واشنطن وبكين.. هل تضع القمة المرتقبة حدا للحرب التجارية؟
تاريخ النشر: 21st, March 2025 GMT
في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين، بدأت الأنظار تتّجه نحو احتمال عقد قمة بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره الصيني، شي جين بينغ.
وعلى الرغم من عدم صدور إعلان رسمي من الطرفين، فإنّ تصريحات ترامب الأخيرة حول ضرورة "تنظيف البيت الداخلي" قبل أي لقاء مع الرئيس الصيني، أثارت عدّة تكهنات بخصوص إمكانية إعادة ضبط العلاقات بين البلدين، التي تعاني من اضطرابات شديدة جرّاء النزاع التجاري والتوترات السياسية المتزايدة.
وشهدت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، ما وُصف بـ"التقلّبات الحادة" خلال السنوات الماضية، حيث دخل الطرفان في معركة تجارية شرسة، فرضت فيها واشنطن رسومًا جمركية قاسية وصلت إلى 20 في المئة على المنتجات الصينية، مع تهديدات بمزيد من الإجراءات العقابية.
وفي خضمّ ذلك، لم تقف بكين مكتوفة الأيدي، بل ردّت بفرض قيود مضادة استهدفت بشكل أساسي المنتجات الزراعية الأمريكية، ما زاد من تعقيد المشهد، ولم يقتصر الخلاف على المجال التجاري فحسب، بل امتد إلى قطاع التكنولوجيا، إذ فرضت الولايات المتحدة قيودًا صارمة على الشركات الصينية.
كذلك، زاد التوتر بشأن قضية تايوان، التي تراها الصين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، بينما تدعمها واشنطن بشكل غير مباشر، وهو ما اعتبرته بكين تجاوزًا للخطوط الحمراء.
في هذا السياق المتأزم، جاءت تصريحات ترامب الأخيرة التي لم يكشف فيها بشكل واضح عن موعد القمة أو تفاصيلها، لكنه أشار إلى ضرورة ترتيب الأوضاع الداخلية قبل المضي قدما في أي مفاوضات مع الصين.
إلى ذلك، رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في هذه التصريحات، إشارة إلى وجود تحرّكات داخل الإدارة الأمريكية لإعادة تقييم العلاقة مع بكين، ولكن دون تحديد مسار واضح أو شروط مسبقة، ورغم التزام الصين، الصمت رسميًا، إلا أنها أبدت اهتمامًا بإجراء حوارات تمهيدية غير رسمية.
من جهتها، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أنّ مسؤولين صينيين زاروا واشنطن مؤخرًا، والتقوا خبراء في السياسة الخارجية، ومسؤولين أمريكيين سابقين، لمحاولة فهم موقف إدارة ترامب وإمكانية التوصل إلى تفاهمات جديدة، لكن هذه اللّقاءات لم تصل بعد إلى مستوى المحادثات الرسمية.
بالنسبة للصين، فإن أي قمة مع ترامب يجب أن تحقّق نتائج ملموسة، حيث تسعى بكين إلى إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على سلعها، ورفع القيود التي فرضتها واشنطن على استثماراتها وشركاتها التكنولوجية، إضافة إلى الحصول على ضمانات واضحة بعدم تدخل الولايات المتحدة في ملف تايوان.
في المقابل، يرى ترامب في اللقاء فرصة ثمينة لتعزيز موقفه السياسي، خاصة مع اقتراب جولة الانتخابات الرئاسية، إذ يمكنه تقديم نفسه كزعيم قادر على التفاوض وتحقيق مكاسب اقتصادية للولايات المتحدة. كما أنه قد يستخدم القمة كورقة ضغط على الصين، لدفعها إلى تقديم تنازلات أكبر، قبل التوصّل إلى أي اتفاق.
ومع ذلك، فإن الطريق إلى القمة لن يكون سهلًا، فالتوترات المتزايدة في الحرب التجارية، وانعدام الثقة المتبادل بين الجانبين، إضافة إلى الضغوط السياسية الداخلية التي يواجهها كلا الزعيمين، كلها عوامل تجعل التوصل إلى اتفاق شامل أمرًا معقدًا.
وبعض مستشاري ترامب يتبنون مواقف متشددة تجاه الصين، فيما يرون أن تقديم أي تنازلات قد يكون خطأ استراتيجيًا، بينما تواجه القيادة الصينية ضغوطًا داخلية تمنعها من إظهار أي ضعف أمام واشنطن.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ترامب الصيني الحرب التجارية امريكا الصين ترامب حرب تجارية قمة مرتقبة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
واشنطن وبكين.. جولة جديدة في حرب اقتصادية بلا نهاية
يشهد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين تصعيدا متسارعا، بدأ بإجراءات صينية مفاجئة ضد صادرات المعادن النادرة، ثم تبعته تهديدات جمركية أمريكية من الرئيس دونالد ترامب، قبل أن ترد بكين بعقوبات جديدة شملت شركات أمريكية، في أحدث فصول الحرب الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وبدأ التوتر الأخير عندما أعلنت وزارة التجارة الصينية توسيع ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة، بإضافة شرط جديد يُلزم الشركات داخل الصين وخارجها بالحصول على إذن رسمي لتصدير منتجات تحتوي على أكثر من 0.1 بالمئة من هذه المعادن.
وشملت القيود الجديدة حظر تصدير المعادن النادرة للاستخدامات العسكرية الأجنبية، في خطوة أثّرت مباشرة على سلاسل التوريد الأمريكية في قطاعات الرقائق الإلكترونية والسيارات والتقنيات الدفاعية.
وتعود جذور النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين إلى سنوات مضت، حيث اتسمت العلاقات بين البلدين بالتنافس والتوتر، خصوصا في المجالات التقنية والتجارية.
وفي أبريل 2024، أطلق مكتب الممثل التجاري الأمريكي تحقيقا بموجب المادة 301 من قانون التجارة، للتحقيق في ممارسات الصين المتعلقة بقطاعات بناء السفن واللوجستيات البحرية، وسط مخاوف من سعيها للهيمنة على هذه الصناعات بشكل يضر بالمصالح الأمريكية.
وتعد هذه المعادن، التي تشمل عناصر مثل الديسبروسيوم والهولميوم والإيتربيوم، من المكونات الأساسية لتصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي، ومحركات السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، وأجهزة الرنين المغناطيسي، وحتى صواريخ "توماهوك".
وبحسب وكالة الطاقة الدولية، تسيطر الصين على 61 بالمئة من إنتاج المعادن النادرة عالميًا، وتحتكر 92 بالمئة من عمليات معالجتها، ما يجعلها اللاعب الأهم في هذا القطاع الحيوي.
وردّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منشور على منصة "تروث سوشال" قائلا: "بناء على القرار العدائي الذي أصدرته الصين، سأضطر إلى مواجهته ماليا، ولا يبدو أن هناك سببا للمضي في الاجتماع المقرر مع الرئيس شي جينبينغ"، في إشارة إلى القمة الاقتصادية المرتقبة بين البلدين في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC).
واشنطن تتهم بكين بـ"خنق الأسواق"
اتهم ترامب الصين بمحاولة "خنق الأسواق العالمية" عبر تقييد الوصول إلى المواد الخام الأساسية، مؤكدًا أن بلاده ستعيد فرض الرسوم الجمركية بنسبة 100 بالمئة على المنتجات الصينية اعتبارا من الأول من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وجاءت الخطوة الصينية ردا على العقوبات الأمريكية المتكررة، بينها إدراج شركات تكنولوجيا صينية على القوائم السوداء، وفرض رسوم موانئ على السفن الصينية.
وفي المقابل، فرضت بكين إجراءات مضادة تمثلت بفرض رسوم موانئ على السفن الأمريكية، وفتح تحقيقات لمكافحة الاحتكار مع شركة "كوالكوم" الأميركية، ما أعاد إشعال التوتر الذي كان العالم يترقب نهايته عبر اتفاق تجاري جديد بين البلدين.
تهديدات ترامب تعيد الحرب التجارية
بعد أسابيع من المفاوضات الهادئة بين واشنطن وبكين، فاجأ ترامب الأسواق بإعلانه أن جميع الرسوم التي كان خفضها على المنتجات الصينية ستعود إلى نسبة 100 بالمئة، متهما الصين بإصدار قرارات "عدوانية للغاية".
وأدى الإعلان إلى تراجع مؤشرات "وول ستريت"، فيما ألغى ترامب لقاءه المرتقب مع الرئيس الصيني في قمة (APEC)، قائلًا إن "الولايات المتحدة ستواجه تحرك الصين ماليا".
أسفر النزاع عن هزات في الأسواق المالية العالمية، حيث شهدت مؤشرات الأسهم في الولايات المتحدة والصين تقلبات حادة نتيجة المخاوف من تصعيد الحرب التجارية وتداعياتها على سلاسل الإمداد العالمية. قطاع المعادن النادرة شهد ارتفاعاً في أسهم شركات التعدين الأمريكية التي تحاول تعويض الاعتماد المتزايد على الصين.
من جهة أخرى، تأثرت قطاعات صناعة السيارات والذكاء الاصطناعي بشكل مباشر بسبب القيود الصينية على تصدير المعادن الأساسية لهذه الصناعات، مع مخاوف من اضطراب في الإنتاج العالمي وتأخير في تطوير التقنيات الحديثة.
كما تأثرت صناعة بناء السفن تأثيرا ملحوظا، إثر العقوبات التي فرضتها الصين على الشركات المرتبطة بـ "هانوا أوشن"، مما أضاف بعداً جديداً للنزاع التجاري يمتد إلى الدول الثالثة.
بكين تتهم واشنطن بازدواجية المعايير
ردت وزارة التجارة الصينية على تهديدات ترامب، ووصفتها بأنها "مثال واضح على ازدواجية المعايير"، مؤكدة أن ضوابط التصدير التي فرضتها جاءت بعد سلسلة من الإجراءات الأمريكية "العدائية"، بينها فرض رسوم جديدة وقيود على السفن الصينية.
وقالت الوزارة في بيانها: "إن التهديد بفرض رسوم جمركية مرتفعة عند كل منعطف ليس النهج الصحيح للتعامل مع الصين"، مشيرة إلى أن تلك الإجراءات أضرت بمصالحها وقوّضت أجواء المحادثات التجارية.
في الوقت ذاته، حاول ترامب تهدئة الأسواق برسالة نشرها على "تروث سوشال"، قال فيها: "الولايات المتحدة تريد مساعدة الصين وليس إيذاءها... أحترم الرئيس شي ولا أريد لبلاده أن تعاني كسادا".
القتال "حتى النهاية"
وفي تصعيد جديد، أعلنت وزارة التجارة الصينية استعدادها "للقتال حتى النهاية" إذا مضت واشنطن قدما في فرض الرسوم الجديدة بنسبة 100بالمئة.
وجاء في بيانها: "إذا كنتم تريدون القتال، فسنقاتل حتى النهاية. وإذا كنتم ترغبون في التفاوض، فبابنا مفتوح".
واتهمت الوزارة واشنطن باتباع "سياسة التهديد والوعيد"، مؤكدة أن "هذه ليست الطريقة التي يُتحدث بها مع الصين".
وتنتج الصين معظم المعادن النادرة التي تعتمد عليها الصناعات الغربية الحساسة، ما يجعل هذه المواجهة تهديدًا مباشرًا لسلاسل الإمداد العالمية.
عقوبات صينية جديدة على شركات أمريكية
وفي أحدث خطوة ضمن التصعيد، أعلنت وزارة التجارة الصينية فرض عقوبات على خمس شركات أميركية تابعة لشركة "هانوا أوشن" الكورية الجنوبية لبناء السفن، ومنعت الشركات الصينية من التعامل معها.
وقالت الوزارة إن القرار جاء ردا على تحقيق أميركي بموجب المادة 301 من قانون التجارة الأميركي، حول "هيمنة الصين المتزايدة" في مجال بناء السفن، معتبرة أن التحقيق "يشكل تهديدًا للأمن القومي الصيني".
وشملت الكيانات المحظورة شركات: "هانوا للشحن المحدودة"، و"هانوا فيلي لبناء السفن"، و"هانوا أوشن يو إس إيه إنترناشونال"، و"هانوا للشحن القابضة"، و"إتش إس يو إس إيه القابضة".
ويعكس النزاع التجاري الحالي بين الصين والولايات المتحدة تحولات جذرية في موازين القوى الاقتصادية العالمية، حيث تبرز المعادن النادرة وصناعة بناء السفن كأرضية للصراع الاستراتيجي والتجاري. التصعيد الأخير يظهر أن كلا الطرفين مستعد للدخول في مواجهة طويلة قد تؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل كبير.
وفي ظل تمسك كل طرف بموقفه، يرى مراقبون أن جولة التصعيد الجديدة قد تشكل نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خاصة أن الصين باتت تستخدم المعادن النادرة كسلاح ضغط استراتيجي، بينما تراهن واشنطن على العقوبات والتعريفات الجمركية كأداة ردع اقتصادية.