفسه، قد يكون بداية لتغيير دراماتيكي في ميزان القوى في سوريا والتأثير على مكانة تركيا الإقليمية، فضلا عن تعزيز انسحاب القوات الأميركية من الأراضي السورية، مما يشكل تحديا للوجود الإسرائيلي في جنوب سوريا.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: أوروبا تتعهد بالدفاع عن أوكرانيا ولكنها تستجدي دعم ترامبlist 2 of 2موقع إسرائيلي: هل يمكن إسقاط طائرة إف-16 ببندقية كلاشينكوف؟end of list

ومع أن هذه ليست المرة الأولى التي يستجيب فيها أوجلان لمبادرة تركية لفتح المفاوضات والمضي في عملية مصالحة تاريخية بين تركيا والحركة الانفصالية، فإن الدعوة هذه المرة كانت أكثر تطرفا، لأنها تطالب المنظمة بإلقاء أسلحتها والتوقف عن الوجود.

غير أن القرار الذي اتخذته قيادة الجماعة يوم السبت الماضي بتبني إعلان أوجلان جزئيا، ووقف إطلاق النار الفوري، لا يكفي لإظهار الاستعداد لتفكيك إطارها التنظيمي الذي يعمل منذ أكثر من 4 عقود، ولا يدل على نزع السلاح -حسب الصحيفة- ولكنه خطوة أولى ضرورية للدخول في مفاوضات سياسية مليئة بالعقبات ولا يعرف هل ستنجح.

إعلان مصلحة للأكراد وتركيا

ولا شك أن إنهاء الصراع الطويل الذي تسبب في مقتل أكثر من 40 ألف شخص، يصب في مصلحة الأكراد وتركيا برئاسة رجب طيب أردوغان، وقد أدت التطورات الإقليمية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لإظهار الحاجة إلى التوصل لترتيب بين الطرفين مع فرص أكبر للنجاح.

وبالفعل ترى تركيا التي سارعت إلى وضع نفسها كدولة راعية لسوريا بعد سقوط الأسد، أن دورها لا يتوقف عند كونها شريكا رائدا في المشروع الضخم لإعادة بناء سوريا، بل يعتقد الرئيس أردوغان أن جاره الجنوبي جزء لا يتجزأ من نطاق نفوذه الإستراتيجي الإقليمي، بعد انسحاب إيران منه.

غير أن جني المكاسب الدبلوماسية والعسكرية في سوريا -كما ترى الصحيفة- يتطلب من تركيا مساعدة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في إنشاء دولة موحدة، مع جيش وطني يحل محل العشرات من المليشيات التي لا تزال تعمل في البلد، وخاصة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال، والقوات الدرزية في الجنوب، لأنهما تهددان عملية الاندماج السياسي والعسكري.

وفي كلتا المنطقتين -كما تذكر الصحيفة- توجد أيضا قوات أجنبية، تركية في الشمال، وإسرائيلية استولت على عدة مناطق في الجنوب، مما يعني أن تركيا مطالبة بسحب قواتها من سوريا حتى لا تعتبر دولة محتلة، وفي الوقت نفسه عليها إحباط أي احتمال لإقامة دولة كردية مستقلة يمكنها مواصلة كفاحها المسلح ضدها.

ومع أن القوات الكردية أعلنت استعدادها للاندماج في الجيش السوري، فإن الشرع لا يوافق على الطريقة التي تريدها، وبالتالي لن تسحب تركيا قواتها ما لم يتم التوصل إلى حل للقوات الكردية، ومن هنا تكمن الأهمية الكبرى للمصالحة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.

وضع صعب لإسرائيل

وإذا نجحت هذه المصالحة، فإنها سوف تعمل على تفكيك شبكة العلاقات المعقدة بين النظام السوري وأكراد سوريا، ويبقى أن نعرف الآن كيف ستؤثر إذا تم تنفيذها، على القتال بين تركيا والقوات الكردية في سوريا، خاصة أن زعيم تلك القوات مظلوم عبدي صرح بأنه لا صلة بين إعلان أوجلان وقرار حزب العمال الكردستاني وسلوك قواته، وأن قرار حزب العمال الكردستاني لا يلزمه.

إعلان

غير أن القوات الكردية في سوريا تعتمد عسكريا وماليا على الدعم الأميركي ووجود 2000 جندي ومدرب أميركي في شمال سوريا، وليس من المستبعد أن يقتنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي سعى عام 2019 إلى سحب قوات بلاده من سوريا، بأن صديقه أردوغان قادر على الحلول محل الأكراد في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وبالتالي إنهاء تدخل بلاده هناك.

ونتيجة لهذا، سوف يجد الأكراد أنفسهم في مواجهة عسكرية مع تركيا وسوريا دون دعم أميركي، في الوقت الذي تخوض فيه تركيا عملية مصالحة مع حزب العمال الكردستاني، الذي قد ينزع سلاحه في وقت لاحق.

وحسب هذا السيناريو الذي تروج له تركيا، لن يكون لدى الأكراد السوريين أي مجال للمناورة العسكرية أو الدبلوماسية، وسيضطرون إلى قبول إملاءات الشرع التي هي في الواقع إملاءات أردوغان -حسب الصحيفة- والموافقة على الحكم السوري لجميع المناطق الكردية، مما يمكن تركيا من الانسحاب من سوريا.

وعلى هذا الأساس ستواجه إسرائيل وضعا جديدا تكون فيه القوة المحتلة الأجنبية الوحيدة في سوريا، وستضطر إلى مواجهة الضغوط التركية والسورية، ولكن أيضا ضغوط الإدارة الأميركية التي قد تمنح أردوغان بسهولة هدية كونه "مالكا" لسوريا، نيابة عن الولايات المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات حزب العمال الکردستانی فی سوریا

إقرأ أيضاً:

تقرير: 25 يومًا مهلة لأكراد سوريا.. رسالة تهديد من تركيا!

أنقرة (زمان التركية)- تترقب الأوساط الأمنية مصير قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وحدات حماية الشعب (YPG)، التي كان من المتوقع أن تندمج في صفوف الجيش السوري بعد أن تلقي منظمة حزب العمال الكردستاني (PKK) السلاح.

ونقل تقرير صحفي عن مصادر أمنية أنه في حال عدم اندماج هذه القوات مع حكومة دمشق وفق اتفاق مارس الماضي، قبل نهاية العام، فإن رسالتها واضحة وحاسمة: “ستقوم دمشق بعملية، وسندعمها”.

وتؤكد المصادر الأمنية التركية أن أنقرة ستقدم الدعم اللازم لحكومة دمشق إذا اضطرت الأخيرة لشن عملية عسكرية في حال عدم امتثال قوات سوريا الديمقراطية لـ “اتفاق 10 مارس”.

ووفقًا لما ورد في صحيفة “تركيا جازيتيسي”، فإن سوريا شهدت دمارًا هائلاً، وستخلق عملية إعادة الإعمار قيمة اقتصادية جديدة.

ومن المرجح أن تجتمع دول من الخليج، تركيا، ومصر للعمل على إعادة إعمار سوريا وإرساء نظامها الاقتصادي في الفترة المقبلة.

وقد بدأت هذه الجهود بالفعل، لكنها ستستغرق وقتًا. ويُعد رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا خطوة بالغة الأهمية في هذا السياق.

ومن المتوقع أن تندمج قوات سوريا الديمقراطية بالكامل قبل نهاية العام.

وتشدد تركيا على ضرورة حل التنظيم، وانخراط الأفراد في صفوف الجيش السوري بشكل فردي، مؤكدة: “لن نسمح لها بالتحرك كمنظمة واحدة بعد الآن”. وترفض أنقرة بشكل قاطع مشاركة القيادة العليا لقوات سوريا الديمقراطية في حكومة دمشق.

وبحسب الصحيفة، فإن “اتفاق 10 مارس” واضح، وفي حال عدم الوفاء بشروطه، لا يوجد سوى خيار واحد: ستقوم الحكومة السورية بعملية عسكرية للحفاظ على وحدة أراضيها، وتركيا ستدعمها.

ووفق الصحيفة، على الرغم من المقاومة التي تظهر في بعض الاشتباكات المتفرقة مؤخرًا، فمن المؤكد أن هذه القوات ستندمج في نهاية المطاف.

ويعود هذا اليقين إلى وجود توافق بين الولايات المتحدة، سوريا، وتركيا على هذه المسألة، باستثناء محاولات إسرائيل لإثارة الفوضى.

ويُشدد التقرير على أنه من المستحيل انضمام عناصر حزب العمال الكردستاني إلى قوات سوريا الديمقراطية ثم إلى الجيش السوري.

وشهد الأسبوع الماضي تنفيذ أول عملية مشتركة لمكافحة تنظيم “داعش” بين حكومة دمشق والولايات المتحدة، وهو ما يمثل نقطة تحول هامة. هذا التطور يسحب “الورقة الأخيرة” التي كانت تستخدمها قوات سوريا الديمقراطية لتبرير وجودها.

وكانت خمس دول (تركيا، سوريا، العراق، الأردن، ولبنان) قد اتفقت على إنشاء مركز قيادة مشترك لمكافحة داعش. وقد أرسلت تركيا أفرادها، وحاليًا يضم المركز عناصر سوريين وأتراكًا.

Tags: الشرعالقوات التركيةتركياسورياقسد

مقالات مشابهة

  • سوريا الجديدة.. نيويورك تايمز: الذي حدث يشبه المعجزة
  • القوة التي تبني ولا تهدم.. من وحي تقرير "عُمان 2040"
  • تقرير: 25 يومًا مهلة لأكراد سوريا.. رسالة تهديد من تركيا!
  • وزير خارجية تركيا يلتقي نظيره السوري ورئيس وزراء لبنان
  • وزير الخارجية السوري: قلقون من سياسات إسرائيل التي تتعارض مع استقرارنا
  • مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل القوة الدولية في غزة
  • وزير خارجية تركيا: إسرائيل تنتهك يومياً اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • “يونيسف”: مقتل أكثر من 70 طفلاً منذ إعلان وقف إطلاق النار في غزة
  • تركيا: إدارة غزة يجب أن تكون فلسطينية وحماس مستعدة للتعاون
  • صاروخ تركيا الفرط صوتي الذي سترعب به الخصوم