القدس المحتلة- سرع استئناف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عودة حزب "عظمة يهودية" ورئيسه إيتمار بن غفير إلى الحكومة، وذلك بعد أن انسحب من الائتلاف على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وصفقة التبادل، وتحمل هذه العودة في طياتها العديد من الرسائل والدلالات بكل ما يتعلق بالمشهد السياسي الإسرائيلي، وكذلك احتدام الصراع مع الشعب الفلسطيني.

وتساءل المحللون عن دوافع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإعادة بن غفير للحكومة، وهل كان تجدد القتال في غزة وانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل لأسباب أمنية عملياتية؟ أم لأسباب تتعلق بالبقاء السياسي لنتنياهو، عشية التصويت على الموازنة العامة، واحتواء أزمة تجنيد الحريديم؟

وفي الإجابة عن هذه التساؤلات، تجمع قراءات المحللين على أن عودة بن غفير إلى الحكومة، تعزز مكانة نتنياهو بالمشهد الحزبي بمعسكر اليمين، وذلك رغم الاستقطاب السياسي والانقسام والشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، وتسهم كذلك في استقرار وتدعيم ائتلاف حكومة نتنياهو حتى نهاية ولايتها بشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2026.

طوق نجاة لنتنياهو

ورجحت التقديرات أن عودة بن غفير بمثابة طوق نجاة لنتنياهو لمواجهة التحديات الداخلية، بكل ما يتعلق بالصراع مع رئيس "الشاباك" رونين بار، وعزل المستشار القضائي للحكومة غالي بهاراف ميارا، وأزمة الموازنة، وإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية.

إعلان

وهي كذلك فرصة لليمين لإعادة طرح خطة تهجير الفلسطينيين وإعادة الاستيطان في قطاع غزة، والإبقاء على حالة الحرب والقتال والتوغلات في سوريا ولبنان.

ويرى محللون أن استئناف القتال حقق النتائج المرجوة بتحفيز بن غفير للعودة إلى الحكومة، لكنه قد يدفع حركة حماس إلى ترسيخ مواقفها وعدم تقديم أي تنازلات، وهو ما يورط إسرائيل بمستنقع الحرب في غزة، علما أن محاولة نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة، في محاولة إعادة المزيد من الرهائن الإسرائيليين، دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، فشلت فشلا ذريعا.

وبعد انتهاك الاتفاق وعودة بن غفير للحكومة، أشارت بعض القراءات للمحللين إلى أن إسرائيل اكتشفت أن التكتيكات التي استخدمها نتنياهو، بدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم تؤد إلى إطلاق سراح المزيد من الرهائن، ونتيجة لذلك، انهار الاتفاق في وقت مناسب لرئيس الوزراء، الذي يواجه قضايا داخلية حارقة، وهو ما دفعه لتصدير الأزمات الداخلية باستئناف الحرب.

محللون اعتبروا أن عودة بن غفير للحكومة دون القدرة على التهديد بالانسحاب منها مرة أخرى إنجاز لنتنياهو (رويترز) ضمان استمرار الحكومة

تحت عنوان "الحملة لإعادة بن غفير"، كتب المحلل السياسي المتخصص في الشؤون العربية آفي يسسخاروف مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، استعرض من خلاله دوافع نتنياهو من وراء استئناف الحرب على غزة، وتناول معاني ودلالات عودة بن غفير إلى الحكومة، سواء على الصعيد الداخلي الإسرائيلي، أو على صعيد الحرب مع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.

ولكن على ضوء التحركات الساخرة والتكتيكات التي قام بها نتنياهو، بما في ذلك إقالة رئيس الشاباك، يقول المحلل السياسي إنه "من المستحيل ألا نتساءل عن دوافع نتنياهو لإنهاء وقف إطلاق النار؟"، مشيرا إلى أن العودة للقتال تأتي لتثبيت بقاء نتنياهو السياسي، بينما إعادة بن غفير للحكومة لضمان استقرارها واستمرارها حتى انتهاء ولايتها.

إعلان

ويعتقد أن نتنياهو نجح من خلال استئناف القتال والتخلي عن صفقة التبادل بإعادة إيقاظ الشعور بالانقسام والشقاق والشك المتبادل بين الجمهور الإسرائيلي، قائلا "لقد تم نسيان اليوم التالي للسابع من أكتوبر، وعدنا في كثير من النواحي إلى الأيام الصعبة والرهيبة للانقلاب القضائي، وتعزز الاعتقاد أن الفصائل المسلحة قادرة على الإطاحة بإسرائيل".

ضمان المستقبل السياسي

بدت محررة الشؤون السياسية في صحيفة “هآرتس” ريفيت هيخت أكثر حدة وانتقادا لنتنياهو، حيث اتهمته باستغلال كافة موارد الدولة من أجل ضمان مستقبله السياسي، والبقاء على كرسي رئاسة الوزراء إلى ما لا نهاية، حتى وإن كان ذلك على حساب تعميق الشرخ والانقسام المجتمعي والاستقطاب السياسي وإشعال الصراعات وتغذية الخلافات بين الإسرائيليين.

وفي سياق توسع حدة الاستقطاب السياسي، تقول هيخت إن "انضمام بن غفير إلى الائتلاف حدث صادم بحد ذاته، وخاصة في وقت كان يتم فيه تقويض سيادة القانون على يد طاغية متهم بجرائم جنائية وقومية، والآن عاد بن غفير إلى الحكومة دون القدرة على التهديد بالانسحاب منها مرة أخرى كما في السابق، وهذا إنجاز لنتنياهو بتحجيم عظمة يهودية لتكون خاضعة له".

وأوضحت أن عودة بن غفير للحكومة تعتبر بمثابة "أمر لطيف" من منظور نتنياهو، وخطوة أخرى نحو توسيع هوامش الائتلاف، حيث كان هذا أيضا هو الدافع لرئيس الوزراء للدفع نحو اندماج حزب "اليمين الرسمي" برئاسة غدعون ساعر، إلى حزب الليكود، وهو ما يضمن احتواء أي منافسين محتملين وإظهار الولاء المستمر لنتنياهو.

وخلصت هيخت بالقول إنه "حتى لو كانت هناك أسباب عملية لتجديد القتال، إلى جانب الأسباب السياسية، فإن المخاطرة المجنونة التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية على حياة الرهائن المتبقين في قطاع غزة تشكل واحدة من أكثر الإجراءات الحكومية قسوة في تاريخ إسرائيل"، مع الكذبة المستهلكة التي تقول إن "الضغط العسكري سيؤدي إلى إطلاق سراح المحتجزين".

العودة للتهجير والاستيطان

من جانبه، يعتقد الكاتب الإسرائيلي، شالوم يروشالمي، أن قرار استئناف القتال في غزة يؤكد لنتنياهو أن الموازنة العامة سوف يصادق عليها في الأيام المقبلة، ويرحل -مؤقتا على الأقل- قضية قانون التجنيد للحريديم، ويبدو أن هذه الحكومة، ورغم الفشل والإخفاق في منع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ستصمد حتى نهاية ولايتها.

إعلان

وحتى لو كان هذا صحيحا، يقول يروشالمي إن "تجديد الحرب في غزة، وهي الخطوة المثيرة للجدل حتى داخل جيش الدفاع الإسرائيلي، لها عواقب سياسية واضحة، وتلعب في المقام الأول لصالح نتنياهو، فهذا يعيد بن غفير إلى الحكومة، وكذلك يطرح مجددا خطة الترانسفير والتهجير وإعادة الاستيطان في غزة وضم الضفة الغربية".

ويضيف الكاتب الإسرائيلي "هذا ائتلاف مصنوع من الصلب، وهو مرة أخرى تحت تصرف نتنياهو، وذلك قبل أسبوع ونصف من التصويت الحاسم على الموازنة، حيث إن إقرار الميزانية يضمن لنتنياهو عاما آخر في الحكم بدلا من إجراء انتخابات مبكرة في 30 يونيو/حزيران من هذا العام".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بن غفیر إلى الحکومة بن غفیر للحکومة قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

أسامة الدليل: الجيش هو الضامن الأساسي لبقاء الدولة الحديثة

قال الكاتب الصحفي أسامة الدليل أن  مثلث إسقاط الدول يقوم على ثلاثة أضلاع: السلطة، والجيش، والشعب، قائلاً: إذا تم ضرب العلاقة بين الشعب والجيش، انتهى البنيان، وانتهت الدولة كما نعرفها".

وأضاف الدليل خلال حواره مع برنامج :" نظرة" المذاع عبرقناة “صدى البلد” أن دولًا كثيرة حولنا انهارت لأنها فقدت هذا الضلع الحاسم.

القوات المسلحة أسامة الدليل: من خططوا لأحداث 25 يناير تلقوا تدريبات بالخارج

واعتبر الدليل أن القوات المسلحة المصرية هي صاحبة الشرعية في النظام الجمهوري منذ ثورة 23 يوليو، إذ لم يخرج الشعب ضد الملك فاروق مطالبًا بالجمهورية، بل أعلن الجيش في 18 يونيو 1953 قيام النظام الجمهوري، مما جعله الضامن الأساسي لبقاء الدولة الحديثة.

وتابع: الجيش هو من أقام البنية التحتية، والمراكز القومية، والسد العالي، وكل مظاهر الدولة القوية الحديثة، ولهذا بقيت الكراهية القديمة معلقة فيه، لأنه حامي فكرة الدولة.

وختم حديثه بالتأكيد على أن ما جرى بين 25 يناير و30 يونيو كان معركة وجود، وأن الشعب المصري أدرك الخطر في اللحظة المناسبة، ولجأ إلى المؤسسة الوحيدة القادرة على حفظ الدولة، وهي الجيش المصري.

طباعة شارك أسامة الدليل الجيش المصري صدى البلد اخبار التوك شو

مقالات مشابهة

  • مسؤولون إسرائيليون: نقبل إنهاء الحرب إذا قبلت إيران
  • مسؤولون إسرائيليون: نقبل إنهاء الحرب غدا إذا قبل خامنئي
  • هكذا علق محللون إسرائيليون على هجوم أمريكا ضد منشآت إيران النووية
  • مسؤولون إسرائيليون يبلغون ترامب: قد نضرب فوردو قبل انتهاء مهلتك
  • الجيش الإسرائيلي: هدفنا ضمان أن تظل إيران في حالة فوضى
  • تعزيز التواصل السياسي بين الحكومة والأحزاب.. حصاد الشئون النيابية خلال أسبوع
  • محللون إسرائيليون: الحرب على إيران لم تحقق أهدافها
  • قاسم يستنفر السياسيّين والدبلوماسيّين.. وإجماع رئاسي على رفض الانجرار للحرب
  • أسامة الدليل: الجيش هو الضامن الأساسي لبقاء الدولة الحديثة
  • محللون إسرائيليون: قصف سوروكا غير مؤكد والهدف قد يكون عسكريا